أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات رئيسية

إدارة المنظومة الإيكولوجية لقوتكم العاملة، وليس فقط موظفيكم

التنظيم الماهر لقوةٍ عاملة تشمل عاملين خارجيين، وحتى تكنولوجيات خارجية، يتطلب هياكل مؤسسية جديدة.

”كيف تُعرِّفون Define قوتكم العاملة؟. طرحنا هذا السؤال على العشرات من المسؤولين التنفيذيين، وفي عديد من استطلاعات الإدارة العالمية. الإجابة الأكثر شيوعاً هي أيضاً الأكثر إثارة للدهشة.

تقول أقلية واثقة من المسؤولين التنفيذيين إن قوتهم العاملة هي مجرد موظفين. لكن الأغلبية الساحقة، ولاسيما القادة في الخطوط الأمامية للتحولات المؤسسية، يتبنون وجهة نظر أوسع تتجاوز مجرد الموظفين. على نحو متزايد يميزون القوة العاملة بأنها الأشخاص جميعاً والمجموعات كلها المشاركة في تحقيق أهداف أعمال الشركة. تصبح القوى العاملة الموسعة في المؤسسات ضرورية جداً لأعمالها وعلاماتها التجارية وأساليبها لتوليد القيمة إلى درجة أنها تحتاج إلى التفكير بنمط مختلف في قوتها العاملة بكاملها والتصرف تجاهَها بنحو مختلف.

وهذا يمثل تحولاً في منظور الإدارة منذ أن بدأنا دراستنا لمستقبل القوة العاملة قبل بضع سنوات. نحن نشهد هذا التغيير بين الصناعات ومجموعة متنوعة من المؤسسات، الكبيرة والصغيرة – ومن الصعب على القادة إعادةُ تعريف من وما الذي يشكل قوتهم العاملة وتطوير ممارسات إدارية وهياكل مؤسسية جديدة.

إن ممارسات الإدارة الهرمية والقيادة والتحكم والتركيز داخلياً غير مناسبة للقوى العاملة التي تمتد عبر الحدود المؤسسية الداخلية والخارجية. إن استخدام الوظائف المنعزلة لإدارة الموظفين والمساهمين الخارجيين بنمط مستقل، مثلاً، محفوف بالتحديات: إن حقوق القرار غير المحددة بنحو جيد، وعمليات الحوكمة، وديناميكيات السلطة يمكن أن تقوض حتى أكثر المسؤولين التنفيذيين حسنَ نية. إضافةً إلى ذلك عادةً ما تكون أنظمة التكنولوجيا لإدارة الموظفين مختلفة ومنفصلة عن تلك الخاصة بالوصول إلى المساهمين الخارجيين ومتابعتهم. يؤدي هذا الافتقار إلى التكامل إلى أوجه قصور يمكن أن تحبط الجهود الرامية إلى الحصول على قدرات ذات قيمة استراتيجية والحفاظ عليها.

نحن نعرف المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة Workforce ecosystem على أنها هيكل يشمل الأطراف الفاعلة، من داخل المؤسسة وخارجها، التي تعمل على توليد قيمة للمؤسسة. داخل المنظومة الإيكولوجية، تعمل الجهات الفاعلة نحو الأهداف الفردية والجماعية مع ترابطات وتكاملات بين المشاركين.

تشمل المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة الموظفين، كما تشمل المساهمين الخارجيين والشركاء من مختلف الأنواع – المتعاقدين في المديَين الطويل والقصير، والعاملين في وظائف مؤقتة، ومطوري التطبيقات، ومقدمي الخدمات، والأطراف الفاعلة في الإسناد الجماعي Crowdsourcing. يعترف منظور المنظومة الإيكولوجية صراحة بأن الوصول إلى القوى العاملة وإشراكها لم يعد الاختصاص الوحيد لوظيفة الموارد البشرية، بل يتطلب إجراءات متعددة الوظائف تشمل القادة في فريق المسؤولين التنفيذيين وتكنولوجيا المعلومات والمشتريات والتمويل والشؤون القانونية وغيرها من المجالات.

يتطلب التنسيق المتعمد لمنظومة إيكولوجية للقوة العاملة من القادة تنسيقَ الأنشطة في مؤسستهم ومع المساهمين الخارجيين. لمواجهة هذا التحدي تحتاج الشركات إلى إعادة تقييم التنسيق بين وظائف مثل الموارد البشرية والمشتريات وتكنولوجيا المعلومات. يجب أيضاً اتخاذ قرارات حول كيفية إدارة العلاقات مع المساهمين الخارجيين، مثل مطوري التطبيقات والمتعاقدين من الباطن. طورنا مفهوم بنى التكامل Integration architectures لتحديد كل من التنسيق الداخلي وكيفية تفاعل المؤسسات مع قوتها العاملة الموسعة.

يتناقض نموذج بنية التكامل الخاص بنا مع النهج الافتراضي المنعزل لإدارة التفاعلات في معظم المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة. عادة ما يكون العاملون الطارئون من مسؤولية إدارة المشتريات. وكثيراً ما يجري التعامل مع الشركاء والتحالفات من خلال الاستراتيجية، ويشكل الذكاء الاصطناعي AI والأتمتة جزءاً من المؤسسة التكنولوجية (لكن نادراً ما يُنظر إليها على أنها جزء من المنظومة الإيكولوجية الأوسع للقوة العاملة). تشرف الموارد البشرية عادة على الموظفين بدوام كامل وجزئي. في هذا النهج المشترك تعمل مجموعات متعددة بنحو مستقل لإدارة المساهمين الذين لديها تفويض بشأنهم، لكن الجهود المبذولة في المؤسسة غير منسقة.

وكثيراً ما يستخدم المديرون في الإدارات المختلفة مجموعات من العاملين الخارجيين والداخليين من دون أي تنسيق مركزي. قد تكون هذه الأساليب اللامركزية فاعلة على المستوى المحلي، حيث تحتفظ كل وحدة أعمال Business unit ومدير وظيفي Functional manager بأقصى قدر من السيطرة، لكنها دون المستوى الأمثل على المستوى الكلي.

في الواقع يمكن أن تكون للامركزية عيوب كبيرة عند تنظيم منظومة إيكولوجية للقوة العاملة. قد لا تتواءم الجهود المشتتة مع الأولويات الاستراتيجية الشاملة، وقد تقوض سعي الشركة إلى اتجاهات استراتيجية جديدة. قد يحد عدم التكامل من البيانات المتاحة حول من (وماذا) يساهم في المؤسسة. وقد يؤدي ذلك إلى عدم كفاءة التكاليف إذ يجري الحصول على العاملين الطارئين على أساس مخصص. وهذا يعني على الأرجح أن كلا من العاملين الداخليين والمساهمين الخارجيين (الحاليين والمحتملين) لديهم مرئية أقل في فرص المساهمة. في حين أن اللامركزية هي حالياً النهج الأكثر شيوعاً لإدارة الموظفين والقوة العاملة الممتدة، إلا أنها دائماً ما تكون غير منسقة.

لماذا تكون بنى التكامل المركزية جذابة
نظرا إلى أوجه القصور في البنى اللامركزية، تضطلع عديد من المؤسسات التي تنظم المنظومات الإيكولوجية للقوة العاملة بإنشاء بنى تكامل أكثر مركزية ومتعددة الوظائف في تصميمها. في بعض المؤسسات تنسق الموارد البشرية إدارة المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة مع وظائف المشتريات وتكنولوجيا المعلومات؛ في هذه الحالات يعمل قادة الأعمال والفرق مع الموارد البشرية وغيرها لإدارة المخاطر بنحو استباقي. وتتبنى شركات أخرى نهجاً أكثر تعدداً للوظائف لإدارة أنواع العاملين ومقدمي الخدمات الأفراد كلها؛ في هذه الحالات، تؤدي الموارد البشرية دوراً رئيساً لكن أقل مركزية، حيث تؤدي أسواق المواهب دوراً أكثر بروزاً في دعم احتياجات القوة العاملة بين وحدات الأعمال والوظائف.

مثلاً أنشأت شركة الرعاية الصحية العالمية السويسرية نوفارتيس Novartis لجنة توجيهية متعددة الوظائف لإدارة ما يقرب من 100,000 عامل داخلي ونحو 50,000 عامل خارجي. تعمل نوفارتيس على تزويد المديرين بمرئية في مصادر المواهب الداخلية والخارجية، وهو جهد مدفوع بالبيانات المستخلصة من مجموعة متنوعة من الشركاء والمنصات Platforms. سيجري تسهيل العملية من قِبل منسقين يطلق عليهم اسم استراتيجيي القوة العاملة، والذين سيمنحون المديرين إمكانية الوصول في الوقت الفعلي إلى فرق الموظفين والمتعاقدين والتكنولوجيات.

دفعت الجائحة الموارد البشرية في شركة عالمية أخرى درسناها إلى المشاركة بقدر أكبر في الإشراف على القوة العاملة الأوسع بسبب المخاوف التي أثارتها بشأن سياسات العمل من بُعد وفي الموقع، واستمرارية الأجور، والغياب، والإجازات المرضية لكل من العاملين الطارئين والموظفين. قبل الجائحة أولت الموارد البشرية اهتماماً وثيقاً فقط لما كان يحدث مع الموظفين بدوام كامل أو بدوام جزئي، بحسب ما أفادت نائبة رئيس الموارد البشرية في الشركة؛ في كثير من الأحيان، مع العاملين الطارئين، ”لم تكن الموارد البشرية مشاركة على الإطلاق“، على حد تعبيرها. في ذلك الوقت لم يكن هناك حتى فهمٌ مشترك لمن تضمهم القوة العاملة الطارئة في الشركة. أضفت الجائحة إلحاحاً على فكرة أن الشركة يجب أن تكون أكثر تكاملاً ومرونة مركزياً لرعاية عامليها الطارئين. كذلك أكد ذلك على أن الشركة في حاجة إلى إدارة أفضل لمخاطر السمعة والمخاطر القانونية والتشغيلية ومخاطر التكلفة للقوة العاملة الأوسع، واستخدام القوة العاملة بكاملها إلى أقصى حد لميزتها التنافسية.

في هذه الشركة نفسها، اختلفت عمليات التوظيف وإجراءاته تاريخياً بحسب الإدارة – كانت الإدارات تميل إلى عدم التواصل بعضها مع بعض. دعمت الموارد البشرية القرارات المتعلقة بتعيين الموظفين الدائمين، في حين جلبت إدارة المشتريات العاملين الطارئين. وفي الوقت نفسه، ومن دون علم الموارد البشرية، كان المديرون في كثير من الأحيان يحولون العاملين الطارئين إلى موظفين بدوام كامل. وأتاحت منصة غرفة مقاصة Clearinghouse platform مطورة حديثاً تضمنت الموارد البشرية والمشتريات والتمويل للشركة مرئية متعددة الوظائف قائمة على البيانات في متابعة العاملين الخارجيين والموافقة عليهم.

كانت إدارة القوة العاملة الطارئة عبئاً في الشركة، وفق كبير مسؤولي المشتريات: ”أي شخص كان في المركز كان على وشك تحمل المخاطر كلها من دون الحصول على شيء من الفائدة“. لكنه وصف الشركة بأنها تحولت إلى التفكير في علاقتها مع العاملين الطارئين من الناحية الاستراتيجية بدلاً من ناحية المعاملات، التي تنطوي على إدارة القوة العاملة الطارئة بين الوظائف. كما أوضح نائب رئيس الموارد البشرية، “كان هناك اعتراف بين المدير التنفيذي المالي CFO، وكبير مستشارينا العامين، وكبير مسؤولي الموارد البشرية لدينا، وكبير مسؤولي العمليات لدينا بأنهم جميعاً مشاركون شخصياً”.

تُعَد أسواق المواهب Talent marketplaces أداة رائعة أخرى لترسيخ بنية مركزية وأكثر تكاملاً بين الوظائف. مثلاً اعتادت ناسا NASA أن تكون لديها ست منصات لسوق المواهب موزعة على وحدات متعددة، كل منها يطابق الموظفين بنحو مستقل مع المهام المؤقتة والمشروعات. تستخدم وكالة الفضاء الآن سوقا واحدة للمواهب – آلية تنسيق واحدة – لتنسيق الوصول إلى المواهب البشرية الداخلية في المؤسسة. إن توسيع سوق المواهب الداخلية لتشمل المساهمين الخارجيين هو في أفق ناسا.

تحديات بنية التكامل
في حين أن وحدات التكامل المركزية والمتعددة الوظائف تُمكن المؤسسات من تحقيق مستويات أعلى من التنسيق في المنظومات الإيكولوجية لقوتها العاملة، لا تزال هذه الجهود في مراحلها الأولى. حتى بين الشركات الرائدة في تحولات المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة، يؤكد القادة أن هذه الجهود بدأت من فورها في اكتساب قوة دفع. في عملنا البحثي والاستشاري نرى أن معظم المؤسسات لا تزال تتبع أساليب تفاعلية ومحلية وغير منسقة لاستقطاب المواهب الخارجية والمساهمين التكميليين واستبقائهم.1E.J. Altman, K.C. Kellogg, and D. Kiron, “Orchestrating Workforce Ecosystems,” in “The Power of Ecosystems: Making Sense of the New Reality for Organizations,” ed. S. Crainer (Business Ecosystem Alliance, 2022), 8-20.

يدرك القادة أن هذه الجهود اللامركزية غير فاعلة لجهة التكلفة والموارد، وتخاطر بعدم تحفيز عزيمة الموظفين الداخليين. ومع ذلك هم يكافحون من أجل إنشاء بنية مركزية متكاملة بين الوظائف لتنسيق المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة. ونسمع المخاوف التالية:

■ كيف تحددون المجموعة المناسبة من أصحاب المصلحة لإنشاء بنية متكاملة مركزياً لتنسيق المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة؟

■ كيف تجعلون أصحاب المصلحة يشاركون في تجارب المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة المحلية لتكييف الأهداف المشتركة مع سياقات محددة؟

■ كيف تعززون التعلم المنسق من التجارب المحلية؟

■ كيف يمكنكم تحسين عملية تنفيذ المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة بمرور الوقت؟

لإنشاء منظومة إيكولوجية متكاملة للقوة العاملة، يجب معالجة ثلاثة أنواع على الأقل من المسائل: التصميم الهيكلي (المتعلق بتقسيم العمل والأهداف والحوافز)، والسياسة (المتعلقة بالموارد والسلطة والمكانة)، والثقافة (التي تؤثر في بحث الأفراد عن الهوية والمعنى). نوصي باتباع نهج مرحلي لهذه المسائل، التي تتشابك وتتداخل ويمكن أن يعزز بعضها بعضاً. من المرجح أن تكون هذه العملية أكثر ملاءمة للمؤسسات الكبيرة والراسخة التي بدأت في تبني المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة، لكن يجب أن تكون العناصر الأساسية مفيدة لأولئك الذين يعملون في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. (انظر: أربع مراحل لتنظيم منظومة إيكولوجية متكاملة للقوة العاملة).


أربع مراحل لتنظيم منظومة إيكولوجية متكاملة للقوة العاملة

يصف الرسم البياني أدناه التحديات الرئيسة المرتبطة بتنظيم المنظومات الإيكولوجية للقوة العاملة والمراحل المرتبطة بمعالجتها.2Ibid.


في المرحلة الأولى نقترح إنشاء فريق تنسيق لوضع خطة عمل وأهداف ومقاييس بالتشاور مع أصحاب المصلحة المحليين والمركزيين المعنيين، الداخليين والخارجيين. يجب أن يركز هذا الفريق على اعتبارات التكامل داخل المؤسسة (الأدوار والمسؤوليات الوظيفية) وعلى العلاقات مع المشاركين الخارجيين. من خلال العمل مع مجموعات داخل المؤسسة التي تشرك بالفعل عاملين خارجيين، يمكن للفريق الحصول على السبق مع مديرين ذوي الخبرة في تنسيق أجزاء من المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة. من منظور التصميم الهيكلي، يمكنهم البدء بسرعة في تسليط الضوء على فجوات المهارات المحددة مسبقاً ومعالجتها.

للتعامل مع المخاوف السياسية، يمكن للفريق اختيار رواد محليين محترمين وموجهين نحو العمل لقيادة التحولات. إضافةً إلى ذلك يمكن للفريق أن يضم ممثلين من المساهمين الخارجيين لتقديم وجهات نظرهم في الجهود. يجب أن يتمكن أعضاء الفريق من التحدث عن المجالات الوظيفية ومجموعات المنتجات ووحدات الأعمال بحسب الاقتضاء؛ العامل الرئيس هو مشاركة مجموعات أصحاب المصلحة كلها. أخيراً، للتعامل مع التحديات الثقافية، يجب أن يؤدي عضو واحد على الأقل في الفريق دور مفتاح ربط الحدود Boundary spanner، ويعمل كوسيط بين الفريق المركزي والفرق المحلية والمجموعات المتأثرة الأخرى.

في المرحلة الثانية نقترح تعزيز التجريب المحلي. يمكن لفرق التنسيق المركزية تقديم برامج تجريبية لاستكشاف التكوينات المحتملة لعلاقات المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة. يمكن أن تعالج هذه التجارب المسائل الهيكلية، مثل مشروعات التوظيف بمزيج من العاملين الداخليين والخارجيين، وتحديد المهارات اللازمة، وضمان الكفاءات، وقياس جودة النتائج. يمكنهم معالجة التحديات السياسية، مثل الموظفين الداخليين الذين يقاومون مساهمات العاملين الخارجيين والقادة المحليين الذين يشعرون بالتوتر لأنهم يفقدون بعض السيطرة على تكوين الفريق. أخيراً قد تنشأ أسئلة ثقافية مع تكيف الموظفين مع التحولات في المسؤوليات، ولاسيما إذا كانوا في حاجة إلى الاضطلاع بدور تيسيري أكبر في تنسيق المشاركين من مصادر مختلفة.

في المرحلة الثالثة نؤكد على التعلم المنسق والحصول على الموارد، وهي تمتد بين التحديات (والنجاحات) التي تحددها الفرق المحلية ويشرف عليها الفريق المركزي. العوائق الهيكلية، مثل السياسات والإجراءات الحالية (نماذج ترخيص الملكية الفكرية أو قواعد التدريب، مثلاً) قد تخدم المؤسسة بنحو جيد في النموذج الخاص بدورة حياة الموظف التقليدي، لكنها تتطلب مراجعة للمنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة. قد تنشأ مشكلات تتعلق بالحصول على الموارد عندما يضطلع المديرون المحليون بتوظيف مزيد من العاملين الخارجيين، أو يبرمون شراكة بسهولة أكبر مع متعاقدين من الباطن، لكن بعد ذلك يرفضون تسريح الموظفين بهدف قبول فرص أخرى. حتى عندما يتبنى كبار المسؤولين التنفيذيين والمستويات الأدنى التغييرات، قد يكون المديرون في الرتب المتوسطة مقاومين لأنهم كثيراً ما يكلَّفون بإدارة التحديات اليومية لهذه التحولات المزعزعة جداً في بعض الأحيان.

في المرحلة الرابعة والأخيرة ننظر في توسيع المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة. بمجرد تحليل المشروعات التجريبية الأولية والبدء في إضفاء الطابع المؤسسي على الممارسات الجديدة، يجب على القادة النظر في الأنظمة والأدوات والأهداف والمقاييس والعمليات الجديدة الأخرى التي أثبتت نجاحها بما يكفي لاعتمادها. وتنبغي مراجعتها بانتظام مع استمرار المؤسسة في اكتساب المعرفة والخبرة. قد يرغب القادة في توسيع فريق التنسيق المركزي ليشمل تمثيلاً من مجموعات داخلية أخرى. وقد يرغبون في التفكير في ربط المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة لديهم بغيرها – مثلاً العمل بنحو أوثق مع مؤسسات العملاء ومنظوماتهم الإيكولوجية. من الناحية الثقافية قد يفكر القادة في تعزيز الأنشطة الخاصة بالتعلم الموزع والمنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة بنمط أكثر نشاطاً من خلال سرد القصص Storytelling وأدوات التواصل الأخرى. ومن المرجح أن يرغبوا في تسليط الضوء على فرص النمو مع البدء أيضاً في معالجة المخاوف التي لا تُعَد ولا تحصى التي تصاحب حتماً تحولات كهذه.

يوفر هذا النهج المكون من أربع مراحل طريقةً عملية لإشراك أصحاب المصلحة الرئيسين والتواصل معهم وتفعيلهم. من هناك يمكن للمؤسسات البدء في تشكيل استراتيجياتها ومساراتها الخاصة من خلال تجربة أنواع جديدة من بنى التكامل والتكرار السريع لأنها تتعلم ما الذي ينجح وما الذي لا ينجح في سياقات مختلفة.

في ترديد للطريقة التي تحدِّد بها بنى التكامل كيفيةَ عمل الوظائف الداخلية ووحدات الأعمال معاً لتنسيق المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة، يحتاج القادة إلى تحديد كيفية إدارة العلاقات مع المساهمين الخارجيين. يواجه القادة عديداً من القرارات حول هياكل التكامل المناسبة للمساهمين الخارجيين.

قد يحدد اختيار هياكل تكامل خارجية درجة استعداد الشركاء لإنفاق الموارد للمشاركة في (أو المساهمة في) المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة. يمكن أن تكون القرارات المتعلقة بكيفية التنسيق مع المنظومات الإيكولوجية للمطورين، مثلاً، حاسمة للمنظومات الإيكولوجية الفاعلة للقوى العاملة. غوغل بلاي Google Play هو سوق توزيع غوغل Google للتطبيقات والمحتوى. بالمقارنة مع متجر تطبيقات App Store أبل Apple، الذي تُوزع أبل من خلاله التطبيقات والمحتوى، تتمتع غوغل بلمسة ألطف، مع متطلبات واختبار امتثال أقل صرامة. من المعروف أن سياسات أبل أكثر صرامة. قد يكون لبنى التكامل مع المطورين الخارجيين صلابة أكثر أو أقل، وقد تكون أكثر أو أقل ترحيبا.

تثير صياغة بنى التكامل مع أطراف خارجية أسئلةً حول من يجب أن يمتلك هذه العلاقات داخل المؤسسة. مثلاً كثيراً ما تمكن الشركات المصنعة لوحدات التحكم في ألعاب الفيديو المطورين الخارجيين (المكملين) من إنشاء ألعاب تعمل على أنظمتها؛ في كثير من الأحيان، يكون الطلب على ألعاب الأطراف الخارجية هذه هو الذي يوجه مبيعات وحدات تحكم معينة. هل يجب أن تكون علاقات المطورين مسؤولية مجموعة تطوير الأعمال أو الاستراتيجية (التي قد تتعامل أيضاً مع التحالفات الاستراتيجية) أو مجموعة منفصلة ذات مسؤوليات محددة عن المنظومات الإيكولوجية للمطورين؟ تساعد بنية التكامل على تحديد المسؤوليات والفصل في النزاعات المحتملة بين المجموعات الداخلية ذات المصالح المتنافسة.

يبدأ تنفيذ بنيات التكامل في مؤسستكم بتقييم كيفية عمل المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة لديكم حالياً. ما مقدار المرئية والتحكم الذي تتمتع به وظيفة الموارد البشرية في مؤسستكم حالياً على المساهمين الداخليين والخارجيين؟ إذا كان هؤلاء المساهمون يدارون حالياً بطريقة لامركزية، فقيموا ما إذا كانت مؤسستكم تُخدَم بنحو أفضل من خلال هذه البنية.

إذا أدركتم أن وجود منظومة إيكولوجية للقوة العاملة أكثر تكاملاً وتنسيقاً مركزياً سيكون نهجاً أفضل لمؤسستكم، فحدِّدوا المجموعات والأفراد الذين يجب أن يكونوا جزءاً من فريق التنسيق. هل يجب أن يكون شخص ما (أو مجموعة ما) مسؤولاً مركزياً عن الإشراف على المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة بكامله؟

خلال بحثنا سمعنا القادة يصفون كفاحاتهم لإشراك المواهب الضرورية لنجاح شركاتهم ضِمن منظومة إيكولوجية للقوة العاملة يزداد تعقيداً وترابطاً. لقد لاحظنا مراراً وتكراراً أن التنسيق المتعمَّد لمنظور المنظومة الإيكولوجية للقوة العاملة يمكن أن يساعد القادة على اتخاذ وجهة نظر أكثر ثراء ودقة لمؤسستهم والأشخاص والشركاء والتكنولوجيات التي يعتمدون عليها لتحقيق أهدافهم وغاياتهم الاستراتيجية.

إليزابيث جاي. ألتمان Elizabeth J. Altman

إليزابيث جاي. ألتمان Elizabeth J. Altman

أستاذة مشاركة في الإدارة في كلية مانينغ للأعمال Manning School of Business في جامعة ماساتشوستس لويل University of Massachusetts Lowell.

ديفيد كيرون David Kiron

ديفيد كيرون David Kiron

مدير تحرير وأبحاث لدى إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو MIT Sloan Management Review.

جيف شوارتز Jeff Schwartz

جيف شوارتز Jeff Schwartz

نائب الرئيس للتبصرات والتأثير في غلوت Gloat وأستاذ مساعد في كلية كولومبيا للأعمال Columbia Business School.

روبن جونز Robin Jones

روبن جونز Robin Jones

مدير لدى ديلويت للاستشارات إل إل بي Deloitte Consulting LLP ويعمل قائداً لممارسة تحويل القوى العاملة Workforce Transformation Practice. هم مؤلفو المنظومات الإيكولوجية للقوى العاملة Workforce Ecosystems (منشورات: MIT Press, April 2023)، الذي جرى اقتباس هذا الموضوع منه.

المراجع

المراجع
1 E.J. Altman, K.C. Kellogg, and D. Kiron, “Orchestrating Workforce Ecosystems,” in “The Power of Ecosystems: Making Sense of the New Reality for Organizations,” ed. S. Crainer (Business Ecosystem Alliance, 2022), 8-20.
2 Ibid.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى