أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
مقالات رئيسية

إتاحة الوصول إلى المسار السريع للمساواة الوظيفية

فهْم ظروف الموظفين التي تساهم في عرقلة مسارات الترقية يمكن أن يساعد المديرين على منح النساء والملونين مواقع أكثر مساواة.

يميل قادة الأعمال إلى تركيز جهود التنوع والمساواة والشمول (الإدماج) – يشار إليها اختصاراً بـالجهود DEI- على معالجة التحيز والتمييز، لأن هذه الممارسات منتشرة والتمييز غير قانوني. لكنهم في هذه العملية يتجاهلون العوامل الظرفية التي تؤدي دوراً رائداً – وتسهل معالجتها – في تحديد ما إذا كانت النساء والملونون يحصلون على الترقيات، ويكونون من بين ذوي الأجور الأعلى.

البحث

أجرى المؤلف البحث الكامن وراء هذه المقالة في أثناء مشاركته في قيادة معهد علوم القوى العاملة Workforce Sciences Institute لدى ميرسر Mercer.1See H.R. Nalbantian, “An Employer’s Guide to Achieving and Sustaining Pay and Career Equity at Work,” white paper, Mercer, New York, November 2022.

حلَّل المؤلف نتائج التحليلات الإحصائية لفريقه البحثي لثلاث إلى خمس سنوات من بيانات الموظفين لـ20 جهة توظيف كبيرة ومتوسطة الحجم، معظمها عالمي، تمثل شركات التصنيع والخدمات في مجموعة من الصناعات، بما في ذلك المنتجات الاستهلاكية والصناعية والأدوية والتكنولوجيا والخدمات المالية والخدمات المهنية. مجتمعةً وظفت هذه الشركات أكثر من 700,000 شخص. نحو 40% من الموظفين كانوا في الولايات المتحدة.

ترتبط المساواة الوظيفية والأجور ارتباطاً وثيقاً. لا تزال النساء والملونون ممثلين تمثيلاً ناقصاً بين المديرين والمسؤولين التنفيذيين، وفي الأغلب بين كبار المهنيين أيضاً.2R. Edwards, R. Guzzo, C. Jackson, et al., “Let’s Get Real About Equality,” white paper, Mercer, New York, March 3, 2020. وفي حين تتحسن المساواة في الأجور لهاتين المجموعتين الديموغرافيتين، لا تزال الفجوات في الأجور الخام Raw pay gaps (متوسط الاختلافات بين النساء والرجال، وبين الملونين والموظفين البيض) مرتفعة في عديد من الشركات. ستستمر هذه الفجوات في الأجور إلى أن تشغل النساء والملونون المستويات والأدوار المهنية التي تتقاضى أعلى الأجور، وصولاً إلى معدل يعكس بنحو معقول تمثيلهم في القوة العاملة.

لا يضر التفاوت فقط بالموظفين الأفراد؛ بل إنه يحرم أيضاً الشركات من المواهب المُتجاهَلة. إذا فهم القادة كيف تؤثر العوامل الظرفية في آفاق تقدُّم موظفيهم، يمكنهم تطبيق الإدارة المهنية الاستباقية Proactive career management (اختصاراً: الإدارة PCM) – تحديد الحواجز التي تحول دون نجاح الموظفين وإزالتها – لجعل أماكن عملهم أكثر مساواة وإنتاجية.

لفهم العوامل الكامنة وراء هذه الاختلافات في النتائج المهنية بنحو أفضل، فحصتُ نتائج تحليلات سنوات متعددة من بيانات الترقية والاستبقاء والأداء والأجور، في 20 شركة كبيرة ومتوسطة الحجم تُوظِّف مجتمعةً أكثر من 700,000 شخص. أكدت الاستنتاجات أن الاختلافات الكبيرة بين الجنسين والأعراق في احتمال الترقية للنساء والملونين تُعزى إلى أربعة عوامل لها تأثير دائم في نجاح الموظفين: تقييمات الأداء Performance ratings، وتعيين الأدوار Role assignments، وعلاقات التبعية الإدارية Reporting relationships، وترتيبات العمل المرنة Flexible working arrangements.

باستثناء تقييمات الأداء، ترتبط هذه العوامل بظروف الموظف، وليس معرفته أو مهاراته أو سلوكه. مثلاً إذا كان التقدم الوظيفي يتطلب خبرة في أدوار معينة لكن المرأة ممثلة تمثيلاً ناقصاً نسبياً في تلك الأدوار مقارنة بالرجل، فالنتيجة النهائية هي أن عدداً أقل من النساء سيتقدمن إلى الأمام. 

من المؤكد أن التحيز والتمييز يؤديان دوراً أيضاً: في معظم المؤسسات وجدنا تفاوتات جنوسية (جندرية) وعرقية كبيرة وغير مبررة في احتمال الترقية لا يمكن تفسيرها بأي عوامل ذات صلة بالأعمال. ووجدنا تفاوتات عرقية شاملة وكبيرة في تقييمات الأداء، حيث يقل احتمال حصول الملونين، ولاسيما الموظفين السود، على تقييمات عالية. وهذا تركيز منطقي لجهود التنوع والمساواة والشمول في الشركات لأنه دليل على التحيز أو التمييز.

لكن نظراً إلى أن الاختلافات الموضحة كثيراً ما يكون لها التأثير الأكبر على التقدم الوظيفي والمساواة في الأجور، فمن المهم معالجتها مباشرة. والخبر السار هو أن هذه العوامل كثيراً ما تكون الأسهل في معالجتها بنجاح. الإدارة المهنية الاستباقية هي نهج قائم على البيانات يعرض حلاً ناجحاً.

أربعة عوامل توجِّه من يتقدم في العمل
دعونا نُلقِ نظرة فاحصة على العوامل الأربعة التي حددتُها، والتي تفسر من يحظى بالترقيات، وتقييمات الأداء العالية، والزيادات الأكبر في الأجور في العمل، ولماذا تميل النساء والملونون إلى عدم الحصول على مثل هذه المميزات.

تقييمات الأداء Performance ratings. نظراً إلى أن تقييمات الأداء تؤثر في النتائج الأخرى كلها، مثل الترقية والاستبقاء والأجور، فإن التفاوتات في هذا المجال لها تأثير معمم. في 89% من الشركات التي شملتها الدراسة كان الموظفون السود أقل احتمالاً من حيث الحصول على تقييمات أداء عالية. يمكن أن تكون الاختلافات كبيرة، إذ تبلغ الأغلبية 25% أو أعلى. إضافةً إلى ذلك، نظراً إلى أن تقييمات الأداء تميل إلى الاستمرار من عام إلى آخر – يتوقع التصنيف المرتفع في عام ما باحتمال الحصول على تصنيف مرتفع في العام التالي – يصبح ميل الملونين إلى الحصول على تقييمات أقل عائقاً فعلياً أمام تقدمهم. ومن المثير للاهتمام أن النساء عموماً أكثر عرضة للحصول على تصنيف عالٍ من الرجال المماثلين بخلاف ذلك، لكن هذا لا يترجم إلى احتمال أكبر للترقية بالنسبة إليهن.

الوصول إلى أدوار المسرِّعين Access to accelerator roles. في كل شركة هناك أدوار معينة هي مسرعات مهنية والبعض الآخر طريق مسدود، بغض النظر عمن يشغلها. في هذه الدراسة، تقريباً أدى وجود دور مشرف على أي مستوى يشرف إشرافاً شاملاً إلى تحسين فرصة ترقية الموظف والحصول على تقييمات عالية. ومع ذلك وجدنا دائماً أن النساء والملونين كانوا أقل احتمالاً بكثير لشغل أدوار كهذه من الرجال أو الموظفين البيض، على التوالي. 

كثيراً ما تكون الاختلافات صارخة وحادة. مثلاً، في شركة خدمات مالية عالمية درسناها، كان المشرفون المقيمون في الولايات المتحدة أكثر عرضة بنسبة 50% للترقية وأكثر احتمالاً بنسبة 55% للحصول على تقييمات أداء عالية مقارنة بأولئك الذين لم يكونوا مشرفين. خارج الولايات المتحدة كان المشرفون أكثر عرضة بنسبة 89% لترقية وأكثر احتمالاً بنسبة 37% للحصول على تقييمات عالية. وكانت هذه الآثار أكبر بالنسبة إلى المشرفات منها بالنسبة إلى المشرفين. لكن في أنحاء الشركة كلها، كان احتمال أن تكون النساء مشرفات هو بمقدار النصف.3H.R. Nalbantian, “The Critical Importance of Roles in Career Equity,” CFO, Dec. 8, 2022, www.cfo.com.

إضافة إلى ذلك، نظراً إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال لمواجهة زعزعة مهنية خلال سنوات تربية الأطفال، فإنهن قد لا يتولين أدوار المشرفين إلا في وقت لاحق. في حالات كهذه، لا يحصلن على الفائدة المركبة نفسها عند وصولهن إلى أدوار كهذه، مقارنة بزملائهن الذكور.

علاقات التبعية الإدارية Reporting relationships. يمكن أن يكون لمن يتبعه المرء إدارياً تأثير حاسم في مسار حياته المهنية. وجدنا بوجه عام أن الذين يتبعون إدارياً مشرفين ذوي تقييمات أداء عالية كانوا أكثر عرضة للحصول على تصنيف عالٍ أيضاً. كذلك زاد احتمال ترقيتهم.

لقد رأينا تأثيرات مماثلة لدى الموظفين الذين كان مديروهم في رتب أعلى في التسلسل الهرمي المؤسسي، ومن ثم يملكون نفوذاً أكبر مقارنة بالمعتاد بأن يكون المتبوع في مستوى التابع. إلى الحد الذي يقل فيه احتمال أن تتبع النساء والملونون مشرفين من ذوي الأداء العالي والمستوى الأعلى، من غير المرجح أن يحصلوا على تقييمات أو ترقيات عالية.

قد يكونون أيضاً أقل عرضة للاستفادة من هذه العلاقات عندما تتاح لهم. في شركة تأمين عالمية كان أولئك التابعون إدارياً لمشرف عالي التصنيف أكثرَ عرضة بنسبة 50% للترقية وأكثر عرضة بنسبة 30% للحصول على تقييمات أداء عالية. وكان أولئك الذين حل رؤساؤهم في مستوى أعلى من المعتاد أكثر عرضة بنسبة 9% للترقية وأكثر احتمالاً بنسبة 14% للحصول على تصنيف عالٍ. ومع ذلك لم يساعد وجود مشرف عالي الأداء أو أعلى مرتبةً النساءَ والملونين بقدر ما ساعد الرجال البيض.

العمل المرن Flexible working. تنظر المنظمات بقدر متزايد إلى ترتيبات العمل المرنة على أنها ضرورية لاجتذاب المواهب واستبقائها، ولاسيما النساء والموظفين الأصغر سناً. منذ جائحة كوفيد-19 تبنَّى مزيد من الشركات والموظفين ترتيبات كهذه، لكن تاريخياً تقتل ترتيبات كهذه الحياةَ المهنية. مثلاً يكون أولئك الذين يعملون بدوام جزئي أو من بعد أو يأخذون إجازة عائلية أقل عرضة للترقية، ويتقاضون أجوراً أقل، ومن المرجح أن يتركوا شركاتهم.

في شركة سأشير إليها باسم كونسيومر كو ConsumerCo، يضر اختيار ترتيبات العمل المرنة بكل من النساء والملونين. تبلغ النسبة المئوية للنساء العاملات بدوام جزئي ثلاثة أضعاف النسبة المئوية للرجال؛ بالنسبة إلى الملونين كان العدد ضعف عدد الموظفين البيض. بوجه عام أدى العمل بدوام جزئي إلى تقليل احتمال الترقية بنسبة 50% واحتمال الحصول على تصنيف مرتفع بنسبة 70%. كذلك زاد من احتمال الدوران الوظيفي Turnover بنسبة 25% مقارنة بالعاملين بدوام كامل ممن هم في وضع مماثل.

وبالمثل أُخِذت إجازات الغياب بنحو غير متناسب من قِبل النساء والملونين. كان أولئك الذين هم في إجازة أقل عرضة بنسبة 50% للترقية أو الحصول على تقييمات عالية وأكثر عرضة للدوران الوظيفي – أكثر احتمالاً بنسبة 150% على الأقل في الولايات المتحدة وأكثر احتمالاً بنسبة 80% على الأقل على مستوى العالم.4H.R. Nalbantian, “How Flexible Work Can Undermine Career Advancement — and What to Do About It,” Brink, Dec. 12, 2022, www.brinknews.com.

ما لم تفعل الشركات شيئاً للتخفيف من العواقب السلبية للعمل المرن على الموظفين، تخاطر ظاهرة المستويات الأعلى من ترتيبات العمل المرنة بمزيد من تقويض التقدم الوظيفي للنساء والملونين.


المساواة الوظيفيةربط تجارب المرأة ببروفايل للنجاح

حددت جهة عالمية تبيع بالتجزئة منتجات استهلاكية السمات الـ12 التي أثرت بشدة في ما إذا كان الموظف سيُرقَّى. ووجدت أنه في معظم الحالات، عندما تمتلك النساء أياً من هذه السمات، من المرجح أن يساعدهن ذلك مثل الرجال. ومع ذلك كانت النساء أقل احتمالاً من الرجال لامتلاك 9 سمات من أصل السمات الـ12. (لأسباب تتعلق بالسرية، نشير إلى الوظائف المنفصلة فقط بالأحرف).


حجة الإدارة المهنية الاستباقية
باستثناء تقييمات الأداء، يُعَد وجود دوافع التقدم الوظيفي هذه، أو عدم وجودها، ظرفياً. هذا معبر. ويشير إلى أن تقدم الموظفين ليس مجرد انعكاس للمواهب والمهارات التي يجلبونها أو ما يفعلونه، بل أيضاً لمدى نجاح أصحاب العمل في وضعهم في موضع يساعد على تحقيق النجاح. في كثير من الأحيان، لا تكون النساء والملونون ببساطة في وضع يسمح لهم بالنجاح بالطريقة نفسها التي ينجح بها نظراؤهم من الذكور البيض.

وهذا لا يعني أن التحيز والتمييز ليسا عاملين، كما ذُكر أعلاه. ومع ذلك يمكن لأصحاب العمل إحراز تقدم قابل للقياس في التنوع والمساواة والشمول عندما يفهمون مدى مسائل تحديد المواقع في قوتهم العاملة ويتعاملون معها بطريقة هادفة ومنهجية. هذا هو المكان الذي تؤدي فيه الإدارة المهنية الاستباقية دوراً.

الفكرة وراء الإدارة المهنية الاستباقية للتنوع والمساواة والشمول بسيطة: تحديد وترتيب العوامل الأكثر تأثيراً في النجاح الوظيفي والاستبقاء؛ إذا انحرفت العوامل، وحيثما تنحرف بقدر كبير ضد مجموعات ديموغرافية معينة، تتدخل الإدارة للقضاء على التفاوتات أو الحد منها. بمعنى آخر: اعملوا على ضمان عدم وجود علاقة للخصائص الديموغرافية بمدى جودة وضع الموظف للبقاء والنجاح في العمل أو ضعفه.

كل مؤسسة لديها تدفقات المواهب التي تشكل قوتها العاملة. يضطلع أصحاب العمل بتوظيف الموظفين وتدريبهم وتطويرهم. وتعبر الشركات عن تقديرها للموظفين بمنحهم الترقيات والتصنيفات العالية والعلاوات وغيرها من أشكال التعويض عن المعرفة والقدرات والسلوك والخبرة التي يجلبونها، والجهد الذي يقدمونه، وفي النهاية كيفية أدائهم. وفي الوقت نفسه، تتأثر قرارات الموظفين بالبقاء أو المغادرة بما إذا كانت حياتهم المهنية تتقدم.

تحدد تدفقات المواهب والمكافآت هذه سوقَ العمل الداخلية للمؤسسة وتنتج إمداداً من الأشخاص بالسمات اللازمة لتلبية متطلبات الأعمال.5H.R. Nalbantian, “The Internal Labor Market Paradigm: A Model for Using Analytics to Evaluate and Interpret Workforce and Business Performance Data,” in the “The Talent Management Handbook,” 3rd ed., eds. L.A. Berger and D.R. Berger (New York: McGraw Hill, 2017), 542-555. لكن كما رأينا، لا تتمتع المجموعات الديموغرافية المختلفة داخل المؤسسة بالفرص نفسها لاكتساب هذه السمات أو مكافأتها عليها.

بعدم توزيع الفرص بنحو عادل، تقيد الشركات بنمط فاعل إمدادات المواهب لديها. تصبح النساء والملونون أكثر عرضة للمغادرة أو، إذا بقُوا، يصبحون أقل مساهمة لأن حياتهم المهنية متوقفة. ومن ثم فإن معرفة كيفية عمل سوق العمل الداخلية للمجموعات الديموغرافية المختلفة داخل المؤسسة أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الشركة لتنفيذ استراتيجية التنوع والمساواة والشمول الخاصة بها.

لتنفيذ الإدارة المهنية الاستباقية، يجب أن تبدأ المؤسسات بإنشاء بروفايل (ملف تعريف) للنجاح يحدد العوامل التي توجه من يتقدم ويرتبها. من هناك يمكنهم فحص كيفية تأثير كل عامل في احتمال ترقية الموظفين من المجموعات الديموغرافية المختلفة، وما إذا كانت المؤسسة تقدر قدراتهم وجهودهم بنحو متساوٍ.

قد تعتمد المؤسسات الصغيرة على العوامل الأربعة الموضحة في القسم السابق. وبالنسبة إليها من المرجح أن تكون التحليلات الإحصائية الخاضعة للرقابة لبيانات سوق العمل الداخلية الخاصة بها غيرَ مجدية. قد تكمل مؤسسات كهذه البحثَ بمدخلات نوعية حول العوامل الرئيسة للتقدم الوظيفي من قادتها وموظفيها الذين ارتقوا بنجاح في الرتب في المؤسسة نفسها.

ستُقدَّم أفضل خدمة إلى أصحاب العمل الكبار الذين لديهم مؤسسات معقدة بتطوير بروفايل موضوعي للنجاح يعتمد على الأدلة التجريبية التي تحدد العوامل الفردية والظرفية الحاسمة التي توجه النجاح في المؤسسة وتُصنفها. المكان الطبيعي للبدء هو العوامل التي توجه الترقيات. لكن المؤسسات قد تضطلع بفحص علامات أخرى للنجاح أيضاً، مثل الأجور والتقييمات واستبقاء الموظفين، لمعرفة مدى تواؤم النتائج مع نتائج تحليل الترقيات.

بعد إنشاء البروفايل تتمثل الخطوة التالية في فحص كيفية عرض بروفايل للمجموعات الديموغرافية المختلفة. هناك سؤالان يستدعيان إجابة.

أولاً، هل العوامل الأكثر تأثيراً في نجاح الموظفين موزعة بنحو مشابه بين المجموعات الديموغرافية، أو إنها تميل إلى التركيز في بعض المجموعات أكثر من غيرها؟ هذه تأثيرات كمية Quantity effects، وهي تعكس التكرار النسبي للعوامل بين المجموعات. مثلاً هل من المرجح أن تتمتع النساء والملونون مثل الرجال والموظفين البيض بالخصائص الثمينة أو العمل في ظروف مرتبطة بالنجاح؟

ثانياً، عندما يمتلك الناس الخصائص الثمينة أو يعملون في ظروف مؤاتية، هل يستفيدون بالتساوي من تلك السمات، أو أن بعض المجموعات الديموغرافية تستفيد أكثر؟ هذه هي تأثيرات سعرية Price effects تعكس ما إذا كان صاحب العمل يُقدر السمة أو السلوك أو الموقف المعني لمجموعة واحدة بنحو مختلف عن مجموعة أخرى.

الإجابة بموضوعية عن هذين السؤالين هي أساس الإدارة المهنية الاستباقية، كما هو موضح في حالة شركة كونسيومر كو.

وضع الموظفين في موضع يتيح النجاح في كونسيومر كو
كان قادة شركة كونسيومر كو ملتزمين بتحسين حياتهم المهنية والمساواة في الأجور في كل من القوة العاملة بأجر والقوة العاملة التي هي على تماس مع العملاء.

أدركت الشركة أن وجود قوة عاملة متنوعة ليس ترفاً أو تنازلاً عن الصالح الاجتماعي؛ كان ذلك من الضروري لنجاحها. مع تزايد تنوع قاعدة العملاء والنمو الذي يحدث في الأغلب في الأسواق خارج الولايات المتحدة وأوروبا، كان وجود فريق قيادة وقوة عاملة متناغمة جيداً مع تفضيلات الثقافات المحلية ومعاييرها أمراً مهماً لتحقيق أهداف النمو.

نمذج قادة الموارد البشرية والتنوع والمساواة والشمول بيانات القوة العاملة الخاصة بهم للكشف عن بروفايل النجاح للقوى العاملة بأجر وتقييمه. حددوا 12 عاملاً من المرجح أن تتوقع ما إذا كان شخص ما سيرقى. هيمنت العوامل الظرفية على ملف النجاح هذا – وهو استنتاج أذهل قادة الشركة، الذين نظروا إلى الثقافة على أنها جدارة. من بين أفضل 12 موظفاً، كانت تقييمات الأداء ومدة الخدمة فقط خاصة بمواهب الموظف الفردي أو إنجازاته. الباقي كان ظرفياً بحتاً.

كان كون المرء مقيماً (من بلد آخر، يعمل خارج بلده الأم) هو العامل الأكثر تأثيراً بنحو إيجابي. وكان لتقديم التقارير إلى مشرف على مستوى أعلى مما هو معتاد أقلُّ تأثيرٍ بين أهم 12 عاملاً، لكن التأثير كان ذا دلالة إحصائية.

وشملت العوامل الأخرى ثلاثة من العوامل الأربعة المذكورة سابقاً: الحصول على تصنيف أداء عال، والاضطلاع بدور إشرافي، والتبعية الإدارية لمشرف عالي التصنيف. إضافة إلى ذلك، فإن العمل في وظائف أو خطوط أعمال معينة مهم جداً لكيفية تقدم مهنة المرء.

أظهرت نمذجة مماثلة أنه حتى احتمال الحصول على تصنيف عالٍ تأثر بنحو مفرط بالعوامل الظرفية. وأشار هذ الاستنتاج إلى أن تقييمات الأداء لم تكن مقاييس دقيقة لمساهمات الأفراد.

عندما نظر قادة شركة كونسيومر كو في بروفايل النجاح للنساء في الشركة، وجدوا أن النساء، عند وضعهن في مواقف مؤاتية لتقدمهن المستقبلي، يكون أداؤهن عادة مثل أداء الرجال. لكن بوجه عام، كان وضعهن في وضع كهذا أقل احتمالاً. (انظر: ربط تجارب المرأة ببروفايل للنجاح). مثلاً كان احتمال ترقية النساء المقيمات من تلك الأدوار أكبر منه لدى الرجال المماثلين، لكن النساء كن أقل تمثيلاً بين مجموعة المقيمين.

كون المرء مشرفاً هو أيضاً نقطة انطلاق مهمة للنجاح في شركة كونسيومر كو، لكن الشركة علمت أن النساء كنَّ أقل تمثيلاً في أدوار المشرفين. وعندما كانت لديهن هذه الأدوار، لم يساعد ذلك حياتهن المهنية بالقدر نفسه الذي ساعد به الرجال المماثلين لهن، لأسباب غير واضحة. وأمكن لقادة كونسيومر كو أن يروا أن الموظفات يواجهن ضربة مزدوجة نوعاً ما: لم يقتصر الأمر على منعهن من دور المسرِّع هذا، لكنهن أيضا لم يحصلن على الترقية نفسها مثل زملائهن الذكور عندما كن يضطلعن بهذا الدور.

حينما نظرت الشركة إلى الملونين، وجدت أنهم يميلون إلى أن يكونوا موضوعين في موضع أقل تقديراً من الموظفين البيض. احتاجت شركة كونسيومر كو إلى تغيير ديناميكيات سوق العمل الداخلية لتحقيق المساواة المهنية والأجور للنساء والملونين.

قائمة مرجعية للتغيير
التركيز على العوامل الظرفية له ميزة واضحة: إن معالجتها أسهل من الخصائص الفردية. مثلاً، على الرغم من أن مدة الخدمة هي محرك مهم للنجاح، فإنها حقيقة من حقائق تاريخ توظيف الناس، وليست شيئاً يمكن أن تغيره شركة كونسيومر كو بين عشية وضحاها.

ومع ذلك حددت كونسيومر كو عديداً من المجالات التي يمكن أن تتصرف فيها بسرعة معقولة، مثل تغيير علاقات التبعية الإدارية للنساء والملونين، وإيجاد فرص لهم لاكتساب مزيد من الخبرة الإشرافية في وقت مبكر من حياتهم المهنية، ومعالجة التفاوتات في تقييمات الأداء للأشخاص الملونين.

ووجدت الشركة أن أخذ إجازة يحبط التقدم الوظيفي، ولاسيما للنساء، لذلك تضع أيضاً سياسات جديدة للإجازات والتطوير الوظيفي لمعالجة الاختلالات في تلك المجموعة.


أضواء خضراء، إشارات حمراء

أنشأت جهة عالمية لبيع المنتجات الاستهلاكية بالتجزئة قائمة مرجعية Checklist بالسمات التي تساعد التقدم الوظيفي للموظفين أو تضر بهم. يستخدم المديرون القائمة المرجعية لتحديد ما إذا كانت النساء والملونون في فرقهم في وضع جيد للتقدم، أو قد يكونون معرَّضين لخطر التوقف في حياتهم المهنية أو مغادرة المؤسسة. يمكنهم بعد ذلك اتخاذ أي خطوات مطلوبة لزيادة الوصول إلى دوافع النجاح والتخفيف من العواقب غير المقصودة. (لأسباب تتعلق بالسرية تُحدَّد الوظائف المنفصلة فقط بالأحرف).

الأضواء الخضراء (السمات المؤاتية للنجاح) السمات الفردية
الحصول على تصنيف ”استثنائي“
مدة خدمة المرء أكثر ثباتاً من الأقران المماثلين
الحصول على تصنيف “متفوق”
كون المرء أصغر سناً من الأقران المماثلين

السمات الظرفية
كون المرء مقيماً
كون المرء مشرفاً
كون المرء في الوظيفة م أو ج أو ق أو ح
كون المرء في خطة العلاوات و/أو ل
كون المرء يتبع إدارياً مشرفاً أعلى مستوى
كون المرء يتبع إدارياً مشرفاً أعلى تصنيفاً

الإشارات الحمراء (السمات غير المؤاتية للنجاح) السمات الفردية
كون المرء أمضى في الدرجة الوظيفية وقتاً أكثر من الأقران المماثلين
كون المرء موظفاً بدوام جزئي
كون المرء أخذ إجازةً أخيراً
الحصول على تصنيف ”متوسط“

السمات الظرفية
العمل في التوزيع
العمل في النوبة الليلية
لا تعامل مع العلامات التجارية العليا
تجربة تغير في المشرف
كون المرء يتبع إدارياً مشرفة امرأة
كون المرء في فرق تضم زملاء أكبر سناً (ما يقلل احتمال الترقية، لكن يزيد فرص الحصول على تصنيف عال)
كون المرء يتبع إدارياً مشرفاً ذا عدد أكبر من المرؤوسين المباشرين


هنا يأتي دور الجزء ”الاستباقي“ من الإدارة المهنية الاستباقية. أتاح تحليل بروفايل النجاح في شركة كونسيومر كو إنشاء قائمة مرجعية بسيطة للأضواء الخضراء (مسهلات التقدم الوظيفي) Green lights والإشارات الحمراء (معرقلات النجاح) Red flags التي يمكن للمديرين استخدامُها لتقييم وضع الموظفين الفرديين. بالنظر في ما إذا كانت النساء والملونون في فرقهم يختبرون مزيداً من الأضواء الخضراء أو الإشارات الحمراء، يمكن للمسؤولين التنفيذيين والمشرفين تحديد من هو في وضع جيد للبقاء والازدهار، وكذلك من قد يكون معرضاً لخطر التوقف في حياته المهنية أو مغادرة المؤسسة. (انظر: أضواء خضراء، إشارات حمراء).

وفي الوقت نفسه استخدم قادة الموارد البشرية والتنوع والمساواة والشمول التحليل لتقييم المستوى الكلي لكيفية وضع الموظفين من المجموعات الديموغرافية المختلفة لتحقيق النجاح. لكل عامل يمكنهم إجراء تقييم فاعل للواقع الظرفي للمجموعات المختلفة، وتكييف تدخلاتهم لمعالجة أهم الفجوات.

مثلاً وجدوا أن الموظفين الإناث والسود واللاتينيين كانوا أقل عرضة لتبعية إدارية لمشرفين ذوي تصنيف عالٍ، في حين كان الموظفون الآسيويون أكثر عرضة لهذه الميزة. وعلى الرغم من أن النساء كن أقل عرضة للتبعية الإدارية لمدير أعلى بدرجة واحدة من المعتاد، لم تكن هناك تفاوتات كهذه للأشخاص الملونين. أيضاً، في حين أن كل مجموعة عرقية غير بيضاء كانت ممثلة تمثيلاً ناقصاً بقدر كبير في واحدة من الوظائف الأساسية التي ساهمت أكثر في التقدم، كان من المرجح أن تعمل النساء في هذه الوظيفة أكثر من الرجال.

وشركة كونسيومر كو هي الآن في المراحل الأولى من طرح التدخلات لمعالجة التفاوتات. لكن شركات أخرى عملت معها اتبعت مجموعة متنوعة من الحلول.

كثيراً ما يتطلب سد الفجوات الناشئة بسبب ترتيبات العمل المرنة تغيير الثقافة Culture. في عديد من الشركات يُنظَر إلى العمل بدوام جزئي على أنه دليل على انخفاض الالتزام، وقد يكون من الصعب التخلص من هذه التصورات. ومع ذلك يمكن للشركات إحراز تقدم سريع في الأجور إذا توقفت عن احتساب إجازات الغياب في النماذج الإحصائية التي تستخدمها لتقييم المساواة في الأجور وتعديل الأجور والرواتب لسد الفجوات.

قُلِّلت الفوارق العرقية القائمة على الموقف في تقييمات الأداء في بعض الشركات من خلال عملية المعايرة المستخدمة لمواءمة التصنيفات من قِبل مشرفين مختلفين. كذلك ألغى البعض التصنيفات القسرية التي تنص على حصول نسبة محدودة جداً من الموظفين على أعلى التقييمات. هي تميل إلى تفضيل الذين يتمتعون بمدة خدمة أطول، والذين عرفهم المشرفون فترة أطول، ويُفترَض أنهم أفضل – والذين من المرجح أن يكونوا من البيض.

تناول بعض العملاء أهمية أدوار المشرفين من خلال توسيع نطاق التدريب، لتعزيز أهمية هذه الأدوار ومساعدة المشرفين على فهم تأثيرهم في آفاق الموظفين. يمكن للقادة عرض تدريب لمساعدة النساء والملونين على اكتساب الخبرة التي يحتاجون إليها للتقدم – وسد الفجوة بين النساء والرجال في هذه المناصب.

الإدارة المهنية الاستباقية لها فوائد ومخاطر
لأن بروفايل النجاح مبني على بيانات المؤسسة، من المرجح أن يعكس الواقع أكثر من الافتراضات التي يضعها القادة حول كيفية نجاح الموظفين. قد يكون القادة عرضة للاعتقاد أن ما أوصلهم إلى القمة يمكن أن يوصل أي شخص آخر إلى هناك أيضاً، وقد يبالغون في تبسيط مسارهم الخاص. إضافةً إلى ذلك يميل الناس إلى التعميم بناءً على تجاربهم الخاصة، حتى لو كانوا لا يمثلون القاعدة المؤسسية.

يمكن لنموذج تجريبي جيد أن يقاوم مَيل الناس إلى الاكتفاء بالتمني أو التشبث باليقين. يمكن أن يفسر أيضاً آثار الحضور في خطوط الأعمال والوظائف والمناطق الجغرافية ومجموعات الوظائف المختلفة. هذا شيء يصعب الاضطلاع به بناء على الملاحظة الشخصية والخبرة وحدهما.

قيمة أخرى للإدارة المهنية الاستباقية هي أنها ترتكز على ما يولد قيمة للأعمال. مثلاً إذا أصبح الدور حاسماً للنمو، يتوقع المرء أن يمنح صاحب العمل قيمة أكبر لهذا الدور والموظفين الذين ينجحون في تقديم قيمة فيه. وبقدر ما تساعد استراتيجية التنوع والمساواة والشمول الخاصة بالمؤسسة على ضمان قدرة النساء والملونين ذوي الإمكانات العالية على الوصول إلى هذه الأدوار القيمة الجديدة وأدائها باقتدار، ستخدم احتياجات الأعمال الأكبر.

إذا كان هناك جانب سلبي للإدارة المهنية الاستباقية، فهو يتعلق بمشاركة البيانات والمعلومات الحساسة. تنطلق الإدارة من النمذجة الموضوعية لدوافع النجاح، وكيف تؤثر في المجموعات المختلفة. وعلى الدوام، ستعرض النماذج معلومات يحتمل أن تكون ضارة حول وجود تفاوتات منهجية بين الجنسين أو تباينات عرقية في النتائج والفرص، ما يولد مخاطر قانونية.

تعمل الإدارة المهنية الاستباقية بنحو أفضل عندما يفهم المديرون الحقائق التي تكشفها النماذج والأسباب التي تبرر اتخاذ إجراءات محددة. ومن ثم هي تتطلب مستوى معقولاً من الشفافية. ومع ذلك قد تعترض الإدارات القانونية للشركات على كشف ما قد تعتقد أنه دليل قوي على التحيز وعدم المساواة.

هناك توازن دقيق يجب تحقيقه. تنجز معظم المؤسسات التي أعمل معها ذلك من خلال مشاركة معلومات عالية المستوى مع قادة الأعمال والقادة التنفيذيين، وأحياناً مجموعات الموظفين، حول أسباب اتخاذ إجراءات معينة مع حصر البيانات الأكثر دقة بمجموعة أصغر من كبار المسؤولين التنفيذيين وقادة الموارد البشرية والتنوع والمساواة والشمول. يرأس المستشار القانوني دائماً تقريباً هذه القرارات؛ مع ذلك أصبح هؤلاء المستشارون أكثر تفهما للحاجة إلى استراتيجيات تنوع ومساواة وشمول قائمة على البيانات، ويقدرون أن الناس لا يستطيعون حل المشكلات التي لا يعرفون عنها أو يفهمونها.

من المهم معالجة التفاوتات غير المبررة في الفرص الوظيفية والتقدم في عديد من المؤسسات لأنها تشير إلى التأثير المحتمل للتحيز والتمييز. لكن الاضطلاع بذلك ينبغي ألا يلغي الانتباه للاختلافات التي يمكن تفسيرها بعوامل مشروعة ذات صلة بالأعمال. الطريقة الأضمن والأكثر استدامة لتحقيق المساواة المهنية والتمثيل العادل بين مستويات المؤسسة كلها هي معالجة ممارسات التطوير الوظيفي للمؤسسة التي تعيق بنحو منهجي تقدُّمَ النساء والملونين (أو معالجة غيابها).

بالطبع يؤثر العمل الذي يضطلع به الموظفون، ومعرفتهم ومهاراتهم، ومدى صعوبة وفاعلية عملهم في ما إذا كانوا سينجحون. لكن النجاح يتحدد أيضاً من خلال كيفية وضع الأفراد في وضع يسهل النجاح – ويمكن للمؤسسات أن تفعل ما هو أفضل بضمان أن المواهب ذات الإمكانات العالية كلها يمكنها اكتساب الخبرات التي من شأنها أن تهيئها كمؤسسات للنمو. 

هايغ آر. نالبانتيان Haig R. Nalbantian

هايغ آر. نالبانتيان Haig R. Nalbantian

قائد مشارك ومؤسس مشارك لمعهد علوم القوى العاملة Workforce Sciences Institute وشريك أول سابق في ميرسر Mercer.

المراجع

المراجع
1 See H.R. Nalbantian, “An Employer’s Guide to Achieving and Sustaining Pay and Career Equity at Work,” white paper, Mercer, New York, November 2022.
2 R. Edwards, R. Guzzo, C. Jackson, et al., “Let’s Get Real About Equality,” white paper, Mercer, New York, March 3, 2020.
3 H.R. Nalbantian, “The Critical Importance of Roles in Career Equity,” CFO, Dec. 8, 2022, www.cfo.com.
4 H.R. Nalbantian, “How Flexible Work Can Undermine Career Advancement — and What to Do About It,” Brink, Dec. 12, 2022, www.brinknews.com.
5 H.R. Nalbantian, “The Internal Labor Market Paradigm: A Model for Using Analytics to Evaluate and Interpret Workforce and Business Performance Data,” in the “The Talent Management Handbook,” 3rd ed., eds. L.A. Berger and D.R. Berger (New York: McGraw Hill, 2017), 542-555.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى