أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكزعزعة

زعزعوا أعمالكم أولاً

يبدأ التخطيط لمستقبل شركتكم بمعرفة كيفية تدميرها.

إيان سي. وودوارد – في “بادي” بامانابهان – سمير هاسيجا – رام شاران

ذكّرت جائحةُ فيروس كورونا قادةَ الأعمال ببعض الحقائق المقلقة: وهي أن الافتراضات والممارسات كلها يجب إعادة النظر فيها باستمرار وأن التهديدات الوجودية قد تأتي في أي وقت ومن أي اتجاه. فهذه الأزمة ستنطوي في نهاية المطاف. ولكن تداعياتها ستمتد في الاقتصاد لسنوات، وستعقبها حتماً أزمة عالمية أخرى – أو ثورة غير متوقعة في السوق. كيف يمكن للشركات أن تضع استراتيجيات بمجرد أن تدرك القيود المفروضة على التخطيط البعيد الأمد في عالم لا يمكن توقعه؟ من خلال فحص نقاط الضعف و مدي تَعَرُّضِيَّتها للمخاطر Vulnerability بها، وتصور دمارها الخاص قبل أن يدمرها شخص ما – أو شيء ما.

ففي هذا الموضوع سنأخذكم عبر ممارسة مكثفة ومتعددة الأجزاء في هذا النوع من التدمير الإبداعي الذي قمنا باختباره ميدانيا مع أكثر من 1,500 من القادة من أنحاء العالم كله كجزء من التعليم التنفيذي في إنسياد INSEAD. عادة، تشمل العمليةُ مشاركين من شركات متعددة وتجري على مدى عدة أيام يبحث الرؤساء التنفيذيين عن أضمن طريقة لهدم شركاتهم من وجهة نظر المنافسين. وهنا نبسط الممارسة فنطبقها على مؤسسة واحدة وإطار زمني مرن. ويُفضَّل وجود أربعة فرق يضم كل منها ما يصل إلى ستة أعضاء، والعمل بشكل مستقل وتبادل الأفكار في وقت لاحق في جلسة لاستخلاص المعلومات. ونحن ندعو هذا العمل منهج مواجهة الفينيق (العنقاء) Phoenix Encounter Method لأن موضوعنا الحقيقي هنا ليس رماد الدمار بل الشركة المعاد إحياؤها التي ستنهض منه.

رحلة في ثلاث مراحل

تتكشف هذه العملية في ثلاث مراحل.

المرحلة 1: الأساس Groundwork. تُوضَع الأفكار والقيم السائدة موضع تساؤل. وتُبحَث الاتجاهات العالمية الرئيسية. ويعمل أعضاء المجموعة ”طريقة الفينيق“ Phoenix Attitude، والذي يحتضن الاضطراب كعامل محفز للتغيير.

المرحلة 2: ساحة المعركة Battlefield. يقدم مدير النقاش Facilitator قائمة قصيرة من السيناريوهات التي قد تعطل الشركة. وقد تكون التهديدات تكنولوجيا جديدة، أو تحولات ديمغرافية، أو اتجاهات اجتماعية، أو ما سبق كله. ويصيغ أعضاء المجموعة الهجوم الأكثر تدميراً ويستخدمونه لتسليط الضوء على نقاط الضعف في أعمالهم.

المرحلة 3: الاختراق Breakthrough. تُوضَع أولويات استراتيجية جديدة. تُعتمَد نماذج أعمال جديدة. ينهض الفينيق.

وفي كل مرحلة من هذه المراحل سيتعامل الفريق مع مسائل صعبة وربما مثيرة للانقسام. (انظر: توجيه مجموعة فاعلة في ’طريقة الفينيق‘، ص 48). ولإثارة تغيير حقيقي في المنظور الصحيح، فمن الضروري أن يشرف مدير النقاش على هذه العملية وأن يجلب كل فريق – ما نسميه ”مجموعة ’طريقة الفينيق‘“ – مجموعة متنوعة من الخبرات والآراء إلى طاولة المفاوضات. وينبغي أن يختير أعضاء الفريق من مجالات أو وحدات أعمال مختلفة إلى حد كبير داخل الشركة، وربما حتى مستويات إدارية مختلفة. كما أن وجود جهات خارجية، مثل الأطراف المعنية أو العملاء، يمكن أن ينشط العملية ويعزز العلاقات الرئيسية.

المرحلة 1: الأساس

1. تحديد الوضع الراهن لشركتكم. قبل الاجتماع الأول ينبغي على أعضاء ”مجموعة ’طريقة الفينيق‘“ إعداد تقييم صريح للمؤسسة كما هي الآن – الجيد والسيئ والقبيح. فما هي رؤية الشركة؟ ما هي أولوياتها الاستراتيجية؟ كيف تولّد قيمة للأطراف المعنية، من عملاء أو موظفين أو شركاء أو مستثمرين؟ كيف تحتفظ بقيمة لنفسها؟ ما هي نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات في الشركة – وكيف تنعكس على الطريقة التي تجري بها الأمور؟ ستكون هذه المواد مفيدة ليس فقط في المراحل الأولى من العملية لكن في وقت لاحق كذلك، عندما تساعدكم على تقييم ما إذا كانت مجموعة ”طريقة الفينيق“ صارمة كما يجب.

لماذا يجب على كلِّ مشاركٍ من المشاركين أن يقدم تقريراً إذا ما كانوا يعملون جميعاً في الشركة نفسها؟ وقد تبدو المؤسسة مختلفة إلى حد كبير من وجهات النظر المتباينة، والمطلوب هنا هو صورة صريحة ومتعددة الأبعاد. وفي جلسة لـ”طريقة الفينيق“ أجريناها مع جهة كبيرة مزودة للخدمات المالية، أسفر تعدد وجهات النظر عن بعض الحقائق الصعبة: ”نظرة داخلية للغاية“، و”أولويات مربكة جدا“، و”نقاط قوتنا الماضية مبالغ فيها“. والقادة في الطبقات العليا يميلون إلى الاعتقاد أنهم مشغولون جداً لإعداد التقرير بأنفسهم وغالباً ما يحاولون الاستعانة بمصادر خارجية، لكن من الأهمية بمكان أن يؤدوا عملهم بأنفسهم وتولي مسؤولية تحليلهم. وسيجري إطلاع المجموعة على هذه التقارير عندما يجتمع الجميع في نهاية المرحلة الأولى.

الأبحاث

اعتمد المؤلفون على أبحاثهم الأكاديمية السابقة وعملهم الاستشاري، وطوروا ”طريقة الفينيق“ من خلال التجارب الميدانية المتكررة مع أكثر من 1,500 من قادة من مختلف المؤسسات والصناعات والمناطق الجغرافية.

2. شككوا في أفكاركم. ينبغي للمشاركين أيضاً أن يستكملوا تقييماً أكثر استبطاناً يظل سرياً. ما هي مواقفهم الخاصة تجاه الزعزعة Disruption؟ وما مدى استعدادهم للإشارة إلى الممارسات البالية وتحديد المشكلات التي تلوح في الأفق؟ ما هي خصائص القادة التي تعجبهم أكثر من غيرها، وكيف يمكن أن تشكل أساليبَهم في الإدارة، إلى الأفضل أو إلى الأسوأ؟

3. حددوا التهديدات والأدوات. وأخيرا هناك قطعة واحدة متبقية من العمل الإعدادي: يجب على أعضاء الفريق مسح المشهد بحثاً عن الاتجاهات الجديدة التي يمكنها إما تعطيل الشركة أو يُفضَّل استخدامها للدفاع عنها. وقد تشمل تغييرات مجتمعية شاملة، مثل التنظيم، والتحولات بين الأجيال، والنشاط الاجتماعي، فضلاً عن تكنولوجيات محددة تتطور بسرعة، مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء IoT، والطباعة الثلاثية الأبعاد 3D printing، وسلسلة الكتل (بلوك تشين) Blockchain، ومنصات التواصل الاجتماعي Social media.

والقادة الأكثر انفتاحاً على الزعزعة التامة لن يمسحوا صناعتهم فحسب، بل سيتجاوزونها أيضاً. فلم تؤدِّ هواتف أندرويد Android وآي أو إس iOS الذكية لتعطيل نوكيا Nokia وموتورولا Motorola فحسب – بل أثرت في قطاعات مختلفة تماماً، مثل الشركات المصنعة لأجهزة النظام العالمي لتحديد المواقع GPS وكاميرات الجيب. وجعلت أوبر Uber ممكنة؛ مما أدى بدوره إلى زعزعة شركات سيارات الأجرة ومصنعي السيارات. ومكنت علي بابا Alibaba من إنشاء علي باي Alipay وتنسنت Tencent من إنشاء ويتشات باي WeChat Pay، وهي الآن من أنظمة الدفع الشعبية واسعة الانتشار في الصين وأجزاء كثيرة من آسيا. وهذا بدوره أدى إلى تغيير كبير لشركات الخدمات المالية التي عادة ما لا تتأثر بالتطورات في قطاعي مواقع التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية.

والمسح الاستباقي أمر بالغ الأهمية إذا كان المسؤولون التنفيذيون يطورون حدساً لما هو في الأفق، سواء كان ذلك في صالح الأعمال أم تهديداً محتملا. فالتغيّر، عندما يأتي، لا يكترث بحدود الصناعات أو الأمم.

توجيه مجموعة فاعلة في ”طريقة الفينيق“

لكي تتدفق الأفكار بحرية، يجب أن تكون كل جلسة مساحة آمنة نفسياً، فقد تكون صعبة في مؤسسة شديدة التسلسل الهرمي. فالرئيس التنفيذي هو حتماً من يحدد النبرة. وسيجعل أكثر القادة فاعلية اجتماعات مجموعات ”طريقة الفينيق“ غير مسيسة تماما فيمكن للمشاركين البوح بما في عقولهم بصدق – وربما للمرة الأولى. وينبغي ترك علاقات القوة المعتادة خارج الباب، إلى جانب الهواتف المحمولة. وينبغي لمديري النقاش، ولاسيما إذا كانوا من الإدارة العليا، أن يعملوا كحكام موضوعيين، وليس كجنرالات يأمرون القوات. والأهم: في المراحل الأولى من تطبيق ”طريقة الفينيق“، يجب قبول الأفكار دون حكم. وغالباً ما يكون مفيداً إذا بدأت المجموعة بالعصف الذهني Brainstorming في شأن بعض العبارات التي ينبغي حظرها في الممارسة. أي أشياء مثل:

”المشكلة مع ذلك هي…“

”لكننا جربنا هذا من قبل“

”هذا يبدو غريباً جداً“

”هذا غير منطقي“

فمن دون تبادل حر للآراء حقا، فإن أكثر الاقتراحات جذرية – التي قد تكون هي ذاتها التي تحتاج إليها الشركة للبقاء على الأمد البعيد – ستبقى طي الكتمان.

وقد تجيش العواطف خلال ”طريقة الفينيق“، ولاسيما عندما يشن زملاء الفريق هجوماً مدمراً على شركتهم. فرؤية مؤسسة عملوا بإخلاص من أجلها تقترب من الانهيار، حتى في سيناريو افتراضي، قد يكون مزعجاً. فقد شهدنا السخط والإحباط، والإثارة والتعطش للدماء، والانزعاج والذعر، والعار والخوف، والحب والحزن، وأكثر من ذلك. وينبغي لمديري النقاش إعداد أنفسهم وفرقهم لاحتمال المشاعر المزعزعة. وينبغي أن يذكّروا المشاركين بأن هذه محاكاة مصممة لتحصين شركتهم ضد التهديدات الحقيقية جداً – وأن الرضا عن الذات هو أخطر تكتيك على الإطلاق.

المرحلة 2: ساحة المعركة

1. إطلاق السيناريو. في الاجتماع الأول لمجموعة ”طريقة الفينيق“، يقدم مدير النقاش لكل فريق سيناريوهاً لإشعال النقاش: نيوكو Newco، وهي شركة عملاقة حازمة ذات موارد غير محدودة من حيث رأس المال والتكنولوجيا والنفوذ، تضع شركة الفريق في مجال نظرها. وتعتزم نيوكو تدمير المؤسسة ومن ثم، إذا كانت لا تزال جائعة، تدمير الصناعة المحيطة بها كلها.

2. فكروا مثل عدوكم. من هنا يجب على أعضاء مجموعة ”طريقة الفينيق“ أن يتخيلوا أنفسهم مكان منافسيهم. كيف ستسقطهم نيوكو؟ ما هو المزيج الأكثر تدميراً من التكنولوجيا الرائدة واستراتيجية الأعمال الراسخة؟ لقد أعد عمل فريق مجموعة “طريقة الفينيق” في المرحلة الأولى الجميع لهذه المناقشة. فما الذي سيترك شركتهم تموت؟ ينبغي أن تكون الاقتراحات جامحة وغير متوقعة – وأن تنحرف جذرياً عن الوضع الراهن للمؤسسة. ويجري تبني الخطة، أو مجموعة الخطط، الأكثر حصافة في نظر الفريق.

وقد يستغرق الأمر من ثلاث إلى سبع ساعات لتحديد خطة إسقاط الخصم وتدوينها للرجوع إليها في المستقبل. ويكون ما تتفتق عنه الفرق غالباً مصدر إلهام. ففي إحدى ورش العمل لدينا، ساعد النائب الأعلى لرئيس شركة عالمية لتصنيع الأجهزةِ الفريقَ على الحلمَ بتكنولوجيا خيالية من شأنها أن تهلك شركته: هاتف ذكي يشبه غوغل كرومبوك Google Chromebook مع نظام تشغيل قائم على السحابة بالكامل، سيكون الجهاز المادي مجرد حامل له. وكان المنتج وهمياً تماماً لكن قابلاً للتصديق. ومع ظهور جهاز كهذا، فإن الميزة التنافسية لشركة الأجهزة – خبرتها التقنية التي اكتسبتها بجهد جهيد وعلاقاتها بالموردين والعملاء – ستزول؛ مما لن يخلّف سوى عمليات مادية مرهقة ومكلفة. وسيتعرض نموذج أعمالها للخطر الوجودي، بين عشية وضحاها تقريباً.

وشملت ورشة عمل أخرى رجلاً سنسميه تريفور، كان الرئيس التنفيذي لشركة كندية للسلع الزراعية التي تركز على الحبوب. وعلى الرغم من نجاح شركته، فقد ركز تريفور على التقاء المخاطر المحتملة، مثل تزايد عدم الارتياح العام في شأن صناعة اللحوم، والنشاط في مجال حقوق الحيوان، والانتشار العالمي لحمى الخنازير الإفريقية. وإلى جانب مجموعة ”طريقة الفينيق“، عمد إلى تنظيم هجوم من نسج أسوأ خيالاته: ستستفيد نيوكو من استهجان المستهلكين الواعين اجتماعياً من خلال تقديم منتجات غذائية، تنتجها الشركة، معدة خصيصا لتحقيق أهداف الاستدامة والعافية الشخصية للعملاء. وستلتزم بمبادئ الاقتصاد الدائري Circular economy، مع استعانة بمجموعة كاملة من المصادر – وستستخدم ذراع المناصرة الخاصة بها مواقع التواصل الاجتماعي لإنهاك تريفور وزملائه في الشركات المتعددة الجنسيات الموجودة بسبب اعتمادهم على الاستعانة بالمصادر من موردين بعيدين. ولإعطاء العملاء بدائل من مصادر محلية، استحوذت نيوكو حتى على موردي تريفور. ولم يكن الهجوم أقل إثارة، إذ إن تريفور ساعد على تصوره بنفسه. فمن خلال التعاون مع زملائه من خلفيات مختلفة رأى مدى سرعة دفع المنافس الجريء لشركته إلى الانقراض.

المسح الاستباقي أمر بالغ الأهمية إذا كان المسؤولون التنفيذيون يطورون حدساً لما هو مُقبلٌ في الأفق، سواء كان ذلك لصالح الأعمال أم تهديداً محتملا. فالتغيّر لا يكترث بحدود الصناعات أو الأمم.

وقد تكون العواطف جياشة في هذه المرحلة، حتى ولو راجع الجميع أفكارهم في وقت مسبق. (انظر: توجيه مجموعة ”طريقة الفينيق“ فاعلة). ولكن العمل الذي جرى هنا قد ينقذ الشركة.

3. تطوير دفاع. بعد تدمير شركة مجموعة ”طريقة الفينيق“، يجب على كل فريق التوصل إلى خطة مناسبة لإعادة البناء. وهذا يتطلب انتقالاً في التفكير الذي نسميه إدارة العجلة Turning the wheel– أي تحول في الأفكار من التدمير إلى البعث. ومن واقع تجربتنا يمكن أن تستمر هذه المرحلة من أربع إلى ثماني ساعات. ويعود التفكير الراديكالي – والنقاش بين أولئك الذين لهم وجهات نظر متعارضة تماماً – إلى العمل الآن، في حين يبحث أعضاء الفريق عن استراتيجيات جديدة لن تساعدهم فقط على استباق هجوم نيوكو بل أيضاً الصمود أمام اختبار الزمن.

وضع فريق تريفور خطة ستتكشف في ثلاثة أجزاء. ففي الأمد القريب ستنتصر شركته على نيوكو تماماً بدعوة المزارعين المحليين ليكونوا مالكين جزئيين للمشروع. وفي الأمد المتوسط، ستعمل الشركة في شكل وثيق مع هؤلاء المزارعين لتطوير نماذج أعمال جديدة خاصة من أجل الاستخدام الأمثل للأراضي من حيث الاستدامة والربحية. وفي الأمد البعيد سيحول تريفور وفريقه مؤسستهم من شركة زراعية رئيسية إلى شركة أغذية تعي الاتجاهات الحالية. وبدلاً من السعي إلى مجرد تحسين نموذج أعمالهم السابق الذي كان يستند كلياً إلى تقديم كميات كبيرة، فإنهم سينتقلون إلى مساحة سوقية أكثر تخصصاً بمساعدة شركاء موثوق بهم.

المرحلة 3: الاختراق

1. ضعوا مخططاً للمستقبل. قد تكون مرحلة ساحة المعركة محفزة وتلهم الصداقة الحقيقية بين المسؤولين التنفيذيين الذين، بحكم أدوارهم المختلفة، لم يكونوا قد شاركوا حقاً من قبل مع سائر الموظفين. ولكن مع حل مجموعة ”طريقة الفينيق“ وعودة أعضاء الفريق إلى روتينهم العادي، سيدركون أن قوة جاذبية الطرق القديمة لممارسة الأعمال مؤثرة جدا. ومن دون متابعة مركزة، فقد تُنسَى الدروس المستفادة من المرحلتين الأوليين ويضيع الزخم.

ننصح الفرق بإعداد ما نسميه المخطط المواجه للمستقبل Future facing blueprint فور الانتهاء من إعداد استراتيجياتهم الدفاعية. ويجب أن تصف الوثيقة نموذج الأعمال Business model المعاد تصوره وأن تتضمن تحليلاً مُحدثاً لمكامن القوة والضعف والفرص والتهديدات SWOT analysis. (ومن المرجح أن يكون هذا الأخير مختلفاً عن ذلك الذي أكمله الفريق في المرحلة 1 اختلافا صارخا، ربما هزليا تقريباً). ولكن ينبغي للمخطط أيضاً أن يتناول التفاصيل الرئيسية: ما هو اقتراح القيمة الجديدة New value proposition لمختلف الأطراف المعنية؟ ما هي أهم بنود العمل في الأمد القريب والمتوسط والبعيد؟ كيف يمكن إشراك الأطراف المعنية الداخلية عموما وتنشيطها على غرار مجموعة ”طريقة الفينيق“؟

2. تضمين الحمض النووي للفينيق. إذا كان هناك خطر من غرق المسؤولين التنفيذيين مرة أخرى في الوضع الراهن، وهناك أيضا خطر بأن يحاولوا تغيير الكثير بسرعة كبيرة جداً – مدفوعين بحماسة الجلسات. وهذه وصفة للإرهاق. نقترح أن يركزوا على الخطة لفترة الـ100 يوم الأولى وأن يختاروا ثلاثة بنود مهمة من مخططهم الجديد. وقد تشمل هذه العوامل إشراك الأطراف المعنية، أو تخصيص الموارد، أو البدء بمشروعات تجريبية، أو تحليل جوانب الشركة على مستوى أكثر دقة مما كان ممكناً خلال الجلسات. وبعد ذلك يمكنهم أن يتخذوا إجراءات أكثر حسماً، مثل اكتساب شركاء جدد أو كفاءات جديدة، ومراقبة التقدم، وتجديد الثقافة المؤسسية Organizational culture.

لقد عملنا مع جهة من أوروبا الشرقية لتوريد الأجهزة المنزلية والمعدات الزراعية، دعونا نسميها دفوراك Dvorak، أنشأت ذراعاً للخدمات المالية. وفي المرحلتين الأوليين من تطبيق ”طريقة الفينيق“ على دفوراك تصورت مجموعة ”طريقة الفينيق“ نيوكو شبيهة بعلي بابا تشاركت مع شركات تأمين ومصارف محلية لتقديم مجموعة من المنتجات المالية الجديدة إلى السوق (فكروا في القروض الصغيرة الرقمية مع حوافز مبتكرة وصديقة للعملاء، مثل الجوائز النقدية للمدفوعات المبكرة). وستستغل نيوكو الانقسام في أعمال دفوراك بين الخدمات الهندسية والمالية لإثارة المعارضة بين المساهمين، وستسرق الموظفين الأصغر سناً والأكثر ذكاء في مجال التكنولوجيا الذين شعروا بأن الإدارة العليا لدفوراك تخنقهم.

كيف ردت دفوراك على التهديد المفاجئ؟ أعادت اختراع نفسها كمتجر مادي/رقمي جامع للمطالب المالية والمهنية والشخصية كلها على حد سواء، الخاصة بالأسر الريفية. ولجعل هذه المهمة الهائلة ملموسة، فقد أعدت دفوراك مخططاً لأهداف محددة، تضمن بناء محرك لتحليل تبصرات المستهلكين، وتطوير نهج أكثر دقة لجمع بيانات المستهلكين وتجزئتها، وأتمتة المهام الأساسية بالكامل (مثل إدخال البيانات ومعالجتها وتوصياتها). كذلك عقدت المؤسسة العزم على شن هجوم خالٍ من التسامح مطلقاً على الوحدات المنعزلة الداخلية لتعزيز مركزية العملاء.

وكانت استجابة دفوراك كاسحة وملهمة. وأدت الشركة أهم شيئين يمكن لأي مؤسسة قديمة أدائها عندما تتطلع إلى إعادة تشكيل نفسها بالتوافق مع النظام العالمي الجديد: لقد حصنت أعمالها الأساسية، وحددت الجهات الفاعلة والإجراءات والأنشطة التي من شأنها أن تمكنها من مواجهة المستقبل من موقع القوة.

لكن، مثل الجهات الأخرى، ليست الشركات دائما حرة في تنفيذ التغيير وفق جداول زمنية خاصة بها. وبين ”طريقة الفينيق“ الذي نقوده منذ وقت ليس ببعيد هذه الحقيقة بوضوح. فإيمي استُدعِيت لتكون الرئيسة التنفيذية لمستشفى بريطاني خاص كبير وأعمال لرعاية التقاعد سنسميها هوركومب بي إل سي Horcomp PLC. ولكن بعد أسابيع قليلة فقط من عودة إيمي من ورشة ”طريقة الفينيق“، أبلغها رئيس مجلس إدارة هوركومب أن مستثمراً ناشطاً كان يدعو إلى تغييرات جذرية ردد بشكل مخيف السيناريو الذي عملت عليه للتو في ورشة العمل. فقد تجسد أسوأ سيناريو تتصوره في الواقع.

ومع علمها بأنها اضطرت إلى تسريع خطتها للأمد البعيد، عقدت إيمي مجموعة اجتماعات ”طريقة الفينيق“ داخل فريق القيادة العليا وأقنعت بحكمة الرئيس التنفيذي المشرف التقاعد بعدم المشاركة. وطرح الفريق الأفكار حول طرق تعزيز القدرات التكنولوجية لهوركومب من خلال خطوات سريعة ومتكررة. وفي غضون سنة واحدة بَنَت هوركومب منظومة إيكولوجية تجريبية لتوفير الرعاية طوال الحياة، بمساعدة شريك رقمي. وشملت المشروعات التجريبية أنظمة مراقبة المرضى، وتطبيقات الرعاية الصحية التي جرى إنشاؤها إلى جانب أبل Apple، والتكنولوجيا التي تسمح للمستخدمين بالوصول بسهولة إلى خدمات الدعم والتواصل مع المرضى والعائلات الأخرى. ولم تسفر البرامج الجديدة مجتمعة عن تحسينات في الخدمات فحسب، بل خفضت التكاليف بنسبة 10% وساعدت على زيادة الاحتفاظ بالمواهب في معظم أنحاء الشركة.

تسريع الدمار

في سعيها إلى التعافي من النمو الضائع والفرص الضائعة بسبب جائحة كوفيد-19، فإن العديد من المؤسسات تركز على محاولة شق طريقها للعودة إلى عمليات الأعمال ”العادية“. ونعتقد أن هذه الاستراتيجية مضللة تماماً. فبدلاً من محاولة الحفاظ على ما نجح في الماضي، ينبغي على القادة أن يميلوا إلى حتمية الزعزعة الواسعة النطاق والعصف الذهني بحلول جذرية. وقد يكون المستقبل غير مؤكد إلى حد كبير، لكنه آتٍ مهما حدث.

إيان سي. وودوارد Ian C. Woodward (@ian_c_woodward)

إيان سي. وودوارد Ian C. Woodward (@ian_c_woodward)

أستاذ في الممارسة الإدارية ومدير برنامج الإدارة المتقدمة في إنسياد INSEAD.

في “بادي” بادمانابهان V. “Paddy” Padmanabhan (@paddyprof)

في “بادي” بادمانابهان V. “Paddy” Padmanabhan (@paddyprof)

أستاذ والمدير الأكاديمي لمعهد الأسواق الناشئة Emerging Markets Institute في إنسياد.

سمير هاسيجا Sameer Hasija (@sameerhasija)

سمير هاسيجا Sameer Hasija (@sameerhasija)

أستاذ ورئيس منطقة في مجال التكنولوجيا وإدارة العمليات، وزميل كرسي شل Shell للأعمال والبيئة في إنسياد.

رام شاران Ram Charan

رام شاران Ram Charan

مستشار الأعمال ومؤلف ومتحدث. وهم المؤلفون المشاركون للكتاب المقبل “طريقة الفينيق”: القيادة كما لو أن أعمالكم تحترق! للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62118

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى