أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكبياناتمنوع

تحسينُ قياسِكم للتنوع للحصول على نتائجَ أفضل

يحتاج المديرون إلى ممارسات أفضلَ لجمع البيانات إذا أرادوا الحصول على صورة أوضحَ عن التنوع والمساواة والشمول وتصميم تدخلات أكثر فاعلية.

إذا كان قادة الأعمال يأملون إحداثَ فارق في التنوع Diversity والمساواة Equity والشمول (الإدماج) Inclusion (اختصاراً: المبادئ DEI)، فمن الضروري أن يضعوا قياسات Measurements لمتابعة التقدم ومساءلة المديرين عن النتائج، وهو أمر تفعله القليل من المؤسسات حالياً بنحو فاعل.

في الواقع التزم أكثر من 2,200 من المسؤولين التنفيذيين – الذين وقَّعوا تعهُّد الرؤساء التنفيذيين للعمل من أجل التنوع والشمول CEO Action for Diversity & Inclusion – بقيادة ”إجراء قابل للقياس“1E.J. Kennedy, “Can Data Drive Racial Equity?” MIT Sloan Management Review 62, no. 2 (winter 2021): 9-11.، لكن الاعتراف بضرورة قياسِ شيء ما يختلف عن معرفة كيفية قياسه. وبالنسبة إلى عديد من المؤسسات يُعَد الافتقار إلى الفهم الدقيق للمقاييس Metrics التي يجب جمعها، وكيفية الاضطلاع بذلك، وكيفية تفسير البيانات، حجرَ عثرة شائعاً في جهود التنوع والمساواة والشمول الخاصة بهم، ما يساهم في عوائد مخيبة على استثماراتهم المتنوعة.2P. Newkirk, “Diversity, Inc.: The Failed Promise of a Billion-Dollar Business” (New York: Bold Type Books, 2019).

في هذه المقالة نستفيد من أكثر من ثلاثة عقود من البحث الجماعي والخبرة العملية لتسليط الضوء على ستة عوامل يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد كيفية قياس بيانات التنوع والمساواة والشمول ومتابعتها.

يبدأ قياس التنوع والمساواة والشمول الفاعل بأهداف سليمة
تتمثل الخطوة الأولى لتحسين قياس التنوع والمساواة والشمول وفاعلية هذه الجهود في الحصول على صورة واضحة للأهداف Objectives والغايات الاستراتيجية Strategic goals للمؤسسة في مجال التنوع والمساواة والشمول. ما المغزى من جمع المقاييس المتعلقة بـالتنوع والمساواة والشمول في الشركة ومتابعتها؟ هل ترغب في تحسين التمثيل لمجموعة ناقصة التمثيل، أو التأكد من وجود عدم مساواة في الأجور بين الموظفين و/أو الوظائف؟ بعد تحديد الأهداف العامة، طوروها إلى أهداف أكثر تحديداً قد توفر نتيجةً يمكن تحديدها وتساعد على وضع الخطط والعمليات الخاصة بالقياس.3E.N. Ruggs and D.R. Avery, “Linking Good Intentions to Intentional Action,” MIT Sloan Management Review 62, no. 4 (summer 2021): 95-96. 

أحد المبادئ الأساسية لأهدافٍ كهذه هو أنها يجب أن تشجع التحسين المطرد بمرور الوقت، بدلاً من مجرد استهداف الأرقام المطلقة المراد تحقيقُها. ذلك أن إظهار التحسن المطرد مقارنةً بالماضي يوفر فارقاً بسيطاً تفشل الأرقام الفورية وحدها في إظهاره، ولاسيما عند إجراء المقارنات: في وقت معين قد تكون لدى المؤسسة ”أ“ نسبة مئوية من الموظفين من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً أعلى من الشركة ”ب“، لكن إذا كانت النسبة المئوية لدى ”أ“ تنخفض باطراد بينما كانت تنمو لدى ”ب“ باطراد، تحقق المجموعة التي تبدو أقل تنوعاً، في الواقع، تقدُّماً أفضل. ويمكن أن تُظهر متابعة البيانات ومقارنتها بمرور الوقت أن المؤسسة لا تحاول فقط، بل تنجح في تحسين تنوعها و/أو شمولها.

بعد تحديد الأهداف يمكن للمؤسسات اتباع نهج أكثر استراتيجية لجمع بيانات التنوع والمساواة والشمول وتحليلها. على الرغم من عدم وجود نهج واحد يناسب الجميع، نؤكد أن أي قياس لجهود التنوع والمساواة والشمول يجب أن يشمل مستويات المؤسسة كلها، وينظر في العوامل الديموغرافية للمواقع الجغرافية المختلفة، ويفسر أنواعاً متعددة من التنوع، ويلقي نظرة على الروابط في البيانات التي جُمِعت، وينظر في تأثير وقت جمع البيانات. دعونا نُلقِ نظرةً على كل من هذه العوامل بالتفصيل.

ألقُوا نظرةً متعددة المستويات للحصول على صورة أوضح
يمكن استخدام الأرقام بنمط استراتيجي لتضليل الآخرين، كما أوضح داريل هوف Darrell Huff قبل ما يقرب من 70 سنة في كتابه الكلاسيكي كيف تكذب باستخدام الإحصائيات How to Lie With Statistics.4D. Huff, “How to Lie With Statistics” (New York: W.W. Norton & Company, 1954). في سياق التنوع والمساواة والشمول، يمكن للإحصائيات الموجزة التي تحجب ما يحدث على مستويات مختلفة من المؤسسة أن ترسم صورة وردية لكن غير دقيقة للتقدم. مثلاً استشرنا جامعة تسعى إلى الترويج لنفسها على أنها شديدة التنوع من حيث العرق والإثنية. ودعمت هذا الزعم بعدة إحصائيات موجزة حول أعداد الموظفين والطلبة. وعلى الرغم من أن هيئة الطلبة كانت بالفعل غير متجانسة بنحو مثير للإعجاب، أخفت بيانات الموظفين الملخصة لدى الجامعة حقيقة شائعة جداً للأسف: كان أعضاء هيئة التدريس وكبار الإداريين من البيض بأغلبية ساحقة، وكان عاملو معمل التشغيل Physical plant والموظفون الإداريون في الأغلب من الأقليات العرقية والإثنية.

هذا النمط الخاص من التقسيم الطبقي للتنوع والشمول ليس فريداً بأي حال من الأحوال لتلك الجامعة. تُظهر قراءة سريعة للإحصائيات من المكتب الأمريكي لإحصائيات العمل أن التنوع العرقي والإثني والجنوسة (الجندري) (أكثر أشكال الاختلاف المرئي سهولة في المتابعة) يميل إلى أن يكون أكثر وضوحاً في المستويات الهرمية الأدنى، ويصبح أكثر ندرة بنمط تدريجي مع تقدم الفرد في السلم المؤسسي على صعيد السلطة والمسؤولية والمكافآت. وبالمثل، يشير بحثنا إلى أن المديرين في الأغلب يتصورون دعماً مؤسسياً أكبر للتنوع مقارنة بالموظفين العاديين (وهو اتجاه له آثار سلبية في أداء الوحدات).5P.F. McKay, D.R. Avery, and M.A. Morris, “A Tale of Two Climates: Diversity Climate From Subordinates’ and Managers’ Perspectives and Their Role in Store Unit Sales Performance,” Personnel Psychology 62, no. 4 (winter 2009): 767-791. ومن المرجح أن تخفي الإحصائيات الموجزة المجمعة بين المستويات الهرمية هذه كلها التمثيلات الزائدة والناقصة.

عند تفكيك الإحصائيات الموجزة، تحتاج الشركات إلى إيلاء اهتمام خاص لجيوب التركيز المحتملة. تُعَد نايكي Nike وآي بي إم IBM وسايلزفورس Salesforce من بين الشركات التي تفعل ذلك بنحو جيد. عند الإبلاغ عن مقاييس التنوع والمساواة والشمول الخاصة بها، تشير إلى التمثيل الديموغرافي بنمط منفصل للأدوار القيادية والأدوار التقنية والأدوار غير التقنية. يساعد هذا النوع من فحص التنوع على تجنب المبالغة في التأكيد على التنوع في المستويات الأدنى كممثل للتنوع العام داخل الشركة.

يدرك علماء الاجتماع المؤسسي منذ فترة طويلةٍ المزالقَ المرتبطة بالتمثيل المفرط للأقليات العرقية الإثنية والموظفات في وحدات تشغيل معينة داخل الشركة (وكذلك في بعض المهن).6B.F. Reskin, D.B. McBrier, and J.A. Kmec, “The Determinants and Consequences of Workplace Sex and Race Composition,” Annual Review of Sociology 25 (1999): 335-361. ذلك أن الوحدات والمهن التي تهيمن عليها النساء والأقليات تميل إلى الحصول على موارد متاحة أقل وتعرض مكافآت مالية أصغر ومكانة أقل وفرص ترقية أقل. وعلى الرغم من صحة أن التركيز المفرط وحده لا يشير بالضرورة إلى عدم المساواة، فإنه يشير بالتأكيد إلى الافتقار إلى تكافؤ الفرص للجميع. ويُظهر بحثنا أن الموظفين يلاحظون عندما تختلف سمات (ملفات تعريف) Profile القادة المؤسسين عن تلك الخاصة بالموظفين العاديين، ما يقلل من ثقتهم بالمؤسسة ويزيد من تصوراتهم عن تعرُّضهم لسوء معاملة.7A.P. Lindsey, D.R. Avery, J.F. Dawson, et al., “Investigating Why and for Whom Management Ethnic Representativeness Influences Interpersonal Mistreatment in the Workplace,” Journal of Applied Psychology 102, no. 11 (April 2017): 1545-1563. بناء على ذلك ينبغي لأي تحديد نقص كبير في التمثيل على أي مستوى مؤسسي أن يحفز إجراء تحقيق أكثر تركيزاً لتحديد أسبابه وعواقبه.

عند جمع البيانات الديموغرافية والبيانات الأخرى المتعلقة بالتنوع ومتابعتها، من المهم مراعاة عوامل مثل نوع الوظيفة والمنصب والتسلسل الهرمي عند تحليلها وتفسيرها. وتوفر هذه العوامل صورة أوضح لكيفية أداء المؤسسة من حيث التمثيل.

أخذُ الموقع في الاعتبار
توجد المؤسسات في سياقات محددة جداً: هي جزء لا يتجزأ من المجتمعات التي لها تاريخ وخصائص حية تؤثر في من يعيش هناك، وماهية الأعراف الثقافية السائدة، وسمات العيش هناك. للنظر في السياق الاجتماعي المحيط وتأثيره في ديناميكيات التنوع داخل المؤسسة أهمية قصوى. وعلى الرغم من العدد المتزايد لأصحاب العمل الذين يسمحون بالعمل من بُعد بنحو كامل، لا يزال معظم الناس يعيشون ويعملون في المجتمع العام نفسه. بعض الخصائص الديموغرافية، مثل الجنوسة، متسقة نسبياً من مجتمع إلى آخر، لكن البعض الآخر، مثل الجنسية والعرق والإثنية والحالة الاجتماعية والاقتصادية، يختلف بقدر كبير.

مثلاً من الأسهل – على الأرجح – توظيف المواهب السوداء في ممفيس بتينيسي، حيث يشكل السود ما يقرب من 65% من السكان، مما هو عليه في سولت ليك سيتي، حيث يمثل السود أقل من 3% من السكان. من المحتمل أن تؤثر هذه الاختلافات العرقية في المجتمعات في الاختلافات العرقية طوال دورة التوظيف، ما قد يؤدي إلى تفاقم مسائل الشمول إذا كانت موجودة. إضافةً إلى هذه الاختلافات التركيبية، تختلف المواقف الجماعية المتعلقة بالاختلافات مثل العرق بين الأماكن، ما يؤدي إلى أن تكون بعض الثقافات والمناخات أكثر ترحيباً بأعضاء المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً، في حين يكون البعض الآخر أقل تسامحاً.8M.J. Gelfand, L.H. Nishii, and J.L. Raver, “On the Nature and Importance of Cultural Tightness-Looseness,” Journal of Applied Psychology 91, no. 6 (December 2006): 1225-1244.

لا تُدرك المؤسسات كلها بقدرٍ كافٍ الآثارَ المترتبة على هذه الاختلافات بين المواقع في جهود قياس التنوع والمساواة والشمول. مثلاً تضع بعض الشركات أهدافاً للمؤسسة بكاملها بناءً على معايير الشركة أو بيانات السوق الوطنية أو الإقليمية. ويحدد هذا النهج التوقعات بأن مكتباً في موقع متجانس نسبياً مثل سولت ليك سيتي يمكن أن يحقق مستويات مماثلة من التنوع العرقي مثل مكتب في مكان أقل تجانساً مثل مدينة نيويورك. وبالمثل من المتوقع أن تكون المؤسسات في المناطق التي لها تاريخ من العداء تجاه مجموعات معينة ناجحةً في توظيف أعضاء هذه المجموعات واستبقائهم مثل تلك القائمة في مجتمعات مرحبة. يجب أن تكون أهداف التنوع والمساواة والشمول قابلة للتحقيق إذا كان التعويض مرتبطاً بالوصول إلى مقاييس معينة. ذلك أن تحميل المديرين للمساءلة عن أهداف التنوع غير المعقولة من المرجح أن يثبط عزيمتهم أكثر من إلهامهم.

بدلاً من تجاهل السياقات المحلية، يجب على الشركات مراعاة خصائص المجتمع عند تحديد الأهداف وتقييم التقدم نحو أهداف التنوع والمساواة والشمول. توفر أسواق العمل المحلية سياقاً قيماً حول ما يمكن توقعه بنحو معقول فيما يتعلق بالتمثيل. من يعيش في المجتمع المحيط؟ إذا كانت مجموعات معينة ممثلة تمثيلاً ناقصاً داخل هذا المجتمع، فقد تكون هناك أسباب (مثل المناخ الثقافي) يصعب على صاحب العمل التأثير فيها. هل هناك كليات وجامعات يمكن أن تكون داعمة، وإذا كان الأمر كذلك، فما تكوين مجموعاتها من الطلبة؟ يجب أن تكون المقارنات مع المنافسين محلية لضمان تحقيق الأهداف. إذا كان المنافس المحلي أكثر نجاحاً باستمرار في جذب أعضاء مجموعات معينة ناقصة التمثيل واستبقائها، فما الذي يجعله أكثر إغراءً للمتقدمين إلى الوظائف؟

توفر المواقع أيضاً سياقاً حول معنى خاصية ديموغرافية معينة، مثل العرق أو الدين. قد يكون من المناسب لمجموعة شركات متعددة الجنسيات أن تفترض أن الخاصية الديموغرافية التي تعني شيئاً ما في إطار معين لها معنى مشابه في إطار آخر. ومع ذلك قد يكون مثل هذا الافتراض غير واقعي بالنسبة إلى بعض الخصائص، مثل العرق أو الإثنية أو الدين. مثلاً انتُقِدت غوغل Google وشركات أخرى لاستخدامها تصنيفات عرقية وإثنية تخص مكتب الإحصاء الأمريكي في بلدان قد لا يكون فيها لهذه الفئات المعنى نفسه. تُعتبَر فئات مثل ذوي الأصول الإسبانية والسود والأمريكيين من أصل إفريقي غير غامضة نسبياً في الولايات المتحدة، لكن هناك إجماعاً أقل فيما يتعلق بمعانيها في السياقات الوطنية الأخرى. من الصعب استخلاص استنتاجات نهائية من المقارنات بين السياقات عندما لا يكون هناك معنى مشترك وراء المقياس.

ومع ذلك لا ينبغي استخدام عدم وجود مخطط للتصنيف متفق عليه بنحو شامل كمبرر لتجنب القياس تماماً. كما يقول المثل: لا تدع الكمال يكُن عدوَ الخير Don’t let the perfect be the enemy of good، وتذكروا أن استراتيجيات التنوع والمساواة والشمول والتقدم المستمر فيها تتطلب قياساً ومتابعة سليمَين. يجب أن تفكر الشركات في عوامل التنوع والمساواة والشمول ذات الصلة والمهمة للمواقع المختلفة وإجراء التعديلات التي ترصد البيانات ذات الصلة بموقع الاهتمام بنحو أفضل.

متابعة أبعاد متعددة للتنوع
يجب أن تكون جهود التنوع شاملة، وأن تأخذ في الاعتبار المجموعات غير الممثلة على أساس مجموعة متنوعة من الخصائص، بما في ذلك العرق والجنوسة والإعاقات. قد يكون من المغري للمؤسسات أن تروج لشكل واحد من التنوع داخل المؤسسة كدليل على أن الشركة متنوعة بما فيه الكفاية. مثلاً قد يكون أداء الشركة جيداً من حيث التنوع بين الجنسين لكن لديها قليلاً جداً من التنوع العرقي. وقد تكون شركة أخرى متنوعة عرقياً بوجه عام لكن ليس لديها تمثيل من أقليات أخرى في قوتها العاملة (أو تفترض وجوده لأنها لا تقيسه في الواقع). لكن، يوفر جمع المقاييس التي تحدد مجموعات ديموغرافية محددة والإبلاغ عنها بدلاً من التجميع بين خصائص التنوع صورة أكثر دقة لحالة التنوع داخل الشركة، ويسمح للمؤسسة بتطوير خطة عمل خاصة باحتياجاتها.

نحن ندرك أنه قد يكون من الصعب جمع البيانات الديموغرافية عن الهويات القابلة للإخفاء التي تلقت تاريخياً القليل من الحماية القانونية أو المؤسسية. قد تستفيد المؤسسات من مجموعات موارد الموظفين للمساعدة على تحديد احتياجات فئات معينة من السكان ومصالحها. إضافة إلى ذلك يمكن للمؤسسات التي لديها الموارد أن تتعاقد مع شركاء من خارج التنوع لجمع بيانات الموظفين التي يمكن ربطها بالبيانات المؤسسية من أجل توفير معلومات حول مدى جودة إدارة المؤسسة لمخاوف مجموعات معينة ممثلة تمثيلاً ناقصاً. قد تساعد الشراكة مع استشاريين خارجيين في التخفيف من مخاوف الموظفين المحتملة من الإخراج أو التعرض إلى رد فعل عنيف إذا كان من الممكن ربط الهويات الموصومة التي يمكن إخفاؤها بأفراد معينين من قبل آخرين داخل مؤسستهم.

يمكن أن يكشف الانتباه لدور الهويات المتقاطعة عن وجود تحيز محتمل داخل الشركة.

إضافةً إلى عدم التركيز على نوع واحد أو نوعين فقط من التنوع، يجب على المؤسسات الانتباه بعناية أكبر لدور الهويات المتقاطعة في فهم التكوين التركيبي الحقيقي والتحيز المحتمل داخل الشركة. أظهرت الأبحاث أن تأثير مكان العمل لخاصية ديموغرافية مثل العرق في الأغلب يتأثر بخصائص أخرى، مثل الجنوسة والعكس صحيح.9A.N. Smith, M.B. Watkins, J.J. Ladge, et al., “Making the Invisible Visible: Paradoxical Effects of Intersectional Invisibility on the Career Experiences of Executive Black Women,” Academy of Management Journal 62, no. 6 (June 2019): 1705-1734. مثلاً تختلف تجارب النساء السوداوات عن أولئك الذين يشاركونهن عرقهن فقط (مثل الرجال السود) أو جنوستهم (مثل النساء البيضاوات).

كيف يبدو الأمر عندما نتعمق أكثر في البيانات المتعلقة بنسبة النساء اللواتي حدث توظيفُهن والتحقيقُ فيه على أساس عرقهن أيضاً؟ لنأخذ غوغل مثلاً: أظهر تقرير التنوع السنوي للعام 2022 زيادة في عدد النساء اللائي وظفتهن في العام 2021، إذ شكلت النساء 37.6% من الموظفين الجدد في قوتها العاملة في الولايات المتحدة، مقارنةً بالعام 2020، عندما شكلت النساء 33.1% من الموظفين الجدد.10“Google Diversity Annual Report 2022,” PDF file (Mountain View, California: Google, 2022), https://static.googleusercontent.com. وعلى الرغم من أن غوغل شهدت زيادة في توظيف النساء من الأعراق كلها، فإن النساء السوداوات واللاتينيات والأمريكيات الأصليات يمثلن نسبة أقل بقدر ملحوظ من الموظفين الجدد في العام 2022 (4.3%، 3.2%، و0.3% على التوالي) مقارنة بالنساء البيضاوات (14.8%). إذا نظرنا إلى العوامل الديموغرافية الفردية فقط في عزلة، نحصل في أحسن الأحوال على صورة غير كاملة – وعلى الأرجح صورة غير دقيقة. يسمح اتباع نهج أكثر دقة وتقاطعاً لمتابعة البيانات للمؤسسات باكتساب فهم أفضل للمواضع التي قد تكون فيها فجوات تشير إلى تحيز أو مسائل أخرى لمجموعات معينة قد يُتَغاضَى عنها بخلاف ذلك.

دمج أنظمة البيانات لمتابعة النتائج بنحو أفضل
في كثير من الأحيان تبدأ الخطط المؤسسية لقياس التنوع والمساواة والشمول، وتنتهي باختيار العوامل الديموغرافية التي يجب قياسها. لكن التركيز قصير النظر فقط على عدد الأشخاص من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً الموجودين في القوى العاملة سيترك المديرين غافلين عن الكيفية التي يمكن أن تؤدي بها هذه الخصائص الديموغرافية إلى عدم المساواة في الفرص والنتائج.

تعالج المؤسسات الأكثر تقدمية هذه المسألة حالياً من خلال تحديد التباينات الديموغرافية البسيطة والبدء في معالجتها. ما نعنيه بكلمة ”بسيطة“ Simple هو أن هناك اختلافاً في النتائج (مثل المكافآت والترقيات) لمجموعة واحدة، وبالنسبة إلى مجموعة أخرى على البعد نفسه. يمكن للشركات ربط المعلومات الديموغرافية المتاحة للموظفين بسجلات الموارد البشرية الخاصة بهم، والبحث عن الارتباطات بين علامات الهوية والنتائج مثل معدلات الاختيار والتعويضات وتقييمات الأداء والتكليفات الوظيفية والترقيات.

هذه الأنشطة هي بداية جيدة، لكن من الضروري أن تمضي المؤسسات إلى أبعد من ذلك. يمكن للمقاييس أيضاً رصد الاختلافات الديموغرافية في معدلات الارتباط التي ترقى إلى عوائد متفاوتة أو عقوبة. لنفترض، مثلاً، أن الموظفين المصابين بالتوحد حصلوا على أقل من نصف العائد على شكل تعويض مالي (زيادات ومكافآت) لمراكمتهم خمس سنوات من الخبرة الإدارية مقارنة بنظرائهم من النموذجيين عصبياً. قد يغيب مجرد التفكير في التأثير البسيط للإعاقة على التعويض عن هذا المصدر المهم لعدم المساواة الذي يتطلب من المؤسسة أن تبحث بنشاط عن العوائد التفاضلية وتتابعها باستمرار.

يوضح عملنا العواقب المحتملة لعدم دمج أنظمة البيانات بنمط فاعل وتفسير بيانات الموارد البشرية في دورة التوظيف. مثلاً تعاقدت معنا مبدئياً شركة كيميائية للمساعدة في تحديث نظام اختيار الموظفين لديها لتحسين تنوع التعيينات الجديدة فقط، لتجد أنها لم تشارك في أي شكل من أشكال التوظيف المستهدف. كان من الممكن أن تكون إعادة تصميم نظام الاختيار الخاص بها غير مجدية (أو ناقصة الإنجاز، في أحسن الأحوال) لو لم نساعد الشركة أولاً على إدراك أهمية الاستثمار في التوظيف المستهدف للمتقدمين من المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً. من شأن دمج بياناتها حول من يتقدم بطلب ومن يقع عليه الاختيار لأن يساعد الشركة في التعرف على مدى تأثير أوجه القصور في التوظيف في كثير من الأحيان في نتائج الاختيار. باختصار، لا يمكنكم اختيار الأشخاص الذين سيساعدون في زيادة التنوع إذا لم يتقدموا بطلب.

إضافة إلى ذلك، حتى الشركات التي تكون في طليعة تحليلات الموارد البشرية واستخراج البيانات تفشل في الأغلب في دمج أنظمة معلومات إدارة البيانات المختلفة بقدر كافٍ. مثلاً من خلال العمل مع جهة كبيرة للبيع بالتجزئة أُشِيد بها لجهودها في إدارة التنوع، اكتشفنا أن سجلات الموظفين الخاصة بالتأخير والتغيب كانت موجودة في نظام واحد، بينما كانت بيانات تقييم الأداء موجودة في نظام آخر، ولم تكن لدى الشركة أي وسيلة لدمج المجموعتين. كان هذا مزعجاً لأن بحثنا الخاص قد أظهر أن الموظفين السود يميلون إلى أن يُعاقَبوا بقسوة أكبر بسبب التأخير أكثر من الموظفين البيض، لكن أنظمة معلومات الموارد البشرية المنفصلة للشركة جعلت من المستحيل اكتشاف ما إذا كان هذا يحدث.11A. Luksyte, E. Waite, D.R. Avery, et al., “Held to a Different Standard: Racial Differences in the Impact of Lateness on Advancement Opportunity,” Journal of Occupational and Organizational Psychology 86, no. 2 (April 2013): 142-165. وبالمثل يعني الفشل في فحص هذه الأنواع من الروابط أن المسائل الصغيرة يمكن أن تتحول إلى مسائل كبيرة قبل تحديدها ومعالجتها.

أحد الروابط التي يجري تجاهلُها في كثير من الأحيان هو العلاقة بين التوظيف والاستبقاء Retention. عند فحص النطاق الكامل لتوريد الموظفين، وجدنا أن المؤسسات تعمل بنحو جيد فيما يتعلق بمعدلات الحصول على الموظفين وتوظيفهم فيما يخص بعض المجموعات الممثلة تمثيلاً ناقصاً يكون لديها في الأغلب معدلات استنزاف عالية على صعيد هذه المجموعات نفسها. ويمكن أن يكون هذا مؤشراً إلى مسائل تتعلق بالشمول، مثل الاختلافات الديموغرافية في إدراك الناس للانتماء، والتي ينبغي معالجتها.

احتساب الوقت من العام عند جمع البيانات
في بعض القطاعات قد تكون هناك تأثيرات موسمية في التوظيف تشكل ملف التعريف الديموغرافي للمؤسسة، ويمكن أن تختلف بناءً على الوقت من العام. مع الأسف تضطلع عديد من المؤسسات فقط بأخذ لمحة سريعة عن العوامل الديموغرافية في الوقت نفسه من كل عام. يمكن استخدام هذه البيانات للإشارة بنحو مخادع إلى التزام تجاه التنوع والمساواة والشمول يتضح، عند التدقيق فيه من كثب، أنه مضلل.

مثلاً تأخذ بعض المؤسسات هذه اللمحة بنحو استراتيجي خلال موسم التسوق في عطل ديسمبر، عندما يوظف تجار التجزئة عاملين موسميين. في كثير من الحالات، هؤلاء عاملون ذوو أجور منخفضة – وهي مجموعة تُمثَّل فيها النساء والأشخاص الملونون بنحو غير متناسب.12F. Hanleybrown, L. Iyer, J. Kirschenbaum, et al., “Advancing Frontline Employees of Color: Innovating Competitive Advantage in America’s Frontline Workforce,” PDF file (Boston and Oakland, California: FSG and PolicyLink, January 2020), www.fsg.org. وقد يؤدي رصد ملف تعريف سنوي للتنوع والمساواة والشمول في هذا الوقت عن قصد، أو عن غير قصد، إلى جعل تقدم الشركة في التنوع يبدو أكبر مما هو عليه حقاً.

يمكن أن تأتي هذه التكتيكات بنتائج عكسية إذا اعتقد الموظفون أن المؤسسة تشارك في جهود التنوع والمساواة والشمول لأغراض استغلالية، مثل الوصول إلى الحصص، بدلاً من تعزيز المساواة.13P.F. McKay and D.R. Avery, “Warning! Diversity Recruitment Could Backfire,” Journal of Management Inquiry 14, no. 4 (December 2005): 330-336. مثلاً تلقت إحدى المؤسسات التي عملنا معها انتقادات من أعضائها السود واللاتينيين بشأن التمثيل الناقص. وردَّت المؤسسة بإظهار أنها قورنت بنحو معقول (وإن كان بمستويات أقل قليلاً) مع مؤسسات أخرى في مجموعتها النظيرة والطامحة. غيرَ أن ما فشلت الإدارة في مراعاته هو أن تمثيل كلتا المجموعتين كان على مسار تنازلي، وكان عدد أفرادهما عند أدنى مستوى له منذ 20 سنة لدى المؤسسة.

يشجِّعنا أن المسؤولين التنفيذيين ومديري الموارد البشرية ومحللي البيانات يدركون بقدر متزايد أهميةَ القياس الجيد لإدارة التنوع الفاعلة. لكن المشكلات تكمن في التفاصيل – كما يقال – الخاصة بمقاييس التنوع والمساواة والشمول المؤسسية. في حين أن الاعتبارات التي راجعناها في هذه المقالة تنطبق بنحو شامل، يجب على كل مؤسسة أن تصمم نهجها الخاص – في بعض الحالات، مناهج متعددة – على أساس خصائصها الفريدة. لقد حددنا خمسة اعتبارات (المستويات الهرمية، والموقع، وأنواع التنوع، والروابط بين البيانات، والوقت من العام) التي نأمل أن تساعد على توجيه المحادثات بين العدد المتزايد من المسؤولين التنفيذيين الذين يتعهدون بالتزامهم تجاه التنوع والمساواة والشمول والاستراتيجيين والمكلفين بتحقيق هذا الالتزام.

سيساعد التخطيط الاستراتيجي وتحديد أهداف التنوع والمساواة والشمول على تحسين القياس.

سيساعد أخذ الوقت للتخطيط الاستراتيجي وتحديد أهداف التنوع والمساواة والشمول على تحسين القياس، لأنه يوفر تركيزاً أكبر على المقاييس التي يجب جمعها وكيفية تحليلها. يمكن أن تساعد المقاييس القادة على فهم كل من موقفهم الحالي، وإلى أين يتجهون، على الطريق لمساعدة مؤسستهم على أن تصبح أكثر تنوعاً وإنصافاً وشمولاً. لتعزيز فائدة مقاييس التنوع والمساواة والشمول، يجب على المسؤولين التنفيذيين والمتخصصين في الموارد البشرية النظر في النصائح المقدمة هنا والتي ستساعد على إنشاء صورة أكثر دقة للتقييم الشامل للتنوع والمساواة والشمول.

يُعَد الالتزام على مستوى رفيع خطوةً مهمة نحو جعل المؤسسة أكثر شمولاً. ومع بدء المسؤولين التنفيذيين في تحديد أولويات التنوع والمساواة والشمول بطرق لم تفعلها شركاتهم في الماضي، سيسعون إلى زيادة المساءلة الإدارية، ومن المحتمل استخدام المقاييس للاضطلاع بذلك. من خلال أخذ هذه الاعتبارات بعين الاهتمام، يمكنهم جعل هذه المقاييس أكثر جدوى وزيادة عوائد استثماراتهم في التنوع والمساواة والشمول.

ديريك آر. أفيري – إنريكا إن. راغز – لاريسا آر. غارسيا – هوراشيو دي. ترايلور – نويل لندن

ديريك آر. إيفري Derek R. Avery

ديريك آر. إيفري Derek R. Avery

أستاذ ورئيس كرسي سي. تي. باور C.T. Bauer للقيادة الشاملة في كلية سي. تي. باور للأعمال C.T. Bauer College of Business بجامعة هيوستن University of Houston.

إنريكا إن. راغز Enrica N. Ruggs

إنريكا إن. راغز Enrica N. Ruggs

أستاذة مشاركة في كلية سي. تي. باور للأعمال.

لاريسا آر غارسيا Lariss R. Garcis وهوراشيو دي. ترايلور Horatio D. Traylor

لاريسا آر غارسيا Lariss R. Garcis وهوراشيو دي. ترايلور Horatio D. Traylor

طالبا دكتوراه في الإدارة في كلية سي. تي. باور للأعمال.

نويل لندن Noelle London

نويل لندن Noelle London

الرئيسة التنفيذية ومؤسِّسة إيلومينوس Illoominus لتحليل البيانات التي تركز على التنوع والمساواة والشمول.

 

المراجع

المراجع
1 E.J. Kennedy, “Can Data Drive Racial Equity?” MIT Sloan Management Review 62, no. 2 (winter 2021): 9-11.
2 P. Newkirk, “Diversity, Inc.: The Failed Promise of a Billion-Dollar Business” (New York: Bold Type Books, 2019).
3 E.N. Ruggs and D.R. Avery, “Linking Good Intentions to Intentional Action,” MIT Sloan Management Review 62, no. 4 (summer 2021): 95-96.
4 D. Huff, “How to Lie With Statistics” (New York: W.W. Norton & Company, 1954).
5 P.F. McKay, D.R. Avery, and M.A. Morris, “A Tale of Two Climates: Diversity Climate From Subordinates’ and Managers’ Perspectives and Their Role in Store Unit Sales Performance,” Personnel Psychology 62, no. 4 (winter 2009): 767-791.
6 B.F. Reskin, D.B. McBrier, and J.A. Kmec, “The Determinants and Consequences of Workplace Sex and Race Composition,” Annual Review of Sociology 25 (1999): 335-361.
7 A.P. Lindsey, D.R. Avery, J.F. Dawson, et al., “Investigating Why and for Whom Management Ethnic Representativeness Influences Interpersonal Mistreatment in the Workplace,” Journal of Applied Psychology 102, no. 11 (April 2017): 1545-1563.
8 M.J. Gelfand, L.H. Nishii, and J.L. Raver, “On the Nature and Importance of Cultural Tightness-Looseness,” Journal of Applied Psychology 91, no. 6 (December 2006): 1225-1244.
9 A.N. Smith, M.B. Watkins, J.J. Ladge, et al., “Making the Invisible Visible: Paradoxical Effects of Intersectional Invisibility on the Career Experiences of Executive Black Women,” Academy of Management Journal 62, no. 6 (June 2019): 1705-1734.
10 “Google Diversity Annual Report 2022,” PDF file (Mountain View, California: Google, 2022), https://static.googleusercontent.com.
11 A. Luksyte, E. Waite, D.R. Avery, et al., “Held to a Different Standard: Racial Differences in the Impact of Lateness on Advancement Opportunity,” Journal of Occupational and Organizational Psychology 86, no. 2 (April 2013): 142-165.
12 F. Hanleybrown, L. Iyer, J. Kirschenbaum, et al., “Advancing Frontline Employees of Color: Innovating Competitive Advantage in America’s Frontline Workforce,” PDF file (Boston and Oakland, California: FSG and PolicyLink, January 2020), www.fsg.org.
13 P.F. McKay and D.R. Avery, “Warning! Diversity Recruitment Could Backfire,” Journal of Management Inquiry 14, no. 4 (December 2005): 330-336.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى