أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكاستراتيجياتمبيعات

الطريقة الصحيحة لمزج العملاء والتوفيق بينهم

العثور على أنماط طلبٍ تكميلية عبر قاعدة العملاء قد يساعد على تخفيف الارتفاعات والانخفاضات المكلفة.

”كلفة تَقلُّب الطلب Demand variability قد تقضي على أعمالكم“. يعكس هذا التقييم الفظ، الذي قدمه لنا أخيراً مدير المبيعات والتخطيط للعمليات في شركة مدرجة في قائمة فورتشن 500 (Fortune 500)، ما يعرفه المديرون بالفعل: من الممكن أن تدفع الارتفاعات في الطلب إلى ارتفاع تكاليف العمل الإضافي، ونفاد المخزون، وخسارة المبيعات، في حين أن التباطؤات تؤدي إلى خمول القدرة وزيادة المخزون زيادة مفرطة. وقد يكون وقع هذا التأثير من حيث مستويات خدمة العملاء– فضلاً عن صافي الأرباح– كبيراً. لكن كيف يتسنى للشركات أن تدير هذه التقلبية على أفضل وجه، ولاسيما عندما تنظر في تحديد أي من العملاء الجدد المحتملين ينبغي أن تستهدفهم؟

فلنتأمل هنا شركة تصنيع توسع قدرتها لإنتاج 20 وحدة إضافية كل شهر، وتلاحق عميلَين جديدين محتملين لهذا الناتج المتزايد. وكل من العميلين المحتملين لديه طلب يبلغ في المتوسط 20 وحدة شهرياً، لكن طلب العميل المحتمل (أ) ثابت، في حين أن العميل المحتمل (ب) متقلب بدرجة كبيرة. ويَعتبر المسؤولون التنفيذيون العميل المحتمل (أ) عميلاً مثالياً، لأن لديه طلباً ثابتاً يتطابق تماماً مع توسيع القدرة الذي تقترحه الشركة. لكن إلقاء نظرة فاحصة وشمولية على أنماط الطلب الكلي لقاعدة عملاء الجهة المصنعة سيكشف أن العميل (ب) متفوق: إنه يحتاج إلى مزيد من المنتجات في الأوقات التي يحتاج عملاء آخرون في محفظة الشركة إلى كميات أقل، ومن ثم تخفيف الطلب الإجمالي. (انظر: النظر في الطلب عبر مجمل محفظة العملاء).

يعكس هذا المثال المبسط طريقة أكثر تكاملاً لتحليل العملاء، وهي طريقة لا تأخذ في الاعتبار الزيادة المطلقة في المبيعات أو تقلبية الطلب لدى العميل الجديد فحسب، بل أيضاً التقلبية الكلية للمحفظة بكاملها، مع إضافة العميل الجديد. وحللنا أخيراً هذه المشكلة باستخدام قاعدة بيانات كبيرة من علاقات شبكات سلاسل التوريد.1N. Osadchiy, W. Schmidt, and J. Wu, “The Bullwhip Effect in Supply Networks,” Management Science, forthcoming. وتوضح الاستنتاجات التي توصلنا إليها أن نهج المحافظ Portfolio approach يمكن أن يساعد الشركات على إدارة تقلبية الطلب الكلي بشكل فعال. كما يمكن تطبيق نهج المحافظ في مرحلة الإنتاج أيضاً، مما يساعد الشركات على فهم كيف يؤثر طلبها في تقلبية الطلب الكلي لدى مورديها. وفي وسع الشركات أن تعمل مع مورديها على اتخاذ خطوات للحد من التقلبية من خلال تغيير جداول الطلبات، أو تعديل مستويات المخزون، أو اتخاذ تدابير أخرى.

ولكي نكون واضحين، فإن عديداً من الشركات تفعل هذا بالفعل، لكن بطريقة غير منهجية واعتباطية. وكما تُظهِر أبحاثنا، من الممكن لنهجٍ أكثر منهجية في المقابل أن يولد فوائد أكبر.

نهج المحافظ حين يعمل

يُستخدَم مفهوم المحافظ على نطاق واسع في سياقات أخرى. في مجال إدارة المنتجات والتسويق، تتحدد قيمة أي منتج جديد بناء على المنتجات الفعلية للشركة، وتصنِّف الشركات المنتج الجديد وفقاً لأوجه التكامل والتشابه بينه وبين العروض الموجودة بالفعل.2R.P. Rumelt, “Strategy, Structure, and Economic Performance” (Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press, 1974), xiv, 235; and K. Palepu, “Diversification Strategy, Profit Performance and the Entropy Measure,” Strategic Management Journal 6, no. 3 (July-September 1985): 239-255. وفي مجال التمويل، تُستخدَم نظرية محفظة الاستثمار لتحديد أسعار الأصول وإدارة الاستثمارات.ووفق نموذج تسعير الأصول الرأسمالية Capital asset pricing model المعروف، يتحدد سعر الورقة المالية Price of a security بناء على قابليتها للتغيّر وفقاً للعائد على محفظة السوق.3W.F. Sharpe, “Capital Asset Prices: A Theory of Market Equilibrium Under Conditions of Risk,” Journal of Finance 19, no. 3 (September 1964): 425-442. ومن ثم، لا تتحدد قيمة الورقة المالية في عزلة، بل في علاقتها بالأوراق المالية الأخرى القائمة كلها. 

وللنظر إلى تأثير نهج المحافظ في مثال فعلي على العمليات Operations، حلَّلنا العلاقات بين آلاف المؤسسات التي تشكل فيما بينها شبكة توريد. وضعنا الشركات في طبقات في الشبكة استناداً إلى قربها من المستهلكين النهائيين. وقد تكون شبكتنا للتوريد متعددة الطبقات، فتصل إلى تسع طبقات كحد أقصى. وتخدم الطبقاتُ السفلية للشبكة (بوجه عام، تجار التجزئة أو مصنِّعو المنتجات الاستهلاكية) المستهلكين النهائيين، في حين توفر الطبقاتُ العليا (بوجه عام، مصنعو المكونات أو المواد الخام) المدخلات Inputs.

وفي كل طبقة من طبقات الشبكة، وجدنا أن التقلبية بين الشركات تزداد مع انتقال واحدة منها إلى موقع أقرب من مرحلة الإنتاج– وهي ظاهرة تُعرف باسم تأثير السوط Bullwhip effect.4H.L. Lee, V. Padmanabhan, and S. Whang, “Information Distortion in a Supply Chain: The Bullwhip Effect,” Management Science 43, no. 4 (April 1997): 546-558. وبعبارة أخرى فإن الطلبات التي تقدمها الشركات إلى مورديها هي في المتوسط أكثر تقلباً من المبيعات التي تحققها مع عملائها.

لكن من الأهمية بمكان، على الرغم من ذلك، أن تأثير السوط لا ينطبق إلا على سلاسل التوريد التسلسلية Serial supply chains– أي السيناريوهات التي تتعامل فيها شركة واحدة مع مورد واحد، وهو ما يشكل تبسيطاً مفرطاً في كيفية عمل سلاسل التوريد فعلياً. لكن بالنظر إلى الطلب الكلي، تتضاءل التقلبية في واقع الأمر عندما يتحرك المرء في اتجاه الطبقات العليا من هرم سلسلة الإمداد. وقد يبدو هذا متناقضا مع المنطق: إذا كانت الطلبات الفردية أكثر تقلباً مع تقدمها إلى أعلى السلسلة، فلماذا تكون الطلبات الكلية أقل تقلباً؟ لأن مورّدي الطبقات العليا يخدمون محفظة من العملاء الذين يمكن لأنماط طلباتهم الفردية أن يُعادل بعضُها تأثيرات بعض بنحوٍ طبيعي.

الشركات تُطبق بالفعل هذا النهج بنحو غير منهجي 

لتسليط مزيد من الضوء على هذا الأمر، حللنا ثلاث استراتيجيات تستطيع الشركات بها تغيير محافظ عملائها: إضافة عميل جديد، أو تصفية عميل Divesting a customer، أو تبديل عميل آخر بعميل حالي. وفي عينة الشركات التي حللناها، أدت التدابير الثلاثة كلها إلى تخفيضات واضحة في تقلبية الطلب، تراوحت باستمرار بين 3 و16 نقطة مئوية، باستخدام مجموعة متنوعة من أساليب القياس. (وليس من المستغرَب أن تتحقق أكبر الفوائد في الشركات التي تتمتع بقدرة فائضة Excess capacity أكبر).

ومن الجدير بالملاحظة أن هذا الخفض أعظم كثيراً، مما قد تتمكن أي شركة من توليده من خلال أي تجميع عشوائي للطلبات. والمغزى الضمني الواضح هنا هو أن الشركات قادرة على اختيار العملاء وتشذيب مجموعة العملاء وفقاً لمساهماتهم في تقلبية الطلب الكلي. لكن حتى لو كانت بعض الشركات تستخدم بالفعل نهج المَحافظ، فقد يكون انتهازياً Opportunistic ومن دون إطار منهجي لتوجيه قراراتها.

ولتكملة تحليلنا الكمي، قابلنا مسؤولين تنفيذيين في أكثر من 20 شركة في الولايات المتحدة والصين لفهم كيفية استجابتهم لتقلبية الطلب بنحو أفضل. وأشار معظم هؤلاء إلى أنهم يقدمون حوافز Incentives للعملاء، لكن هذا يقتصر في كثير من الأحيان على الوقت الذي تتوافر فيه لديهم القدرة. وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في إحدى الشركات المصنعة- بحسب الطلب- الكبيرة لمعدات مناولة المواد في أمريكا الشمالية: ”لا نقدم حسوماً صريحة على الأسعار، لكننا نقدم تواريخ تسليم سابقة للعملاء الذين يقدمون طلبات شراء منتجات بما يتوافق مع قدرتنا المتاحة والمتوقعة“. وكشف مدير المبيعات العالمية في الصين لشركة إنتاج مواد خام كيميائية: ”عندما لا تكون القدرة الإنتاجية ضيقة المدى، ستشجع الشركة كثيراً من تقديم الطلبات والتي تُشحَن للعميل بسعر أرخص قليلاً للوحدة الواحدة“.

إعادة النظر في قيمة العملاء في المجموع

كما توضح هذه التعليقات، تشعر الشركات بصعوبة تحديات تقلبية الطلب أكثر عندما تكون على شكل قدرة غير مستغلة بالقدر الكافي، وهي على استعداد لتقديم حوافز مالية وتشغيلية للتخفيف من آثار هذه التحديات. لكن يبدو أن قِلة من الشركات تشكو من فترات يكون فيها الطلب أكثر مما ينبغي. وحقيقة أن الشركات تبدو أكثر إدراكاً لعيوب انخفاض الطلب، لكن ليس عيوب ارتفاع الطلب، تعني ضمنياً أنها قد لا تقدِّر بنحو كامل مدى ترابط هذه المسائل.

ولتطبيق هذا النهج بطريقة أكثر منهجية بهدف تخفيف تقلب الطلب ينبغي أن تفكر الشركات بطريقة مختلفة في عملائها، فتقيمهم من خلال كيفية ملاءمتهم للمحفظة الإجمالية بدلاً من قياس قيمة كل منهم على أساس مستقل. وبهذه الطريقة، يشير
تحليلنا إلى عديد من الخلاصات الأساسية– والمناقضة للمنطق:

خدمة العملاء
خدمة العملاء

● قد يكون من المفيد أن نبحث عن عملاء جدد يظهرون طلباً متقلباً، ما دام الطلب لا يرتبط ارتباطاً قوياً وإيجابياً بالطلب الكلي لقاعدة العملاء الفعليين للشركة.

● المبيعات المطلقة Absolute sales غير كافية لتقييم قيمة العميل. ولا بد من أن تحتسب مفاوضات التسعير والتعاقد كيف يؤدي تدفق الطلبات على منتجات الشركة إلى سلاسة في الطلب الكلي أو تضخيم العمل. ويتعين على الشركات تحديد العملاء الذين يقدمون قيمة مُخفاةً من خلال الطلب غير المتزامن، وتسعى للحفاظ عليهم، وأن تستجيب بالنحو اللائق للعملاء الذين يضخمون الحد الأعلى للطلب للشركة.

● وينبغي لخطط التسعير المتدرجة Scaled pricing schemes أن تضع في الحسبان توقيت الطلب وليس مجرد حجم الطلب.

● ومن الممكن أن تعمل الاتفاقيات التشغيلية Operational agreements المبدعة، بما في ذلك نوافذ الوفاء Fulfillment windows المرنة واتفاقيات التسليم المتسامحة مع التأخير، على دفع العملاء إلى تعديل توقيت طلبهم وتوليد قيمة Create value أكبر لكل من الشركة والعميل.

وبوسع الشركات تعزيز هذه النظرة إلى المحفظة من خلال إعادة تحليل محفظة عملاء الشركة وإعادة موازنتها دورياً لتقييم كيفية مساهمة كل عميل في المحفظة بالكامل. وهذا مهم بصورة خاصة عندما تتبنى الشركات مبادرات استراتيجية جديدة، مثل إجراء تغييرات كبيرة على خطوط المنتجات أو الدخول إلى الأسواق والخروج منها.

تطبيق نهج المحافظ على موردي المراحل العليا للإنتاج

إضافةً إلى تقييم عملائها، يتعين على الشركات أيضاً أن تعترف بأنهم يشكلون جزءاً من المحفظة التي تضم معظم مورديها، مما يجعل من نهج المحافظ ذا صلة بالمراحل العليا من الإنتاج، وكذلك المراحل الدنيا. ويتعين على الشركات أن تجري محادثات صريحة مع مورديها حول الكيفية التي قد تؤدي بها طلباتهم إلى تفاقم تقلبية الطلب– وكيف يمكن تخفيف هذا الأمر على النحو الذي يفتح المجال أمام كل من الطرفين لتوليد القيمة. ومن شأن هذا النوع من الحوار التعاوني أن يؤدي إلى فرص مثيرة للاهتمام.

مثلاً هناك عديد من الشركات التي لديها موردون يعانون أحياناً لتقديم مستويات الخدمة المطلوبة وأداء التسليم في الوقت المحدد. وفي هذه المواقف تكون المحادثة حول محفظة عملاء الموردين وثيقة الصلة -بصورة خاصة- ويمكنها تحويل محادثة مشحونة حول فشل أخير في الخدمة إلى محادثة منتجة قائمة على تقديم الحلول.

وتحديداً من الممكن لأي شركة أن تخفف من تقلب الطلب على المُورِّد من خلال تغيير توقيت الطلبات. ومن الممكن أن تحدد المناقشة الصريحة قيمة الاضطلاع بذلك، إلى جانب إنشاء وسيلة لتشارك هذه القيمة بين الشركة والمورد. كذلك فإن مستويات الخدمة وتحقيق الإنجاز هي الأخرى موضع نقاش. وبالنسبة إلى شركة صغيرة تتعامل مع مُورد كبير، من الممكن لهذه المحادثات تحويل ديناميكية القوة وتمنح المشتري مزيداً من النفوذ التفاوضي؛ ومن المحتمل أن يصبح عميلاً أكثر قيمة (ويقلل من تكاليفه الخاصة في هذه العملية) من خلال السماح لطلباته أن تتقلَّب.

خلافاً للمشكلات الأكثر وضوحاً التي تتطلب اهتماماً تنفيذياً، من الممكن لتقلب الطلب– الموجود دوما– أن يشكل استنزافاً مستتراً لربحية الشركة. وفي الأغلب يتوارى التقلب عند إعداد التقارير استناداً إلى المتوسطات Averages أو المجاميع Sums: متوسط استخدام القدرة Average capacity utilization، ومتوسط المبيعات اليومية Average daily sales، وإجمالي الإنتاج ربع السنوي Total quarterly production، ومقاييس مماثلة. ونتيجة لهذا فإن أي شركة ربما تحقق أعلى أهداف إيراداتها Top-line revenue targets لكنها لا تحقق أي مكاسب من حيث الربحية Profitability.

إن التفكير في العملاء والموردين وفق الترتيب الوارد في ”سلسلة“ تسلسلية من سلاسل التوريد مفهوم عفا عليه الزمن، وقد يؤدي إلى إغفال الشركات عن الفرص الكبيرة في سعيها إلى تخفيف التقلبية في الطلب. وبدلاً من ذلك، ينبغي للمسؤولين التنفيذيين أن يفكروا في عملائهم باعتبارهم عناصر في محفظة، وأن يقيموا التغييرات التي تطرأ على هذه المحفظة من حيث التأثير في الطلب الكلي. وفي الوقت نفسه يتعين على الشركات أن تفهم كيف أنها هي نفسَها تمثل جزءاً من محفظة الموردين من العملاء، وأن تستكشف السبل الكفيلة بتغيير طلبها لمساعدة المورد في إدارة الطلب. وبتطبيق هذا النهج على المراحل العليا أو الدنيا من الشبكة، تستطيع الشركات توليد قيمة كبيرة.

ويليام شميت William Schmidt

ويليام شميت William Schmidt

أستاذ مساعد في كلية إس سي جونسون للأعمال SC Johnson College of Business بجامعة كورنيل.

نيكولاي أوسادكي Nikolay Osadchiy

نيكولاي أوسادكي Nikolay Osadchiy

أستاذ مشارك في مدرسة غويزيتا للأعمال Goizueta Business School بجامعة إموري.

جينغ وو

جينغ وو

أستاذ مساعد في مدرسة الأعمال Business School بجامعة هونغ كونغ الصينية. للتعليق على هذا الموضوع: http://sloanreview.mit.edu/x/62409.

المراجع

المراجع
1 N. Osadchiy, W. Schmidt, and J. Wu, “The Bullwhip Effect in Supply Networks,” Management Science, forthcoming.
2 R.P. Rumelt, “Strategy, Structure, and Economic Performance” (Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press, 1974), xiv, 235; and K. Palepu, “Diversification Strategy, Profit Performance and the Entropy Measure,” Strategic Management Journal 6, no. 3 (July-September 1985): 239-255.
3 W.F. Sharpe, “Capital Asset Prices: A Theory of Market Equilibrium Under Conditions of Risk,” Journal of Finance 19, no. 3 (September 1964): 425-442.
4 H.L. Lee, V. Padmanabhan, and S. Whang, “Information Distortion in a Supply Chain: The Bullwhip Effect,” Management Science 43, no. 4 (April 1997): 546-558.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى