أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
نماذج أعمال

متى تكون خسارة المال استراتيجية – ومتى لا تكون كذلك

تحليل بسيط لاقتصادات الوحدات– يجري تجاهله في الأغلب– قد يساعد رواد الأعمال على أن يعرفوا، في وقت مبكر، ما إذا كانوا يتوجهون إلى خسائر فادحة.

أسست شركة أوفو Ofo لتَشارُك ركوب الدراجات في العام 2014 بواسطة أعضاء من أحد نوادي ركوب الدراجات الهوائية التابعة لجامعة بكين Peking University من دون أي قدر من الضجة الإعلامية. وفي البداية ركز الأعضاء على السياحة بالدراجات، لكنهم سرعان ما تحولوا إلى ما اعتبروه الجائزة الأكبر: تطبيق لتَشارُك ركوب الدراجات. وفي السنوات الثلاث التالية، انفجر نمو الشركة. بحلول العام 2016 كانت أوفو تدير أسطولاً من 85,000 دراجة هوائية في الصين، وسرعان ما بدأت في فتح مواقع في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الهند وأوروبا وأستراليا والولايات المتحدة. وستجمع الشركة في نهاية المطاف مبلغاً مذهلاً يساوي بليوني دولار في هيئة تمويل. لكن بحلول العام 2018، وفي مواجهة منافسة شديدة وإجهاد أصاب التدفق النقدي، نظر قادتها في التقدم بطلب لإعلان الإفلاس عدة مرات. وبعد مرور سنة، توقفت أوفو عن العمل.

ما الخطأ الذي حدث؟

ركزت أوفو، مثلها في ذلك كمثل عديد من المشروعات الجديدة– خاصة تلك المشروعات التي يدعمها رأس المال الاستثماري Venture capital– على النمو في سنواتها المبكرة. وهذا يعني في كثير من الأحيان أن أي مشروع سيخسر المال. وهذا ليس بالأمر غير المتوقع بطبيعة الحال في أي شركة ناشئة Startup، لكن السؤال الرئيس هو ما إذا كانت خسائر كهذه صحية أو غير صحية.

وإذا كان نموذج الأعمال Business model يتوقع توليد قيمة والاحتفاظ بها Creating and capturing value في آنٍ واحد، تحدث الخسائر فقط لأن رواد الأعمال Entrepreneurs يستثمرون في النمو والتوسع. وبمرور الوقت وبحجم كبير، لا بد أن تعالج الخسائر نفسها بنفسها. فهذه خسائر صحية.

لكن إذا كان نموذج الأعمال مَعيباً في الأساس وفشل في الاحتفاظ بجزء من القيمة التي يولدها، فلن يُحول التوسع الخسائرَ إلى أرباح. وخلافاً للتفكير التقليدي، فلأغلب رواد الأعمال لن ينجح النهج المتبع في استيعاب الخسائر عاماً بعد عام من خلال توجيه نمو الإيرادات Revenue growth. وكما اكتشفت أوفو، قد يكون ذلك مساراً إلى فشل مؤكد.

لكن هناك تحليلاً بسيطاً، غير أنه يُتجاهَل في الأغلب، يمكن أن يساعد رواد الأعمال على تحديد ما إذا كانوا يدفعون نحو خسائر صحية أو غير صحية: اقتصادات الوحدات Unit economics (اختصاراً: الاقتصادات UE) أو هامش المساهمة لكل وحدة Contribution margin per unit. وهذا يُحتسَب بأخذ الإيرادات المتوقعة للوحدة قيد النظر مع طرح التكلفة التي تتحملها الشركة من عرض تلك الوحدة. ويتلخص التبصر الأساسي هنا في أن تحديد الشركة السعرَ بما يتجاوز التكلفة التي يمكن تجنُّبها Avoidable costs يجعل الأحجام الأكبر تؤدي إلى ربحية في الأعمال؛ وإذا كان السعر أدنى من التكلفة التي يمكن تجنُّبها، حتى الإيرادات المرتفعة ستفشل في الأغلب في منع الخسائر المرتفعة.

قد يبدو التقييم واضحاً، لكن تحليل اقتصادات الوحدات UE لا يشكل عادة جزءاً من عديد من مشروعات الأعمال الجديدة، التي تركز في الأغلب على نمو الإيرادات أو عدد المستخدمين أو تنزيلات التطبيقات أو الزوار اليوميين الفريدين Unique daily visitors. لكن النظر بعناية في اقتصادات الوحدات مفيد بصورة خاصة لمشروعات ريادة الأعمال العالية النمو التي تستثمر بكثافة في النمو وتسبب خسارة الأموال على مستوى الشركة. ومن الصعب في مشروعات كهذه تقييم الصحة الأساسية للأعمال، لأن من الصعب التمييز بين الخسائر التي قد تنشأ بسبب الاستثمارات المُجراة مقدماً لتوليد النمو في المستقبل والخسائر التي قد تنشأ نتيجة لمشكلات جوهرية تتعلق بنموذج الأعمال. كذلك تُعتبَر اقتصادات الوحدات UE حاسمة لمديري الشركات الراسخة الذين يسعون إلى تجديد وحدات أعمالهم وتوسيعها من خلال ابتكار نموذج للأعمال. وحتى بالنسبة إلى المشروعات التي تطبق اقتصادات الوحدات UE في عملية اتخاذ القرار، لا تضطلع الأغلبية بذلك بنمط منتظم، وفي الأغلب لا تحدد وحداتها بدرجة كافية من التفاصيل للحصول على التبصرات الحقيقية التي يمكن أن تقدمها اقتصادات الوحدات UE.

من خلال الفهم الجيد لاقتصادات الوحدات UE، سيكون من الواضح ما إذا كانت الشركة تحرق ببساطة النقود على أساس المدى القريب من أجل التوسع، لكنها ستصبح في النهاية مربحة، أو إذا كان نموذج الأعمال مَعيباً بنحو أساسي. ويمكن لتحليل اقتصادات الوحدات UE أن يحُول دون توسع المشروع إلى أن يحدد القادة كيف ومتى سيتمكنون من الاحتفاظ بجزء من القيمة التي يولدونها باستخدام منتجاتهم أو خدماتهم. وفي هذا الموضوع سنشرح كيف يمكن لرواد الأعمال والمستثمرين والمديرين التفكير بنمط منهجي في استخدام اقتصادات الوحدات UE لتقييم قابلية نموذج الأعمال للاستمرار في المدى البعيد باستخدام ثلاثة اختبارات: اختبار النطاق Scale test، واختبار مصادر الإيرادات Sources of revenue test، واختبار القيمة المقترحة Value proposition test. ومن خلال هذه الاختبارات يمكن أن تساعد اقتصادات الوحدات UE في توضيح ربحية العمل على مستوى الوحدة Unit level، والتي بدورها يمكن أن تقدم تبصرات حاسمة حول ما إذا كان يجب توسيع الأعمال ومتى وكيف. ويمكن للفهم الشامل لاقتصادات الوحدات UE أن يقطع شوطاً طويلاً نحو ضمان النجاح في تطبيق نماذج الأعمال المبتكرة.

المشكلة

مما يدعو إلى الأسف أن قصة الصعود والسقوط السريعين لمشروع جديد كان واعداً ذات يوم، مثل أوفو، ليست نادرة الحدوث. فقد اتخذ عدد من الشركات الناشئة البارزة ذات نماذج الأعمال المبتكرة خيارات ضعيفة على صعيد التسعير وتخصيص الموارد بسبب سوء فهم أساسي للعواقب البعيدة المدى لنموذج أعمالها. ولو كان لديها فهم أفضل لاقتصادات الوحدات والتداعيات البعيدة المدى المترتبة على وجود قيم سلبية لاقتصادات الوحدات UE في وقت مبكر من حياة المشروع، لربما تجنبت ذلك المصير.

فلنتأملْ هنا موفي باس MoviePass، وهي خدمة اشتراك لمحبي السينما أسست في الولايات المتحدة في العام 2011.1R. Casadesus-Masanell and K. Elterman, “Business Model Innovation (B1): MoviePass Flops,” Harvard Business School case no. 721-404 (Boston: Harvard Business School Publishing). وقلما ولدت شركات ناشئة ذلك النوع من الضجيج الذي تمتعت به موفي باس في سنواتها الأولى. وعرضت الشركة تذكرة “مفتوحة” لمشاهدة الأفلام: في مقابل 50 دولاراً شهرياً، تلقى المشتركون قسائم يمكنهم تقديمها لدخول غير محدود إلى دور السينما.

وبعدما اشتكى المشتركون من أن القسائم لم تقبلها الدُّور، سرعان ما أصدرت الشركة بطاقات حسم لهم. لكنها فشلت في تأمين خصومات أو عمولة على مبيعات التذاكر من سلاسل دور السينما الكبرى، ومن ثم انتهت بها الحال إلى دفع السعر الكامل للتذاكر. وكان هدف موفي باس بناء قاعدة ضخمة من المشتركين، ثم بيع البيانات لاستوديوهات الأفلام وغيرها من الجهات المعلنة، مثل المطاعم الواقعة بالقرب من دور السينما. وخفضت سعر الخدمة، ما سمح للمشتركين بمشاهدة فيلم ثنائي الأبعاد واحد في اليوم، إلى ما بين 25 دولاراً و40 دولاراً في الشهر، بحسب الموقع. ومع هذا التسعير افترضت موفي باس أن بعض العملاء سيستخدمون الاشتراك بنحو غير متكرر، ما يمكِّن الشركة من أن تحقق هامش مساهمة على اشتراكاتهم. لكن في واقع الأمر لو شاهَد المشتركون فيلماً واحداً فقط في الأسبوع في المتوسط فستخسر الشركة أموالها.

ولمكافحة خسائرها، جددت الشركة تركيزها على النمو، وفي العام 2017 أطلقت أكثر تسعيرها الأكثر شراسة: 9.95 دولار شهرياً لفيلم ثنائي الأبعاد واحد يومياً. ونتج عن ذلك نمو سريع، إذ زاد عدد المشتركين من 12,000 إلى 400,000 في غضون شهر واحد. لكن، اعتماداً على الموقع، كانت موفي باس تدفع ما بين 8.97 دولار و12 دولاراً كل مرة يشاهد فيها مشترك فيلماً. وربما كان ينبغي أن تفترض أن مرتادي الأفلام بتواتر (أولئك الذين يشاهدون أكثر من فيلم في دار السينما في الشهر) سيشكلون جزءاً كبيراً من قاعدة المشتركين. وعلى الرغم من أن مشجعي الأفلام هؤلاء يمثلون 12% فقط من سكان الولايات المتحدة وكندا، فإنهم يمثلون 49% من تذاكر الأفلام المَبيعة.2“2017 THEME Report,” PDF file (Los Angeles: Motion Picture Association of America, 2018), www.motionpictures.org, 5. وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، جربت موفي باس مخططات تسعير متعددة، لكنها لم تتمكن من الاستقرار على خطة جذابة للعملاء ومربحة للشركة. وفي غياب تحليل لاقتصادات الوحدات UE واضح يمكن الاستدلال به، لم تتمكن موفي باس من إيجاد التوازن الصحيح بين النمو والربحية.

ثلاثة اختبارات حاسمة لاقتصادات الوحدات

بدأت موفي باس في نزيف المال وتجاوزت الخسائر النقدية 20 مليون دولار. وفي سبتمبر 2019 انسحبت الشركة، وأوقفت خدماتها بنحو دائم. فمع اقتصادات الوحدات UE غير المواتية هذه، كان ذلك أمراً حتمياً. وتمكن التحليل الدقيق من الكشف عن أن نهج الحركة في التعامل مع الأعمال لم يجتز أياً من اختبارات اقتصادات الوحدات UE الحاسمة الثلاثة:

اختبار النطاق Scale test: إذا كان هناك حجم كافٍ Enough volume، أو اقتصادات الحجم/التجربة، أو القدرة على المساومة مع الموردين، فستكون تكلفة الوحدة لدينا منخفضة بالقدر الكافي.

اختبار مصادر الإيرادات Sources of revenue test: بالحجم الكافي، سنطلق العنان لمصادر إضافية للإيرادات.

اختبار القيمة المقترحة Value proposition test: مع زيادة الحجم، سيصبح عرضُنا أكثر جاذبية للعملاء، مما سيسمح بتحسين تحقيق الدخل Monetization.

وإليكم ما كان من الممكن أن تكشف عنه هذه الاختبارات الثلاثة لموفي باس:

اختبار النطاق: يبدو أن الافتراض الرئيس تمثَّل في أنه إذا ما تمكنت موفي باس من أن تجلب عدداً كبيراً بما فيه الكفاية من المشاهدين، فسيكون المشغلون على استعداد لبيع المقاعد غير المشغولة إلى ”موفي باس“ بحسم كبير يقل عن أسعارهم العادية.

فالمشتركون الإضافيون هم جذابون للمشغلين، إذ إن لديهم مقاعد متاحة للاستخدام بتكلفة هامشية تبلغ تقريباً الصفر. ولكن، لم يكن من الصعب على المشغلين إنشاء نسخهم الخاصة من موفي باس وجني هذه المنافع مباشرة، من دون وسيط. كذلك خشي المشغلون أيضاً على الأرجح من فقدان السيطرة على علاقاتهم مع مرتادي دور السينما، وفقدان القدرة على تشكيل المعاملات Transactions معهم (مثل التجربة استراتيجيات التمايز في الأسعار Price discrimination).

اختبار مصادر الإيرادات: يبدو أن موفي باس افترضت أن البيانات التي جُمِعت عن المشاهدين ستصبح في نهاية المطاف ذات قيمة كافية للمعلنين لكي يكونوا على استعداد لدفع مبالغ كبيرة للوصول إليها. غيرَ أن عدداً كبيراً من المشتركين لم يرغبوا في دفع ثمن البيانات عن مشترك معين. ومن ثم فإن المكاسب في الحجم، في معظم الأحيان، الناتجة عن انخفاض الأسعار، لم تساعد في زيادة إيرادات البيانات لكل مشترك.

اختبار القيمة المقترحة: في حالة موفي باس، لم تكن هناك أي تأثيرات شبكية Network effects أو ارتباطات Lock-ins واضحة من شأنها أن تؤدي إلى زيادات محتملة في الأسعار في المستقبل.

وباختصارٍ لم يكن من المرجح أن تُترجَم قيمة اقتصادات الوحدات UE غير المواتية في مرحلة مبكرة من حياة موفي باس إلى ميزة تنافسية Competitive advantage مستدامة في المستقبل، ولم تتمكن الشركة من إيجاد مسار لتحويل اقتصادات الوحدات UE السلبية إلى إيجابية. وعلى هذا كان مصيرها الفشل.

كيف يمكن للمديرين استخدام اقتصادات الوحدات

من الممكن أن تساعد اقتصادات الوحدات في توجيه القرارات الحاسمة القادرة على إحداث الفارق بين النجاح والفشل، لكن- في هذا الصدد- لا يوجد نهج موحد للشركات يصلح لجميع الشركات. وعلى مستوى بسيط نحدد قيمة اقتصادات الوحدات UE كإيراد متوقع للوحدة قيد النظر ونطرح منها التكلفة Costs التي تتحملها الشركة من عرض هذه الوحدة. لاحظوا أننا نميز بين التكلفة الثابتة Fixed costs (غير الحساسة للحجم) والتكلفة التي يمكن تجنبها Avoidable costs (التكلفة التي يمكن للشركة تجنبها إذا لم تُعرَض هذه الوحدة أو تُخدَم). نناقش بعض أفضل الممارسات أدناه، لكن يجب على المديرين التفكير في النهج الصحيح لشركتهم ومنتجاتهم.

حدِّدوا اقتصادات الوحدات بعناية Define the unit in UE carefully. إن اختيار الوحدة المناسبة للتحليل هو عامل رئيس. ويمكن للشركة أن تفكر في اقتصادات الوحدات UE حول منتجات جديدة أو موجودة أو عملاء جدد أو موجودين أو وحدات تشغيل Operating units جديدة أو موجودة (مثل مطعم أو منفذ للبيع بالتجزئة) أو مجموعة منها. ويمكن أن يكون التحليل مفيداً بنحو خاص عندما يعتمد النمو على تأثيرات الشبكة. (انظر: اقتصادات الوحدات في أعمال المنصات المتعددة الجوانب).

وتتوقف الوحدة المناسبة للنظر فيها والتكلفة التي ستُدرَج في الحساب على المسألة قيد النظر. مثلاً إذا كانت الإدارة تفكر فيما إذا كانت ستواصل عرض منتَج موجود على شريحة Customer segment معينة من العملاء، فإن الوحدة الصحيحة التي يجب فحصها هي العميل المتوسط في تلك الشريحة. ويجب أن تتضمن العملية الحسابية إيرادات مشتقة Revenue derived من ذلك العميل على مدار فترة العمر المتوقع للعلاقة مع طرح التكلفة التي يمكن للشركة تجنبها إذا اختارت التوقف عن خدمة ذلك العميل. ومن ناحية أخرى، عند التفكير في إطلاق منتج جديد، يجب أن يتضمن حساب التكلفة أيضاً تكلفة اكتساب العملاء، إذ يمكن تجنبها قبل إطلاق المنتَج. أو حينما تفكر شركة عند الطلب مثل واشيو Washio (خدمة غسل تعتمد على تطبيق) في البدء في منطقة جديدة، فإن الوحدة الصحيحة للتحليل هي المدينة المستهدفة: الإيرادات المتوقعة في المدينة، مع طرح التكلفة كلها التي ينطوي عليها إعداد الأعمال وعرض الخدمات في ذلك الموقع.3R. Casadesus-Masanell and K. Elterman, “Business Model Innovation (B2): Washio Fades,” Harvard Business School case no. 721-406 (Boston: Harvard Business School Publishing).

ويمكنكم أيضاً النظر في ربحية Profitability كل منفذ من منافذ الأعمال التي تحتاج إلى وجود جغرافي في كل سوق محلية؛ ويُحتسَب ذلك كإيرادات لهذا المنفذ مطروحة منها التكلفة كلها (الثابتة والمتغيرة) المتكبَّدة في ذلك المنفذ.

اقتصادات الوحدات في أعمال المنصات المتعددة الجوانب
في ظل وجود تأثيرات شبكية قوية، يجب أن تفكر الجهات المشغلة للمنصات المتعددة الجوانب multisided platforms (MSPs) في أن تكون حازمة بنحو خاص في المراحل الأولية. وهذا من شأنه أن يساعدها في تنمية قاعدة مستخدميها وإشعال شرارة حلقة التغذية الراجعة الإيجابية التي من شأنها أن تُميَّز عروضها عن عروض المنافسين، وأن تقيم الحواجز أمام المنافسة، حتى لو كان ذلك يعني العمل في ظل اقتصادات وحدات UE سلبية فترة من الزمن.

وإذا أدت التأثيرات الشبكية القوية وغير المعرقَلة إلى أجحام السوق إلى كفة دون الأخرى Market tipping – وهي ديناميكية يحصل فيها الفائز على كل شيء أو معظم الأشياء، وتحدث عندما تعمل التأثيرات الشبكية بنمط فاعل على نحو خاص، مما يولِّد قيمة كبيرة في كل تكرار. وبمرور الوقت، يصبح منتج المنصة المتعددة الجوانب MSP أو خدماتها مرغوباً فيها على نحو متزايد أكثر من البدائل، ويصبح هذا في نهاية المطاف هو العرض المهيمن على السوق. بحصة تعادل 55% من أنظمة الدفع عبر الإنترنت كلها في الولايات المتحدة و337 مليون مستخدم نشط في العام 2020، تُعَد باي بال PayPal مثالاً جيداً. فمع قبول مزيد من التجار لباي بال، تزداد قيمة امتلاك المتسوقين حساباً في باي بال. وعلى نحو مماثل تنمو قيمة قبول التجار باي بال مع عدد المتسوقين الذين لديهم حسابات في باي بال.

ومن المهم أن ندرك أنه من المحتمل أن تجتاز المنصة الفائزة اختبارات اقتصادات الوحدات UE الثلاثة. والنجاح في اختبار النطاق هو نتيجة مباشرة لحصة السوق الكبيرة للمنصة الرابحة، ما يؤدي إلى استغلال وفور الحجم والقدرة على المساومة مع الموردين. وتؤدي إضافة جوانب إضافية إلى المنصة- بعد أن تكون وظيفة المنصة المتعددة الجوانب MSP الأساسية هي في وضعية مُهيَّأة- ستدفع نحو تحقيق نتائج إيجابية لاختبار ”مصادر الإيرادات“. وأخيراً فإن اجتياز اختبار القيمة المقترحة هو نتيجة للتأثيرات الشبكية، وهو جزء أساسي من كل منصة متعددة الجوانب؛ مع زيادة عدد المستخدمين في أحد الجوانب، تستفيد الأطراف الأخرى منه، ومن ثم تزيد قيمة المنصة، والعكس صحيح.

ولأن الفوز بالسوق يزيد من احتمال نجاح المنصات المتعددة الجوانب في نهاية المطاف في اجتياز اختبارات اقتصادات الوحدات الثلاث، فإن نصيحتنا إلى المنصة المتعددة الجوانب MSP هي أن تكون مندفعة Aggressive في وقت مبكر، حتى لو كان ذلك يعني أن اقتصادات الوحدات UE سلبية جداً. وعلى الرغم من هذه النصيحة هناك مشكلات يجب على الجهات المشغلة للمنصات أن تأخذها في اعتبارها إذا اختارت الكفاح باندفاع من أجل الحصول على حصة من السوق. أولاً، هناك مسائل نفاد صبر المستثمرين ونفاد أموالهم. ثانياً، وربما الأكثر أهمية، مع انخفاض أسعار العروض الترويجية والحوافز اللازمة لتنمية المنصة، يغدو من الصعب تقييم الاهتمام الحقيقي بمنتجات المنصة أو خدماتها والطلب المحتمل عليها، وذلك عندما يصبح لزاماً على المنصات المتعددة الجوانب MSP أن تتحول إلى وضعية تحقيق الدخل من خلال رفع الأسعار ووقف العروض الترويجية والحوافز التمهيدية.

استخدِموا طرقاً متعددة لجمع البيانات Triangulate. من المفيد النظر إلى قابلية الأعمال للاستمرار Viability of a business من منظور وحدات Multiple units. مثلاً هناك أكثر من 270 مركزاً في مستشفيات -160 مدينة في أربعة بلدان تمتلكها نيفرو بلاس NephroPlus، وهي شركة تعمل في الهند توفّر خدمات الغسل الكُلوي للمرضى المصابين بمرض كلوي في المرحلة النهائية. قد ترغب نيفرو بلاس في التفكير في الربحية Profitability لكل مريض (على مدى عمر هذا المريض)، ولكل علاج (جلسة غسل الكُلى الفردية)، ولكل مركز. وإذا كانت الرسالة الواردة من تحليل ربحية الوحدات المتعددة إيجابية باستمرار، يمكن أن تكون الإدارة أكثر ثقة بصرامة نموذج الأعمال. وإذا كانت لوحدة معينة اقتصادات وحدات UE سلبية، يساعد هذا التمرين على تحديد الإجراءات التصحيحية لتحويلها إلى اقتصادات وحدات إيجابية.

افهموا التسلسل الهرمي للوحدات Understand the hierarchy of units. لأغراض عملية، في الأغلب يُساوي رواد الأعمال والمديرون بين هامش المساهمة على مستوى الشركة Company-level contribution margin واقتصادات الوحدات. على السطح يبدو هذا معقولاً، لكن هامش المساهمة كما هو مبين في تقرير الأرباح والخسائر P&L هو مؤشر مضلل لاقتصادات وحداتUE حقيقية. ويجب حساب هامش المساهمة على مستوى الوحدة ذات الصلة؛ في الأغلب يكون متوسط هامش المساهمة لخط الأعمال Line of business أو الشركة بكامله مجمعاً إحصائياً، فلا يكون مفيداً في توجيه عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية على مستوى سوق المنتجات.

ومستوى أساسي، يوجد المنتج Product- مثلاً الوجبة في مطعم. وإذا لم تكن اقتصادات الوحدات مناسبة على مستوى المنتج، قد تأمل الشركة الحصول على عوائد إيجابية من الخدمات الإضافية (مثل أمل موفي باس في كسب ربح من الإعلانات أو من البيانات وإن كانت تخسر المال من بيع التذاكر)، لكنها في الأغلب تتعرض لمتاعب مالية: ويكاد يكون من المؤكد أن الحجم الإضافي سيجلب خسائر إضافية. وبعد ذلك، على افتراض أن اقتصادات الوحدات UE مناسبة على مستوى المنتج المتوسط، يجب أن تضمن الإدارة أنها محبّذة على مستوى العميل. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إيجاد طرق لإجراء العميل مزيداً من المعاملات (تناوُل مزيد من الوجبات مثلاً) أو الوصول إلى معدل إلغاء الخدمة Churn rate أقل، أو من خلال خفض تكلفة اكتساب العملاء. وقد يؤدي حجم أكبر لكل عميل إلى الحصول على اقتصادات وحدات UE مناسبة على هذا المستوى. وأخيراً قد تكون هناك حالات تكون فيها لكل من ”الوجبة“ و”العميل“ اقتصادات وحدات UE إيجابية، لكن للمطعم الفردي اقتصادات وحدات UE سلبية. ومن المرجح أن يعود ذلك إلى تكلفة ثابتة إضافية، مثل التأمين، والإيجار، والمرافق، ومرتبات موظفي موقع فرع معيّن. ولكي تكون اقتصادات الوحدات UE إيجابية، لا بد من أن يولِّد المطعم حجماً إضافياً. وعلى مستوى الشركة، وإذا أشارت اقتصادات الوحدات UE إلى احتمال ضعف الأداء المالي على المدى البعيد، فيمكن استخدام فهم واضح لاقتصادات الوحدات UE -على مستويات مختلفة (الوجبة والعميل والمنفذ (فرع Outlet)- كدليل للإجراءات الإدارية. وإذا كانت قيمة اقتصادات الوحدات UE لوحدة معينة أقل من الصفر، ومن المتوقع أن يستمر ذلك في المستقبل، فمن الواضح أن الشركة ستكون أفضل حالاً بعدم عرض هذه الوحدة على الإطلاق.

اجعلوا افتراضاتكم واضحة واختبروها بتجارب صغيرة الحجم Make your assumptions explicit, and test them with small-scale experiments. كما يقترح النهج القائم على الاكتشاف في نماذج الأعمال، يفترض رواد الأعمال والمديرون عدداً من الافتراضات عندما يصممون نماذج الأعمال في حالات عدم اليقين Uncertainty، مثل الأسعار التي يكون العملاء على استعداد لدفعها في مقابل عرض Offering المنتج أو الخدمة؛ هياكل تكلفتها Cost structures (الثابتة والمتغيرة) لتقديم العرض إلى العملاء؛ وردود الفعل المحتملة للمنافسين والمؤسسات الأخرى في المنظومة الإيكولوجية (مثل سلاسل دور السينما، في حالة موفي باس).4R.G. McGrath, “Business Models: A Discovery Driven Approach,” Long Range Planning 43, no. 2-3 (April-June 2010): 247-261. وفي حالات مرتفعة عدم اليقين بسبب محدودية المعلومات، لابد أن يبدأ رواد الأعمال والمديرون بإجراءات صغيرة النطاق (وفي وسعنا أن نطلق عليها التجارب) على أساس الافتراضات، لأنهم في كثير من الأحيان لا يتمتعون بترف الانتظار للحصول على معظم المعلومات ذات الصلة. وإضافةً إلى ذلك، ستظهر معلومات جديدة مع كل إجراء. ونحن نحض رواد الأعمال بشدة على أن يكونوا صريحين بشأن افتراضاتهم، وأن يوثقوها، وأن يستخدموا كل تجربة لاختبار افتراض واحد أو أكثر منها.

خذوا بعين الاعتبار سيناريوهات ديناميكية Consider dynamic scenarios. في كثير من الصناعات الحديثة، ولاسيما الصناعات التي تتطلب تكنولوجيا كثيفة، يمكن أن تتغير الظروف بسرعة. ولا يكون أي تحليل لاقتصادات الوحدات UE صالحاً إلا في وقت معين، وفي سياق معين. ويمكن أن تتذبذب الأسعار بمرور الوقت بسبب زيادة المنافسة؛ قد تزداد التكلفة بسبب ندرة الموارد، وقد ينتقل العملاء إلى عروض أحدث. وسيؤثر أي من هذه السيناريوهات في تحليل اقتصادات الوحدات. مثلاً:

● من الممكن أن تنخفض تكلفة الأجهزة الإلكترونية بنمط حاد مع زيادة أحجام الإنتاج. في الأغلب تسعِّر شياومي Xiaomi، العلامة التجارية للهواتف المحمولة الصينية، نماذجها الجديدة بأقل من التكلفة، وتعتمد على وفور حجمٍ مجربة في السوق، إذ يستجيب العملاء بنحو إيجابي لهواتفها المنافسة من حيث السعر.

● مع نمو التجارة الإلكترونية E-commerce في مختلف أنحاء العالم، فإن المنافسة المتزايدة على موظفي التوصيل ترفع من قيمة أجورهم. وهذا من شأنه أن يفرض ضغوطاً على تكلفة الإنجاز Fulfillment costs، التي أصبحت مرتفعة بالفعل بسبب ارتفاع تكلفة التسليم في المرحلة الأخيرة. وقد يندهش رواد الأعمال والمديرون الذين لا يأخذون هذا السيناريو الديناميكي في الحسبان عندما تنخفض الأرباح عن المتوقع، أو حتى وقوع خسائر.

● قد يكون هناك أيضاً قدر كبير من عدم اليقين مع مواجهة بعض المؤسسات للحدود التنظيمية Regulatory boundaries. مثلاً أن تُمنَع شركات طلب الركوب من العمل في بعض الدول، أو قد تواجه قيوداً كبيرة تدفع تكاليفها إلى الارتفاع.

كيف تكشف اقتصادات الوحدات التداعيات الخاصة بالاستراتيجية

إن النظر بعناية في اقتصادات الوحدات UE يساعد الشركة على تطوير فهم مدى الصلاحية لنموذج أعمالها في المدى البعيد، ويقترح التغييرات اللازمة. وتقييم اقتصادات الوحدات UE مفيد بنحو خاص عندما تختبر الشركة نمواً مرتفعاً مصحوباً بخسائر كبيرة. مثلاً بعد تأسيس أمازون Amazon في العام 1994، خبرت خسائر سنوات عديدة (حتى الربع الرابع من العام 2001)، ويرجع هذا جزئياً إلى أن المؤسس جيف بيزوس Jeff Bezos كان يدعم تكلفة الإنجاز من خلال عدم تحميل العملاء تكلفة التوصيل. لكن بيزوس كان لديه فهم عميق لاقتصادات الشركة، وكان يعرف على وجه التحديد السببَ الذي جعل الشركة تخسر المال، وكيف تضمن بقاءها إلى أن تصبح مربحة. وفي الأساس كانت الخسائر ناجمة عن التسعير العالي التنافسية، ودعومات عمليات التوصيل، والاستثمارات الضخمة لتلبية النمو القوي. وبمجرد أن بدأت أمازون في استرداد تكلفة التوصيل جزئياً، واستخدام أصولها على نحو أكثر اكتمالاً، نتيجة لارتفاع الأحجام، تحولت إلى الربحية.

وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن من خلالها لتطبيق اقتصادات الوحدات UE توفير تبصرات استراتيجية للمديرين:

تساعد اقتصادات الوحدات المديرين على توقُّع الحجم المطلوب للشركة لتحقيق الأرباح UE helps managers forecast the volume needed for the business to be profitable. من الأهمية بمكان أن نلاحظ أنه من أجل زيادة الحجم لتحقيق توازن مالي، قد تضطر أي شركة إلى إضافة تكاليفها الثابتة (مثلاً، من خلال زيادة الإعلان، أو الاستثمار في الخدمات اللوجستية والتخزين، أو إنفاق مزيد من المال على تكنولوجيا المعلومات). وقد تكون هذه التكلفة الثابتة كبيرة إلى الحد الذي يجعل الشركة غير قادرة على توليد أرباح حتى مع الحجم الإضافي الذي ينتج عنها. وفي بعض الأحيان تنخفض الأرباح بسبب هذه الاستثمارات المعززة للحجم.

توجِّه الدراسة الدقيقة لاقتصادات الوحدات توزيع الموارد في الشركة Careful consideration of UE guides resource allocation within the company. فلنأخذ مثلاً إكسيك Exec، التي أسست في العام 2012 في سان فرانسيسكو بهدف توفير مساعدين شخصيين وخدمات تنظيف عند الطلب.5J. Kan, “What I Learned About Online-to-Offline,” March 11, 2014, Justin Kan (blog), https://justinkan.com. وعينت إكسيك مساعدين بتكاليف باهظة. وفي نهاية المطاف، أثبت نموذج أعمال إكسيك عدم استدامته، بالتكلفة المتغيرة الباهظة. فقد دفعت الشركة 80% من الرسوم لكل ساعة من وقت المساعدين في أثناء العمل. وأدى ذلك إلى وضعٍ تعيَّن فيه تمويل خدمة العملاء واكتساب العملاء، من بين عدد آخر من بنود تكلفة، من نسبة الـ20% المتبقية من الرسوم بالساعة. إضافةً إلى ذلك سرعان ما استهلك استرداد المبالغ Refund عن الأخطاء الأرباح. وفي نهاية المطاف استحوذت هاندي Handy على الشركة في العام 2014. ولعل فهماً أفضل لاقتصادات الوحدات UE كان سيدفع الشركة إلى الابتعاد عن تقديم المساعدين في أنواع الخدمات جميعها والتركيز بدلاً من ذلك على المجموعات الفرعية الأكثر ربحية: تلك التي كانت أقل عرضة للخطأ؛ أو التي كانت تتطلب مساعدين أقل تخصصاً– ومن ثم أرخص؛ أو فرض أسعار أعلى على تلك التي كانت تتطلب مساعدين أكثر تخصصاً. وقد يكون لتغيير نطاق المنتجات و/أو شرائح العملاء المستهدفة تأثيرات في تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية والإعلانات والعروض الترويجية وخدمات ما بعد البيع، من بين أشياء أخرى. وكان من شأن فهم أفضل لاقتصادات الوحدات أن يؤدي إلى إعادة تركيز نموذج أعمال إكسيك.

يسمح فهمُ اقتصادات الوحدات للمديرين بالحصول على فهم جيد لأقصى تخفيضات يمكنهم تطبيقها إذا وجبت عليهم الاستجابة لحرب أسعار أطلقتها شركة منافسة Understanding UE allows managers to get a good sense of how low they can go if they must respond to a price war initiated by a rival company. مثلاً عرضت بريم Prim التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً خدمة غسل الملابس مع النقل والتوصيل، وفرضت سعراً معيناً لكل حقيبة. لكن المنافسة الشرسة في أعمال خدمات غسل الملابس المحلية أدت إلى حرب أسعار. ولم يسمح سعر بريم لها بالحصول على هامش مناسب، وكان على الشركة أن تغلق أبوابها. ولعل فهماً أفضل لاقتصادات الوحدات UE لكل حقيبة كان سيصبح عاملاً أساسياً في تحديد كم كان في مقدور بريم أن تخفض أسعارها استجابةً للمنافسة.

في الأغلب تكون المؤسسات الناجية تلك التي أولت اهتماماً كبيراً من البداية لاقتصادات الوحدات، وظلت تشتغل بفضل قيمة إيجابية لاقتصادات الوحدات، حتى لو كان ذلك يعني نمواً أبطأ من نمو المنافسين الأكثر حزماً والأفضل تمويلاً في أغلب الأحيان.

من شأن النظر في كيفية مقارنة اقتصادات الوحدات UE لشركة ما بتلك الخاصة بنماذج الأعمال المنافسة أن يخبر الإدارة بمدى ما يمكن أن تكون عليه من حزم في محاولاتها كسبَ حصة في السوق A consideration of how one’s own UE compares with those of competing business models informs management of how aggressive they can be in their attempts to gain market share. في الأغلب يؤدي حرص المستثمرين على رؤية النمو السريع إلى تحديد رواد الأعمال للأسعار وتقديم الخصومات والعروض الترويجية التي تؤدي إلى الحصول على اقتصادات وحدات سلبية. ولسوء الحظ في الأغلب يصبح من الصعب الانتقال بعيداً عن اقتصادات وحدات سلبية. فالمستهلكون يزيدون إدماناً على انخفاض الأسعار والعروض الترويجية، ويستجيب المنافسون بخفض أسعارهم وأيضاً بالعمل باقتصادات وحدات UE سلبية. ويدفع الافتقار إلى الربحية المنافسين الأكثر ضعفاً إلى الخروج من السوق. ويشعر المنافسون الأكثر قوة بالحاجة إلى الانتقال من استراتيجية النمو إلى استراتيجية الهامش من خلال رفع الأسعار وعرض عدد أقل من العروض الترويجية والخصومات. ومن المحتم أن تنخفض الأحجام ويتراجع النمو. وتتضاءل رغبة المستثمرين في هذه الصناعة، وتجف الاستثمارات. ويفقد رواد الأعمال الذين كانوا وراء شركات شهدت نمواً سريعاً استعدادهم للاستمرار في العمل بقوة. وهذا يؤدي إلى مزيد من عمليات الإغلاق وخروج شركات من الصناعة. وفي الأغلب تكون المؤسسات الناجية تلك التي أولت اهتماماً كبيراً من البداية لاقتصادات الوحدات، وعملت بقيمة إيجابية لاقتصادات الوحدات، حتى لو كان ذلك يعني نمواً أبطأ من نمو المنافسين الأكثر حزماً والأفضل تمويلاً في أغلب الأحيان.

وأحد الأمثلة الممتازة على الشركة التي انتظرت للحصول على اقتصادات وحدات إيجابية قبل التوسع، وفعلت ذلك بنمط ثابت هو غو باف GoPuff، وهي خدمة توصيل الوجبات الخفيفة والمشروبات وأدوات التجميل عبر الإنترنت التي تتنافس مع المتاجر الصغيرة بدلاً من تجار البقالة بالتجزئة. أسست الشركة في فيلادلفيا في العام 2013، وبدأت في بيع المنتجات المعتادة للطلبة، وظلت ملتزمة بهذا المجال الخاص بـ”الحاجات الفورية“ عدة سنوات، ما عنى أنها كانت تحمل عدداً صغيراً نسبياً من وحدات حفظ المخزون Stock-keeping units (SKUs). كذلك ركزت على نموذج توزيع شديد المحلية ومدمج عمودياً Vertically integrated، مع مراكز توزيع صغيرة يفوق عددها الـ500 في الولايات المتحدة، من أجل التحكم الكامل في تجربة العميل Customer experience. وخلال العامين الأولين، حققت اقتصادات وحدات UE إيجابية؛ فقد توسعت في ثلاث مدن تضم عدداً كبيراً من الجامعات، من دون اللجوء إلى التمويل الخارجي، ولم تطبق أول جولة تمويل مؤسسي لها إلا في العام 2016. وحتى أكتوبر 2021، كانت قد جمعت أكثر من 3.4 بليون دولار في جولات متعددة، من عدد كبير من المستثمرين، حيث قدرت الجولة الأخيرة قيمة الشركة بواقع 8.9 بليون دولار.

وركزت غو باف على تحقيق اقتصادات وحدات UE إيجابية منذ البداية. وضمن المؤسسون تحقيق كل مستودع أو مركز توزيع صغير جديد التوازنَ المالي حتى في غضون ستة أشهر. هنا كان المستودع يُعتبَر وحدة. وإضافةً إلى ذلك، اشترت الشركة المنتجات التي عرضتها مباشرة من العلامات التجارية، مما عرض شروطاً أفضل مع أحجام متزايدة مقارنةً بالموزعين. وساعد هذا النهج في اقتصادات الوحدات الخاصة بوحدتين: طلب فردي لعميل Individual customer order وعميل فردي Individual customer (ارتفعت ربحية كل منهما مع زيادة الأحجام).

بالنسبة إلى الشركات الراسخة Established companies، فإن فهم اقتصادات الوحدات UE يفيد في تحديد وقت تجديد نموذج أعمال قديم، أو وقت الخروج من أعمال مهددة من قبل جهات داخلة تتمتع نماذج الأعمال المبتكرة الخاصة بها باقتصادات وحدات UE أفضل. وتُعَد نتفليكس Netflix مثالاً جيداً، نظراً إلى أن قيم اقتصادات الوحدات UE لخدمة البث Streaming لديها تفوق تلك الخاصة بأعمالها الخاصة بتوصيل أقراص الفيديو الرقمية Digital video discs (DVDs) بالبريد: للبث تكلفة هامشية أدنى (لا توصيل بالبريد وقليل من المعالجة) وخدمة أفضل (مفتوحة على مدار الساعة، ولا نفاد للمخزونات، وتسليم فوري، ومكتبة غير محدودة على الأرجح).6W. Shih and S. Kaufman, “Netflix in 2011,” Harvard Business School case no. 615-007 (Boston: Harvard Business School Publishing, August 2014). ومن الواضح أن أيام توصيل أقراص الفيديو الرقمية بالبريد أصبحت معدودة بمجرد انتشار النطاق الترددي العريض Broadband وأصبحت إمكانية البث حقيقة واقعة. وعلى الرغم من احتجاج العملاء عندما أجبرت نتفليكس العملاء على اختيار إما الاشتراك بأقراص الفيديو الرقمية وإما البث (لم تقدم تلقائياً للمشتركين بأقراص الفيديو الرقمية بثاً أيضاً)، أوضح تحليل لاقتصادات الوحدات استراتيجيتها. وكانت الدونية التي اتسمت بها اقتصادات الوحدات UE الخاصة بتوصيل أقراص الفيديو الرقمية تعني ضمناً أن نتفليكس لم يكن لديها خيار سوى تبني نموذج الأعمال الجديد أو الموت.

في حين أن توليد القيمة للأطراف المعنية– مثل العملاء والموردين وشركاء الأعمال– يعَد شرطاً ضرورياً لضمان استمرارية نموذج الأعمال في المدى البعيد، تحتاج الأطراف المعنية والمديرون أيضاً إلى ضمان الاحتفاظ بالقيمة لشركاتهم. ونحن نقترح أن اقتصادات الوحدات UE– أي الربحية لكل وحدة– هي أداة مهمة للشركات لتقييم ما إذا كانت تحتفظ بالقيمة لنفسها في ظل بنيات مختلفة لنماذج الأعمال. ويمكن لفهم شامل لاقتصادات الوحدات UE أن يقطع شوطاً طويلاً نحو ضمان التوازن الصحيح بين توليد القيمة والاحتفاظ بالقيمة.

رامون كاسديسوس-ماسانيل Ramon Casadesus-Masanell

رامون كاسديسوس-ماسانيل Ramon Casadesus-Masanell

أستاذ كرسي هيرمان سي. كاناريت Herman C. Krannert لإدارة الأعمال Herman C. Krannert Professor of Business Administration في كلية هارفارد للأعمال.

دورا هورفاث Dóra Horváth

دورا هورفاث Dóra Horváth

مرشحة لنيل الدكتوراه ومحاضِرة مساعدة في جامعة كورفينوس في بودابست Corvinus University of Budapest.

إس. راماكريشنا فـيـلاموري S. Ramakrishna Velamuri

إس. راماكريشنا فـيـلاموري S. Ramakrishna Velamuri

أستاذ وعميد في كلية الإدارة بجامعة ماهيندرا Mahindra University School of Management. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63322.

المراجع

المراجع
1 R. Casadesus-Masanell and K. Elterman, “Business Model Innovation (B1): MoviePass Flops,” Harvard Business School case no. 721-404 (Boston: Harvard Business School Publishing).
2 “2017 THEME Report,” PDF file (Los Angeles: Motion Picture Association of America, 2018), www.motionpictures.org, 5.
3 R. Casadesus-Masanell and K. Elterman, “Business Model Innovation (B2): Washio Fades,” Harvard Business School case no. 721-406 (Boston: Harvard Business School Publishing).
4 R.G. McGrath, “Business Models: A Discovery Driven Approach,” Long Range Planning 43, no. 2-3 (April-June 2010): 247-261.
5 J. Kan, “What I Learned About Online-to-Offline,” March 11, 2014, Justin Kan (blog), https://justinkan.com.
6 W. Shih and S. Kaufman, “Netflix in 2011,” Harvard Business School case no. 615-007 (Boston: Harvard Business School Publishing, August 2014).
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى