أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ابتكارريادة أعمال

شاركوا رواد أعمال داخليين وخارجيين

شامين براشانثام

بينما تسعى الشركات جاهدة إلى الابتكار Innovate في مواجهة الزعزعة Disruption، يلجأ كثير منها إلى شركاء خارجيين للحصول على الدعم من جهود مثل مُسرِّعات الأعمال Accelerators ومختبرات الابتكار Innovation labs. ويعزز البعض الآخر ريادة الأعمال الداخلية Intrapreneurship. ويركز أحد الأساليب على مدير يواكب رائد أعمال، ويشدد أسلوب آخر على مدير يعمل كرائد أعمال. لكن أيهما أكثر فاعلية؟

على الرغم من أهمية ترتيب التكتيكات وفق أولويات تتناسب مع الموارد المتاحة، فمن الخطأ اعتبار برامج ريادة الأعمال الداخلية والشراكات الخارجية مجرد خيارين متنافسين. فالمشكلة أكثر شيوعاً مما قد تعتقدون.

وليست اختيارات الابتكار مستقلة عن بعضها البعض تماما، والنظر إليها على هذا النحو يحد من الإمكانات المؤسسية لاكتشاف أفكار جديدة والسعي إلى تحقيقها. ويمكن للمديرين اتخاذ الخطوات التالية للاستفادة من إمكانات الموظفين والموارد والقدرات بفاعلية — وتجنب تفويت الفرص.

تمكين رواد الأعمال الداخليين من توجيه المشاركة في الشركات الناشئة Empower intrapreneurs to drive start- up engagement. خلال العقد الماضي أجريت أكثر من 200 مقابلة مع مسؤولين تنفيذيين متعددي الجنسيات، ورواد أعمال في شركات ناشئة، ومديرين لمُسرِّعات الأعمال، ومسؤولين حكوميين، وخبراء في الصناعات من جميع أنحاء العالم، وتناقشت معهم حول جهودهم المتزايدة في مجال ريادة الأعمال. يعمل العديد من القادة الداخليين الذين قابلتهم ولديهم ميل إلى ريادة الأعمال كمحفزين لإقامة شراكات مع شركات ناشئة. ومن الأمثلة على ذلك نائب الرئيس المؤسسي السابق لمايكروسوفت Microsoft دانل لوين Dan’l Lewin، وهو رائد أعمال معروف في سيليكون فالي Silicon Valley انضم إلى مايكروسوفت في عام 2001. ومن خلال إطلاق برنامجين رائدين، هما بيز سبارك BizSpark وبيز سبارك وان BizSpark One، أنشأ لوين رأس المال الاستثماري التابع لمايكروسوفت ورسخ جهود المشاركة المجتمعية لإطلاق شركات ناشئة في ست قارات وفي أكثر من 150 موقعاً.

وأدخل لوين برنامج الاتساع Breadth program بيز سبارك للشركات الناشئة التي تعمل على برامج مايكروسوفت وبنى على هذا النجاح من خلال برنامج العمق Dpth program بيز سبارك وان، الذي حدد أكثر من مئة مؤسسة ابتكارية من بين آلاف الشركات الأعضاء في بيز سبارك من مايكروسوفت. وتلقى كل عضو في المجموعة المختارة الخاصة ببيز بارك وان إرشاداً في مجال الأعمال وكذلك دعماً تقنيّاً وتسويقيّاً من مدير معين لمحفظة. وسمح هذا البرنامج لمايكروسوفت بالتعاون عن كثب مع شركاء مبدعين جداً — بما في ذلك ستور سيمبل StorSimple، وهي مشروع في سيليكون فالي يعرض حلول تخزين سحابية متكاملة، ما لبثت مايكروسوفت أن استحوذت عليه، وغريدسوم Gridsum، وهي مشروع مقره في بكين صار شريكاً متميزاً بالصين وساعد على تأسيس مصداقية مايكروسوفت كشريك للشركات الناشئة في هذا السوق.

يجب على المؤسسات التي تسعى إلى تسريع عملية تطوير المنتجات من خلال العمل مع شركات ناشئة أن تعمل على تمكين رواد الأعمال الداخليين بها وتمكينهم من توجيه هذه العملية. ووسع لوين جهود الابتكار لدى مايكروسوفت أُسّيّاً من خلال توجيه مساعي ريادة الأعمال الداخلية ودعمها لدى زملاء العمل المبتدئين في كل من مقر الشركة والشركات الفرعية العالمية. وأطلق واحد من رواد الأعمال الداخليين الممكنين هؤلاء، هو زاك وايزفلد Zack Weisfeld، مُسرِّعة أعمال لإقامة شراكات وجهاً لوجه مع شركات ناشئة لفترة قصيرة من الزمن (أربعة أشهر). وسرعان ما حذت وحدات مايكروسوفت للأبحاث والتطوير في الهند والصين حذوها، فأطلقت مسرّعات أعمال في بنغالور وبكين. ومُنِح وايزفلد في نهاية المطاف مسؤولية عالمية عن إدارة مشاركة مايكروسوفت مع الشركات الناشئة، بما في ذلك برنامج مسرّع مايكروسوفت Microsoft Accelerator، الذي صُنِّف من بين أنجح مسرّعات الأعمال في العالم من حيث عدد الشركات الناشئة التي جرى تسريعها ووضع مايكروسوفت في موضع الشريك المرغوب فيه في مجتمع الشركات الناشئة.

إتاحة الموارد نفسها داخليّاً وخارجيّاً. من خلال توفير الموارد نفسها — مثل برامج التدريب، ومساحات العمل المشترك، والمرشدين — لجميع رواد الأعمال الداخليين والشركاء الخارجيين، يمكن للشركات الحد من التكاليف مع زيادة حجم الابتكار. وهذا ما يفعله إنفينيتي لاب Infiniti Lab. فقد حد إنفينيتي لاب، الذي يعد مسرّعاً للشركات الناشئة التي تعمل مع العلامة التجارية للسيارات الفاخرة من نيسان Nissan في هونغ كونغ، من التكاليف عن طريق توسيع نطاق برنامج التدريب على الترويج ليشمل الموظفين ذوي الأفكار الخاصة بريادة الأعمال الداخلية وليشمل شركاءه. ويقول شيلبا باتيل Sheelpa Patel، المؤسس المشارك لأحد المختبرات: «حقق إنفينيتي أعلى مستوى من درجات المشاركة، إذ كان الموظفون متحمسين وتواقين جداً ليكونوا جزءاً من مبادرة ريادة الأعمال الداخلية هذه».

واتخذ برنامج المؤسسيون Founders program في كوكاكولا Coca-Cola نهجاً مختلفاً إلى حد ما، إذ دمج بين الموارد الخاصة في ريادة الأعمال الداخلية ومشاركة الشركات الخارجية بمرور الوقت. ووظفت الشركة رواد أعمال من أنحاء العالم كلها لاستكشاف أفكار ونماذج أعمال جديدة كموظفين في كوكاكولا. وبالنسبة إلى رواد الأعمال الداخليين هؤلاء، تمثل التحدي بالعثور على تدفقات لإيرادات غير مستغلة باستخدام القاعدة الواسعة من الأصول لدى كوكاكولا. وتحول النموذج في النهاية إلى نموذج انبثق منه Spun off رواد الأعمال الداخليون كشركات ناشئة خارجية استمرت باستخدام الموارد من كوكاكولا على مدار سنتين، بالطريقة نفسها التي استخدموها داخل كوكاكولا.

تشجيع التعاون بين المبتكرين الداخليين والخارجيين. قد يؤدي تعزيز التعاون والشفافية بين فرق الابتكار الداخلية والشركات الناشئة الخارجية إلى زيادة الكفاءة والحد من الوقت اللازم لتسويق خدمات ومنتجات جديدة.

خذوا مثلاً برنامج إنتل Intel لريادة الأعمال الداخلية غروث إكس GrowthX، المعروف سابقاً بتحقيق الأفكار Ideas2Reality (I2R)، في الصين. عمل الفريق على تقنية التعرف على الوجوه Facial recognition technology لتشغيل أبواب ذكية تتيح للمستخدمين الدخول إلى منازلهم بمجرد الابتسام أمام الكاميرا. وعند البحث عن شريك مُصنِّع للمعدات الأصلية للمشاركة في تطوير الحل وتقديمه إلى السوق، ثبّط الفريق غريزة التعاون مع مورِّد معروف، قد يبدو محفوفاً بمخاطرة أقل بسبب تجربة سابقة في العمل معاً. وربط كابيل كاين Kapil Kane، مدير الابتكار في إنتل الصين Intel China، الفريق بلايف سمارت LifeSmart، وهي شركة ناشئة خارجية في هانغتشو Hangzhou. ووجد كاين لايف سمارت مناسبة جدّاً لأنها «كانت أحد النجوم الصاعدة في مجال المساحة المنزلية الذكية بالصين» وشاركت مواهب مُكمِّلة: وأمكن الجمع بين خبرة فريق ريادة الأعمال الداخلية لدى إنتل في صنع المكونات ذات الصلة، مثل الكاميرات والرقائق والخوارزميات، وبين كفاءة التصميم والتصنيع والتسويق لدى لايف سمارت.

والنتيجة؟ أطلق الفريق المنتج النهائي في غضون ثلاثة أشهر، وهذا أسرع بكثير مما كان يُحتمَل أن يحققه الفريق الداخلي من تلقاء نفسه. وعلى نطاق أوسع، كانت نتيجة التعلم هائلة. وصنع منتج قابل الحد الأدنى من التعاون مع لايف سمارت ساعد كاين على إدراك أن الجمع بين رواد أعمال داخليين ورواد أعمال خارجيين كان طريقة جيدة لتسريع الابتكار وأدى إلى العديد من الشراكات المماثلة.

تعزيز التعاون والشفافية بين فرق الابتكار الداخلية والشركات الناشئة الخارجية قد يؤدي إلى زيادة الكفاءة والحد من الوقت اللازم للتسويق.

وفي بعض الحالات تخطو الشركات خطوة إضافية إلى الأمام وتجمع مجموعات من رواد الأعمال الداخليين ورواد الأعمال الخارجيين تحت سقف واحد. وعلى الرغم من أن ذلك غير ممكن دائماً بسبب المخاوف الأمنية، مثلاً، يمكن لدمج هذه المجموعات بشكل انتقائي أن يثري ثقافة الشركة بفهم متزايد لريادة الأعمال الداخلية. وقبِل برنامج جي فور إيه G4A من بايرز Bayer (منح للتطبيقات Grants4Apps سابقاً)، الذي بدأه رائد الأعمال الداخلية لدى باير جيوس ديل فال Jesus del Valle، فريقاً داخليّاً في مسرّعه للشركات الشركات الناشئة ببرلين، إلى جانب شركات ناشئة خارجية. وتمكنت باير من الاستفادة من مجموعة المواهب الداخلية إذ شغل أحد أعضاء الفريق برنامج تسريع مماثلاً استهدف شركات ناشئة خارجية لصالح شركة فرعية أخرى داخل الشركة.

وعلى الرغم من أن منافع هذه الشراكات التعاونية قد تبدو واضحة، فقد يفوت المديرون الفرص لأنهم ببساطة لا يعلمون بوجودها. وللبقاء على اطلاع على فرص الصناعة، جمع يوجين بوروخوفيتش Eugene Borukhovich، رئيس فريق الصحة الرقمية لدى جي فور إيه من بايرز، الأنشطة الاستكشافية في ثلاث فئات عريضة: الذكاء («أين نلعب» — أي فهم مجموعات القيمة، والاحتياجات غير الملباة، والضرورات الاستراتيجية)؛ والشراكات («مع من نلعب» — أي تحديد الشراكات المحتملة، بما في ذلك الصفقات التجارية مع الشركات الناشئة والاستثمارات المبكرة في هذه الشركات)؛ والمشاريع («كيف نفوز» — تطوير تدفقات لإيرادات جديدة). وتوضح هذه الفئات استراتيجية للابتكار على غرار إطار “الخيارات المتتالية” Cascading choices التي وضعها روجر مارتن Roger Martin. وفي فئة المشاريع، فقد انطوت الانطلاقة الأولى لبوروخوفيتش وزملائه لتحديد أعمال جديدة على إنشاء فريق من رواد الأعمال ورواد الأعمال الداخليين، توقع بوروخوفيتش أن يجعل المؤسسة أكثر رشاقة Agile، ويزيد من احتمالات إيجاد باير حلولاً سريعة لمعالجة المشكلات الصحية للمرضى.

دفع الابتكار المؤسسي ليس مسألة تتعلق باختيار إما ريادة الأعمال الداخلية أو الشراكة الخارجية — فأنتم ستحتاجون إلى كليهما. فلا يكفي وجود رواد أعمال داخليين وشركاء خارجيين يعملون بشكل منفصل، بشكل متوازٍ — على الرغم من أنه من المنطقي وجود فرق منفصلة تقود هذه المبادرات. وللبقاء في صدارة المنافسة، يجب على الشركات التعرف على الطرق التي تتقاطع بها هذه الفرق والاستفادة من المنافع المرتبطة بجمع الأفراد والموارد والقدرات. وسيساعدكم تجاوز حدود التفكير في الخيارين المتنافسين على تحقيق أقصى استفادة من استثماراتكم في الابتكار.

شامين براشانثام Shameen Prashantham

شامين براشانثام Shameen Prashantham

(@shameenp1) أستاذ مشارك في الأعمال والاستراتيجيات الدولية من الكلية الصينية الأوروبية الدولية للأعمال China Europe International Business School (@ceibs) بشنغهاي في الصين. للتعليق على هذا الموضوع http://sloanreview.mit.edu/x/61219.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى