أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بحثملف خاص

أكثرُ ما يريده الموظفون في الأوقات غيرِ المؤكدة

عندما تَلوح التهديدات في الأفق، يجب على المديرين أن يستعينوا بما هو أكثر من الأساليب المجرَّبة لدعم الموظفين ولمعالجة المخاوف المتباينة وبناء الثقة.

لَطالما احتاج المديرون إلى توجيه لقيادة موظفيهم في أوقات عدم اليقين الشديد. وتُعَد جائحةُ كوفيد-19 هي الأزمةَ العالمية الحاسمة لجيلنا، لكنها ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة. يستمر عدم اليقين والتقلُّب في هز بيئات العمل، إذ تنحسر الجائحة ويلوح عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي العالمي في الأفق، ما يضاعف شعور الموظفين بعدم اليقين. في هذه البيئة المتغيرة، لا تعود نُهُج الإدارة والقيادة التقليدية كافيةً.

تُركز الأبحاث الحالية حول القيادة في أثناء الأزمات بوجهٍ عام على الاستراتيجيات المؤسسية العامة الوثيقة الصلة بالمسؤولين التنفيذيين C-suite executives، مما لا يقدِّم للمديرين المباشرين إلا القليل من الإرشادات حول أفضل السبل لدعم الموظفين. ولمعالجة هذه الفجوة ذهبنا مباشرةً إلى المصدر، وسألنا الموظفين عما يريدونه ويحتاجون إليه ويتوقعونه من مديريهم في أوقات عدم اليقين. (انظر: البحث). سألنا: ”ما الشيء الوحيد الذي يمكن لمشرفكم فعلُه (أو فعلُ مزيد منه) للمساعدة في تخفيف حالة عدم اليقين التي نشأت نتيجة للجائحة؟“ في المجموع. استجاب 287 مشاركاً، من مجموعة متنوعة من الأحجام المؤسسية ومجموعة متنوعة من الصناعات، بـ398 تعليقاً فريداً.

وكشفت البيانات عن خمس فئات من الإجراءات التي يمكن للمديرين اتخاذُها لمساعدة الموظفين على تقليل عدم اليقين أو التعامل معه. قبل كل شيء يرغب الموظفون في الحصول على معلومات حول وظيفتهم والمؤسسة. إنهم يريدون دعماً Support نفسياً وعملياً من مديرهم وتواصلاً Communication واضحاً وسريعاً ودقيقاً. إلى حد أقل، يتطلعون أيضاً إلى أساليب قيادة Leadership محددة (مثل التحفيزية Motivational أو المُتقبِّلة للنقد Vulnerable) ويرغبون في موارد محددة، مادية وغير ملموسة. وأفاد بعض الموظفين بأنه لا شيء يمكن لمديرهم فعلُه للتخفيف من حالة عدم اليقين.

هناك عديد من التقنيات المدعومة بالأبحاث التي يمكن للمديرين استخدامها لدعم الموظفين في كل مجال من مجالات المواضيع الخمسة، وضمَّنَا بعضَها في الجدول المصاحب، ”نتائج الدراسة والاستراتيجيات المتوائمة“، في الصفحة 32. ومع ذلك يكشف بحثُنا أن إدارة عدم اليقين أكثر تعقيداً بكثير من تنفيذ استراتيجيات كهذه في ظل ظروف أكثر استقراراً. ووجدنا أن الموظفين المختلفين يرغبون خلال أوقات عدم اليقين في الحصول على أنواع مختلفة من الدعم بطرق مختلفة، وفي بعض الأحيان يتضمن ذلك أشياء لا يستطيع المديرون تقديمها بالفعل. ومن ثم يجب على المديرين إعطاء الأولوية لسلوكين: الاعتبارات الفردية Individualized consideration وبناء الثقة Building trust. يساعد الأول على معالجة المخاوف المتباينة، في حين يمكن للأخير أن يخفف من تأثير الاحتياجات التي لم تُعالَج.

البحث

بين مارس وأكتوبر 2020، سألت المؤلفتان موظفين في مجموعة متنوعة من الصناعات ومجموعة مختلفة الأحجام من المؤسسات: ”ما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله مشرفكم (أو يفعل مزيداً منه) للمساعدة على التخفيف من حالة عدم اليقين التي نشأت نتيجة للجائحة؟“. وجمعتا البيانات ورمَّزتاها على مرحلتين، باستخدام عملية تكرارية Iterative process وتحليل استقرائي للمحتوى Inductive content analysis. بعد المرحلة الأولية من جمع البيانات وترميزها (N = 201)، جمعتا معلومات من 86 مستجيباً إضافياً لضمان حجم عينة كافٍ للتشبع النظري Theoretical saturation. وفي المجموع أجاب 287 مشاركاً بـ398 تعليقاً فريداً.

المشكلة: تلبية الاحتياجات المتباينة والمستحيلة
بوجهٍ عام أظهرت النتائج التي توصلنا إليها أن القيادة خلال الأزمة تضع المديرين في مواقف شبه مستحيلة. أولاً، عندما تتباين احتياجات الموظفين، هي في الأغلب تتعارض أيضاً. وفي الفئات الخمس حددنا 27 احتياجاً فرعياً مختلفاً، يبدو أن عديداً منها على تضاد بعضها مع بعض. مثلاً قال بعض المستجيبين في عيِّنتنا إنهم يرغبون في قائد ”يُعبِّر عن مخاوفهم“، في حين يريد آخرون قائداً ”يظل هادئاً ولا يُصَاب بالذعر“. يختلف الموظفون أيضاً في الاحتياجات الخاصة من حيث الهيكل الوظيفي في أثناء فترات عدم اليقين – يريد البعض توقعات واتجاهاً واضحاً، في حين يريد البعض الآخر مزيداً من اللامركزية والاستقلالية. مثلاً، يريد أليكس من مديره ”تقديم إرشادات واضحة حول التوقعات… وإجراءات تحقُّق من النتائج مجدولة زمنياً“، لكن سوزان تريد من مديرها ”مواصلة العمل والسماح لي بالعمل“. في مواجهة الاحتياجات الفرعية المتباينة، يجب على المديرين التخلي عن فكرة: نهج واحد يناسب الجميع التي قد تكون فاعلةً خلال أوقات الاستقرار.

وبالمثل يختلف الموظفون حول ما يشكل تواصلاً فاعلاً في أوقات الأزمات. يريد البعض تواصلاً متكرراً وشفافاً، حتى عندما يعني ذلك أن الرسالة قد تتغير. ويريد الآخرون فقط التواصل المتسق والدقيق. مثلاً يريد سام من مديرهم ”إبقاءنا في دائرة اتخاذ القرار… حتى لو كانت مجرد إشاعات أو تكهنات“، في حين أعرب توني عن إحباطه لأن ”الرسالة تتغير يومياً“، ويريد من المديرين ”إخباري بالمعلومات فقط عندما يكونون على يقين من ذلك“. يواجه المديرون قرارات صعبة فيما يتعلق بمشاركة المعلومات نصف الجاهزة بسرعة أو الانتظار حتى يزداد اليقين.

في أغلب الأحيان أشار المستجيبون إلى رغبتهم في الحصول على مزيد من المعلومات من مديريهم للتخفيف من مشاعر عدم اليقين. تسمح المعلومات للناس بفهم الأحداث المستقبلية وقبولها والتعامل معها بنمط أفضل من خلال استعادة إحساسهم بالتحكم في حياتهم.1S.M. Miller, “Predictability and Human Stress: Toward a Clarification of Evidence and Theory,” in “Advances in Experimental Social Psychology, Vol. 14,” ed. L. Berkowitz (Cambridge, Massachusetts: Academic Press, 1981): 203-256. وتشير الأبحاث السابقة إلى أن التواصل يجب أن يكون في الوقت المناسب وذا مصداقية وجديراً بالثقة.2P. Bordia, E. Hobman, E. Jones, et al., “Uncertainty During Organizational Change: Types, Consequences, and Management Strategies,” Journal of Business and Psychology 18, no. 4 (June 2004): 507-532. لكن خلال أوقات التغيير السريع وغير المخطط له، لا تكون المعلومات المرغوب فيها أكثر من غيرها متاحة بسهولة لعديد من مديري الأقسام التي هي على تماسٍّ مع العملاء، مثل متى سيكون من الآمن العودةُ إلى المكتب، أو ما إذا كانت عمليات التسريح وشيكةً، أو كيفية أداء الشركة من الناحية المالية. يُترَك المديرون في وضع غير مريح يتمثل في عدم قدرتهم على تلبية احتياجات معلومات الموظفين، بسبب نطاق سيطرتهم المحدود، أو عدم يقين مؤسستهم بشأن المشهد الأوسع.

بعيداً عن المعلومات سعى الموظفون في دراستنا إلى مستوى من الأمان المالي من غير المحتمل أن يتمكن معظم المديرين من تقديمه. طلب البعض صراحةً الدعم المالي في شكل زيادة في الأجور، والدفعات المقدَّمة، وتسريح العاملين المدفوع، والمكافآت، وبدل المخاطر. ومع ذلك أغلقت الجائحة الأبواب، وقللت الطلب، وزعزعت Disruption سلاسل التوريد (الإمداد)، مما ترك عديداً من المؤسسات من دون خيار سوى تخفيف أعبائها المالية بالتقليل من تكلفة الموظفين. إضافةً إلى ذلك هيمنت أنباء تسريح العاملين وتقليص حجم الشركات على وسائل الإعلام، مما أدى إلى تفاقم شعور الموظفين بعدم اليقين. مما لا يثير الدهشة، أن عديداً من الموظفين في دراستنا قالوا إن الشيء الوحيد الذي رغبوا فيه من مديرهم هو تأكيد أن وظائفهم ستكون آمنة.

ومع تخفيف القيود المفروضة بسبب الجائحة وتسارع نشاط الأعمال، ساهمت المخاوف بشأن الأمن الوظيفي، وإعادة النظر في الأهداف المهنية والحياتية، وارتفاع الطلب على المواهب، وعوامل أخرى في الاستقالة الكبرى Great Resignation. ترك عشرات الملايين من الموظفين عن طيب خاطر مناصبهم أو سوق العمل بالكامل، وفي أثناء ذلك تمكنوا من الحفاظ على إحساسهم بالتحكم في حياتهم. نتيجة لذلك، أصبح ”الحد من انعدام الأمن الوظيفي“ أولويةً إدارية حاسمة للحفاظ على قوة عاملة فاعلة.

إذن ما الذي يُفترَض أن يفعله المديرون حيال تلك الاحتياجات المتضاربة – والتي لا يمكن تلبيتها على ما يبدو؟ كيف يمكن للمديرين تحديد الاحتياجات المتباينة ومعالجتها للمساعدة على تقليل عدم اليقين مع مساعدة الموظفين على التعامل مع حالة عدم اليقين التي لا يمكن معالجتها؟

الموضوع

استراتيجيات الإدارة المتوائمة

المعلومات: طلب 38% مزيداً من المعلومات حول موضوع معين، مثل احتمال تسريح العاملين وخطط العودة إلى المكتب وتوقعات الأداء.

■ كلما كان ذلك ممكناً، شارِكوا القرارات والمعلومات على مستوى المؤسسة مع الموظفين على المستويات كلها.3Bordia et al., “Uncertainty During Organizational Change,” 507-532.

■ أنشِئوا نظاماً قوياً من خلال توضيح الأهداف والأدوار وتوقعات الأداء؛ وتخصيص الموارد بنحو منصف؛ وتحديد العوائق ومتابعة التقدم.4T.A. Judge, R.F. Piccolo, and R. Ilies, “The Forgotten Ones? The Validity of Consideration and Initiating Structure in Leadership Research,” Journal of Applied Psychology 89, no. 1 (February 2004): 36-51.

الدعم: طلب 35% دعماً عاماً، بما في ذلك ضمان العمل، والاهتمام بالصحة والسلامة، والدعم الوظيفي، والتعاطف.

■ توقفوا وفكِّروا في وجهات نظر موظفيكم. اطرحوا أسئلة وابحثوا عن تلميحات حول مقدار ما يريدون مشاركته.5T. Brower, “Empathy Is the Most Important Leadership Skill According to Research,” Forbes, Sept. 21, 2021, www.forbes.com.

■ أعطوا فرصاً – مقصودة – للموظفين للمشاركة في اتخاذ القرارات. هذا يساعد على استعادة الشعور بالتحكم في الحياة، ذلك الشعور الذي تآكل بسبب عدم اليقين.6Bordia et al., “Uncertainty During Organizational Change,” 507-532.

خصائص التواصل: ذكر 26% خصائص تواصل محددة – مثل المتكرر والمنتظم والواضح والمتسق – التي من شأنها أن تساعد على التخفيف من عدم اليقين.

■ حدِّدوا مصدراً ثابتاً للمعلومات حتى يعرف الموظفون إلى من يتجهون عندما تكون المواقف غير واضحة.7L.R. Men, Y.S. Qin, and J. Jin, “Fostering Employee Trust via Effective Supervisory Communication During the COVID-19 Pandemic: Through the Lens of Motivating Language Theory,” International Journal of Business Communication 59, no. 2 (April 2022): 193-218.

■ جدوِلوا عقد اجتماعات أو إرسال رسائل إلكترونية منتظمة لتبادل المعلومات، حتى في حالة عدم وجود شيء جديد يمكن نقله. تساعد القدرة على التوقُّع في تقليل عدم اليقين.

أسلوب القيادة: أعرب 16% عن رغبتهم في أن يحاكي مديرُهم أسلوبَ قيادة معيناً. سعى البعض إلى الشفافية والصدق، وسعى بعض آخر إلى التفاؤل، وبعض ثالث إلى الهدوء والاحتراف.

تجنَّبوا الميل إلى حماية الموظفين بحجب المعلومات السلبية. قبل كل شيء، تحلَّوا بالصدق والشفافية في أسلوبكم.8J.K.C. Chen and T. Sriphon, “The Relationships Among Authentic Leadership, Social Exchange Relationships, and Trust in Organizations During COVID-19 Pandemic,” Advances in Decision Sciences 26, no. 1 (March 2022): 31-68.

الموارد: كان 13% يبحثون عن موارد محددة مثل الدعم المالي أو مرونة العمل أو معدات الحماية الشخصية.

وفِّروا المرونة للموظفين بشأن مكان اضطلاعهم
بعملهم وزمانه وكيفيته.9R. Gerards, A. de Grip, and A. Weustink, “Do New Ways of Working Increase Informal Learning at Work?” Personnel Review 50, no. 4 (2020): 1200-1215.

لا شيء: قال 11% إنه لا شيء آخر يمكن لمشرفهم الاضطلاعُ به، إما لأن مديرهم كان يفعل ذلك بالفعل، وإما لأنهم اعتبروا عدم اليقين غير قابل للحل.

اعترفوا بما لا يمكن فعله أو ما يبقى مجهولاً. مثلاً يعد قول ”لا أعرف“ استراتيجية قوية لبناء الثقة واكتساب المعرفة بنحو أكثر فاعلية.10E.J. Krumrei-Mancuso, M.C. Haggard, J.P. LaBouff, et al., “Links Between Intellectual Humility and Acquiring Knowledge,” The Journal of Positive Psychology 15, no. 2 (2020): 155-170.

الحل: جعلُ المستحيل ممكناً
يمكن للمديرين تلبية الاحتياجات المتباينة باستخدام الاعتبارات الفردية Individualized consideration، وهو مقياس فرعي Subdimension للقيادة التحويلية Transformational Leadership، حيث يحدد المديرون الاحتياجات الفريدة لكل موظف ويعالجونها على حدة.11B.M. Bass and R.E. Riggio, “Transformational Leadership,” 2nd ed. (Mahwah, New Jersey: Lawrence Erlbaum Associates Publishers, 2006). وإذا كان تنويع نهج الإدارة على أساس الفرد نهجاً فاعلاً دائماً في تعزيز الحافز والأداء، فإنه يغدو نهجاً حاسماً في أوقات عدم اليقين. فمن خلال تحديد أولويات الاحتياجات الفردية للموظفين وفهم مخاوفهم، يمكن للمديرين استهداف – ومعالجة – مصادر عدم اليقين في بيئة متقلبة.

يتجلى الاعتبار الفردي بطرق مختلفة. مثلاً طلب أحد المستجيبين إلى مديرهم ”التواصل والسؤال عن كيفية تعاملي مع عبء العمل الموكل إلي، أو إذا كان هناك أي شيء أود تغييره بشأن مهامي“، في حين طلب آخر ”مزيداً من الملاحظات الإيجابية… ومزيداً من التعليمات“. وبالمثل قد يعني ذلك لديفيد وجود مدير ”يعترف بحقيقة أن الوضع يمكن أن يتغير، وقد نفقد وظائفنا“، لكنه قد يعني لجاين ”الاستمرار في طمأنة الموظفين بأن شركتنا بخير وستكون كذلك، والتحدث عن الأهداف بحماسة“. أبرزت إحدى المشاركات في الاستطلاع، التي بدا أن مديرها يجسد مبدأ الأخذ بالاعتبارات الفردية، الحاجة إلى أن ”يدرك المدير أن لكل واحد منا احتياجاتٍ فريدةً، ويبذل قصارى جهده لتلبية هذه الاحتياجات“. في الواقع، هناك مقال نُشر أخيراً بقلم مارتينيز-كوركوليس Martínez-Córcoles وزملائه، وعملٌ أخيرٌ للمؤلفة الثانية لهذه المقالة يدعم بنمط تجريبي الاعتبارات الفردية كمحرك حاسم لنتائج الموظفين الإيجابية وسط عدم اليقين.12M. Martínez-Córcoles, K.D. Stephanou, and M. Schöbel, “Exploring the Effects of Leaders’ Individualized Consideration in Extreme Contexts,” Journal of Risk Research 23, no. 2 (2020): 167-180.

وبعد أن يفعل المديرون ما في وسعهم لتلبية الاحتياجات الفريدة للأفراد، تبقى درجة من عدم اليقين غير القابلة للحل، ويجب إدارتها بالدرجة نفسها من الاعتبارات الفردية. على الرغم من مطالبات المستجيبين باليقين حول مستقبل العمل، واستمرار دفع الأجور، والاستقرار الوظيفي، يدرك معظم الموظفين جيداً أن مديريهم لا يمكنهم توقع المستقبل أو جني الأموال من فراغ. وعندما يبلغ الموظفون عن هذه الاحتياجات، هم يزودون المديرين بمعلومات حاسمة حول أكثر ما يخشونه. يجب على المديرين بنمط استباقي إنشاء مساحة للأفراد لمشاركة أكثر الأشياء التي هم غير متأكدين بشأنها، حتى عندما يكون من المستحيل تقديم ما يريده الموظفون. مثلاً عندما يتحدث الموظفون عن عبارة ”اشتروا لي طعاماً“ أو ”اضمنوا بقاء متجرنا عاملاً“، قد تكون الغريزة الإدارية هي التعامل مع الأمر بالمعنى الحرفي للكلمة أي إما رفض الطلب وإما استبعاده تماماً. بدلاً من ذلك نشجع المديرين على تخصيص وقت – ربما في أثناء الاجتماعات الأسبوعية – لمناقشة الاحتياجات وأسبابها الجذرية مع موظفيهم من أجل إنشاء حل تعاوني وفردي.

ومع ذلك تتوقف فاعلية الاعتبارات الفردية على الثقة، والتي تنشأ من الثقة التي يتمتع بها الموظف في نزاهة مديره واهتمامه وقدرته.13R.C. Mayer, J.H. Davis, and F.D. Schoorman, “An Integrative Model of Organizational Trust,” Academy of Management Review 20, no. 3 (July 1995): 709-734. يتفق الباحثون على أن الثقة تساعد الأفراد على التعامل مع عدم اليقين، وهو استنتاج رددت صداه النتائج التي توصلنا إليها.14M. Frederiksen, “Trust in the Face of Uncertainty: A Qualitative Study of Intersubjective Trust and Risk,” International Review of Sociology 24, no. 1 (March 2014): 130-144. وتعكس دعوات الموظفين بشأن وجود قادة ”نزيهين وشفافين“ رغبتهم في النزاهة الإدارية. تُظهر مطالباتهم المتكررة للحصول على الدعم النفسي والاجتماعي (مثل ”السؤال عما إذا كنا في حاجة إلى مساعدة وإظهار اهتمام حقيقي“ و”الاتصال بي مرة واحدة في الأسبوع لمعرفة ما أشعر به“) أهميةَ الاهتمام. تسلط الردودُ على الحاجة إلى ”توقعات أوضح“ و”خطة للمضي قدماً“ الضوءَ على القدرة، وهي البعد النهائي للثقة.

تكون الثقة أكثرَ أهميةً عندما يريد الموظفون شيئاً لا يستطيع المديرون تقديمه.

وتزداد أهمية الثقة عندما يعبِّر الموظفون عن رغبتهم في شيء لا يستطيع المديرون تقديمه. يغرس المديرون الذين يتصرفون بنزاهة واهتمام وقدرة (يمثلون الجدارة بالثقة) في الموظفين إحساساً بالتحكم في حياتهم وقبولها تمَس الحاجةُ إليه، حتى عندما تظل الاحتياجات غير ملباة. كما أوضح أحد المشاركين: ”إن عدم اليقين الوحيد المتبقي بالنسبة إليَّ هو أن إحدى وظيفتيَّ قد لا تكون موجودة بعد انتهاء حالة الطوارئ، لكن مشرفي في هذا المنصب يبذل قصارى جهده لمعرفة متى (أو إذا) حصل ذلك لإعطاء الجميع أكبر قدر ممكن من الإشعارات“.

سلطت عيِّنتنا الضوء على عديد من التكتيكات لبناء علاقات ثقة بين القائد والموظف مدعومةٍ بالأدبيات الموجودة، بما في ذلك القيادة بالقدوة، والتواصل بصراحة وصدق، والحفاظ على توقعات واضحة ومتسقة، وتحمل مسؤولية الأخطاء.15K.T. Dirks and D.L. Ferrin, “Trust in Leadership: Meta-Analytic Findings and Implications for Research and Practice,” Journal of Applied Psychology 87, no. 4 (September 2002): 611-628. ومع ذلك هناك استراتيجيتان مستندتان إلى الأدلة لهما صلة خاصة بإدارة عدم اليقين.

أولاً، يجب على القادة إعطاء الأولوية للإنصاف Fairness في الإجراءات التي يضطلعون بها. هذا الترتيب للأولويات يعني تخصيص الموارد بنحو عادل، وتصميم إجراءات منصفة، وشرح الأساس المنطقي للقرارات المتخذة، ومعاملة الأفراد باحترام. إذ عبَّر أحد المستجيبين متحسراً رداً على الافتقار إلى الإنصاف بشأن تخفيضات الأجور، فقال: ”لقد علموا قبل أشهر أنهم سيخفضون ساعات عملنا، لكنهم انتظروا حتى اليوم السابق لدخول التغيير حيزَ التنفيذ لإخبارنا“.

ثانياً، يمكن للمديرين بناء الثقة من خلال إنشاء مساحة للاهتمام بمشاعر موظفيهم وثقافة فريقهم العاطفية.16S. Barsade and O.A. O’Neill, “Manage Your Emotional Culture,” Harvard Business Review 94, no. 1 (January-February 2016): 58-66. كما أشار أحد المشاركين: يحتاج الموظفون من مديريهم ”إلى إيجاد مزيد من الوقت للسؤال عنهم… وعن كيف تسير الأمور، والاستماع إلينا أكثر عندما نتحدث“. يساعد مجرد الاعتراف بالدوامة العاطفية التي يمر بها الموظفون في الأوقات العصيبة على بناء الثقة من خلال إظهار الاهتمام. إضافةً إلى ذلك يتواءم منح الموظفين مساحة لمشاركة المشاعر بحرية مع حاجة البشر الفطرية إلى التميز الأمثل Optimal distinctiveness – إحساس بالانتماء متوازن مع تقدير ما يجعلنا متفردين.17M.B. Brewer, “The Social Self: On Being the Same and Different at the Same Time,” Personality and Social Psychology Bulletin 17, no. 5 (October 1991): 475-482. إضافة إلى الثقة، يساعد هذا التقاطع في بناء أساس للشمولية Inclusion.18L.M. Shore, A.E. Randel, B.G. Chung, et al., “Inclusion and Diversity in Work Groups: A Review and Model for Future Research,” Journal of Management 37, no. 4 (July 2011): 1262-1289.

كملاحظة ختامية، من الضروري الاعتراف بأن الثقة يمكن أن تتطور بمرور الوقت فقط عندما يتمسك المديرون بنمط متكرر بالنزاهة، ويظهرون الاهتمام والقدرة على الفعل. يعتمد كثير من كيفية إحساس الموظفين بعدم اليقين على مستوى الثقة الذي يؤسسه المديرون قبل وقت طويل من حدوث الأزمة. في الواقع، يُظهر البحث أن الأفراد في أوقات الأزمات، يعودون إلى توجُّهات ومعتقدات ما قبل الأزمة حول مصداقية مديرهم.19E.A Lind and K. van den Bos, “When Fairness Works: Toward a General Theory of Uncertainty Management,” Research in Organizational Behavior 24 (2002): 181-223.
وعلى الرغم من أن الأزمات بحكم تعريفها لا يمكن توقعها، فإنه يمكن للمديرين الفاعلين أن يستعدوا لها ويجب عليهم ذلك. ويمكن أن تساعد ممارسة الاعتبارات الفردية وتطوير علاقات الثقة الموظفين على التعامل مع عدم اليقين، سواء الآن أو في المستقبل.

كريستين دبليو. باورز – جيسيكا بي. بي. دياز

كريستين دبليو. باورز Kristine W. Powers

كريستين دبليو. باورز Kristine W. Powers

طالبة دكتوراه في جامعة كليرمونت للدراسات العليا Claremont Graduate University.

جيسيكا بي. بي. دياز Jessica B.B. Diaz

جيسيكا بي. بي. دياز Jessica B.B. Diaz

أستاذة مساعدة في قسم العلوم السلوكية والمؤسسية Division of Behavioral and Organizational Sciences ومديرة برنامج إدارة الموارد البشرية في جامعة كليرمونت للدراسات العليا.

المراجع

المراجع
1 S.M. Miller, “Predictability and Human Stress: Toward a Clarification of Evidence and Theory,” in “Advances in Experimental Social Psychology, Vol. 14,” ed. L. Berkowitz (Cambridge, Massachusetts: Academic Press, 1981): 203-256.
2 P. Bordia, E. Hobman, E. Jones, et al., “Uncertainty During Organizational Change: Types, Consequences, and Management Strategies,” Journal of Business and Psychology 18, no. 4 (June 2004): 507-532.
3, 6 Bordia et al., “Uncertainty During Organizational Change,” 507-532.
4 T.A. Judge, R.F. Piccolo, and R. Ilies, “The Forgotten Ones? The Validity of Consideration and Initiating Structure in Leadership Research,” Journal of Applied Psychology 89, no. 1 (February 2004): 36-51.
5 T. Brower, “Empathy Is the Most Important Leadership Skill According to Research,” Forbes, Sept. 21, 2021, www.forbes.com.
7 L.R. Men, Y.S. Qin, and J. Jin, “Fostering Employee Trust via Effective Supervisory Communication During the COVID-19 Pandemic: Through the Lens of Motivating Language Theory,” International Journal of Business Communication 59, no. 2 (April 2022): 193-218.
8 J.K.C. Chen and T. Sriphon, “The Relationships Among Authentic Leadership, Social Exchange Relationships, and Trust in Organizations During COVID-19 Pandemic,” Advances in Decision Sciences 26, no. 1 (March 2022): 31-68.
9 R. Gerards, A. de Grip, and A. Weustink, “Do New Ways of Working Increase Informal Learning at Work?” Personnel Review 50, no. 4 (2020): 1200-1215.
10 E.J. Krumrei-Mancuso, M.C. Haggard, J.P. LaBouff, et al., “Links Between Intellectual Humility and Acquiring Knowledge,” The Journal of Positive Psychology 15, no. 2 (2020): 155-170.
11 B.M. Bass and R.E. Riggio, “Transformational Leadership,” 2nd ed. (Mahwah, New Jersey: Lawrence Erlbaum Associates Publishers, 2006).
12 M. Martínez-Córcoles, K.D. Stephanou, and M. Schöbel, “Exploring the Effects of Leaders’ Individualized Consideration in Extreme Contexts,” Journal of Risk Research 23, no. 2 (2020): 167-180.
13 R.C. Mayer, J.H. Davis, and F.D. Schoorman, “An Integrative Model of Organizational Trust,” Academy of Management Review 20, no. 3 (July 1995): 709-734.
14 M. Frederiksen, “Trust in the Face of Uncertainty: A Qualitative Study of Intersubjective Trust and Risk,” International Review of Sociology 24, no. 1 (March 2014): 130-144.
15 K.T. Dirks and D.L. Ferrin, “Trust in Leadership: Meta-Analytic Findings and Implications for Research and Practice,” Journal of Applied Psychology 87, no. 4 (September 2002): 611-628.
16 S. Barsade and O.A. O’Neill, “Manage Your Emotional Culture,” Harvard Business Review 94, no. 1 (January-February 2016): 58-66.
17 M.B. Brewer, “The Social Self: On Being the Same and Different at the Same Time,” Personality and Social Psychology Bulletin 17, no. 5 (October 1991): 475-482.
18 L.M. Shore, A.E. Randel, B.G. Chung, et al., “Inclusion and Diversity in Work Groups: A Review and Model for Future Research,” Journal of Management 37, no. 4 (July 2011): 1262-1289.
19 E.A Lind and K. van den Bos, “When Fairness Works: Toward a General Theory of Uncertainty Management,” Research in Organizational Behavior 24 (2002): 181-223.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى