أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اخترنا لكقيادة

الرئيس التنفيذي يغادر. ماذا الآن؟

من الممكن أن تساعد عمليةٌ ثلاثية المراحل مؤسستَكم على تجاوز رحيل الرئيس التنفيذي والانتقال بسلاسة إلى قيادة جديدة.

قرر عدد متزايد من الرؤساء التنفيذيين CEOs ترك مناصبهم وفق شروطهم الخاصة في أعقاب كوفيد-19، لعوامل تتراوح من الإرهاق إلى الرغبة في الانتقال إلى المرحلة التالية من حياتهم المهنية وحياتهم الخاصة. في حين كان آخرون قد اقتربوا ببساطة من نهاية مدتهم المتفق عليها. وأغلبهم يريد تقليص زعزعة Disruption الشركة إلى الحد الأدنى والحفاظ على إرث إيجابي، لكن أفضل الممارسات فيما يتصل بكيفية إدارة آخر 100 يوم من مدة الرئيس التنفيذي موضوعٌ لم يُبحَث بالقدر الكافي. بعيداً عن الخطوة الأولى التي وافق عليها الرئيس التنفيذي ومجلس الإدارة على انتقالٍ منظم، بما في ذلك التوقيت والشروط المالية، كيف ينبغي للرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارات أن يتقدموا؟

يمكن تقسيم الأيام الـ100 الأخيرة للرئيس التنفيذي الى ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل الإعلان Pre-announcement عندما يكون الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة ومجلس الإدارة فقط على دراية بالرحيل المزمَع؛ ومرحلة ما بعد الإعلان Post-announcement عند إعلان المغادرة لكن العمل يستمر كما هو إلى حد كبير؛ ومرحلة ما قبل الانتقال Pre-transition، عند اختيار خليفة لكنه لم يتولَّ منصبه بعد.

تُعتبر كيفية إدارة المؤسسة والأفراد لهذه المراحل أمراً حاسماً للانتقال الفاعل والحفاظ على الزخْم أعمال المؤسسة. لكن نفذ ذلك بطريقة خاطئة وسيؤدي الانتقال من قائد إلى التالي إلى زيادة خطر الزعزعة المؤسسية. وبالنسبة إلى الرئيس التنفيذي المغادر تُعتبر السمعة وعلاقات الأعمال أصولاً قيمة يجب حملها إلى المرحلة التالية من الحياة المهنية. لكن لدى عديد من الناس يكون الدافع عاطفياً في الأساس: الرغبة في تحقيق النجاح في الفصل الأخير من خدمتهم لمؤسسة ما، وموظفيها، وعملائها. ومن خلال دراسة انتقالات الرؤساء التنفيذيين في عديد من القطاعات، يصبح من الممكن تحديد أفضل الممارسات لمجالس الإدارات، والرئيس التنفيذي المغادر، والخلَف على حد سواء. إليكم دليلاً يستنير بتجارب ثلاثة من كبار القادة الذين تركوا أخيراً مؤسساتهم المختلفة في المملكة المتحدة، والذين تنطبق خبراتهم على الرؤساء التنفيذيين في كل مكان.

الإعلان المسبق: أعِدُّوا رواية مشتركة
داخلياً وخارجياً يمكن قراءة مغادرة الرؤساء التنفيذيين بطرق مختلفة، وقد يكون من الصعب تحقيق التموضع الأمثل Optimal positioning. وعلى الرغم من أن الرئيس التنفيذي قد يفضل أن يعلن رحيلَه شخصياً في وقت من اختياره، فإن ذلك قد يهدد بجعل مجلس إدارة الشركة يبدو ضعيفاً، لأن القائد المغادر يُفرِّغِ أحدَ أهم امتيازات مجلس الإدارة: سلطةَ اتخاذ القرار في شأن مَن الرئيسُ التنفيذي. وسيستفيد كل من الرئيس التنفيذي ومجلس الإدارة من الإبلاغ عن المغادرة في رواية مشتركة إيجابية للأطراف كلها بما لا يزعزع استقرار الشركة، ولا يثير القلق بين الزملاء، أو يزعزع استقرار السوق الخارجية.

بعد ست سنوات على رأس السلطة، قرر جو غارنر Joe Garner في سبتمبر 2021 التنحي عن منصبه بوصفه رئيساً تنفيذياً لجمعية البناء الوطنية Nationwide Building Society، وهي المؤسسة المالية المشتركة الأكبر في المملكة المتحدة. كان أول عمل له هو التنزّه مدةً طويلة في حديقة وندسور الكبرى مع رئيس مجلس الإدارة لمناقشة توقيت الانتقال وطبيعته. واتُّفِق على مغادرته بصورة متبادلة في اجتماع لمجلس الإدارة في سبتمبر، وعندها فقط أبلغ مرؤوسيه المباشرين.

ثم كتب غارنر منشوراً في مدونة وصور مقطع فيديو قبل الإعلان لضمان تحديد الرواية الداخلية والموافقة عليه مقدماً. ولم تصدر أي رسائل أخرى حتى صدر بيان صحافي عند الساعة السابعة من صباح 23 سبتمبر. وفي الوقت نفسه، نُشِر منشور المدونة على شبكة الإنترنت على مستوى البلاد، وأُرسِل الفيديو بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين جميعاً الذين بلغ عددهم 17,000 موظف، وشاهد 9,000 منهم الفيديو. وقال غارنر: ”يتيح الفيديو لكم وسيلة لتحقيق اتصال شخصي وعاطفي جداً. وهو عنى أنني تحكمت في الرسالة المُرسلة، وقضيت على أي رواية بديلة، لأنه أجاب عن جميع التساؤلات“.

الخلاصة الأساسية: أَبقُوا الأخبارَ بين مجموعة صغيرة، وأعِدوا رسالة تفصيلية بنحو مشترك – كلاً من الرواية وطريقة إبلاغها. أوصلوا الرسالة إلى الزملاء شخصياً، وإلى السوق قبل أن يفعل أيُّ معلق خارجي ذلك.

يظل الرؤساء التنفيذيون المغادرون مسؤولين عن كل ما يحدث في الشركة حتى يومِهم الأخير، لكنهم يخسرون نفوذهم تدريجياً.

ما بعد الإعلان: دعُوا المستقبلَ الأبعد مدى
لا يزال الرؤساء التنفيذيون مسؤولين عن كل ما يحدث في الشركة حتى يومهم الأخير. لكن من المحتم أن يفقدوا أيضاً نفوذهم بالتدريج، الأمر الذي يقلل من قدرتهم على الاضطلاع بواجباتهم. وتشكل الفترة التي تلي الإعلان، لكن التي تسبق الانتقال إلى خليفة، تحدياً كبيراً بنحو خاص، ومن السهل مواصلة إنكار حدوث أي تغيير.

حين كان ديفيد إليس الرئيس التنفيذي لفريق الرغبي الإنكليزي الرائد هارلكينز Harlequins، تعوَّد تقسيمَ عمله إلى ثلاثة أنواع: العمل كالمعتاد، والنمو، والتجارب. وبعد إعلان رحيله، اتفق هو ومجلس الإدارة على ضرورة التركيز على العمل كالمعتاد. وأدار بيعَ التذاكر، والعقود، والشؤون المالية للملعب، لكنه تخلى عن اتخاذ قرارات أبعد مدى بشأن الموظفين والاستراتيجية.

وللتأكد من أنه يظل مسؤولاً، عاد إيليس إلى عادةٍ ترجع إلى أول 100 يوم عملٍ له، عندما كان يتعلم طبيعة الأعمال. قال:  ”آنذاك كنت أحاول أن أحدد أين كانت المخاطر السيئة حقاً. في آخر 100 يوم لي، وجدتُ نفسي أعود إلى مراقبة كل هذه المخاطر مرة أخرى. وكدت أعود إلى الوراء تقريباً في مسار قوسي، وكنت أسأل نفسي: ’هل يمكن تسليم هذه المخاطر كلها إلى من سيأتي من بعدي‘؟“.

الخلاصة الأساسية: حدِّدُوا الإطار الزمني لمختلف أنواع الأعمال والقرارات. دعُوا الأهداف الاستراتيجية الأبعد مدى، وركِّزوا على الإدارة اليومية – أي على ضمان عدم وقوع أخطاء. لا تدَعُوا عملية اختيار الرئيس التنفيذي الجديد تصرف الانتباه عن الأعمال اليومية.

ما قبل الانتقال: ادعمُوا خلَفكم
ليست جميع الانتقالات سلسة. عند إقالة رئيس تنفيذي كثيراً ما يطالب مجلس الإدارة بالتغيير لمواكبة صناعة متغيرة، أو تثبيت استقرار شركة في حالة اضطراب. لكن عديداً من الشركات تريد الاستمرارية من قائد إلى قائد آخر، وبعض الصناعات تضع قواعد نظامية للانتقال. مثلاً يُفصِّل نظام كبار المديرين Senior Managers Regime للخدمات المالية في المملكة المتحدة المعلوماتِ التي يجب على الرئيس التنفيذي المغادر توفيرُها لخلَفه. وبنحوٍ أقل رسمية كثيراً ما يشير القادة الذين غادروا أخيراً إلى أهمية خدمة خليفتهم؛ حتى أن أحدهم أوصى بأن يكون ”تابعاً“ لهم، لمصلحة المؤسسة. ويقول رؤساء تنفيذيون غادروا أخيراً أيضاً إنهم كانوا حريصين على نقل ثقافة مؤسساتهم إلى رئيس تنفيذي مُعيَّن من خارجها.

وأكثرَ من أيِّ من المؤسسات الأخرى، تحتاج القوات المسلحة إلى تعاقب سلس، وهي طورت نموذجاً للقيادة لضمان ذلك. وإذا فُقد أحد القادة في ساحة المعركة، لا بد من أن يكون شخص آخر مستعداً لتولي دوره على الفور. عندما كان الجنرال البريطاني السير نيك كارتر Gen. Sir Nick Carter يستعد للتنحي عن منصبه رئيساً لأركان الدفاع في نوفمبر 2021، قرر أن يقضي بعض الوقت المتبقي لديه لمساعدة خلَفه في تعلُّم الوظيفة. الهدف: ضمان الاستمرارية، ولاسيما في العلاقات الشخصية المهمة. وقال: ”هناك ميزة في وجود هياكل وأنظمة تتسم بالقدر الكافي من المرونة والقدرة على الصمود في وجه تغيير القيادة. وإذا أصبحت عبادة الشخصية سمة من سمات الحياة العسكرية، فهناك خطر أن تنتهي بكم الحال بأن تركزوا على رجل واحد أو امرأة واحدة عندما تحتاجون في واقع الأمر إلى تركيز أوسعَ مدى من ذلك“.

الخلاصة الأساسية: يتعين على الرئيس التنفيذي الحالي أن يناصر القائد المقبل من خلال طمأنة الموظفين علانيةً، والتأكيد على الاستمرارية. رتِّبوا لفترة قصيرة من التداخل، إن أمكن، يمكن خلالها للآتي الجديد أن يتتبع Shadow عمل الرئيس التنفيذي المغادر، وذلك بالمشاركة في اجتماعات، مثلاً.

الانتقال – إلى المرة التالية
يشير ارتفاع عدد حالات مغادرة الرؤساء التنفيذيين الطوعية إلى أن الوقت قد حان لكي تضع الشركات خططاً للتعاقبات المقبلة. ويُعد القطاع العام مصدراً جيداً للقوالب، لأنه كثيراً ما ينفذ الخدمات الأساسية، ولا يمكنه أن يتعرض لخطر فترة مؤقتة من الفوضى. ولهذا السبب كثيراً ما تأتي الأدوار القيادية فيه مُحدَّدة بمدة رسمية أو غير رسمية، ويميل التسلم والتسليم إلى اتباع إجراءات راسخة تجعل العملية سلسة ويمكن توقعها.

ومن الممكن أن تبدأ شركات القطاع الخاص بذلك بإنشاء دليل يستند إلى هذه الممارسات وغيرها من أفضل الممارسات Best practices، إلى جانب الدروس المستفادة من انتقالاتها الخاصة. كما يمكنها أيضاً التفكير في تحديد فترة زمنية غير رسمية لرئيس تنفيذي مقبل – مثلاً، خمس سنوات – والاتفاق على أهداف ذلك الإطار الزمني. ومن الممكن أن يقرر مجلس الإدارة، في الوقت المناسب ما إذا كان يريد من الرئيس التنفيذي أن يستمر إلى ما بعد ذلك. وإذا كانت إحدى الشركات قد اختارت من فورها رئيساً تنفيذياً جديداً، فقد لا يكون من السابق للأوان البدءُ في التفكير في أوان رحيله.

ديفيد غيليسبي David Gillespie

ديفيد غيليسبي David Gillespie

يترأس أعمال شركة أوليفر وايمان Oliver Wyman الاستشارية في المملكة المتحدة وأيرلندا في لندن، ويقود ممارسة الخدمات المالية هناك.

توني سيمبسون Tony Simpson

توني سيمبسون Tony Simpson

شريك في شركة أوليفر وايمان في مجال الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا، فضلاً عن ممارستها في مجال الموظفين الأداءَ المؤسسي.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى