أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
التفكير التصميميبحثعلم الأعصابفنون وعلوم إنسانية

علم الأعصاب الخاص بتجربة العملاء

عندما تنير التبصرات العصبية التفكير التصميمي، يصبح في وسع الشركات أن تبتكر بقدر أعظم من الدقة.

بفضل علامات تجارية مثل سيفورا Sephora، وديزني Disney، وباس برو شوبس Bass Pro Shops، وأمريكان غيرل American Girl، أصبح المستهلكون يتوقعون تجارب غير عادية– والشركات تتعرض لضغوط متزايدة لإنشاء هذه الفرص.1B.J. Pine and J.H. Gilmour, “The Experience Economy: Competing for Customer Time, Attention, and Money,” rev. ed. (Boston: Harvard Business Review Press, 2019). وحتى المحترفون يستمرون في تصعيد لعبتهم. خذوا ستارباكس Starbucks حيث كان من المفهوم منذ فترة طويلة أن المقهى أكثر من مكان للحصول على القهوة. مواقع ستارباكس ريزيرف Starbucks Reserve ترتقي بتجربة المقهى إلى مستوى جديد. يرقب النزلاء حبوب البن الخضراء وهي تُحمَّص ثم تحضّر في الموقع، فيما يستضيف ”خبراء في مزج المشروبات“ Mixologists حفلات تذوق القهوة ويعدون الكوكتيلات الفريدة. ويمكن للأشخاص تسوق الأعمال الفنية والهدايا المحلية وهم يتنقلون بينها حاملين مشروباتهم بأيديهم. كذلك يمكنهم القيام بجولات سياحية أو تناول العشاء أوحضور الدروس.

لا شك في أن تجارب العملاء غير العادية ليست دائماً في الجانب الأغلى. مثلاً، تطير شركة الطيران ذات التكلفة المنخفضة أفيلو Avelo من المطارات الصغيرة التي يسهل التنقل منها وإليها. وهي تشجع الركاب على إدخال حقائبهم في قسم الشحن من أجل تسريع الصعود إلى الطائرة والنزول منها، كما ألغت رسوم تغيير الرحلات الجوية. يجعل تركيز أفيلو السفر بأسعار معقولة سهلاً ومريحاً– هي ترقيات Upgrades كبيرة عندما تفكرون فيما يحصل عليه عادة المسافرون الذين يهتمون بالميزانية.

على الرغم من أن مجموعة التجارب الاستثنائية واسعة، فإنها تهدف بوجه عام إلى إنشاء ارتباط بالعلامة التجارية وولاء العملاء. ويمكن لتجربة سيئة واحدة أن تدفع العملاء بعيداً مدى الحياة، لكن تجربة رائعة تنشئ رغبة في الشراء مرة أخرى. لكن محاولة إنشاء شيء ما ”مدهش“ أو ”مذهل“ تفتقر إلى الدقة المطلوبة لتصميم ما هو استثنائي مرة بعد أخرى.

على مدى السنوات الـ20 الماضية، حدد فريقي البحثي مجموعة من إشارات الدماغ التي تجعل التجارب تبدو قيمة Valuable ومشحونة عاطفياً Emotionally charged، ما يجعلها لا تنسى Memorable. وأظهر عملنا أن هذه التركيبة تولد الرغبة في تكرار التجربة.

بعد قياس نشاط دماغ الأفراد خلال آلاف التجارب، سواء في مختبري أو في الشركات، دمجت مبادئ التفكير التصميمي Design thinking principles المستخدمة على نطاق واسع مع علم الأعصاب، حتى يتسنى لأي شخص أن ينشئ تجارب غير عادية. سأصف كيف، لكن أولاً، دعونا ندقق في الجانب العلمي بقدر أكبر من التفصيل.

مكونات الانغمار
الردود العاطفية القوية تشحن ذكريات التجارب.2This has long been established. See, for example,K.S. LaBar and E.A. Phelps, “Arousal-Mediated Memory Consolidation: Role of the Medial Temporal Lobe inHumans,” Psychological Science 9, no. 6 (November 1998): 490-493. فكروا في مدى سهولة تذكر مكانكم في 9/11، مثلاً، أو مدى الوضوح الذي تتذكرون به فيلماً هيّج مشاعركم.

الاستجابة العاطفية هي استجابة غير واعية، لذلك لا يمكن أن تنعكس في ملاحظات المستخدم المقدمة بوعي، مثل نتائج الاستطلاعات والتصنيفات. والواقع أن تصنيفات كهذه تكاد تكون بلا قيمة توقعية بالنسبة إلى مقاييس أداء المنتجات.

الاستجابة العاطفية هي استجابة غير واعية، لذلك لا يمكن أن تنعكس في ملاحظات المستخدم المقدمة بوعي مثل نتائج الاستطلاعات والتصنيفات. والواقع أن تصنيفات كهذه تكاد تكون بلا قيمة توقعية بالنسبة إلى مبيعات تذاكر الأفلام، أو البث على الإنترنت Online streaming، أو العراقيل التي تواجه المبيعات من الإعلانات، أو غير ذلك من مقاييس أداء المنتجات Product performance measures.3L.K. John, O. Emrich, S. Gupta, et al., “Does ‘Liking’ Lead to Loving? The Impact of Joining a Brand’s Social Network on Marketing Outcomes,” Journal of Marketing Research 54, no. 1 (November 2017): 144-155. For findings that show more broadly that self-report measures are not predictive, see A.F. Kraig, J.A. Barraza, W. Montgomery, et al., “The Neurophysiology of Corporate Apologies: Why Do People Believe Insincere Apologies?” International Journal of Business Communication, July 9, 2019, https://doi.org/10.1177/2329488419858391. والواقع أن الذاتي Subjective لا يتوقع هذا الهدف الموضوعي Objective على الإطلاق.

وعندما يطلب إلى الأفراد أن يقيّموا كمياً استجاباتهم العاطفية غير الواعية، لا تمنحهم أدمغتهم القدرة على الوصول إلى هذه المعلومات بأي درجة من الدقة. لا يمكن جعل النشاط العصبي اللاواعي واعياً مهما حاول المرء. فالناس يكذبون من دون قصد. هم يشعرون بأنهم لا بد من أن يستحضروا إجابة لأن الباحث طلب إجابة. وإضافة إلى ذلك، تخضع الإجابة المقدمة لمجموعة كبيرة من التحيزات، مثل المقبولية الاجتماعية Social acceptability، والتطابق مع الهوية الذاتية Congruence with one’s self identity، وتأثيرات التأطير Framing effects، وهو ما من شأنه أن يزيد من تدهور صحتها.

ومن الممكن تجنب عدم دقة التقرير الذاتي، وهو التحدي الذي يتصارع معه الباحثون باستمرار، من خلال قياس النشاط العصبي. بعد نشر بحثي الأولي الذي يحدد مؤشرات التجارب الكيميائية العصبية، تلقى مختبري تمويلاً حكومياً لقياس نحو 150 إشارة دماغية في الوقت نفسه، للبحث عن التوقيعات الكهربائية Neuroelectric signatures التي تستفز الدماغ وتخرجه من الاتزان الداخلي Homeostasis، وتجبر الأفراد على اتخاذ إجراء ما بعد التجربة.4J.A. Barraza and P.J. Zak, “Empathy Toward Strangers Triggers Oxytocin Release and Subsequent Generosity,” Annals of the New York Academy of Sciences 1167, no. 1 (June 2009): 182-189. ومن خلال هذا الجسم من الأبحاث، حددنا حالة عصبية أسميها الانغمار Immersion.5For more details, see P.J. Zak, “Neurological Correlates Allow Us to Predict Human Behavior,” The Scientist, Oct. 1, 2020, www.the-scientist.com.

يحتوي الانغمار على مكونين رئيسين. الأول يتلخص في ربط Binding الناقل العصبي Neurotransmitter الدوبامين Dopamine بالمستقبلات Receptors في قشرة الفص الجبهي Prefrontal cortex في الدماغ. وهذا يحفّز الدماغ إلى الانتباه إلى أن شيئا ما ذا قيمة قد يكون في موقع قريب.6G. Jocham, T.A. Klein, and M. Ullsperger, “Dopamine-Mediated Reinforcement Learning Signals in the Striatum and Ventromedial Prefrontal Cortex Underlie Value-Based Choices,” Journal of Neuroscience 31, no. 5 (February 2011): 1606-1613. والعنصر الثاني هو إطلاق مادة الأوكسيتوسين Oxytocin الكيميائية العصبية من جذع الدماغ Brain stem، الأمر الذي قد يؤدي إلى تولد صدى عاطفي Emotional resonance يرتبط بالتجربة التي يتمتع بها المرء. ومن الممكن تتبع النشاط الكهربائي لهذه الإشارات ثانية بثانية، وهي توفر مقياساً جسدياً متعدد المستويات للقيمة التي تتمتع بها أدمغة المستهلكين وما يبعث البهجة في نفوس الأفراد– ذلك المزيج السحري الذي يجعل التجارب لا تنسى وتستحق التكرار.

في الدراسات التي استخدمت المستحضرات الصيدلانية لتعزيز الصدى العاطفي في الدماغ وتحليل تأثيراته، وجد فريقي البحثي أن الانغمار يؤثر في قرارات الإنفاق. مثلاً، زادت هذه الزيادة بدرجة كبيرة من عدد القضايا الخيرية التي تبرع لها الناس، وكمية الأموال التي أعطوها بعد أن شاهدوا إعلانات عن الخدمات العامة.7P. Lin, N.S. Grewal, C. Morin, et al., “Oxytocin Increases the Influence of Public Service Advertisements,” PLoSONE 8, no. 2 (February 2013) e56934. وأظهرت دراسات أخرى أن استخدام الأوكسيتوسين الاصطناعي زاد ما سيدفعه الأشخاص في مقابل المنتجات، وعزّز تصوراتهم حول كفاءة العلامة التجارية، كما زاد من استخدامهم للغة العاطفية عند وصف العلامات التجارية.8J. A. Barraza, X. Hu, E.T. Terris, et al., “Oxytocin Increases Perceived Competence and Social-Emotional Engagement with Brands,” PLoS ONE 16, no.11 (November 2021): e0260589.

وعندما تفتقر تجارب المستهلك إلى الصدى العاطفي، لا يقدر الدماغ المنتبه ما يحدث لعدم ارتباطها بـ”علامة“ Tagging عصبية. وفي الأساس، لا تُلاحَظ الإثارة البدنية من دون الأثر المهدئ للأوكسيتونين. هذه حالة من الحالات العصبية التي أسميها الإحباط Frustration. يمكن أن يساعد تحديد نقاط الانغمار والإحباط الشركات في إنشاء تجارب استثنائية للعملاء والحيولة دون حدوث أي تجارب غير مرضية.

فيما بعد إجراء البحث المبكر في المختبر، أعددت منصة آلية لجمع البيانات وتحليلها من مئات الشركات. تظهر هذه البيانات أن الانغمار يولد تعزيزاً مزاجياً في الأنشطة المتنوعة مثل تسوق الملابس والاستماع إلى الموسيقى وتناول الحلويات.

التفكير التصميمي + علم الأعصاب
في الأغلب يستخدم الباحثون وفرق الابتكار التي تدرس تبصرات المستهلكين مبادئ التفكير التصميمي لفهم تجارب المستهلكين وتحسينها. ومن الأهمية بمكان أن يحاول التفكير التصميمي قياس الاستجابات العاطفية لدى الناس. لكن كما نوقش أعلاه، يُبلَّغ عن المشاعر بنحو غير دقيق من قِبَل الدماغ الواعي. ويسمح لنا تطبيق التبصرات من علم الأعصاب للتفكير التصميمي بسد الفجوة بين ما يضطلع به الأشخاص وما يشعرون به. ويمكن أن يساعد هذا النهج الشركات على التعاطف مع العملاء بشكل أكثر فاعلية، وتحديد المشكلات التي يجب حلها باستخدام المنتجات أو الخدمات الجديدة، وتطوير النماذج الأولية Prototype واختبار الحلول. ولسنا في حاجة إلى قياس الدماغ مباشرة لتطبيق الأفكار الأساسية، ولو أن قياس الانغمار من الممكن أن يساعد الشركات في التعجيل بإنشاء غير العادي وتنقيحه.

هنا، سنلقي نظرة على كيفية عمل كل ذلك في ثلاث خطوات أساسية لعملية التفكير التصميمي.

التعاطف Empathize. يبدأ التفكير التصميمي بإجراء مراقبة ومقابلات مع الناس الذين يستخدمون منتجاً موجوداً أو خدمة موجودة أو الذين لا يتوافر لهم حل جيد. والهدف هو التعاطف مع العملاء لتحقيق فهم أفضل لاحتياجاتهم.

تبين أبحاث علم الأعصاب أنكم تنالون نتائج أفضل إذا اتخذتم خطوات تضمن أن المشاركين يشعرون بأمان نفسي قبل أن يخضعوا للرصد. ففي غياب الأمان النفسي، يعيق النورإيبينفرين Norepinephrine -وهو أحد من النواقل العصبية الدماغية للإثارة Arousal neurotransmitters- إطلاقَ الأوكسيتوسين، – وهو مصدر رئيس للصدى العاطفي خلال أي تجربة. وهذا يحبط قدرة الناس على غمر أنفسهم في تجربة وإعطاء الراصدين ملاحظات مفيدة.9S. Het, D. Schoofs, N. Rohleder, et al., “Stress-Induced Cortisol Level Elevations Are Associated With Reduced Negative Affect After Stress: Indications for a Mood-Buffering Cortisol Effect,” Psychosomatic Medicine 74, no. 1 (January 2012): 23-32. See also E.T. Cox, T.M. Jarrett, M.S. McMurray, et al., “Combined Norepinephrine/Serotonergic Reuptake Inhibition: Effects on Maternal Behavior, Aggression, and Oxytocin in the Rat,” Frontiers in Psychiatry 2, no. 34 (June 2011): 1-14. وفي الأغلب تستعجل فرق تبصرات المستهلكين وضع المشاركين في طور الدراسة باسم الكفاءة، من دون أن تعي أنها تخفض جودة المعلومات التي تتلقاها. بدلاً من الإسراع بدفع المشاركين إلى الملاحظة أو المناقشة، امنحوا المشاركين فرصة للاسترخاء. فوضعهم في مكان مألوف يزيد من السلامة النفسية، وكذلك تقديم وجبة خفيفة. وفروا الوقت الكافي للحاجات البيولوجية إذا كنتم تقضون أكثر من ساعة واحدة معهم لضمان راحتهم. إن جعل الناس يشعرون بالأمان هو في حد ذاته تصرف من التعاطف.

يجب على من يجرون المقابلات تبني أسلوب متعاطف من خلال طرح أسئلة مفتوحة لاستخلاص كلمات كاشفة عاطفياً، بدلا من مطالبة المشاركين بفعل بالمستحيل: تقييم مشاعرهم على مقياس رقمي لا معنى له.

كذلك تظهر الأبحاث أن إثنوغرافيي المستهلكين Consumer ethnographers الذين يتمتعون بعاطفة بدرجة كبيرة يستخلصون ردوداً عاطفية بفاعلية أكبر.10T. Kelley, “The Art of Innovation: Lessons in Creativity from IDEO, America’s Leading Design Firm” (New York: Broadway Business, 2001). وظفوا الأشخاص الذين يتمتعون بهذه الصفة الشخصية للاستفادة إلى أقصى حد عند إجراء المقابلات مع العملاء. إضافة إلى ذلك، يجب على من يجرون المقابلات تبني أسلوب متعاطف من خلال طرح أسئلة مفتوحة Open-ended questions لاستخلاص كلمات كاشفة عاطفياً، بدلا من مطالبة المشاركين بفعل المستحيل: تقييم مشاعرهم على مقياس رقمي لا معنى له. يتيح الاستماع النشط للمرء استكشاف جوانب التجربة التي تسبب الألم والمتعة وتشجع سرد القصص، وهو الأسلوب الافتراضي الذي يستخدمه الأشخاص لوصف التجارب.11P.J. Zak, “Why Your Brain Loves Good Storytelling,” Harvard Business Review, Oct. 28, 2014, https://hbr.org.

إليكم مثالاً لتوضيح هذا: دعا كازينو متوسط الحجم في نيفادا الجنوبية كان يخطط للتوسع مجموعة متنوعة من العملاء وحفزهم إلى الاستمتاع بالمنشأة في حين لاحقهم كظلهم إثنوغرافيو العملاء لفهم تجارب الرواد. وقبل الدخول إلى المبنى، كان كل فرد أو زوج يجلسان على أريكة في ردهة مريحة وقدمت إليهم مشروبات غازية ووجبات خفيفة في حين قدم الإثنوغرافيون أنفسهم بالاسم ووصفوا الدراسة. وهذا من شأنه أن يُشعر الأفراد بالراحة. ثم سلم المشاركون 50 دولاراً ودُعُوا لاستكشاف الكازينو بأي طريقة يريدونها، ما منحهم إحساساً بالسيطرة في أثناء المراقبة ويعزز أكثر السلامة النفسية. والتُمِست انطباعات المشاركين، وفي حين استكشفوا مواقع الألعاب والمطاعم، توبع الانغمار العصبي باستخدام تطبيقات Apps خاصة على الساعات الذكية Smartwatches.12P.J. Zak and J.A. Barraza, “Measuring Immersion in Experiences with Biosensors — Preparation for International Joint Conference on Biomedical Engineering Systems and Technologies,” Proceedings of the 11th International Joint Conference on Biomedical Engineering Systems and Technologies (2018): 303-307.

بعد ساعة في الكازينو، عاد المشاركون إلى الردهة حيث أمكنهم استخدام دورات المياه وتناول مزيد من الوجبات الخفيفة والمشروبات. فقط بعد ذلك سألهم الإثنوغرافيون عما أحبوه في كازينو جديد. كشفت البيانات العصبية والمقابلات عن إحباط كبير عندما أبطأت العقبات التقدم في حين حاول الناس السير نحو طاولات الألعاب. وواجه العملاء أيضا صعوبة في العثور على المطاعم عندما غادروا مناطق الألعاب، وعانى المشاركون الأكبر سنا لقراءة خط قوائم الطعام. وكانت التفاعلات مع المشرفين على الأعلام ومقدمي الخدمات هي أكثر أجزاء التجربة غمراً. وأنارت هذه التبصرات المراحل اللاحقة في عملية التفكير في التصميم وأدمجت في تصميم الكازينو الموسع وتدريب الموظفين.

يتضمن تحديد المشكلة الواجب حلها تحديد مصادر إحباط المستخدم. ويتجلى الإحباط عصبياً باعتباره استجابة للإجهاد، فينتج مؤشرات مادية مثل تبديل القدمين، وحك الرأس.

التعريف Define. تتضمن الخطوة التالية – وهي تحديد المشكلة التي يجب حلها- تحديد مصادر الإحباط، وتحديد أي منها يجب معالجتها. ويتجلى الإحباط عصبياً باعتباره استجابة للإجهاد، فينتج مؤشرات مادية مثل تبديل القدمين، وحك الرأس، وإجابات مبتسرة عن الأسئلة. ويمكن رؤية الإحباط عند استخدام المنتج في تكرار الخطوات اللازمة لتشغيل الجهاز أو التلمس الأخرق للأزرار أو المقابض.

ويتفاوت التسامح مع الإحباط بقدر كبير بين الأفراد والسياقات، لذلك من الأهمية بمكان أن يتحكم الباحثون في الاختلافات عند تحليل التحديات. بعد ذلك، يمكن للمصممين ترتيب مشكلات العملاء لتحديد المشكلات الأساسية التي يجب حلها. ويسمح القياس العصبي بقدر أعظم من الدقة، لكن المؤشرات المادية Physical indicators للإحباط توفر أيضاً معلومات قيِّمة.

وهناك نقطة إحباط كبرى في أثناء عديد من تجارب العملاء– مثل التسوق لشراء البقالة، أو تجديد رخصة القيادة، أو قضاء الوقت في حديقة ترفيهية مزدحمة– وهي الانتظار في طابور. لفهم هذه المشكلة، تبنت شركة والت ديزني إيماجينيرينغ Walt Disney Imagineering، التي تصمم حدائق ألعاب ديزني، مجموعة متنوعة من النماذج الصورية، من لوحات القصص إلى نماذج ضخمة إلى محاكاة للواقع الافتراضي، حتى يتمكن المصممون من البحث عن نقاط الإحباط وتخفيفها أو منعها. هذه هي الطريقة التي اكتشفت بها ديزني أن جعل الضيوف يتجولون في منطقة جذب يقلل من تحريك القدمين المرتبط بالوقوف، وأن نشر العلامات مع أوقات الانتظار يقلل من الاستجابات المتوترة المرتبطة بعدم اليقين، مثل النقر بالأصابع. كذلك اكتشف فريق ديزني أنه قادر على منع الإحباط من خلال إزالة العقبات التي تحول دون تدفق حركة المرور بين مناطق الجذب. مثلاً، جعل نقاط الاختناق أكثر سلاسة بتقليل حجم الألواح التي يحتاج الأشخاص إلى السير حولها.

اختبر فريقي اهتمام إيماجينيرينغ بالتفاصيل في تصميم الحدائق من خلال جمع البيانات العصبية في ديزني لاند Disneyland من الزائرين الذين زودناهم بساعات ذكية لقياس الانغمار والإحباط. وأظهرت البيانات أن فترات الإحباط العصبي في الطوابير كانت نادرة إلى حد مدهش. ومداخل مناطق الجذب مصممة بغنى، الأمر الذي يمنح عقول الزوار أحجيات ينبغي لهم حلها. ولقد أظهرت البيانات المجموعة في يوم كامل أن الدخول نحو رحلة ركوب كان أكثر غمراً من الرحلة نفسها في نصف الحالات. لقد تأثرنا بتبصرات التصميم الذكية والتنفيذ الذكي من قبل فريق إيماجينيرينغ من ديزني.

وفي مجموعة متنوعة من التجارب في ديزني لاند وفي أماكن أخرى، وجدنا أيضاً أن الانغمار معد– وتتضاءل التحديات– عندما تتشارك مجموعات من الناس في تجربة. توفر مشاهدة شخص ما يكتشف ”بيضة عيد الفصح“ Easter egg في أثناء دخوله مغامرة إنديانا جونز Indiana Jones Adventure في ديزني لاند المتعة والإثارة للآخرين، مما يقلل من إحباط الانتظار الطويل.

النموذج الأولي والاختبار Prototype and test. من الضروري وضع الأفكار الأولية وأن نمنحها فترة تجريبية صغيرة قبل الالتزام بالإنتاج– وأن نستمر في اختبارها وتحسينها بعد دخولها إلى السوق. فإجراء الاستطلاعات ومجموعات التركيز Focus groups لقياس النماذج الأولية والمنتجات التي يحبها الناس هو نهج معيب لعدة أسباب. بادئ ذي بدء، لا ينظر الناس عادة إلى تغييرات التصميم التكراري iterative design changes إلا بنحو غير واع، لذلك من الصعب عليهم تقييمها في أثناء المقابلات أو باستخدام التصنيفات. وحتى إذا حدّدتم بوضوح التغييرات التي يتعين على الناس تقييمها، لا تزال التصنيفات غير مُحكمة (أي أن تصنيفين بواقع ”10 من 10“ أو ”إعجاب“ لا يتماثلان لدى عميلين مختلفين) ولا يمكن توقعها إلى حد كبير. وعند إعداد نموذج أولي واختبار لتجارب أكثر ابتكاراً أو غير عادية، ستواجهون عقبة مختلفة: يفتقر الناس إلى نقطة Rreference point عندما يحاولون وصف ما إذا كانوا يحبون عرضاً أو يكرهونه بنحو خاص.

يتطلب تحديد ما إذا كان العملاء سيشترون منتجاً بيانات عن القيمة العاطفية التي يستمدها الأشخاص منه؛ المشاعر هي التي تدفع قرارات الشراء. أحد المؤشرات هو مدة تفاعل المختبرين مع المنتج.

ويتطلب تحديد ما إذا كان العملاء سيشترون منتجاً بيانات عن القيمة العاطفية التي يستمدها الأشخاص منه؛ المشاعر هي التي تدفع قرارات الشراء.13C. Yoon, R. Gonzalez, A. Bechara, et al., “Decision Neuroscience and Consumer Decision Making,” Marketing Letters 23, no. 2 (June 2012): 473-485. وكما نوقش أعلاه، يخفي الدماغ الاستجابات العاطفية عن الوعي الواعي. ونتيجة لذلك، فإن النيات للشراء في المستقبل لا تتوقع مشتريات فعلية من المنتجات الجديدة توقعاً جيداً.14V.G. Morwitz, J.H. Steckel, and A. Gupta, “When Do Purchase Intentions Predict Sales?” International Journal of Forecasting 23, no. 3 (July-September 2007): 347-364. وإحدى الطرق لثبيت التوقعات في الملاحظة هي معرفة مدة استخدام المُختَبرين للنموذج الأولي أو المنتج. عندما أجريت اختبارات لمنتج واقع افتراضي جديد، زاد وقت الاستخدام مع عدد الكلمات العاطفية الإيجابية التي استخدمها الأشخاص لوصف التجربة. وقياس الاستجابات العصبية أعطانا بيانات موضوعية مرتبطة بالوقت حول الانغمار أو الإحباط والتي أقرنت مع مقاطع فيديو للنموذج الأولي قيد الاستخدام. وهناك مقياس آخر يمكن ملاحظته وهو عدد المختبرين الأوائل الذين يطلبون شراء النماذج الأولية.

تمتلك إلكترولوكس Electrolux صانعة الأجهزة العالمية مختبراً لعلوم المستهلك Consumer science lab في ستوكهولم يبدو كأنه مطبخ في منزل نموذجي، لكن به 15 آلة تصوير مُخفاة تلتقط كيف يستخدم المستهلكون النماذج الأولية للأجهزة. كذلك يسأل الموظفون المشاركين في الدراسة للحصول على معلومات معمقة حول الاستخدام في أثناء تجربة الأدوات الجديدة. وتتضمن بعض الاختبارات جمع البيانات العصبية عبر الساعات الذكية التي تمكن متابعة الاستجابات العاطفية في الوقت الفعلي. مثلاً، يمكن أن تميز الإشارات العصبية فترات الانغمار القصوى التي تنتج المتعة عن لحظات الإحباط عندما يقضي أحد المشاركين وقتاً أطول من المتوقع في ضبط عناصر التحكم في غسالة أطباق. كذلك يمكن أن تعمل البيانات العصبية في الوقت الفعلي على إنارة الأسئلة التي يطرحها أعضاء فريق تبصرات المستهلكين. وسواء ضُمِّن القياس العصبي المباشر أو لا، يطرح أعضاء فريق التبصرات أسئلة مفتوحة حول ما يعانيه المستهلكون في أثناء تجربة منتجات جديدة، ويتابعون الوقت الذي يقضونه في تشغيل كل جهاز، ويلاحظون أي مؤشرات مادية للاستجابات العاطفية. ثم يراجع فريق المنتجات الجديدة مقاطع الفيديو الخاصة بتجارب المختبر لتحديد ما إذا كان النموذج الأولي جاهزاً للانتقال إلى السوق أو يحتاج إلى مزيد من العمل.

ولما كان العملاء في السوق التجارية يستخدمون منتجاً أو خدمة، يمكن للتعليقات السلوكية (مثل معدلات التبني وأوقات الاستخدام) أن تعكس الانغمار في مجموعة التحسينات التالية للميزات وتحديدها. وفي غياب القياس المباشر للدوبامين والأوكسيتوسين حتى، يمكن لدراسة سلوك “المعجبين الخارقين” Superfans أن تكشف ما إذا كانت هذه المجموعة المهمة المتحمسة جداً من العملاء مسرورة أو محبطة.

يتمتع المعجبون الخارقون بمستويات عالية من الانغمار في أثناء استخدام منتج أو خدمة، ما يؤدي إلى توتر عصبي يخفف من خلال مشاركات وسائل التواصل الاجتماعي. ولأن هذه المنشورات ترتبط ارتباطاً إيجابياً بالانغمار، في وسع الشركات أن تستخدمها لقياس مدى فاعلية تلبية الشركات لاحتياجات المعجبين الخارقين. توفر برمجيات معالجة اللغة الطبيعية Natural language processing software معلومات معمقة إضافية من خلال القياس الكمي للكلمات الإيجابية والسلبية في المنشورات. ونسبة الكلمات العاطفية الإيجابية إلى السلبية هي مقياس يمكن متابعته مع المبيعات لتقييم ما إذا كان ينبغي للشركة أن تستمر في تحسين منتج أو ميزة أو التخلص منهما. إذا اشتكى المعجبون الخارقون من ميزة ما، يجب التحقيق فيها من أجل تحسينها أو إزالتها، لأن المستخدمين النموذجيين سيتحملون قدراً أقل بكثير من التسامح مع الإحباط.

يمكن أيضاً للمعجبين الخارقين المشاركة بنحو مباشر أكثر في عملية تطوير المنتجات، ما يوفر تجارب استثنائية لأنفسهم. مثلاً، أشركت شركة ألعاب على الهاتف المحمول معجبيها الخارقين في تكرار أصول الشخصيات لإطلاق لعبة جديدة. بعد دعوتهم إلى المشاركة في الاختبار التجريبي، استخدمت الشركة منشورات وسائل التواصل الاجتماعي وقياس الانغمار المباشر لتقسيم المعجبين الخارقين بناءً على شخصياتهم المفضلة. ثم استُهدِفوا على نحو دقيق: تلقى مختبرو الإصدار التجريبي رابط “مشاركة” الذي تضمن رسماً كرتونياً Cartoon rendering لأنفسهم كشخصيتهم في اللعبة. وطلبت إليهم الرسالة أن يستبدلوا بصورتهم في وسائل التواصل الاجتماعي الصورة الكرتونية وأن يقولوا للعالم لماذا كانت شخصيتهم هي المفضلة لديهم. وعُدِّلت بعد ذلك الشخصيات ولعب اللعبة وفق ذلك قبل الإصدار الواسع من اللعبة. ومكنت هذه المشاركة العميقة من جانب المعجبين الخارقين الشركة من تحسين منتجاتها وتعزيز تبني الألعاب خلال إصدارها الواسع.

فرق تجارب المنتجات والمستهلكين تستخدم على نحو متزايد تبصرات عصبية لتحديد القيمة الحقيقية للمستهلكين، وما يجلب لهم السعادة، وما يقلل من تحديهم وإحباطهم أو يقضي عليهما. المكافأة؟ تصميم ذكي للمنتجات يوفر تجارب استثنائية، ما يعزز ولاء العملاء وربحيتهم. ومع استمرار تقليص التكنولوجيات والأجهزة التكلفة والحجم، يمكن أن تنتقل شركات إضافية بعيداً عن التقارير الذاتية المصفاة بوعي، وأن تحتضن القياس المستند إلى الدماغ في سعيها إلى الابتكار وخدمة العملاء بنحو أفضل.

بول جاي. زاك Paul J. Zak (@pauljzak)

بول جاي. زاك Paul J. Zak (@pauljzak)

أستاذ العلوم الاقتصادية وعلم النفس والإدارة في جامعة كليرمونت العليا Claremont Graduate University. كما أسس شركة منصة العلوم العصبية كخدمة إيمرشن نيوروساينس Immersion Neuroscience. وهو مؤلف الكتاب المقبل الانغمار: علم الاستثنائي ومصدر السعادة Immersion: The Science of the Extraordinary and the Source of Happiness (لينكورست Lioncrest, 2022).

المراجع

المراجع
1 B.J. Pine and J.H. Gilmour, “The Experience Economy: Competing for Customer Time, Attention, and Money,” rev. ed. (Boston: Harvard Business Review Press, 2019).
2 This has long been established. See, for example,K.S. LaBar and E.A. Phelps, “Arousal-Mediated Memory Consolidation: Role of the Medial Temporal Lobe inHumans,” Psychological Science 9, no. 6 (November 1998): 490-493.
3 L.K. John, O. Emrich, S. Gupta, et al., “Does ‘Liking’ Lead to Loving? The Impact of Joining a Brand’s Social Network on Marketing Outcomes,” Journal of Marketing Research 54, no. 1 (November 2017): 144-155. For findings that show more broadly that self-report measures are not predictive, see A.F. Kraig, J.A. Barraza, W. Montgomery, et al., “The Neurophysiology of Corporate Apologies: Why Do People Believe Insincere Apologies?” International Journal of Business Communication, July 9, 2019, https://doi.org/10.1177/2329488419858391.
4 J.A. Barraza and P.J. Zak, “Empathy Toward Strangers Triggers Oxytocin Release and Subsequent Generosity,” Annals of the New York Academy of Sciences 1167, no. 1 (June 2009): 182-189.
5 For more details, see P.J. Zak, “Neurological Correlates Allow Us to Predict Human Behavior,” The Scientist, Oct. 1, 2020, www.the-scientist.com.
6 G. Jocham, T.A. Klein, and M. Ullsperger, “Dopamine-Mediated Reinforcement Learning Signals in the Striatum and Ventromedial Prefrontal Cortex Underlie Value-Based Choices,” Journal of Neuroscience 31, no. 5 (February 2011): 1606-1613.
7 P. Lin, N.S. Grewal, C. Morin, et al., “Oxytocin Increases the Influence of Public Service Advertisements,” PLoSONE 8, no. 2 (February 2013) e56934.
8 J. A. Barraza, X. Hu, E.T. Terris, et al., “Oxytocin Increases Perceived Competence and Social-Emotional Engagement with Brands,” PLoS ONE 16, no.11 (November 2021): e0260589.
9 S. Het, D. Schoofs, N. Rohleder, et al., “Stress-Induced Cortisol Level Elevations Are Associated With Reduced Negative Affect After Stress: Indications for a Mood-Buffering Cortisol Effect,” Psychosomatic Medicine 74, no. 1 (January 2012): 23-32. See also E.T. Cox, T.M. Jarrett, M.S. McMurray, et al., “Combined Norepinephrine/Serotonergic Reuptake Inhibition: Effects on Maternal Behavior, Aggression, and Oxytocin in the Rat,” Frontiers in Psychiatry 2, no. 34 (June 2011): 1-14.
10 T. Kelley, “The Art of Innovation: Lessons in Creativity from IDEO, America’s Leading Design Firm” (New York: Broadway Business, 2001).
11 P.J. Zak, “Why Your Brain Loves Good Storytelling,” Harvard Business Review, Oct. 28, 2014, https://hbr.org.
12 P.J. Zak and J.A. Barraza, “Measuring Immersion in Experiences with Biosensors — Preparation for International Joint Conference on Biomedical Engineering Systems and Technologies,” Proceedings of the 11th International Joint Conference on Biomedical Engineering Systems and Technologies (2018): 303-307.
13 C. Yoon, R. Gonzalez, A. Bechara, et al., “Decision Neuroscience and Consumer Decision Making,” Marketing Letters 23, no. 2 (June 2012): 473-485.
14 V.G. Morwitz, J.H. Steckel, and A. Gupta, “When Do Purchase Intentions Predict Sales?” International Journal of Forecasting 23, no. 3 (July-September 2007): 347-364.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى