أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
استثمارالتمويل

الإفصاحات عن الاكتتابات الأولية العامة جاهزة للإصلاح

تسمح قواعد الإفصاح المالي الحالية للشركات المدرجة المحتملة بصياغة سرد وردي لتطلعاتها، وإضفاء غموض على المعلومات التي ينبغي للمستثمرين أن يعرفوها.

تبين أن القواعد التي كان المقصود منها حماية المستثمرين لم تكن متطابقة مع القواعد التي تحكم مصرفيي اليوم الذين يروجون للأعمال المدرجة في أسواق.

من الناحية النظرية، ينبغي Disclosures -المطلوبة من الشركات الراغبة في أن تكون مدرجة- أن تزود المستثمرين بالمعلومات المهمة اللازمة لتحديد ما إذا كانوا يريدون الشراء، وبأي ثمن. وبشكل أقل وضوحاً لكن على القدر نفسه من الأهمية، لا بد للإفصاحات من أن تعزز ممارسات الإدارة الجيدة من خلال إنشاء مقاييس أداء Performance metrics سليمة. إلا أن قواعد الإفصاح القائمة تفشل في كلتا الحالتين. فقد عفا عليها الزمن، والآن حان الوقت لكي تتغير.

صممت القواعد الحالية لعصر مختلف، عندما كانت الشركات التي تتحول إلى مدرجة شركات أكثر رسوخاً وذات نماذج أعمال Business model مثبتة. وعلى النقيض من ذلك، كثيرا ما تكون الشركات حالياً ذات نماذج أعمال لم تختبر بعد. وما تفصح عنه الشركات عن عملائها طوعي تماما، لذلك يستطيع المديرون التنفيذيون CEO– وينفذون – اختيار البيانات التي ترسم صورة شركاتهم في أفضل ضوء ممكن. والواقع أن إفصاحاتها مبالغ Bbloated، وغير مفيدة Uninformative، ومضللة Misleading في كثير من الأحيان، ويفتقر المستثمرون إلى البيانات التي يحتاجون إليها لاتخاذ قرارات مستنيرة، أو تحميل المديرين وأعضاء مجالس الإدارة المسؤولية عنها.

وكبديل لقواعد الإفصاح ذات المقاس الواحد الذي يناسب الجميع، نقترح إفصاحات محفّزة Triggered مصممة خصيصاً لتناسب عوامل دفع القيمة Value drivers التي تقوم عليها الشركة التي تعتزم أن تصبح مدرجة. وفي إطار الإفصاحات هذه، يجب دعم المزاعم المتعلقة بقيمة العملاء وحجم السوق المحتمل من خلال جمع بيانات أساسية متسقة وموضوعية ذات صلة بهذه المزاعم. هذه الإفصاحات الأكثر رشاقة وتركيزاً من شأنها أن تزود المستثمرين بأساس أفضل لتقييم شركات اليوم وتسعيرها. ومن الممكن أيضا أن ترغم المؤسسين والمديرين على سرد قصص أكثر واقعية عن أعمالهم، وليس قصصا خيالية، في حين تحملهم المسؤولية عن الوفاء بوعودهم.

زعزعات في لعبة الاكتتاب الأولي العام
مع ارتفاع عدد الاكتتابات الأولية العامة Initial public offerings على مدى الأعوام القليلة الماضية، شهدنا تغيرات كبيرة في كل من الشركات التي تسعى إلى أن تصبح مدرجة، وفي قاعدة المستثمرين. وتدخل العديد من الشركات إلى السوق بخسائر ضخمة وبغياب سبيل ملموس إلى الربحية. وعلى الرغم من أن 80% من الشركات التي تحولت إلى شركات مدرجة بين عام 1980 وعام 1990 كانت رابحة، فإن 20% فقط من الشركات التي أصبحت مدرجة بين عام 2016 وعام 2020 كانت كذلك. كذلك تنتظر الشركات وقتاً أطول حتى تصبح مدرج – كان عمر الشركة المتوسطة 12 سنة عام 2020، مقارنة بست سنوات في الثمانينات القرن العشرين – كما تقضي وقتاً أطول في زيادة العوائد بدلاً من بناء نماذج أعمال مربحة. ويؤكد جزء متزايد من هذه الشركات على عدد المستخدمين أو المشتركين الذين لديها بدلاً من التدابير المالية التقليدية مثل المكاسب.

وفي الوقت نفسه، نمت قاعدة المستثمرين لكي تشمل العديد من صغار المستثمرين في مجال البيع بالتجزئة بمساعدة من بدء العمل بمنصات التداول المنخفضة التكلفة أو غير المكلفة مثل روبنهود Robinhood. ويكاد يكون من المؤكد أن الوقت المتاح لهؤلاء المستثمرين الأقل تطوراً لتكريسه للدراسة المتأنية لبيانات الإفصاح أقل من الوقت المتاح للعملاء المؤسسيين والأفراد الأثرياء الذين سوقت لهم المصارف الاستثمارية تاريخياً اكتتابات أولية عامة. وعلى الرغم من أن هؤلاء المستثمرين الجدد يتمتعون بقدر أكبر من القدرة على الوصول إلى المشورة الاستثمارية والبيانات عن الشركات التي تخطط للإدراج، من المرجح أيضا أن يأخذوا المقاييس المنشورة Published metrics لأي شركة بالقيمة الاسمية Face value وأن تخدعهم مزاعم مبالغ فيها Grandiose claims مُضلِّلة.

معضلة الإفصاحات
لم تكن قواعد هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة فيما يتصل بالإفصاح على مستوى هذه الزعزعات Disruptions. فقد نص قانون الأوراق المالية لعام 1933 أولا على أن تقدم شركات المعلومات في نشرة الاكتتاب الأولي العام (المعروفة بالنموذج إس-1 Form S-1)، التي تشترط أن تقدم الشركة المصدرة للأسهم معلومات عن نموذج العمل Business model والمخاطر Risks في ذلك النموذج، ووصف عروض الأسهم المخطط لها وما تخطط لفعله مع العوائد Proceeds.

وكان المستثمرون دوما يجدون صعوبة في الحصول على معلومات بسبب انخفاض المعلومات المقدمة من حيث ملفات تعريف الشركات Profile قبل الاكتتاب الأولي العام، والافتقار إلى التاريخ المالي الموحد، وبيانات التسعير التاريخية المحدودة، وعدد الأسهم المبهم. لكن هذه المسائل أصبحت أكثر مدعاة للقلق مع تزايد عدد الشركات الخاسرة للأموال التي أصبحت مدرجة في السوق– في الأغلب تكون هذه الشركات ذات حصص مزدوجة تتمتع بحقوق تصويت مختلفة Voting rights – والتوسع في استخدام التعويضات القائمة على الأسهم Stock-based compensation.

تضخم الإفصاحات
ومن خلال قواعد الإفصاح لدى الجهات التنظيمية، حاولت هذه الأخيرة تحقيق هدفين متناقضين في بعض الأحيان: حماية المستثمرين وتيسير انتقال الشركات إلى الإدراج. وعلى الرغم من أن المتطلبات الأساسية لم تتغير كثيرا، أصبحت الإيداعات ذاتها أطول وأكثر تفصيلا، ما يتعارض إلى حد ما مع كلا الهدفين. وكانت نشرات أبل Apple ومايكروسوفت Microsoft للاكتتابات الأولية العامة في 73 و69 صفحة على التوالي تعتبر طويلة في ذلك الوقت. وفي المقابل، كان طول نشرة أوبر Uber لعام 2019 نحو 285 صفحة، مع قسم منفصل يتألف من 94 صفحة لبياناتها المالية وغير ذلك من الإفصاحات. واحتاجت إير بي إن بي Airbnb إلى 350 صفحة لنموذج إس1- خاصتها فضلاً عن 84 صفحة أخرى للملحقات.

وعلى الرغم من الطول ومستوى التفاصيل المتزايدين، لم تصبح الإفصاحات بالضرورة أكثر فائدة. فالمادة الإضافية كثيراً ما تقدم قدراً ضئيلاً من المعلومات المعمقة حول توقعات الشركة، وكثيراً ما تكون مضللة. ولا تزال بعض أهم البيانات غير مفصح عنها بالطرق التالية:

قسم ملف تعريف المخاطر غير مفيد The risk profile section is uninformative. على الرغم من حسن النوايا فقد هذا القسم من نشرة الاكتتاب تركيزه. فقد تحول القسم المصمم في الأساس لتوفير الشفافية بشأن المخاطر التي يواجهها المستثمرون مع الشركات الصغيرة Low-profile companies إلى قسم شامل حيث يذكر المحامون أي مخاطر، مهما كانت غير مرجحة، قد تتعرض الشركة إلى مقاضاة بشأنها في حال استبعادها. وقد ينتهي بالمستثمر إلى عدم الإلتفات إلى المخاطر ذات الصلة والفعلية عند وضعها أمام جبل من تلك المخاطر غير ذات الصلة.

أعداد الأسهم مربكة Share counts are confusing. لم تتغير متطلبات الإفصاح عن عدد الأسهم المعلقة تغيرا كبيرا منذ الثمانينات القرن العشرين. لكن منذ ذلك الوقت، أصبحت أنواع الأسهم التي تصدرها الشركات أكثر تعقيدا، ما يضيف إلى الارتباك بشأن عدد الأسهم المعلقة في واقع الأمر Shares actually outstanding. في نشرة الاكتتاب الأخيرة قبل طرح أسهمها للاكتتاب الأولي العام، ذكرت إير بي إن بي أن نحو 47 مليون سهم من الفئة أ ونحو 491 مليون سهم من الفئة ب ستتوفر بعد طرح أسهمها للاكتتاب الأولي العام. غير أن العدد استبعد ما يقرب من 31 مليوناً من خيارات الأسهم من الفئة أ وما يقرب من 14 مليوناً من خيارات الأسهم من الفئة ب صدرت بأسعار محددة لم يفصح عنها. كذلك ظل أكثر من 37 مليون وحدة من الأسهم المقيدة التي كانت خاضعة إلى شروط خدمة واستحقاق غير مفصح عنها.

عموما، تتسم القواعد الخاصة بالإبلاغ عن عدد الأسهم في نشرة الاكتتاب بالتراخي، ويكون الإبلاغ عن بعض أنماط ملكية الأسهم طوعياً. ويصدق هذا بشكل خاص على الأسهم المقيدة، حيث يمكن الاستحقاق وغير ذلك من الاستثناءات الشركات من الحد من العدد المحتمل للأسهم المعلقة. وهذا من شأنه أن يعطي المستثمرين في الاكتتاب الأولي العام حصة ملكية قد تكون أقل قيمة من المتوقع.

القصص كبيرة – لكنها مضللة Stories are grand — but misleading. لدى لجنة الأوراق المالية والبورصات قواعد صارمة مطبقة تحد من قدرة الشركات على وضع توقعات بشأن العوائد أو المكاسب في المستقبل (على الرغم من أن الشركات التي تصبح مدرجة عن طريق شركة استحواذ ذات غرض خاص Special-purpose acquisition company (SPAC) تتمتع بحيز أكبر من الحرية). لكنها لا تمنع الشركات من الإفصاح عن المقاييس Metrics – وتعريفات هذه المقاييس – التي تجعل تقييماتها تبدو كبيرة وجذابة قدر الإمكان. وكما هو متوقع، تستغل الشركات ذلك إلى أقصى حد.

ومن بين المقاييس المضللة في الأغلب السوق المتاحة الكلية Total addressable market (TAM)، التي تهدف إلى إظهار إمكانات نمو أي شركة شابة من خلال تقدير إجمالي الطلب المحتمل على منتجاتها أو خدماتها. وفي حين ينظر إلى السوق المتاحة الكلية على نطاق واسع باعتبارها أساسية في تقييم شركة شابة، سمح الافتقار إلى الإجماع على كيفية تقدير قيمتها للشركات بتضخيم الأرقام، إلى حد العبثية في بعض الأحيان. ووصف عدد كبير من الشركات التي تحولت إلى شركات مدرجة على مدى العقد الماضي أسواقاً متاحة كلية ضخمة بشكل غير واقعي لتبرير تقييم أعلى.

مثلاً، زعمت أوبر أن السوق المتاحة الكلية في خطوط الأعمال الثلاثة – مشاركة الركوب Ride-sharing، والشحن Trucking، والخدمات الغذائية Food service – بلغت 12 تريليون دولار، أو ما يقرب من 15% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقدرت إير بي إن بي Airbnb أعمال الإقامة القريبة الأمد بـ1.2 تريليون دولار، أي ضعف العوائد التي ولدتها الفنادق على مستوى العالم عام 2019 وبلغت 600 بليون دولار. وفي حين قد تزعم الشركتان على نحو معقول أنهما ستجتذبان مستخدمين جدداً وتزيدان الحجم الإجمالي لسوقيهما، يدور السؤال الحقيقي حول مقدار الزيادة ومدى الإطار الزمني.

قد تختار الشركات تفاصيل انتقائية تؤكد على جودة مستخدميها أو مشتركيها وكميتهم. وكثيراً ما لا يُعرَّف ارتباط هذه العوامل بالعوائد والأرباح إلا بشكل فضفاض، مع استبعاد التفاصيل الحاسمة.

وبالنسبة إلى بعض الشركات يأتي المسار إلى ارتفاع سعر الاكتتاب الأولي العام من تفاصيل انتقائية تؤكد على جودة مستخدميها أو مشتركيها وعددهم. وكثيراً ما لا يُعرَّف ارتباط هذه العوامل بالعوائد والأرباح إلا بشكل فضفاض، مع استبعاد التفاصيل الحاسمة. مثلاً، أفصحت أوبر عن عدد الركاب النشطين بمرور الوقت لكنها لم تقدم معلومات عن تكلفة اكتساب عملائها Customer acquisition cost (CAC) أو عن الفترة التي احتُفِظ خلالها بالعملاء بعد الاستحواذ عليهم. وأفصحت إير بي أند بي عن الفترة التي احتفظ خلالها بالعملاء بعد انضمامهم، لكنها لم تكشف عن تكلفة اكتساب العملاء لهؤلاء الذين يدرجون الممتلكات أو يؤجرونها

وهناك مقياس آخر يحتمل أن يكون مضللاً، وهو العوائد قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء earnings before interest, taxes, depreciation, and amortization (EBITDA) بعد تعديلها. فالعديد من الشركات الخاسرة للمال تعدل عوائدها المفصح عنها لمحاولة جعل نفسها تبدو أفضل من خلال إضافة ما تصنفه كنفقات غير نقدية أو بنود غير عادية. وتعتبر أرقام العوائد قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء المعدلة هذه إجراءات غير رسمية، لكن الشركات تفصح عنها على أمل أن يسند المستثمرون والمحللون تسعيرهم إليها.

وعلى الرغم من أن بعض التعديلات مشروعة، فإن تعديلات أخرى مضللة إلى حد كبير. بشكل خاص، تضيف بعض الشركات التعويض القائم على الأسهم وتعامله باعتباره نفقات غير نقدية. وهذا يتجاهل حقيقة أن خيارات الموظفين والأسهم المقيدة تمثل تكاليف حقيقية، ومن ثم هي نفقات ذات صلة حقيقية، ولاسيما للشركات الصغيرة. بل إن بعضها أكثر عدوانية في تعديلاتها، فتضيف النفقات النقدية المهمة مثل تكاليف التسويق.

والواقع أن قواعد هيئة الأوراق المالية والبورصات بشأن الإفصاحات هذه مصممة لحماية المستثمرين من التوقعات المفرطة في التفاؤل. وعلى الرغم من هذا في لا تزال تسمح للعديد من الشركات بالإفصاح بشكل انتقائي عن مقاييس مضللة غير مفيدة وخرى مضللة من دون التفاصيل الأساسية التي من شأنها أن تمكن المستثمرين من فهم التدابير وتحمل الشركات المسؤولية عن تلبية هذه التدابير. وهذا لا يترك المستثمرين في الظلام فحسب، بل ويضر أيضا بالمساءلة الإدارية. ومن خلال الإفصاح الانتقائي، يستطيع المديرون التنفيذيون فعلياً أن يحركوا أهداف أدائهم Performance goalposts الخاصة. ويشكل هذا الافتقار إلى الانضباط الإداري سابقةً سيئة للمجموعة التالية من المديرين التنفيذيين الذين يبنون الشركات التي يأملون يأن يدرجوها.

إرشادات لإصلاح الإفصاحات
المشكلة، كما نرى، ليست أن هيئة الأوراق المالية والبورصات تسيء التعامل مع مسائل الإفصاح الفردية. بل إنها وغيرها من الجهات التنظيمية تسيء فهم طبيعة الشركات التي تتجه الآن إلى إدراج نفسها والمعلومات التي يحتاج إليها المستثمرون. وحالياً لم تعد شركات الاكتتابات الأولية العامة عموماً شابة وصغرى وعلى شفا الربحية، ولم يعد المستثمرون في الاكتتابات الأولية العامة مؤسسات أكبر في المقام الأول. ونتيجة لهذا لم تعد متطلبات الإفصاح التي فرضتها هيئة الأوراق المالية والبورصات والتي كتبت لعهد آخر قادرة على القيام بهذه المهمة. وقد يكون من المنطقي أن نبدأ من جديد، مع المبادئ التوجيهية الأربعة التالية:

أبقوا كتاب القواعد رشيقاً Keep the rule book lean. من طبيعة التنظيم أن متطلبات الإفصاح الجديدة تظل تضاف بمرور الوقت. ونحن نقترح شكلا مختلفا من قاعدة ”الإفصاح المضاف، الإفصاح الملغى“ Disclosure in, disclosure out، بحيث تكون إضافة قواعد جديدة على حساب إلغاء متطلب قديم عفا عليه الزمن.

اطلبوا مزيداً من المعلومات حول التقييم Require more information about valuation. لأن الشركات التي تدرج ليس لديها تاريخ قيمة سوقية، فإنها مضطرة إلى جمع الأموال من أصحاب رأس المال الاستثماري Venture capitalists والمستثمرين الذين يحددون تقييماً ضمنياً للشركة. وكثيرا ما تستخدم الشركات ومصرفيوها هذه المبالغ المجموعة خلال جولات استقطاب رأس المال الاستثماري بشكل انتقائي لتبرير سعر اكتتاباتها الأولية العامة، لكن لا يوجد شرط بالإفصاح عن هذه التقييمات. ونجادل بأن الشركات الخاصة حين تدرج، ينبغي أن يطلب منها كلها الإفصاح عن رأس المال الاستثماري الذي جمع على مر تاريخها، والتقييمات التقديرية في كل جولة. وهذا من شأنه أن يوضح كم الأموال التي حرقتها الشركة طيلة حياتها، كما من شأنه أن يوفر الشفافية فيما يتصل بسلوك أصحاب رأس المال المغامرين وتقييم الشركة منذ تأسيسها.

وحدوا معايير عدد الأسهم Standardize the share count. بدلا من السماح للشركات بأن تحكم بنفسها على ما ينبغي أن تحتسبه في أسهمها المعلقة Shares outstanding، نوصي بحساب وحدات الأسهم المقيدة Restricted share units كجزء من الأسهم المعلقة وفصل الخيارات، إلى جانب أسعار الممارسة Exercise prices والنضجMaturity. وستوضح هذه التغيرات حجم الملكية التي قد يحصل عليها المستثمر عند شراء الأسهم في الاكتتاب الأولي العام، وتسمح بتقدير أكثر دقة لمدى ارتفاع أسعار الأسهم عندما تحقق شركة ما تقييما شاملا معينا للأسهم Overall equity valuation.

طالبوا الشركات بأن تحكي القصة كاملة Require companies to tell the whole story. والحل لميل الشركات إلى تبطين إفصاحتها بتفاصيل مضللة أو غير مفيدة حول إمكانيات أعمالها ليس تقييد هذا الميل. فالأسواق تكره الفراغات، ومنع الشركات من توقع المستقبل لا يسمح إلا للأشخاص الآخرين الأقل التزاما بالدقة والأقل اطلاعا لملء الفراغ بقصصهم. فالوضع الراهن يسمح لشركات ما قبل الاكتتاب الأولي العام بالتخلص من ورطتهم، لكي يمكنها -بشكل انتقائي- تقديم الخطوط العريضة لسرد يرسم صورتها في أكثر الأضواء تفضيلا من دون ملء التفاصيل الرئيسية.

يجب أن تكون الإفصاحات التي تقدمها الشركة محدودة وذات صلة وكاملة وموحدة المعايير. ولا ينبغي إعطاء القيادة الحرية في كبح جماح ما يمكن أن تتضمنه الإفصاحات، وكيف ينبغي تعريف الإفصاحات هذه. وبدلا من ذلك، لابد أن يطلب إليها أن تضمن إفصاحات إضافية ناجمة عن نموذج الأعمال الخاص بالشركة، وقاعدة المستثمرين لديها، والإدعاءات المحددة التي تدّعيها. فيما يلي، سنناقش كيفية عمل ذلك.

الإفصاح المحفز
نقترح أن أي شركة ترغب في بناء قصتها حول مقاييس معينة -إضافة إلى معلومات مالية أساسية، مثل الميزانية العمومية Balance sheet وبيانات الدخل Incomeوالتدفق النقدي Cash-flow- ستحفز الإفصاح المطلوب عن مجموعة أكثر انتظاما من التفاصيل الضرورية لفهم اقتصادات نموذج الأعمال الخاص بها.

خذ بعين الاعتبار استخدام السوق المتاحة الكلية، التي استخدمتها بشكل متزايد الشركات المتحولة إلى شركات مدرجة لدعم التقييمات العالية. ويشمل هذا الرقم كل المشترين المحتملين، سواء كانوا مهتمين بمنتجات الشركة أو خدماتها بالأسعار الحالية أم لا. وكثيرا ما تكون هذه الأرقام مجرد طموح، ولا مبرر لها، ولا تقدم الشركات عادة جدولا زمنيا للمدة التي قد تستغرقها هذه الأرقام لتوليد تلك السوق.

ومع الإفصاح المحفز Triggered disclosure، يتعين على الشركات التي تحدد السوق المتاحة الكلية توفير المعلومات الإضافية التالية لمنعها من استخدام الشكل كمجرد حيلة تسويقية.

على ماذا تستند السوق المتاحة الكلية What the TAM is based on. كذلك يتعين على الشركات التي تفصح عن السوق المتاحة الكلية TAM تحديد رقم أكثر تحفظا يعرف باسم السوق المتاحة القابلة للخدمة Serviceable addressable market (SAM)، التي تشير إلى عدد الأشخاص الذين يهتمون بالمنتجات أو الخدمات الحالية للشركة بالأسعار الحالية. كلك يتعين عليها أيضاً أن تظهر بدقة كيف قاست السوقين المتاحتين الكلية TAM والقابلة للخدمة SAM (في الوضع المثالي، من خلال استطلاعات تقوم بها شركة أبحاث سوقية حسنة السمعة تابعة لطرف خارجي) لكي يكون لدى المستثمرين الثقة في أن للأرقام أساساً سليماً.

مثلاً، شمل نموذج إس1- لأوبر في سوقها المتاحة القابلة للخدمة SAM كل رحلة تقل عن 30 ميلا (48 كيلومترا) في 57 بلدا عملت فيها في ذلك الوقت، إلى جانب “السوق المتاحة القابلة للخدمة SAM في الأمد القريب” تغطي 63 بلدا، من دون معالجة عدد العملاء المحتملين بالأسعار الحالية. وعلى النقيض من ذلك، قدرت بيلوتون Peloton سوقها المتاحة SAM القابلة للخدمة والتدابير ذات الصلة باستخدام تعريفات أكثر تقليدية من خلال استطلاعات شاملة. ولا يزال المستثمرون الذين قد يشككون في سوق متاحة يتطلعون إلى سوق متاحة قابلة للخدمة مدعومة بشكل جيد باعتبارها مقياساً متوسطاً يمكن تحقيقه. ولا تتساوى معظم الاحتمالات المستقبلية Prospects: بعضها أكثر ميلاً لصالح شركة دون الأخرى. يقر هذا الأسلوب المتدرج بحقيقة أن احتمال تحول العملاء المتوقعين إلى عملاء يدفعون تقع على مدى متصل Continuum من الاحتمالات.

تقديرات حصة السوق Estimates of market share. من المهم عرض السوق المتاحة TAM الكلية بالبلايين، لكن ما لم تعلن أي شركة عن الحصة التي تتوقع الحصول عليها من هذه السوق خلال فترة زمنية محددة، فإن الرقم ليس إلا رقما عديم المعنى. نوصي بأن يكون الإفصاح عن السوق المتاحة الكلية TAM مصحوباً بتوقع مدى سرعة اختراق الشركة لهذا السوق. أما القلق من تحميل هذه الشركات المسؤولية إذا لم تصل عوائدها إلى مستوى وعودها، فلا بد وأن يعمل كضابط للشركات التي تستسلم لإغراء تضخيم أسواقها المتاحة القابلة للخدمة SAM إلى حد كبير.

الإفصاح المستمر Ongoing disclosure. تقدم الشركات عادة إفصاحات حول السوق المتاحة الكلية TAM والسوق المتاحة القابلة للخدمة SAM وأشكال أخرى من الافصاحن لمرة واحدة فقط، فتفصح عن أرقام كهذه في النشرات التي تسبق الاكتتاب الأولي العام، ولا تعود لفعل مثل ذلك أبداً. ونعتقد أنه ينبغي استمرار إتاحة مثل ذلك للمستثمرين، على شكل تقارير فصلية أو سنوية، أو عروض تقديمية تكميلية. وستسمح هذه التحديثات للمستثمرين برؤية مدى نجاح الشركة نسبة إلى توقعاتها السابقة، وإطلاع المستثمرين على ما إذا كانت الظروف قد تغيرت أم لا. كما أن الشركات التي تعلم أنها ستُحمَّل مسؤولية إفصاحاتها في شأن اكتتابها الأولي العام بعد تحولها إلى شركة مدرجة سيكون لديها حافز لجعل الإفصاحات هذه واقعية وقابلة للتحقيق.

وما دام المستثمرون يقدمون مبالغ استثمارية كبيرة للشركات التي تتمتع بأسواق أكبر، ستستلم الشركات لإغراء المبالغة في تقدير أسواقها المتاحة الكلية. وينبغي لهذه التوصيات أن تتحقق على الأقل من هذه الاتجاهات.

تبصرات أفضل في الشركات المستندة إلى المعاملات
في حين أن إفصاحات الأسواق المتاحة الكلية TAM تنطبق على أنواع الشركات كلها، تتطلب الشركات المستندة إلى المعاملات – تلك التي تأتي عوائدها من بيع منتج أو خدمة – إفصاحات رئيسية أخرى تتيح تقييم كمية العملاء وجودتهم بدقة.1For more information on exactly how these disclosures can come together to inform an assessment of overall valuation, see D.M. McCarthy, P.S. Fader, and B.G.S. Hardie, “Valuing Subscription-Based Businesses Using Publicly Disclosed Customer Data,” Journal of Marketing 81, no. 1 (January 2017): 17-35. نقترح مشاركة ما يلي:

عدد العملاء النشطين Active customer count. العملاء النشطون هم أولئك الذين قاموا بطلب واحد على الأقل خلال فترة زمنية محددة، ومن المهم فهم كيفية تغير أعدادهم مع مرور الوقت. وتوفر متابعة حسابات العملاء النشطين بمرور الوقت تبصراً واضحاً حول دوافع نمو العوائد Drivers of revenue growth، سواء كانت زيادة في عدد المشترين، أو زيادة في متوسط العوائد من كل مشتر، أو مزيجاً من الاثنين. بالنسبة إلى الشركات التي توفر الاستخدام المجاني لفترة تجريبية، كما يسلط هذا أيضاً الضوء على كيفية توزيع هذه العوائد – مثلاً، هل يأتي 90% من العائد من 5% فقط من المستخدمين؟

وليست الفترة الفعلية للنشاط الأكثر أهمية. مثلاً، تحدد وايفير Wayfair، وأمازون Amazon، وإير بي إن بي الزبون النشط كعميل قام بطلب واحد على الأقل على مدى الأشهر الـ12 الماضية. وعلى النقيض من ذلك، تعرّف ليفت Lyft وأوفرستوك Overstock والعديد من الشركات الأخرى العميل بأنه نشط إذا قدم طلباً في الأشهر الثلاثة الماضية. وأي من هاتين النافذتين مناسب بالنسبة إلى أغلب الشركات. إلا أن الأمر الأكثر أهمية هو الإفصاح عن هذه البيانات لفترة زمنية طويلة بالقدر الكافي للكشف عن مسار النمو.

إجمالي الطلبات Total orders. من الضروري معرفة العدد الإجمالي للطلبات لمعرفة ما إذا كان نمو العوائد يأتي من زيادة في عدد المشتريات أو من زيادة في قيمة كل عملية شراء. إضافة إلى عدد العملاء النشطين، يمكن أن يكشف ذلك أيضا ما إذا كانت الطلبات تتزايد لأن الشركة تجذب مزيداً من العملاء، أو لأنهم يتسوقون بشكل أكثر تكراراً، أو يشترون كمية أكبر مع كل عملية شراء.

تكلفة اكتساب العملاء Customer acquisition cost. يتعين على المستثمرين أن يعرفوا مقدار تكلفة الحصول على عملاء جدد، الأمر الذي يجعل من تكلفة اكتساب العملاء إفصاحاً أساسياً.

ربحية المساهمة Contribution profitability. بمجرد أن تحصل الشركة على عملاء، يجب أن تحقق أرباحا منهم أثناء نشاطهم. ومن المهم إذاً أن نعرف كيف يساهم العملاء بالعوائد بمرور الوقت، وكيف تُترجَم هذه العوائد إلى ربحية تدريجية. ويُحتسَب هذا المتغير أو ربحية المساهمة Contribution profitability من خلال حسم النفقات التي تنمو مع زيادة العوائد – مثل العمالة والمواد، وعمليات إتمام البيع، وإجراءات الدفع – لكن ليس النفقات الثابتة نسبياً في الطبيعة، مثل إيجار منشآت التصنيع أو رواتب الفريق التنفيذي.

النشاط الترويجي Promotional activity. قد يكون من السهل زيادة المبيعات بشكل كبير من خلال الأنشطة الترويجية المُستهدِفة لشرائح معينة، وتوليد وهم النمو السريع الذي قد لا يكون مستداماً في الأمد البعيد. لكن التكاليف الترويجية تكون في كثير من الأحيان غير مرئية على الإطلاق، وتظهر على بيانات الدخل بوصفها تخفيضات في العوائد وليس نفقات. ويجب الإفصاح عن النشاط الترويجي بوضوح لفهم كيفية تأثيره في نمو العوائد.

مجموعات العملاء Customer cohorts. إن متابعة مدة نشاط مجموعات مختلفة من العملاء هي أحد أهم الإفصاحات من حيث المعلومات التي يمكن أن توفرها عن الشركة التي تستند إلى العملاء. فمعرفة كيفية تغيير النشاط لطول فترة بقاء العملاء على منصة ما، وكيف تتطور هذه الأنماط عبر مجموعات مختلفة من العملاء يمكن أن توفر للمستثمرين مرئية لا مثيل لها لتكاليف اكتساب العملاء أو تغيير أنماط الاحتفاظ لكل مجموعة.

وعلى الرغم من أن معظم الشركات تستند إلى المعاملات، إلا أن هناك أنواعاً أخرى أيضاً، بما في ذلك الشركات التي تستند إلى المشتركين، والشركات الإعلانية التي تعتمد على نشاط المستخدم بدلاً من الشراء المباشر، وشركات الإقراض. وفي هذه الحالات، تظل مبادئنا التوجيهية كما هي، على الرغم من أن الإفصاحات المحددة ستكون مختلفة. (انظر: ملخص متطلبات الإفصاح المحفز).

المردود الإداري
على الرغم من أن سياسات الإفصاح التي تتطلب مزيداً من الإفصاحات المركزة والمحفزة مصممة في المقام الأول لمساعدة المستثمرين، سيفيد هذا التحول أيضاً المؤسسين والمديرين.

مطالبة المديرين بالإبلاغ عن مزيد من التفاصيل -عن سوقهم المتاحة الكلية، واقتصادات قيمة المستخدم- ترغمهم على التفكير في قصص التقييم الخاصة بهم بقدر أكبر من العناية قبل عرضها على السوق.

أولا، إن مطالبة المديرين بالإبلاغ عن مزيد من التفاصيل حول السوق المتاحة القابلة للخدمة واقتصاديات قيمة المستخدم User value (مثل تكاليف اكتساب العملاء وهامش المساهمة) سترغمهم على التفكير في قصص التقييم بعناية أكبر قبل عرضها على السوق. وقد يؤدي هذا إلى تثبيط التسعير الأولي لهذه الشركات، لكن هذه القصص الأكثر واقعية وتفصيلا ستوفر خرائط طريق أكثر وضوحا لتوليد نماذج أعمال مربحة في الأمد البعيد.

ثانيا، يمكن أيضا استخدام المقاييس المطلوبة للإفصاحات من قبل المديرين وأعضاء مجالس الإدارة لمتابعة مدى حسن أدائهم مقارنة بتوقعاتهم. وإذا انحرف أداؤهم، يمكن للمقاييس أيضاً أن ترشدهم نحو تصحيحات في منتصف المسار. افترضوا، مثلاًن أن تكاليف اكتساب العملاء ترتفع بشكل أسرع بكثير من المتوقع. وإذا أفصح عن هذه التكاليف وكانت متاحة للمستثمرين، يمكن لضغوط المساهمين أن تولد حوافز أقوى للإدارة لخفض التكاليف وتعزيز قيمة المستخدمين الذين لم يُكتسَبوا بعد. فالإفصاح العام يولد انضباطاً صحياً قد يجعل الشركات أكثر قوة بمرور الوقت.

وأخيرا، سيميل المديرون التنفيذيون في الشركات الأصغر سناً، إذ يتوقعون اكتتاباتهم الأولية العامة في المستقبل، إلى إدارة أعمالهم بطريقة مستدامة إذا كانوا يعلمون أنهم سيخضعون للمساءلة عن الإفصاحات الأوسع نطاقا التي نوصي بها. فالشباب النسبي لشركاتهم يعطيهم الوقت الذي يحتاجون إليه للتأكد من أن البيانات المرتبطة بالعملاء والتي يتعين عليهم الإفصاح عنها ستكون قوية قدر الإمكان عندما يودعون صحائف اكتتابهم الأولي العام.

الاكتتابات الأولية

صحيح أن الفصل الختامي لبعض المؤسسين يتلخص في الحصول على أعلى تسعير ممكن لشركتهم والحصول على الأموال النقدية قبل أن تتمكن السوق من اللحاق بها. لكن العديد من الشركات الأخرى تسعى إلى بناء شركات قيمة وبعيدة الأمد. ونحن نعتقد أن مقترحاتنا بشأن الإفصاح ستساعدهم في هذا الصدد. والأكثر من ذلك أن توصياتنا لو نالت دعم الجهات التنظيمية، حتى المؤسسين الذين يبحثون عن أعلى سعر ممكن للاكتتاب الأولي العام سيضطرون إلى التنبه أيضاً.

أسواث داموداران Aswath Damodaran

أسواث داموداران Aswath Damodaran

يتولى كرسي آل كيرشنر للتعليم المالي Kerschner Family Chair in Finance Education وهو أستاذ المالية في مدرسة ستيرن للأعمال Stern School of Business بجامعة نيويورك New York University.

دانيال إم. مكارثي Daniel M. McCarthy

دانيال إم. مكارثي Daniel M. McCarthy

أستاذ مساعد للتسويق في مدرسة غويزيويتا للأعمال Goizueta Business School بجامعة إيموري Emory University.

ماكسيم سي. كوهين Maxime C. Cohen

ماكسيم سي. كوهين Maxime C. Cohen

يتولى كرسي سكايل إيه آي لعلم البيانات في مجال البيع بالتجزئ Scale AI Chair in Data Science for Retail، وهو أستاذ لإدارة البيع بالتجزئة والعمليات، ومدير مشارك في مختبر الابتكار في البيع بالتجزئة Retail Innovation Lab في كلية إدارة ديسوتيلز للإدارة Desautels Faculty of Management بجامعة ماكغيل McGill University.

 

المراجع

المراجع
1 For more information on exactly how these disclosures can come together to inform an assessment of overall valuation, see D.M. McCarthy, P.S. Fader, and B.G.S. Hardie, “Valuing Subscription-Based Businesses Using Publicly Disclosed Customer Data,” Journal of Marketing 81, no. 1 (January 2017): 17-35.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى