أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
إبداعإدارةابتكاراخترنا لك

كيف يحتاج التعاون إلى تغيير من الذهن إلى السوق

حدِّدوا مفاهيم جديدة حقاً واسعَوا إلى تحقيقها من خلال مساعدة المبتكرين في مؤسستكم على التعاون بالطرق الصحيحة في الأوقات المناسبة.

قد يكون هناك كفاح طويل يمتد من وضع المفهوم الأولي حتى نصل إلى المنتج النهائي. حتى في المؤسسات التي تعتز باعتمادها على التكرار والتجريب السريعين، إما أن تتعثر معظم الأفكار الجديدة حقاً في مرحلة ما من التطوير وإما أن تفقد أصالتها في مكان ما على امتداد الطريق. كيف تتحدَّون تلك الصعاب؟ من خلال تعديل السلوك التعاوني لتلبية الفكرة أينما كانت في رحلتها بين الذهن Mind والسوق Market.

تنطوي تلك الرحلة على أربع مراحل: توليد الفكرة Idea generation؛ وتفصيل المفهوم Concept elaboration من خلال الاختبارات Tests أو النماذج الأولية Prototypes التي تحدد تفاصيل الفكرة وتقيِّم الجدوى Feasibility؛ والترويج الداخلي Internal promotion للحصول على الرعاية اللازمة للمضي قُدُماً في المنتج؛ والتنفيذ Implementation، الذي يتضمن وضع اللمسات الأخيرة على الخطط والمواصفات، وإنتاج المنتج، وتسليمه. خلال نحو 20 سنة من بحثي في الإبداع والابتكار، وجدتُ أنه مع تقدم الفكرة من مرحلة إلى أخرى، تتغير متطلباتها التعاونية. (انظر: رحلة الفكرة في لمحة، الصفحة 26). هنا سننظر في كيفية تحول هذه الاحتياجات، وكيف يمكن لمديري الابتكار مساعدة الأشخاص على التكيف وفقَ ذلك، بدلاً من الاعتماد على الروابط وأنماط السلوك المعتادة.

إذا انتقلت الأفكار الجديدة في خط مستقيم من المفهوم Conception إلى الاستكمال Completion، سيكون من الأسهل عليها كسب الزخْم Traction. لكنها في الغالب، تظل تدور في دوائر تعيدها إلى المراحل السابقة أو تدور بين المراحل عدة مرات، مما يعقد الرحلة ويعطل التقدم. وعندما يحدث ذلك من المرجح تجريد الفكرة من جدتها فيمكن لنسخة معتادة أكثر المضيُ قُدماً بمقاومة أقل. فالأفكار الجديدة هي بطبيعتها محفوفة بالمخاطر. ولأنها غير عادية، تفتقر إلى سابقة Precedent قوية، ومن الصعب الاستشهاد بأمثلة واضحة على النجاح. لذلك قد يكون إقناع الأطراف المعنية بالاستثمار فيها أمراً صعباً. ومن ثمَّ تميل الأفكار الجديدة العالية الإمكانيات إلى التحول إلى أفكار أكثر أماناً، وأقل إلهاماً لتحصل في نهاية المطاف على الضوء الأخضر.

هذا بالكاد هو ما نحتاج إليه لتحقيق إنجازات خارقة Breakthroughs. وباتباع نهج أكثر تكيُّفاً مع التعاون الإبداعي Creative collaboration، يمكن لمؤسستكم زيادة احتمالات طرح أفكار جديدة حقاً في السوق. فلنبدأ بدراسة الاحتياجات التعاونية الأساسية لكل مرحلة من مراحل رحلة الفكرة.1J.E. Perry-Smith and P.V. Mannucci, “From Creativity to Innovation: The Social Network Drivers of the Four Phases of the Idea Journey,” Academy of Management Review 42, no. 1 (January 2017): 53-79.

قدْحُ شرارة توليد الأفكار

كل مفهوم جديد ينشأ كشرارة إلهام إبداعي. ويمكن لمديري الابتكار قدْحُ تلك الشرارة من خلال تعريض الموظفين لمجموعة من وجهات النظر. وهذا يبني المرونة الإدراكية Cognitive flexibility، إذ يُعِدُّ الأذهان لبناء روابط جديدة تؤدي إلى أفكار أصلية. خلال توليد الأفكار Idea generation ليس من الضروري أن يكون التعرض لوجهات نظر بديلة تعرُّضاً غامراً. فاللقاءات القصيرة، وحتى العابرة، مع الآخرين الذين يرون العالم بشكل مختلف يمكن أن تعزز الإبداع.

وبالفعل، في سلسلة من الدراسات التي أجريتُها، كان للتفاعلات مع الغرباء والمعارف هذا التأثير. مثلاً، في إحدى مؤسسات البحث والتطوير، صنَّف المديرون المهندسين الذين تربطهم علاقات ضعيفة وسطحية بأشخاص في وظائف مختلفة على أنهم أكثر إبداعاً من مهندسين ذوي عدد أقل من مثل هذه الروابط الضعيفة. وعلى النقيض من ذلك لم تعزز العلاقات القوية الإبداع بل أضرت به في بعض الحالات.2J.E. Perry-Smith, “Social Yet Creative: The Role of Social Relationships in Facilitating Individual Creativity,” Academy of Management Journal 49, no. 1 (February 2006): 85-101.

ولفهم السبب خذوا بعين الاعتبار الأشخاص الذين تتفاعلون معهم بنمط متكرر أو الذين تنظرون إليهم على أنهم أصدقاء. من المحتمل جداً أن تكونوا مرتبطين بخيط ما من القواسم المشتركة. ربما كنتم في الإدارة نفسها أو تضطلعون بالنوع نفسه من الأدوار Role. ربما كانت لديكم مصالح أو مزاج شخصي مماثل. أو تشتركون في الخبرات أو الهويات المرتبطة بعِرقكم Race أو نوعكم الجنسي (جنوسة) Gender أو مهنتكم Profession. وعلى الرغم من أن علاقات كهذه توفر الراحة والدعم، فإنها تقلل من احتمال تعريضكم لطرق تفكير جديدة مقارنةً بالعلاقات الأضعف.

قد يكون الأصدقاء المقربون في الواقع داعمين أكثر مما يجب خلال مرحلة توليد الفكرة. في دراسة أخرى، دعونا- أنا أستاذ كلية لندن للأعمال London Business School بيير مانوتشي Pier Mannucci- أصدقاء وغرباء على حد سواء، في الحرم الجامعي وفي المجتمع المحيط، للحضور إلى مختبر أبحاثنا حتى نتمكن من مراقبة محادثاتهم بعد تكليفهم بمهمة: توليد أفكار جديدة في مجال الديكور لمكتبة بيع الكتب الجامعية وتطويرها. وعمل المشاركون بمفردهم وقدموا أفكارهم الخاصة، لكن اختيروا عشوائياً للتحدث إلى اثنين من الغرباء أو من الأصدقاء، واحدا تلو الآخر، قبل أن يبدؤوا في العصف الذهني Brainstorming المركز. ووجدنا أن الأصدقاء أظهروا الدعم من خلال أن يبني بعضهم على أفكار البعض الآخر– وغالباً ما مضى الأشخاص قدماً في تلك الأفكار، حتى عندما لم تكن إبداعية جداً. وعلى النقيض من ذلك تبادل الغرباء مجموعة أكبر من الأفكار في محادثاتهم، وتوصل الأشخاص إلى مفاهيم مبتكرة أكثر نتيجة لذلك.3P.V. Mannucci and J.E. Perry-Smith, “‘Who Are You Going to Call?’ Network Activation in Creative Idea Generation and Elaboration,” Academy of Management Journal (April 2021), forthcoming in print.

والتفاعلات مع الغرباء أو المعارف يمكن أن توفر مرحلة أخرى خلال مرحلة التوليد أيضاً: نحن نعمل بجد لاستخراج شذرات إبداعية من هذه الروابط، ومن ثم يميل العائد إلى أن يكون أكثر ثراء. في تجربة بسيطة، حيث طُلِب إلى أشخاصٍ المجيءُ إلى المختبر وحل مشكلات الموارد البشرية، دونوا أفكارهم الأولية قبل تلقي مدخلات من الآخرين– إما أصدقاء وإما أشخاص لا يعرفونهم جيداً، بوتيرة شخص واحد كل مرة– ثم صاغوا حلولاً مستقلة لاقتراحها. وأولئك الذين تلقوا نصائح ملموسة من أشخاص لا يعرفونهم جيداً قضوا مزيداً من الوقت في التوصل إلى حلول، ويُفترَض أنهم بذلوا مزيداً من الجهد الإدراكي لدمج وجهات نظر مختلفة. وعلى الرغم من أن المشاركين اعتبروا الأفكار أكثر فائدة عندما تأتي من تفاعلات لروابط قوية، فإن مقيِّمين مستقلين وجدوا أن الحلول الناتجة عن تفاعلات لروابط ضعيفة كانت أكثر إبداعا.4J.E. Perry-Smith, “Social Network Ties Beyond Nonredundancy: An Experimental Investigation of the Effect of Knowledge Content and Tie Strength on Creativity,” Journal of Applied Psychology 99, no. 5 (September 2014): 831-846. وقد نعتزم العمل على تطوير أفكار جديدة بالدقة نفسها بغض النظر عن مِن ”مَنْ“ أو مِن ”أين“ تأتي الشرارة الأولية، لكن العلاقات الضعيفة توفر ميزة واضحة.

لذلك يعني تشجيع الجدة في مرحلة التوليد توفير فرص وافرة للمبتكرين للحصول على الإلهام من روابط ضعيفة. (سنخوض في التفاصيل لاحقاً عندما نتناول كيفية الاضطلاع بذلك وكيفية تلبية الاحتياجات التعاونية في مراحل أخرى). ومن الأفضل تشجيع التفاعلات الفردية بدلاً من المناقشات الجماعية في هذا الوقت المبكر من رحلة الفكرة، فعند السماح لعديد من الأزهار بأن تزهر سيسهل العثور على الأزهار الأكثر تضوُّعاً من غيرها.5J.E. Perry-Smith and R.W. Coff, “In the Mood for Entrepreneurial Creativity? How Optimal Group Affect Differs for Generating and Selecting Ideas for New Ventures,” Strategic Entrepreneurship Journal 5, no. 3 (September 2011): 247-268. وتُظهر مجموعة كبيرة من الأبحاث أن الفرق تولِّد أفكاراً أقل عدداً وأقل جودة مقارنة بالعدد نفسه من الأفراد الذين يعملون بمفردهم.6L. Thompson, “Improving the Creativity of Organizational Work Groups,” Academy of Management Executive 17, no. 1 (February 2003): 96-109. وثمة مشكلة هي أن الأشخاص يجدون صعوبة في الاهتمام في الوقت نفسه بالأفكار الجديدة لزملائهم والخروج بأفكارهم الخاصة. ويميل زملاء الفريق إلى إنتاج أفكار مماثلة عند الانخراط في العصف الذهني معاً، ويتشتتون بسبب اللطف الاجتماعي: مثل التناوب في الدور عندما يعبر الآخرون عن أنفسهم. في الوضع المثالي ينبغي للمبتكرين الانخراط في تفاعلات فردية مع روابط ضعيفة لتحفيز الإبداع، ومن ثم توليد الأفكار وحدهم لتحقيق أقصى قدر من الأصالة.

دعم التفصيل

خلال مرحلة التفصيل، نطور تفاصيل المفهوم، على الرغم من أنه ليس كاملاً بأي حال من الأحوال. وتشمل الأنشطة الاختبار المختبري Lab testing وصُنع النموذج الأولي Prototyping لإعطاء شكل للفكرة وتقييم استمراريتها؛ ولا تنطوي هذه المرحلة على إعداد مخططات تفصيلية أو مخططات مرسومة ببرمجية الحاسوب CAD.

ولغرض التفصيل فإن الاحتياجات التعاونية الأساسية هي الدعم والتشجيع– وهما السلوكان أنفسهما اللذان يخنقان التوليد الإبداعي. وعلى الرغم من أن الفكرة الجديدة للغاية محبوبة من قبل منشئها، فإنها بالتأكيد تحتوي على عيوب واضحة للآخرين. لكن في هذه المرحلة، يمكن للملاحظات النقدية التفصيلية أن تسحق الفكرة قبل الأوان، وذلك من خلال تسليط الضوء على الحواجز، وتقويض الثقة بإمكاناتها، حتى قبل تقديم حجة منصفة لمصلحتها. وقد يأخذ المبدع الانتقادات على محمل شخصي، ويتخلى عن المفهوم، ويتجنب مشاركة أفكار جديدة جداً مرة أخرى مع الآخرين، رغبة منه في ألا يعتبره متخذو القرارات وزملاؤه ”مختلفاً“ أكثر مما ينبغي.

وبسبب هذه المخاطر– ولأنه لا دليل حتى الآن على أن الفكرة يمكن أن تنجح حقاً– يحتاج المبدع إلى الشجاعة للاستمرار. لذلك فإن استمرار تطوير الفكرة خلال عملية التفصيل يتطلب موقفاً بناءً وملاحظات تطويرية إيجابية Positive developmental feedback في شكل مقترحات Suggestions وملاحظات Observations.

يمكن أن يكون الأصدقاء المقربون مصادر ممتازة للدعم والتشجيع في هذه المرحلة من خلال العمل كمؤتمني الإبداع Creative confidant. فالأصدقاء يميلون إلى الاستماع بعقل منفتح، وحتى لو كان المفهوم التقريبي يبدو مَعيباً بالنسبة إليهم، فمن المرجح أن يقدموا نصائح وملاحظات مشجعة يمكن أن تساعد على تشكيل الفكرة إلى شيء ذي قدرة على البقاء بدلاً من انتقادها بقسوة. وفي الدراسة التي كلفت أشخاصاً توليدَ أفكار لديكور مكتبة بيع الكتب، وسع الأصدقاء- الذين قدموا مدخلات- أفكاراً وبنوا عليها بدلاً من تقديم أفكار جديدة.7Mannucci and Perry-Smith, “‘Who Are You Going to Call?’” مثلاً، اقترحوا مجموعات ألوان إضافية أو قدرات تكنولوجية. ومع هذا النوع من الملاحظات، كان المبدعون أكثر عرضة إلى المضي قُدماً وحتى توسيع جدة الفكرة. لكن عندما استمر الغرباء في تقديم أفكار جديدة خلال مرحلة التفصيل، تخلى المبدعون عن أفكارهم الخاصة، وربما أخذوا مساهمات الآخرين كإشارة إلى أن أفكارهم الخاصة كانت معيبة.

قد يميل المديرون إلى العمل كمؤتمني الإبداع، ولاسيما إذا كانت لديهم علاقة وثيقة مع مُنشئ الفكرة، لكنهم ليسوا أفضل مصدر للملاحظات والدعم في أثناء التفصيل. وتبين الأبحاث أنهم أقل قدرة من أقرانهم على الاعتراف بإمكانيات الفكرة الإبداعية في مرحلة التنفيذ. ويركز دور المدير عادة على تقييم الأفكار من خلال عدسة الخبرة والمعرفة السابقة، مما يترك مجالاً ضئيلاً للبحث والاستكشاف واسعَي النطاق.8J.M. Berg, “Balancing on the Creative Highwire: Forecasting the Success of Novel Ideas in Organizations,” Administrative Science Quarterly 61, no. 3 (July 2016): 433-468. وقد يفترض المبدعون أن المديرين هم دائماً في وضعية التقييم، حتى لو لم يقصدوا ذلك.

وعلى الرغم من أن الاحتياجات التعاونية تنتقل من العمل مع الغرباء أو المعارف خلال التوليد إلى الأصدقاء في أثناء التفصيل، فإن المرحلتين تشتركان في أمر واحد: التركيز على المدخلات Input من الأفراد بدلاً من الفرق. وتُنشئ الديناميكيات الاجتماعية للمجموعات تهديدات غير ضرورية للأفكار الإبداعية في أثناء التفصيل. مثلاً قد تؤدي رغبتنا في القبول الاجتماعي، وميلنا إلى فهم الأشياء استناداً إلى الإشارات الاجتماعية من الآخرين، إلى تمسك أعضاء الفريق بموقف معين يمكن أن يسحق فكرة جديدة من دون سابق إنذار في حين لا تزال قيد التعريف. ولا يقع الأفراد المستقلون في هذه الفخاخ نفسها.

ومن الأفضل أداء دور مؤتمني الإبداع من بُعد من أعمال التطوير المبكرة جداً. فعندما لا يساهم الأشخاص مباشرة في الاختبار وصنع النماذج الأولية، يمكنهم التركيز بسهولة أكبر على تقديم التشجيع والدعم بدلاً من تقديم المساعدة التكتيكية، وبذا لا يشاركون في تقييم نقدي مفرط. ولكن لا يتطلب صنع النماذج الأولية وإعداد دراسات الجدوى كثيراً من التعاون كالتي تتطلبها أعمال التطوير الأكثر شمولاً في وقت لاحق، في أثناء التنفيذ، عندما يكون وجود فريق مفيداً وضرورياً لإعداد مخططات تفصيلية، مثلاً، وتقديم حلول لما ينشأ من مسائل تقنية ومواصفات. وفي مرحلة التفصيل قد يستعين المبدع بآخرين لاستكمال صنع النماذج الأولية في المرحلة الأولى، لكن ينبغي أن يكون هذا جهداً موجَّهاً من قبل المبدع بدلاً من أن يكون نشاطاً تطويرياً مشتركاً.

السعي إلى الترويج

إن الأنشطة الرئيسة خلال مرحلة الترويج تشمل الترويجَ للفكرة داخلياً، والسعي إلى الحصول على الموافقة على مخطط المنتج النهائي، وإنشائه وتسليمه. يعرض المُنشئ أو مدير الأعمال الفكرة على حراس البوابة Gatekeepers الرئيسين، مثل لجان الابتكار أو فرق الإدارة العليا، التي يمكنها تقديم الدعم السياسي وتوفير الموارد.

ويتطلب النجاح في هذه المرحلة تأثيراً مؤسسياً. فإقناع الأشخاص بالاستثمار في أفكار جديدة ذات أقل قدر من السوابق أمر صعب، ولاسيما عندما تتنافس عديد من الأفكار للحصول على الدعم. لذلك من المفيد التعاون مع وسيط شبكي Network broker – وهو محور يربط الأشخاص غير المتصلين بخلاف ذلك.

يمكن للوسيط الشبكي أن يؤمِّن بكفاءةٍ الدعمَ والموارد من مختلف مجالات المؤسسة. وتؤكد مجموعة غنية من الأبحاث، مستوحاة من نظرية الثقب الهيكلي Structural hole theory لعالم الاجتماع رونالد بيرت Ronald Burt حول الشبكات، أن الوسطاء في وضع جيد لجذب الانتباه إلى الأفكار، لأن روابطهم تتيح لهم الوصول إلى الأشخاص والمعلومات التي لا يمتلكها الآخرون. ووضعهم كمصادر للمعرفة يُلجأ إليها Go-to sources of knowledge يمنح الشرعية والسلطة.9R.S. Burt, “Structural Holes and Good Ideas,” American Journal of Sociology 110, no. 2 (September 2004): 349-399. أما الاستفادة من شخص لديه ببساطة كثير من الروابط فلن توفر الفوائد نفسها. والعامل الرئيس هو ربط تلك الجيوب المتباينة من الأشخاص لكي تكون للفكرة والفرص المرتبطة بها نقاط اتصال أكثر في أنحاء المؤسسة كلها.

وإضافةً إلى توسيع نطاق الفكرة، يمكن للوسطاء الشبكيين المساعدة على وصف الأفكار بطريقة سيكون لها صدى لدى مجموعة متنوعة من الداعمين المحتملين. وهم بارعون في التنقل بين المجموعات والدوائر الاجتماعية التي لا تشترك في التاريخ والمعايير والقيم والنُهُج نفسها المتبعة في اتخاذ القرار. فهم يتحدثون لغة هذه الدوائر ويفهمون ما يهمها.

تنسيق خطوات التنفيذ

بمجرد أن تكون لدى المبدع فترة البدء والتمويل اللازمين، تنتقل الفكرة إلى مرحلة التنفيذ، فيكون النشاط الرئيس تنفيذ النموذج الأولي أو الفكرة المنقحة. وإضافةً إلى صنع المنتج وتسليمه، وهذا ينطوي في الأغلب على وضع اللمسات الأخيرة على الخطط التي من شأنها أن تسمح لكم بإعداد المفهوم Concept: تطوير المواصفات الهندسية التفصيلية (مثل الرسومات الهندسية ببرمجية الحاسوب CAD)، والحصول على المواد، وتحديد العمليات اللوجستية. ولكن يتخذ هذا العمل أشكالاً مختلفة في المجالات المختلفة– هو قد لا يبدو دائماً مثل التطوير التقليدي للمنتجات. ففي صناعة السينما، مثلاً، يستلزم التنفيذ وضع اللمسات الأخيرة على النص Scripts ورسومات المشاهد Storyboards، ووضع تفاصيل الإنتاج مثل زوايا التصوير ومواصفات الإضاءة، وإدارة الممثلين وتصويرهم، وتحرير الفيلم، وتوزيعه.

والحاجة التعاونية الأساسية خلال هذه المرحلة هي رؤية مشتركة من شأنها تحفيز أعضاء الفريق على المثابرة والتغلب على العقبات، وذلك من خلال إعطاء كل واحد منهم شعوراً بالمشاركة (المسؤولية) Sense of ownership. ولفهم الأنماط التعاونية المثلى في مرحلة التنفيذ، فكروا في كيفية عمل الزمر Cliques: في هذه المجموعات الشديدة الترابط من الأصدقاء، كل عضو لديه ارتباط مباشر مع كل عضو آخر. وليست هناك حاجة إلى وسيط شبكي. فالعلاقات وثيقة ومتشابكة إلى درجة أن هوية المجموعة تحل محل الهويات الفردية. وبالتأكيد.فإن أي شخص يركز تركيزاً مفرطاً على الداخل قد يخاطر بالعزلة الاجتماعية عن الآخرين. وتكشف الأبحاث الاجتماعية أن هذا الهيكل الجماعي يتمتع بكثير من المزايا.10J.S. Coleman, “Social Capital in the Creation of Human Capital,” American Journal of Sociology 94,  supplement (1988): S95-S120. فالأعضاء في زمرة يتمتعون بقدر كبير من الثقة والتعاون. فعلاقاتهم المنسوجة بإحكام تمنحهم نفوذاً لجعل أي سلوكيات تتعارض مع معايير المجموعة وتوقعاتها متوائمةً معها. والمشاعر الإيجابية عالية: أن يكون المرء جزءاً من وحدة متماسكة كهذه يولد شعوراً طيباً.

ويمكن لفرق المنتجات تطبيق المبادئ نفسها– الثقة والتعاون والتصحيح الاجتماعي والتماسك الجماعي– لتنفيذ فكرة ما. عندما يعرف الأعضاء الأفراد أن في إمكانهم الاعتماد بعضهم على بعض، وعندما يثق بعضهم بنوايا بعض، ويشعرون بالتزام شديد تجاه المجموعة وعملها، يمكنهم حينها تبنِّي رؤية المبدع ودفعُها إلى الأمام بنحو منسق.

قد تبدو دعوة إلى وجود الفرق التي تشبه الزمر بمنزلة دعوة إلى المشاركة في التفكير الجماعي الكلاسيكي Classic groupthink– فخ إدراكي يرتبط برغبة قوية في الانتماء، ويقود أعضاء الفريق إلى التركيز على مزايا فكرة واحدة، من دون ملاحظة عيوبها أو طرح بدائل. فالتفكير الجماعي يسبب بالفعل مشكلات خلال مرحلة التوليد، حيث تولِّد مجموعة متنوعة من وجهات النظر أفكاراً جديدة. لكن في أثناء التنفيذ ينصب التركيز على إنجاز الأمور؛ لقد حان الوقت للالتقاء على الفكرة المختارة وجعلها تنجح. وفي حين أن الفرق المتماسكة ذات الرؤية المشتركة يمكن أن تعيق توليد الأفكار، فإنها تتميز بوجه عام عند التنفيذ. إضافةً إلى ذلك، تُظهر الأبحاث أنها قادرة تماماً على التقييم النقدي واتخاذ القرارات الموضوعية بمجرد تكريس رؤيتها العامة High-level vision. فالوضوح حول الأدوار وسهولة التواصل يسمحان للأعضاء بمقاومة الضغوط مقاومةً فاعلة ومناقشة الموضوعات المثيرة للقلق.11A. Grant, “Originals: How Non-Conformists Move the World” (New York: Penguin Books, 2017). لذلك يمكن لفريق متماسك التفكير بنمط نقدي في أثناء إعداد المواصفات التفصيلية وتنفيذ الأفكار– واتخاذ قرارات أفضل نتيجة لذلك. وإذا كان أعضاء المجموعة يفهمون أهداف المشروع ويدعمونها، فسيشاطرون بعضهم بعضاً المعلومات بنمط أكثر فاعلية، ويعملون معاً، ويتغلبون على العقبات.

تسهيل الانعطاف بمرونة

يتطلب تغيير السلوكيات التعاونية لتلبية الاحتياجات المتغيرة مرونة تعاونية، لكن معظمنا يعتمد بنمط متكرر على أقوى علاقاتنا، بغض النظر عن موقعنا في رحلة الفكرة. في دراسات لعبة أداء الأدوار الحية Live-action role-play troupe ودراسات أفراد في المختبر، فكر الأشخاص بنحو غير متناسب Disproportionately في أقرب علاقاتهم خلال مرحلة توليد الأفكار، عندما لا تكون هذه الروابط مثالية، ومالوا إلى التمسك بالروابط نفسها في أثناء مرحلة التفصيل، حتى لو كانت لديهم شبكات كبيرة.12Mannucci and Perry-Smith, “‘Who Are You Going to Call?’” وفي الواقع يزيد هذا الاتجاه من الروابط الشبكية التي يتمتع بها المرء. فلا فرصة للتحدث إلى الأشخاص المناسبين إذا لم نفكر فيهم في المقام الأول، لذلك يجب على مديري الابتكار مساعدة الموظفين على تطوير مرونة تعاونية أكبر لتلبية احتياجات اللحظة، وتوفير بيئات يمكن فيها ممارسة هذه المهارة. وأستعرض فيما يلي عدة مقترحات.

أَنشئوا مساحات للتفكير المستقل والتعرض لمنظورات مختلفة Create spaces for independent thinking and exposure to different perspectives. عندما تدخلون مرحلة التوليد Generation phase على الفور، حاولوا تجنب مطالبة الفرق بالخروج بأفكار جديدة معاً. ففي كثير من الأحيان، تُدفع الفرق إلى الفشل في مهمة لم تُصمَّم للاضطلاع بها أساساً. بدلاً من ذلك، اجعلوا الأفراد يولدون الأفكار من تلقاء أنفسهم قبل مناقشتها مع المجموعة، فلا يُحبَط على الفور التفكير المستقل والأصلي بفعل الدافع إلى التوافق Impulse to conform. إذا كان لا بد من اجتماع الفريق خلال مرحلة التوليد، جربوا طرح الأفكار في صمت (هي عملية تُعرَف باسم ”الكتابة الدماغية“ Brainwriting) قبل مشاركتها مع الآخرين.

في بعض الأحيان يقع ابتكار الأفكار Ideation بنحو طبيعي على عاتق الفرق– عندما تكون هناك حاجة واضحة إلى جهد مشترك لضمان التقبل Buy-in، مثلاً. وإذا كانت تلك هي الحالة، فادعوا أفراداً من خارج المجموعة Outsiders إلى حضور المناقشات ومكنوهم من طرح الأسئلة. فضخ وجهات نظر جديدة قد يخفف من الرغبة القوية في التوصل إلى توافق في الآراء بسرعة كبيرة في المجموعات. وحتى الأسئلة الساذجة من شخص ليست له مصلحة في المشكلة أو المشروع المطروح يمكن أن تدفع الفريق إلى معالجة الأفكار المبكرة بنحو أكثر موضوعية، وتدفع أعضاء الفريق إلى إعادة تمحيص وجهات النظر المعتمَدة من كثب، مما يؤدي إلى نتائج إبداعية.13H. Choi and L. Thompson, “Old Wine in a New Bottle: Impact of Membership Change on Group Creativity,” Organizational Behavior and Human Decision Processes 98, no. 2 (November 2005): 121-132.

يمكنكم أيضاً التفكير في برنامج تدوير الفرق Team rotation program، حيث يزور القادمون الجدد المجموعات كأعضاء ضيوف لاجتماع واحد أو لعدة أسابيع. وهذا يفيد القادمين الجدد من خلال تعريضهم لمجالات مختلفة من الشركة، وتوسيع وجهات نظرهم، ويجلب رؤى (تبصرات) جديدة إلى الفريق. وهو يبعد الأعضاء الضيوف عن مسؤولياتهم العادية، لكن ليس فترة طويلة– والمؤسسات التي تلتزم بالابتكار المستمر يتعين عليها تخصيص وقت للعمل على تحديات غير مألوفة أو غير محددة.

ادعوا الغرباء الذين يمكنهم رؤية المشكلات في ضوء جديد Convene strangers who can see problems in a new light. امنحوا الموظفين فرصاً لمشاركة المشكلات التي تحتاج إلى حلول إبداعية مع زملاء من خارج دائرتهم المباشرة. فكروا في طرق منهجية للاضطلاع بذلك. مثلاً قد تشكلون لجنة أو مجلس أفكار، وتزودونهما بمجموعة متنوعة من الأعضاء الذين يستمعون إلى التحديات المثيرة للحيرة، ويقدمون ملاحظات من منظور شخص من خارج المجموعة. ويمكن للأشخاص جدولة جلسات فردية مدتها 30 دقيقة واحدة مع أعضاء المجلس للحصول على الاستفادة من وجهات النظر المختلفة، وذلك من دون تكبُّد المخاطر الإبداعية والاجتماعية المرتبطة بالعمل الجماعي. وهذه الفرصة للمشاركة مفيدة لمقدم العرض Presenter، الذي قد لا يحظى بالاستماع إلى آرائه بخلاف ذلك، لكنها مفيدة أيضاً لأعضاء المجلس الذين يتاح لهم الاطلاع على آراء الموظفين وأجزاء من الأعمال قد لا يعرفونها جيداً أو لا يعرفونها على الإطلاق. وتبنت بيكسار Pixar نموذجاً مماثلاً: أنشأت مجلس خبراء Brain trusts حتى يتمكن المديرون الآخرون من عرض التحديات التي يواجهونها مع الأعمال الجارية على مثل هذه المجالس.14E. Catmull, “How Pixar Fosters Collective Creativity,” Harvard Business Review 86, no. 9 (September 2008): 64-72.

كذلك قد تبحث لمجالس الأفكار Idea boards عن حلول للمشكلات التي حددوها، ولا تحتاج إلى تفاعل وجهاً لوجه. خذ بعين الاعتبار منصات افتراضية لتمكين المشاركة الواسعة. فالمسابقات الداخلية لحل المشكلات على شبكة الإنترنت هي إحدى الطرق للحصول على أفكار من الزملاء على نطاق واسع ممن هم غير معتادين مشكلةً معينة أو مشروعاً معيناً، ويمكن أن يوفروا منظوراً جديداً. في جنرال إلكتريك General Electric، كان مهندسو الطيران يحاولون حل مشكلة قوس صغير أثقلَ محركاً وقوَّض فاعليته. لذلك أطلقوا مسابقة مجتمعية عبر الإنترنت وعرضوا تحدياً: من يُعِدْ تصميم القوس لتقليل الوزن بقدر أكثر فاعلية فسيفوز بمبلغ 7,000 دولار. وكان الفائز غريباً عن المشكلة– لا يمتلك خبرة في الطيران.

اجمعوا الأصدقاء معاً ليحددوا التفاصيل Bring friends together to elaborate. بمجرد أن يحدد المبتكرون فكرة يرغبون في استكشافها، شجعوهم على البحث عن مدخلات Input مبكرة من حلفاء مقربين. وتذكروا أن مشاركة الآخرين أفكاراً جديدة للغاية تنطوي على مخاطر شخصية. وعندما لا توجد سابقة ثابتة، قد يعتقد آخرون أن مُنشئ الفكرة غير مطلع أو يفتقر إلى الأساس أو المصداقية. ادفعوا قادة الفرق الرئيسة للعمل حول هذا الحاجز النفسي من خلال تحديد الحلفاء الإبداعيين داخل المؤسسة وخارجها ورعايتهم. كمديرٍ يمكنكم نمذجة هذا السلوك من خلال عرض أفكارك الخاصة على أعضاء الدائرة الداخلية الخاصة بكم ومناقشة النتائج Debriefing بانفتاح مع فريقكم لتوثيق ما تعلمتموه واكتسبتموه نتيجة لذلك.

لكن تغييراً هيكلياً قد يسهِّل على الآخرين تبني سلوكيات تعاونية مماثلة. مثلاً قد تطلبون إلى موظف لديه نزعة بناءة أن يعمل كمؤتمن إبداعي Creative confidant لمجموعتكم بهدف مناقشة بالأفكار الخام. وقد ترغبون في اختيار شخص يحب تشجيع الآخرين والمساعدة في بناء أفكار بدلاً من اقتراح أفكار جديدة أو الغوص في تقييم نقدي سابق لأوانه– أو على الأقل تدريب هذا الشخص على توفير التوازن الأمثل بين توفير الدعم وتقديم الملاحظات. ويجب أن يكون شخصاً لن تصبح تقييماته أو انطباعاته غير الرسمية عن المبدع حاجزاً غير مقصود– ربما يكون زميلاً موثوقاً به من إدارة أخرى، مثلاً (إذا كان مدير هذا الشخص متقبلاً لمثل هذه الفكرة، أو مهتماً بمساعدة أحد أعضاء فريقكم لمجموعته بطريقة مماثلة). ويمكن للمؤتمن الإبداعي تخصيص ساعات عمل غير رسمية لهذا الغرض حتى لا تصبح هذه المحادثات مرهقة جداً. وتتمثل الفكرة في توفير طريقة سهلة وآمنة نفسياً للأشخاص، لكي يمضوا بضع لحظات في تشارك مفهوم أساسي مع مستمع متلقٍّ، لكي يفصِّلوا الفكرة قبل مشاركتها بنمط أوسع مع بقية المؤسسة.

ماذا لو كانت الفكرةُ فكرةً سيئة ببساطة؟ هل على المؤتمن الإبداعي تشجيع فكرة لن تنجح؟ نعم! تصف عالمة النفس التنظيمية جنيفر مولر Jennifer Mueller، في كتابها التغيير الإبداعي Creative Change، الصعوبة المتأصلة في اكتشاف الأفكار الإبداعية العالية الإمكانيات وتبنيها.15J. Mueller, “Creative Change: Why We Resist It … How We Can Embrace It” (Boston: Houghton Mifflin Harcourt, 2017). وكما ذُكِر سابقاً، يواجه المديرون على وجه الخصوص صعوبة في تحديد هذه الأفكار، نظراً إلى ميلهم إلى اتخاذ وضعية التقييم. وإذا كنتم ترغبون في تشجيع الأفكار الجديدة، فمن الأفضل المخاطرة بالسماح لبعض الأفكار السيئة بالمضي قُدُماً في صنع النماذج الأولية، بدلاً من التخلي عن الأفكار الجيدة قبل الأوان. احتفظوا بالتقييم النقدي إلى وقت لاحق، في أثناء الترويج، فور أن يصبح للفكرة ما يكفي من الجوهر للتغلب على التدقيق اللازم لتقديم حجة مقنعة، وخلال المراحل المبكرة من التنفيذ، عند وضع المواصفات في صيغتها النهائية.

حددوا أصحاب الروابط الفائقة، وضعوا المبتكرين على اتصال معهم Identify superconnectors, and put innovators in touch with them. يكون العثور على الوسطاء الشبكيين، أو أصحاب الروابط الفائقة Superconnectors، في مؤسستكم أمراً سهلاً عندما تكون لديهم مناصب رسمية تربط بين المجموعات المتباينة. ومع ذلك قد تكون هذه الأدوار أكثر وضوحاً لكم منها للمبتكرين الذين تعملون معهم، بسبب اطلاعكم كمدير. لذلك أَشيروا صراحة إلى من هم الوسطاء الرسميون وعرفوا المبتكرين إليهم. لكن تذكروا أيضاً أن الوسطاء الآخرين (في بعض الأحيان الأكثر فاعلية منهم) ليست لديهم وظيفة تعكس موقفهم الشبكي. وأثناء العمل على تحديد أصحاب الروابط الفائقة المُخفَين هؤلاء، ابحثوا عن الأشخاص الذين عملوا في وحدات الأعمال المختلفة أو معها، ونتيجة لذلك، حافظوا على علاقات رئيسة في أنحاء المؤسسة كلها. حتى لو لم يكونوا متخذي قرار أو حراس بوابة، ولكن يمكنهم الاضطلاع بأدوار النفوذ والترجمة للوسطاء.

ومن المفيد الانتباه لمسارات مبدلي الوظائف في شبكتكم. مثلاً لاحظ أحدُ المسؤولين التنفيذيين في بحثي أن زميلاً سابقاً في الشؤون المالية، تشعبت أدواره، وتولى أدواراً في العمليات والتسويق. وفي نهاية المطاف أصبحا حليفين، ما أنشأ تعادلاً بين المسؤول التنفيذي وصاحب روابط فائقة غير رسمي.

ابنوا فرقاً للتنفيذ Build teams to execute. عند تجميع فرق للتنفيذ، ابحثوا عن أعضاء لديهم علاقات بعضهم مع بعض. فالرابط بين الأشخاص لا يقل أهمية عن الخبرة السابقة والكفاءة التقنية. فكروا في مخطط المكتب: قد تجمع بين إدارات مختلفة في أثناء التنفيذ (في مقابل خليط من موظفيها عندما يكون التوليد هو الهدف الأساسي). فالعلاقات الوثيقة تسهل تبني رؤية مشتركة للتنفيذ، ومن الصعب تطويرها بسرعة. كما أن أنشطة بناء الفرق المقامة خارج المؤسسة Offsite team-building activities تساعد المجموعات على توطيد الألفة واكتساب الوعي بين الأشخاص، لكن لعل الأسلوب الأكثر كفاءة هو الاستفادة من الأعضاء الذين لديهم روابط بالفعل. ويمكنكم بعد ذلك البناء على تلك الروابط عن طريق تعيين المهام التي ستحقق مكاسب صغيرة في وقت مبكر. فالترابط في أثناء النجاح أكثر فاعلية من الترابط في أثناء الأنشطة الترفيهية التي تُعقَد في بعض الأحيان والأنشطة المُكلِّفة خارج المؤسسة.

في الوضع المثالي يصبح التعاون أكثر كثافة مع تقدم الأفكار الجديدة من “مفهوم” إلى “منتج”. وعلى الرغم من أن المبتكرين يحتاجون بالفعل إلى التعرض لآخرين لتحفيز الإلهام الإبداعي، يجب تقييد التعرض في وقت مبكر: خلال توليد الأفكار، تعزز التفاعلات الفردية مع الغرباء أو المعارف الانفتاح والأصالة. وفي أثناء مرحلة التفصيل، عندما تكون الأفكار نصف جاهزة ومشاركتها أمراً محفوفاً بالمخاطر، يمكن للحلفاء والأصدقاء المقربين أن يقدموا إلى المبتكرين الدعم والتشجيع لمساعدتهم على الاستمرار في مواجهة عدم اليقين. ومع انتقال الفكرة إلى مرحلة الترويج الداخلي، يتعين على المبتكرين التواصل مع مزيد ومزيد من الأشخاص– في مختلف جيوب المؤسسة– لتأمين الموارد والتأييد للمضي قدماً في تطوير منتج ما. وفي هذه المرحلة يجب التنقل في الشبكات المعقدة والاستعانة بوسطاء العلاقات. وأخيراً تصبح الفرق فاعلة في أثناء التنفيذ، عندما يصبح توافق الآراء ذا قيمة وليس مصدر تهديد. وبمجرد نجاح الجدة بعد اكتمال التطوير، يكون من المهم التوافق مع بقية الأعمال– وهو ما يجعل الفكرة مفهومة من البقية.

كمديرٍ يمكنكم تهيئة الظروف لتلبية الاحتياجات التعاونية المتغيرة للمبتكرين. وهذا لا يتطلب إصلاحاً تنظيمياً، على الرغم من أنه يمثل تحدياً هيكلياً إلى حد كبير– غير أنه يتعلق بنحو رئيس بمساعدة الأشخاص على إقامة الأنواع الصحيحة من العلاقات في الأوقات المناسبة. وعندما يتكرر ذلك باستمرار في الأعمال، تكون للأفكار الجديدة حقاً فرصة كبيرة للوصول إلى السوق.

جيل إي. بيري-سميث Jill E. Perry-Smith

جيل إي. بيري-سميث Jill E. Perry-Smith

أستاذة التنظيم والإدارة في كلية غويزيتا لإدارة الأعمال Goizueta Business School بجامعة إيموري Emory University، حيث تشغل حالياً منصب العميد المساعد الأول للمبادرات الاستراتيجية. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63206.

المراجع

المراجع
1 J.E. Perry-Smith and P.V. Mannucci, “From Creativity to Innovation: The Social Network Drivers of the Four Phases of the Idea Journey,” Academy of Management Review 42, no. 1 (January 2017): 53-79.
2 J.E. Perry-Smith, “Social Yet Creative: The Role of Social Relationships in Facilitating Individual Creativity,” Academy of Management Journal 49, no. 1 (February 2006): 85-101.
3 P.V. Mannucci and J.E. Perry-Smith, “‘Who Are You Going to Call?’ Network Activation in Creative Idea Generation and Elaboration,” Academy of Management Journal (April 2021), forthcoming in print.
4 J.E. Perry-Smith, “Social Network Ties Beyond Nonredundancy: An Experimental Investigation of the Effect of Knowledge Content and Tie Strength on Creativity,” Journal of Applied Psychology 99, no. 5 (September 2014): 831-846.
5 J.E. Perry-Smith and R.W. Coff, “In the Mood for Entrepreneurial Creativity? How Optimal Group Affect Differs for Generating and Selecting Ideas for New Ventures,” Strategic Entrepreneurship Journal 5, no. 3 (September 2011): 247-268.
6 L. Thompson, “Improving the Creativity of Organizational Work Groups,” Academy of Management Executive 17, no. 1 (February 2003): 96-109.
7, 12 Mannucci and Perry-Smith, “‘Who Are You Going to Call?’”
8 J.M. Berg, “Balancing on the Creative Highwire: Forecasting the Success of Novel Ideas in Organizations,” Administrative Science Quarterly 61, no. 3 (July 2016): 433-468.
9 R.S. Burt, “Structural Holes and Good Ideas,” American Journal of Sociology 110, no. 2 (September 2004): 349-399.
10 J.S. Coleman, “Social Capital in the Creation of Human Capital,” American Journal of Sociology 94,  supplement (1988): S95-S120.
11 A. Grant, “Originals: How Non-Conformists Move the World” (New York: Penguin Books, 2017).
13 H. Choi and L. Thompson, “Old Wine in a New Bottle: Impact of Membership Change on Group Creativity,” Organizational Behavior and Human Decision Processes 98, no. 2 (November 2005): 121-132.
14 E. Catmull, “How Pixar Fosters Collective Creativity,” Harvard Business Review 86, no. 9 (September 2008): 64-72.
15 J. Mueller, “Creative Change: Why We Resist It … How We Can Embrace It” (Boston: Houghton Mifflin Harcourt, 2017).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى