أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالاخترنا لكمهارات

الهياكل الهرمية في أماكن العمل مهمة في تحويل المهارات

بينما تشير أبحاث جديدة إلى أن الهياكل الهرمية في أماكن العمل يمكن أن تعوق جهود التعلم، إلا أنّ هناك استراتيجيات لتعزيز نجاح مبادرات التدريب.

مع التوافر المتزايد للتحليلات المتطورة والذكاء الاصطناعي AI والروبوتات، يعيد قادة الشركات تشكيل القوى العاملة لديهم لتلبية الطلبات التقنية المتغيرة. والواقع أنه بحلول العام 2022، سيحتاج 54% من الموظفين إلى تعزيز مهاراتهم، وذلك وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum.

لكن القادة المشاركين في تحويل القوى العاملة Workforce transformation يصطدمون بحواجز غير متوقعة في أثناء سعيهم إلى تحديث مهارات موظفيهم وجعلها متزامنة مع الرقمنة والأتمتة السريعتين. فكثيراً ما يؤدي إدخال التكنولوجيات الجديدة إلى مكان العمل إلى قلقلة الهياكل الهرمية المستندة إلى العقود الدائمة Tenure أو الدور Role أو الخبرة Expertise– وهي عوامل تملي مقدار الاحترام، والكفاءة المفترضة، والتقدير التي يحصل عليها الموظف من الآخرين في المؤسسة. وقلقلة الهياكل الهرمية الأساسية قد تعوق التعلم، ولاسيما عندما يرى كبار الموظفين أن الأدنى رتبة منهم يستفيدون أكثر من غيرهم من تحول القوة العاملة.

في المواقع التي اهتم فيها القادة بنحو منهجي بالتسلسل الهرمي الحالي في مكان العمل أثناء تحويل المهارات، كان الموظفون أكثر نجاحاً في تعلم المهارات الرقمية والتفكير النقدي ومهارات الاتصال

مع الباحثين المشاركين جينا مايرز Jenna Myers من كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Sloan School of Management، وليندساي غاينر Lindsay Gainer من ماس جنرال بريغهام Mass General Brigham، والأستاذة الدكتورة سارة سينغر Sara Singer من كلية الطب بجامعة ستانفورد Stanford University School of Medicine، درستُ جهود قادة الشركات لتحويل Transform المهارات التقنية للموظفين في خمسة مواقع مختلفة للرعاية الأولية على مدى ما يقرب من سنتين. في البداية أدت الاحتكاكات بين المطلعين رقمياً المبتدئين وزملائهم الأقدم في العمل إلى معاناة الموظفين في اكتساب المهارات التي يحتاجون إليها، وأبطأت جهود التحول الرقمي. وعندما استفاد الموظفون المبتدئون من التحول أكثر مما استفاد منه كبار الموظفين، أدى ذلك إلى رد فعل عنيف، لاسيما بين كبار الموظفين الذين رأوا أن مكانتهم قد تقوضت. لكن في المواقع التي اهتم فيها القادة بنحو منهجي بالتسلسل الهرمي الحالي في مكان العمل أثناء تحويل المهارات، كان الموظفون أكثر نجاحاً في تعلم المهارات الرقمية والتفكير النقدي ومهارات الاتصال.

ووجدت دراستنا الجديدة أن قادة الشركات الذين يشاركون في تحويل المهارات يجب أن يضعوا في اعتبارهم التسلسل الهرمي في مكان العمل، وذلك عبْر ثلاثة أنواع من تحويل المهارات: تعزيز المهارات Upskilling، والتدريب على مهارات جديدة Reskilling، والتدريب على مهام جديدة Newskilling. وإليكم الطريقة.

1. تعزيز المهارات. تستهدف مبادرات تعزيز المهارات الموظفين الذين يحتاجون إلى تدريب تقني إضافي للبقاء على صلة بكل ما هو جديد في مجال عملهم والاستمرار في تقديم القيمة. ويمكن للقادة تخصيص التعلم لهؤلاء الموظفين من خلال توفير التدريب من قرين إلى قرين Peer-to-peer training في التكنولوجيات الجديدة وإجراءات العمل ذات الصلة.

يميل معظم القادة إلى اختيار الموظفين الذين يبدون قدرة أكبر على فهم طرق جديدة للعمل كمدربين. وفي كثير من الأحيان يكون هؤلاء الموظفون هم أولئك الذين تدرجوا في استخدام التكنولوجيات الرقمية، وهم في العادة عند الطرف الأدنى من التسلسل الهرمي للمؤسسة– مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى شعور كبار الموظفين بالإهانة. وقد تبدو استراتيجية اختيار المدربين هذه أكثر كفاءة، لكنها في الواقع يمكن أن تعوق التعلم.

وبدلاً من ذلك ينبغي للقادة إنشاء برامج لتدريب الأقران يتناوب فيها كبار الموظفين وصغارهم على حد سواء على دور المدرب. وعلى الرغم من أن هذا قد لا يبدو طريقة التدريب الأكثر كفاءة، فالبديل هو على الأرجح وصفة للفشل.

2. التدريب على مهارات جديدة. لما كانت التحليلات المتطورة والذكاء الاصطناعي والروبوتات تعمل على أتمتة عديد من الوظائف القائمة، فسيحتاج العاملون الذين أدوا هذه الوظائف سابقاً إلى تعلم مهارات جديدة تماماً بدلاً من مجرد إضافة مهارات إلى مجموعات مهاراتهم الحالية. وهكذا يحاول عديد من أصحاب العمل إعادة تدريب الموظفين بسرعة للدخول في أدوار جديدة مثل دعم العملاء التقني أو دعم تكنولوجيا المعلومات، وذلك بدلاً من محاولة توظيف مواهب جديدة في سوق عمل ضيقة للمهارات التقنية المتاحة.

ووجدنا أن الموظفين الذين شغلوا مناصبهم سنوات عديدة– وكُوفِئوا بنحو جيد على جهودهم– كانوا أكثر قلقاً بشأن عدم اليقين حول الوظائف والمهارات والمؤهلات المستقبلية، وذلك مقارنة بالموظفين الذين انضموا أخيراً إلى المؤسسة. وكثيراً ما رأى الموظفون من الرتب الأدنى أن مبادرات التدريب على مهارات جديدة هي فرص لتعلم مهارات تقنية قيمة، مع الحفاظ على وظائفهم اليومية، ولم يروا فيها تهديداً لسلطتهم وسيطرتهم على الموارد الرئيسة.

عند محاولة إقناع الموظفين بالتدريب، يمكن للقادة النجاح- بنحو أكثر فاعلية- في تدريب الموظفين على مهارات جديدة عندما يتعاملون مع هذه المصالح والمخاوف المختلفة، مثلاً: الأمن في مقابل التقدم. وقد يحتاج القادة أيضاً إلى التأكيد لمديري الخط الأول Front-line managers على كيفية التعامل مع مخاوف كهذه، وذلك في أثناء تشجيع موظفيهم في الخط الأول على استكشاف ما وراء دائرة ارتياحهم، من أجل الحفاظ على جاهزيتهم وتنافسيتهم في سوق العمل.

3. التدريب على مهامَّ جديدة. عندما يتبنى قادة الشركات تكنولوجيات جديدة تعمل على أتمتة أنواع مختلفة من العمل، يُلغَى بعض الوظائف والمهام في حين تظهر وظائف ومهام أخرى. ويتضمن عديد من الأدوار الجديدة تكنولوجيات تتطلب عملاً كبيراً لتطويرها وتنفيذها وصيانتها وتغييرها مع مرور الوقت. مثلاً أدخلت شركات التسويق الرقمي Digital marketing firms وظيفة مدير تحسين محركات البحث Search engine optimization manager، وأدخلت شركات التكنولوجيا الفائقة وظيفة عالم البيانات Data scientist، وأدخلت شركات الخدمات المهنية Professional services firms وظيفة مترجم الذكاء الاصطناعي AI translator لنشر قيمة أدوات التحليل التوقعي Predictive analytics tools بين مختلف المجموعات في المؤسسة.

ولكن في كثير من الأحيان يساعد استحداث أدوار جديدة على تطوير التكنولوجيا، ويتطلب تنفيذها إعادة تصميم الأدوار الفعلية التي يضطلع بها حالياً الموظفون الأكثر خبرة. وإذا رأى الموظفون ذوو الخبرة أن الأدوار الجديدة تهدد أهمية خبراتهم التي حصلوا عليها بجهد، قد تفوق رغبتهم في الحفاظ على مناصبهم الرفيعة قبولَهم لإعادة تصميم الأدوار.

يمكن للقادة أن يقدموا- بنحو أكثر فاعلية- أدواراً جديدة من خلال توفير مساحات لاجتماعات منفصلة لمؤيدي التغيير عبْر درجات الهيكل الهرمي، وذلك لتطوير توقعات جديدة للأدوار. ويمكن أن تؤدي مساحات الاجتماعات المنفصلة دوراً حاسماً في تيسير التجريب اللازم لإعادة تصميم الأدوار. عندما يكون المدافعون عن الوضع الراهن حاضرين، يكون مؤيدو التغيير في الأغلب غير مرتاحين لتجربة مهامَّ جديدة، أو مناقشة الأفكار غير التقليدية، أو تحدي النظام القائم خوفاً من الانتقام، إذ قد يحاول المدافعون عن الوضع الحالي سحق الجهود التجريبية قبل إقلاعها. ويمكن للمساحات التي تسمح بالتفاعل بين أعضاء المجموعات الأقل قوة، بصرف النظر عن الأنشطة اليومية، أن تدعم التحول بنحو أفضل، وذلك من خلال تسهيل التشكيك في الأنشطة التقليدية وتطوير أنشطة جديدة.

من خلال الاهتمام بالتسلسل الهرمي الحالي في مكان العمل في أثناء تحويل المهارات، يمكن للقادة ضمان اكتساب مؤسساتهم وموظفيهم للمهارات التي يحتاجون إليها للمنافسة وسط الرقمنة السريعة والأتمتة.

<strong>كاثرين سي. كيلوغ</strong> Katherine C. Kellogg

كاثرين سي. كيلوغ Katherine C. Kellogg

أستاذة كرسي ديفيد جاي. ماكغراث جونيور David J. McGrath Jr. للإدارة والابتكار وأستاذة إدارة الأعمال في كلية سلون للإدارة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT Sloan School of Management. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63124.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى