أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
استدامةبحثريادة أعمال

هل نستطيع تحمل تكاليف الأعمال المستدامة؟

اتباع نهج إبداعي في التسعير قد يكون مفيداً للمجتمع والبيئة– ولشركتكم.

ماركو بيرتيني – جون بينيدا- أماديوس بيتزكي – جان-مانويل إيزاريه

”كيف سندفع ثمن هذا؟“

في هذا السؤال يكمن اللغز الذي تواجهه الصفوف المتنامية من قادة الشركات الذين يدركون أن الأعمال يجب أن تتوقف، على أقل تقدير، عن المساهمة في المشكلات الأكثر إلحاحاً التي تواجه البشرية، بل من الأفضل أن تساعد على حلها. وفي بيانات الرؤية والرسالة Mission والخطط الاستراتيجية، تتعهد شركات كثيرة بتحسين الاستدامة Sustainability والحد من عدم الإنصاف Inequity– لكن عندما يتعلق الأمر بتحقيق تلك الأهداف، تنكص متعثرة بالآثار المالية المترتبة عليها.

في الواقع ليس لدينا نقص في الأفكار بشأن كيفية توفير وصول أكبر وأكثر إنصافاً للحصول على البضائع والخدمات، واستخدامها بوعي Conscientious وفاعلية أكبر، وتقليل الهدر إلى أقل قدر ممكن. لكننا كثيراً ما نتراجع عن تنفيذ تلك الأفكار بسبب الافتراض بأن أي مبادرة للاستدامة تؤدي دائماً إلى ارتفاع التكاليف، وزيادة الضرائب، وارتفاع العجز المالي، وفي نهاية المطاف ارتفاع الأسعار. ويصبح ”كيف سندفع ثمن هذا؟“ سؤالاً قاتلاً مصمَّماً على ما يبدو لخنق التقدم.

ومع ذلك فإن ما يجري التغاضي عنه في هذا النقاش هو أحد العوامل التي تحد من دون داع من النطاق الذي يحتاج إليه القادة في المجالات كلها– سواء كانت الأعمال أو العمل السياسي أو العمل غير الربحي– لتنفيذ حلول يمكن أن تكون ذات تأثير ذي مغزى.

وهذا العامل هو آلية السعر Price mechanism. ونؤكد أنه من الممكن إيجاد حلول مبتكرة تجمع الأطراف الفاعلة في السوق كلها حول السلوكيات المسؤولة التي تخفف من العوامل الخارجية السلبية للتجارة قبل Before أن تحصيها الشركات وتسعرها. من ناحيةٍ نجادل بإن المؤسسات تتصرف بوصفها راعية للأسواق أكثر من كونها مجرد جهات منتجة، مستخدمة الحوافز والمعلومات المضمنة في آلية الأسعار لتحديد المسؤولية عن الوصول Access الأوسع والأكثر إنصافاً، بغرض الاستهلاك بوعي وفاعلية، والتعامل مع الهدر بكفاءة أكبر.

وفي جذور المشكلة تقبع فرضية أن الطريقة الوحيدة التي يمكن للشركات من خلالها تخفيف عبء التجارة على مجتمعنا هو احتساب ذلك بنحو صحيح والعثور على شخص يدفع الفاتورة. وتحاصر هذه الفرضية الشركات فيما نسميه مقايضة محرمة Taboo tradeoff. ويمكن للشركة أن تحاول تمرير التكلفة الإضافية للممارسات المسؤولة بيئيا أو اجتماعيا إلى العملاء، لكنهم قد لا يكونون على استعداد لدفعها أو قادرين على ذلك، ويفرون من ثم إلى منافسين أرخص أو يغادرون السوق تماماً. وبدلاً من ذلك يمكن للشركة استيعاب هذه التكلفة من خلال التضحية ببعض هامش الربح Margin، أو تقليص الجودة، أو ”إجهاد“ Sweat سلسلة التوريد إلى أن تتحق النتائج الاقتصادية المطلوبة. وفي كل حالة يكون الخطر المالي أو الخطر على السمعة كبيراً إلى درجة تجعل المؤسسة ترى أن ”عدم فعل شيء“ هو الحل العملي. وهذا يتفادى المقايضة بدلاً من معالجتها.

وهذا اللغز محبط بنحو خاص للقادة الملتزمين بقيادة التغيير. قاد إيمانويل فابر Emmanuel Faber دانون Danone الفرنسية أكثر من ست سنوات، ومن المعروف على نطاق واسع أنه مدافعٌ بارز عن رأسمالية أكثر مسؤولية لا تخدم المساهمين فحسب، بل تخدم أيضاً البيئة والموظفين والموردين.1L. Abboud, “Danone Board Ousts Emmanuel Faber as Chief and Chairman,” Financial Times, March 15, 2021, www.ft.com. لكن في مارس 2021 فقد فابر وظيفته كرئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي بعدما أعرب المساهمون الناشطون عن استيائهم من الأداء المالي والاستراتيجية، والحوكمة لدى دانون.

وتعكس إقالة شخص مثل فابر تياراً خفياً من الشكوك لا يزال يعتمل وراء الكواليس في الشركات الموجهة نحو تحقيق الأغراض Purpose-oriented businesses. وذُكِر أن أحد الرؤساء التنفيذيين لشركة أوروبية متعددة الجنسيات قال إنه إذا جعل السياسة البيئية لشركته أكثر اخضرارا، ”فسينخفض هامش ربحي بنسبة 3% سنوياً، وسينخفض سعر سهمي بنسبة 15%، وسأُطرَد“.2A. Bris, “Danone’s CEO Has Been Ousted for Being Progressive — Blame Society Not Activist Shareholders,” The Conversation, March 19, 2021, https://theconversation.com. وفي الواقع تشير دراسة حديثة إلى أن الرؤساء التنفيذيين الذين يسنون سياسات أكثر مراعاة للبيئة أو أكثر استدامة هم أكثر عرضة للطرد بسبب الأداء الضعيف مقارنة بالرؤساء التنفيذيين الذين لا يفعلون ذلك.3T.D. Hubbard, D.M. Christensen, and S.D. Graffin, “Higher Highs and Lower Lows: The Role of Corporate Social Responsibility in CEO Dismissal,” Strategic Management Journal 38, no. 11 (November 2017): 2255-2265.

الاستفادة من درجات من الحرية

لدى القادة فسحة إزاء آلية الأسعار أكبر مما يدركون– عندما يتوقفون عن اعتبار ”كيف سندفع ثمن هذا؟“ هو السؤال الوحيد و”السعر يدفعه أطراف من خارج الجهة المنتجة“ هي إجابته الوحيدة.

الخبر السار هو أن القادة لديهم فسحة إزاء آلية الأسعار أكبر بكثير مما يدركون. وسرعان ما يتضح هذا عندما يتوقفون عن اعتبار ”كيف سندفع ثمن هذا؟“ هو السؤال الوحيد، و”السعر تدفعه أطراف خارجية“ [وليس الجهة المنتجة] Price in the externalities هي إجابته الوحيدة. في الواقع يبني كل قرار بشأن السعر على إجابات لثلاثة أسئلة أساسية:

• ما الذي يدفع العملاء ثمنه؟

• من سيدفع؟

• متى وكيف نتعامل؟

معظم الشركات تعتبر هذه الأسئلة أمراً مسلماً به وتعتقد أن الإجابات غير قابلة للنقاش وغير قابلة للتغيير. ومع ذلك، يمكن لرفض هذا الافتراض وتفكير أكثر اتساعاً حول ما ومن ومتى وكيف أن يؤديا إلى حلول مبتكرة.

إن إعادة التفكير فيما الذي What يدفع العملاء ثمنَه مهمة، لأنها تحدد مدى توليد المؤسسات للعوائد من خلال تحقيق النتائج التي يرغب فيها العملاء بدلاً من تزويدهم بالمدخلات Inputs (المنتجات Products والخدمات Services). ويمكن لنهج ”الصنع والبيع“ Make and sell approach التقليدي أن يشكل ضغطاً مالياً ومادياً على الوصول Access، لأنه يجبر العملاء على إيجاد حل وشرائه مباشرة. هذا النهج لا يحفز العملاء على التفكير بمسؤولية في الاستهلاك، ولا يضمن أنهم سيكونون راضين عن الشراء. وأخيرا، ينقل ”الصنع والبيع“ المسؤولية– ومن ثم عبء التخلص من البضائع– من الموردين إلى العملاء الذين قد لا يكون لديهم الدافع أو الخبرة للتخلص من البضائع بمسؤولية.

وحالياً يمكن لمجموعة من الإجراءات التجارية Commercial arrangements الجديدة– مثل الاشتراكات Subscriptions والعضويات Memberships، ونماذج الدفع بحسب الاستخدام Pay-as-you-go models، والاستهلاك التعاوني Collaborative consumption، واتفاقيات تقاسم الإيرادات Revenue-sharing agreements، والتعاقد المستند إلى الأداء Performancebased contracting– أن تتصدى لهذه التحديات من دون نقل المسؤولية. ويمكن لكل بديل من هذه البدائل أن يخفف من مشكلة الوصول المتأصلة في المعاملات التقليدية، لأن الشركات لا تكسب عوائدها إلا عندما توفر للعملاء إمكانية الوصول المباشر وغير المقيد إلى عروضها. وبالمثل يشجع نهجا ”الدفع بحسب الاستخدام“ و”تقاسم الإيرادات“ الاستهلاكَ المعقول لأن العملاء يدفعون عند كل حدث استهلاك Consumption episode، وتضمن “العقود المستندة إلى الأداء” أن الشركات لا تحصل على المال إلا عندما تقدم قيمة، وليس عندما تعد بذلك.

وبينما يفكر قادة الأعمال في من Who يدفع، يتعين عليهم أن يتساءلوا عما إذا كان من المنطقي أن يدفع العملاء جميعاً الثمن نفسه، أو حتى أن يدفعوا في الأصل. وقد يبدو هذا غير منصف. لكن حين يكون الوصول الشامل هو المستهدف Target في قطاع ما، على الشركات النظر في تغيير الأسعار وفق قدرة الناس على الدفع أو استعدادهم له أو، في حالة الأطراف الخارجية Third party، وفق القيمة التي يستمدها المستخدم النهائي الفرد.

وفي بعض الحالات قد تفكر الشركات وفق العملات المترابطة Interconnected currencies، إذ يمكن أن يدفع العملاء لتلبية احتياجاتهم الأساسية شيئاً غير المال. ومن الأمثلة دعم شراء فلاتر المياه بهدف التخلص من الحاجة إلى غلي المياه على نيران تُشعَل بالحطب لكي تصبح صالحة للشرب. فلخفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن تقليص استخدام النيران التي تُشعَل بالحطب قيمة نقدية في سوق الكربون Carbon market، ويمكن استخدام هذه القيمة لتمويل المشروع.4“Carbon for Water,” Vestergaard, accessed July 14, 2021, www.vestergaard.com. والعامل الرئيس هنا هو التأكد من أن السلوك المرتبط بالعملة الوسيطة Intermediate currency (مثل تقليص النيران التي تُشعَل بالحطب) يتماشى مع المنفعة التي يسعى إليها المستخدم (مثل الوصول إلى المياه النظيفة). وبخلاف ذلك، يمكن للتركيز على السلوك لتوليد الإيرادات أن يشتت التركيز على تحقيق المنفعة، التي تمثل في الواقع الغاية الرئيسة Primary goal.

وبالمثل من الواضح أن بعض السلوكيات في بعض القطاعات مرغوب فيها من منظور اجتماعي أو بيئي، مثل شراء أغذية تنتهي صلاحيتها قريباً لتجنب الهدر، أو المشاركة في النشاط البدني لتحسين صحة المرء. وفي هذه الحالات، ينبغي للشركات أن تنظر في أسعار متفاوتة لا تستند إلى قدرة العملاء على الدفع أو استعدادهم له، بل إلى استعدادهم للتصرف بمسؤولية.

وينبغي للشركات أيضاً أن تعيد النظر في متى When وكيف How تحصل الدفعات المالية Collect payment. ويمكنها اللجوء إلى المدفوعات الصغروية Micropayments للسماح بوصول أكثر دقة More granular access. وإذا كان الأمر معقولاً يمكنها أيضاً تأجيل الدفعات لتخفيف العبء المالي عن العملاء أو، وهو الأهم، لتحسين مواءمة توقيت التكاليف Costs والفوائد Benefits. وأخيراً يمكن للمرء أن يبدع في ابتكار وسائل للدفع توفر فرصة لإشراك الناس. مثلاً لمكافحة انخفاض معدلات التبرع في العام 2014، نشرت منظمة الإغاثة ميسيريور Misereor لوحات إعلانية تفاعلية مكنت المارة من منح 2 يورو بتمرير بطاقات الائتمان الخاصة بهم على الشاشة. وفي وفاء لمبدئها المتمثل في شعار ”مرح، لا بائس“ Playful, not pitiful استخدمت ميسيريور تكنولوجيا يشغل فيها التمرير سلسلة تفاعلية جذابة تصور بطاقة الائتمان وكأنها تقطع قطعة من الخبز لإطعام الجياع، أو تحرر طفلاً مسجوناً.5J. Radovanovic, “Misereor Social Swipe Abolishes Excuses for Not Donating,” Brandingmag, May 16, 2014, www.brandingmag.com.

في بقية هذا الموضوع، سنبيِّن كيف يمكن أن تؤدي معالجة هذه الأسئلة الثلاثة- على نطاق أوسع وأكثر إبداعاً- إلى تخفيف المقايضة المحرمة وتسريع التقدم.

التوسع في استخدام الطاقة الشمسية

على نطاق واسع، يُنظَر إلى المعركة الرامية إلى التخفيف من آثار تغير المناخ على أنها سباق مع الزمن. واعترفت بهذا الإلحاح البلدان الـ196 التي وقعت اتفاقية باريس Paris Agreement للعام 2015، التي التزمت بالتوصل إلى انبعاثات كربونية صفرية Zero carbon emissions بحلول العام 2050.6“The Paris Agreement,” United Nations Climate Change, accessed July 14, 2021, https://unfccc.int. وممارسة ”الأعمال كالمعتاد“ Business as usual ستقوض تلك الجهود.

فإحراز تقدم في مقابل هذه الساعة الموقوتة يتطلب عديداً من الحلول الرامية إلى تحسين الوصول المنصف إلى مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب الاستهلاك الواعي. وتختلف الظروف والتحديات اختلافاً كبيراً من سوق إلى أخرى، لكن أحد القواسم المشتركة هو أن الآراء التقليدية بشأن آلية الأسعار تولد مقايضة محرمة تعوق اعتماد حلول أنظف. كيف يمكن لقطاع الطاقة أن ينتقل من سوق مربحة مستندة إلى الكربون إلى سوق مربحة بالقدر نفسه لكنها أكثر اخضراراً؟

وواحدة من أكبر العقبات التي تحول دون اعتماد الطاقة الشمسية بين الأسر هي الاستثمار المطلوب مقدماً لتركيب الألواح الكهروضوئية. ففي البلدان المتقدمة، يمكن أن يكلف التركيب في القطاع السكني عشرات الآلاف من الدولارات، على الرغم من أن سعر الوات الواحد للألواح الكهروضوئية انخفض بنسبة 80% تقريباً بين العامين 2010 و2020. وبعد الاضطلاع بهذا الاستثمار، يجب على أصحاب المنازل الانتظار سنوات عديدة للوصول إلى تعادل مالي على استثمارهم، والبدء في التمتع بالفوائد المالية التي توفرها الطاقة الشمسية. والتفاوت بين توقيت الدفعات وبدء تحقيق وفور في التكاليف كبيرة إلى حد أن أي امتياز سعري معقول لا يمكن أن يسدها بنحو مُرضٍ.

ومع ذلك ظهر عديد من الفرص عندما أعاد مزودو حلول الطاقة الشمسية النظر في الأسئلة الأساسية الثلاثة:

ما الذي يدفع العملاء ثمنَه؟ ببساطةٍ تريد الأسر أن تدفع ثمن الطاقة الأنظف بدلاً من المدخلات للوصول إلى تلك الطاقة. وإدراكاً لهذا، بدأت الشركتان الرائدتان سانران Sunrun وسولار سيتي SolarCity (المعروفة الآن باسم تيسلا للطاقة Tesla Energy) في عرض اتفاقية لشراء الطاقة Power purchase agreement (اختصاراً: الاتفاقية PPA) على العملاء. وبدلاً من بيع الألواح الشمسية أو إنشاء مجموعة ثابتة من مدفوعات القروض، باعتا للعملاء الطاقة الناتجة من الألواح المثبتة على أسطح منازلهم، وذلك على هيئة خصم من فاتورة الكهرباء للمنزل. كذلك ضمنتا إنتاج النظام للطاقة مدةً تتراوح بين 20 و30 سنة. وهذا التغيير في نقطة التركيز، أي من مبيعات الألواح إلى توفير الطاقة النظيفة، مكَّن مصنعي الألواح الكهروضوئية من عرض بديل للنهج التقليدي الذي يستند إلى دفع مبلغ مقدم كبير.

من سيدفع؟ لا يزال أصحاب المنازل يدفعون ثمن الطاقة، لكن إلى حد كبير، دفعت الحكومة الفِدرالية الأمريكية أيضاً مبالغ كبيرة من المال لتركيب الألواح الكهروضوئية، من خلال مزيج من الدعوم والإعفاءات الضريبية. وهناك بديل آخر للشراء المباشر، وهو التأجير، وهو بديل يقلل من الحاجة إلى هذه الدعومات الحكومية الواسعة كوسيلة لخفض التكلفة الأولية الكبيرة، ويولِّد حافزاً للشراء. في الوضع المثالي يمكن لهذا التحول أن يخرج الحكومة (ودافعي الضرائب) من المعادلة بالكامل وأن يغير الإجابة عن ”من“ إلى أصحاب المنازل أنفسهم.

متى وكيف نتعامل؟ لنفترض أن التكلفة الأولية لتركيب الألواح الكهروضوئية من قبل سانران في الولايات المتحدة هي 21,000 دولار، قبل الاستقطاعات الضريبية.7“Cost of Solar in 2021,” Sunrun, accessed July 14, 2021, www.sunrun.com. لا تزال أغلبية أصحاب المنازل تختار دفع هذه النفقات أو تمويلها واستثمار الطاقة الشمسية ”المجانية“. لكن نحو 35% من مالكي المنازل يختارون الآن الدخول في اتفاقية لشراء الطاقة، فلا تعود هناك حاجة إلى هذه النفقات الأولية في مقابل الحصول على طاقة مضمونة من اليوم الأول، وبفواتير شهرية أقل من الأسعار السائدة في السوق. فهذه الاتفاقية تولِّد تدفقَ عوائد Revenue stream موثوقاً به للمورد، وتعرض أيضاً على المستهلكين بديلاً جذاباً لدفع تكلفة مقدمة كبيرة أو تقسيطها.

وإلى جانب الانخفاض العام في أسعار الألواح الكهروضوئية، ساعد اعتماد اتفاقيات شراء الطاقة إلى جانب اتفاقيات التأجير التقليدية على إذكاء النمو الهائل في سوق الطاقة الشمسية. فلنأخذ كاليفورنيا مثالاً على ذلك. زادت قدرة الألواح المركَّبة من 163 ميغاوات في العام 2010 إلى 1,950 ميغاوات في العام 2015. وشكل التأجير 63% من المنشآت في العام 2015، في مقابل 10% فقط في العام 2010.8J. Brady, “The Great Solar Panel Debate: To Lease or to Buy?” NPR, Feb. 10, 2015, www.npr.org; and A. Hobbs, E. Benami, U. Varadarajan, et al., “Improving Solar Policy: Lessons From the Solar Leasing Boom in California,” PDF file (San Francisco: Climate Policy Initiative, July 25, 2013), www.climatepolicyinitiative.org. وللمقارنة تاريخياً يمثل نظام إجارة السيارات نحو 30% من سوق السيارات الجديدة في الولايات المتحدة كل عام.

ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن سوق المشتريات المباشرة نمت بنحو مدهش أيضاً في الفترة نفسها، من 147 ميغاوات إلى 720 ميغاوات. وبعبارة أخرى، انخفاض أسعار الألواح الكهروضوئية يدفع النمو بنحو طبيعي.9Ibid. والدرس المستفاد هو أن الوصول إلى المنتجات يمكن أن يصبح أكثر سهولة– ويمكن تحقيق التقدم نحو أهداف طموحة في مجال البيئة والمسائل الاجتماعية والحوكمة بنحو أسرع– عندما تكون الشركات على استعداد لإعادة النظر في المفاهيم المسبَقة حول أسعارها.

إن مشكلة الحصول على الطاقة مشكلة عالمية. وفي البلدان الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، قد يكون توسيع الشبكات القائمة لخدمة السكان في المناطق النائية باهظ التكلفة. ويشمل ذلك 22 مليون نازح في المنطقة يفتقرون إلى الكهرباء. ولذلك أصبحت الأنظمة الكهروضوئية المنزلية بديلاً جذاباً، لأنها يمكن أن تساعد معظم الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية من الطاقة، وتجنب الاعتماد على مولدات الديزل (أو العيش من دون كهرباء). وتبلغ تكلفة البيع بالتجزئة مقدماً لنظامٍ كهروضوئي منزلي نحو 180 دولاراً، لكن هذه نفقات كبيرة للأسرة التي قد تكسب دولاراً واحداً إلى دولارين في اليوم.10This report lays out energy need tiers, with the focus for clean energy in refugee communities on tier 2 needs (around 50 watts): B. Giæver, N. Hjellegjerde, B. Gomez Rojo, et al., “EmPowering Africa’s Most Vulnerable: Access to Solar Energy in Complex Crises,” (Norcap and Boston Consulting Group, August 2020), www.nrc.no. Prices mentioned in the following policy brief are for a 20-watt solar home kit in 2018: R. Fetter and J. Phillips, “The True Cost of Solar Tariffs in East Africa,” policy brief (Durham, North Carolina: Nicholas Institute for Environmental Policy Solutions, Duke University, February 2019), https://energyaccess.duke.edu. ومما عجَّل باعتماد النظم الكهروضوئية نهج مشابه لذلك الذي تستخدمه شركات الاتصالات: دفعة مقدمة مقترنة برسوم دفع بحسب الاستخدام. ومعظم الناس يستخدمون هواتفهم المحمولة لتسديد المدفوعات الصغروية مباشرة. والفوائد الإجمالية للنظم الكهروضوئية المنزلية عديدة، تتراوح بين تلوث أقل وسلامة أكبر، وبين تحرير الوقت للتعليم أو العمل. كذلك توفر مصدراً أكثر موثوقية للطاقة، ليس فقط بسبب أشعة الشمس الوفيرة، لكن أيضاً لأن وقود الديزل أو مصادر الطاقة الأخرى عرضة للاضطراب.

علاج منقذ للحياة للجميع

يصيب فيروس التهاب الكبد سي Hepatitis C virus (اختصاراً: الفيروس HCV) حالياً أكثر من 70 مليون شخص في أنحاء العالم كلها. وهو السبب الرئيس لتليف الكبد وسرطان الكبد؛ ووجدت دراسة أجرتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها Centers for Disease Control and Prevention أن عدد الذين أودى بحياتهم في الولايات المتحدة أكبر مقارنة بالأمراض المعدية الـ60 التالية مجتمعة، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية HIV والسل.11“Hepatitis C Kills More Americans Than Any Other Infectious Disease,” Centers for Disease Control and Prevention, May 4, 2016, www.cdc.com.

ومن الصعب معالجة المرض نظراً إلى المجموعة الواسعة من الأعراض وتكاليف العلاج المرتفعة. فقد لا يكلف الأمر سوى بضع مئات من الدولارات لعلاج المرضى الذين يعانون أعراضاً خفيفة، في حين أن تكاليف العلاج يمكن أن تصل إلى 300,000 دولار لنحو 10% من المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة كبد.

هذا الواقع أوقع شركة جلعاد ساينسس Gilead Sciences -مُصنِّعة سوفالدي Sovaldi، علاج فيروس التهاب الكبد سي الذي حقَّق تقدماً كبيراً في علاج المرض- في مقايضة محرمة كبيرة. فمن خلال علاج مرض- مزمن بخلاف ذلك- في 12 أسبوعاً فقط، يوفر سوفالدي حرفياً منفعة مدى الحياة للمرضى. لكن نهج التسعير القياسي في هذه الصناعة– وهو تقاضي سعر لكل علاج في وقت توفير الرعاية– يجعل علاج المرضى الذين يعانون أعراضاً خفيفة مكلفاً جداً. وبسعر يفوق بكثير 50,000 دولار لتلك الدورة الممتدة 12 أسبوعاً، ولا يعود سوفالدي مجدياً اقتصادياً إلا لتلك الأقلية الصغيرة من المرضى الذين يعانون مضاعفات حادة.

في حين أن مستوى سعر منخفض سيوسع نطاق الوصول، ويعجل بهدف منظمة الصحة العالمية World Health Organization المتمثل في خفض الوفيات الناجمة عن فيروس التهاب الكبد سي بنسبة 65% بحلول العام 2030.12“Hepatitis C,” World Health Organization, July 27, 2020, www.who.int. لكنه سيجعل العلاج أيضا أقل ربحية بكثير، وهكذا فإن قادة شركات المستحضرات الصيدلانية الحيوية- المطلوب منهم استرداد الاستثمارات الكبيرة في البحث والتطوير وتحقيق عوائد للمستثمرين- سيجدون أنفسهم في مأزق.

جلبت جلعاد وولاية لويزيانا تفكيراً جديداً إلى آلية تسعير علاج الالتهاب الكبدي سي، وحلتا معضلة المقايضة المحرمة من خلال إعادة التفكير فيما يدفع العملاء ثمنه، وكيفية تنفيذهم للمعاملات.

غير أن نهجاً جديداً إزاء آلية الأسعار قدَّم للنظام الإيكولوجي للرعاية الصحية وسيلةً لحل المقايضة المحرمة. فقد عملت شركة جلعاد مع ولاية لويزيانا لإعادة التفكير في اثنين من الأسئلة الأساسية المذكورة أعلاه:

ما الذي يدفع العملاء ثمنه؟ بدلاً من الدفع لعلاج المرضى الأكثر مرضاً فقط على دفع تكلفة الجرعة الواحدة Per-dose أو دفع تكلفة العلاج Per-therapy، يمكن لمستخدمي التأمين الصحي أن يدفعوا ”لكل مجموعة سكانية تماثلت للشفاء“ Per population cured. وهذا من شأنه أن يسمح بانتشار الفوائد الإجمالية على مستوى المجاميع السكانية، بغض النظر عن مدى شدة أعراض أي فرد في وقت العلاج.

متى وكيف تضطلع بمعاملة Transact؟ تُوزَّع الدفعات على مدى سنوات متعددة، بدلاً من أن تُستحق وقت تقديم العلاج، لتتناسب بنحو أفضل مع توقيت الفوائد مدى الحياة للمرضى. وهذا يفيد أيضاً نظام لويزيانا ميديكيد Louisiana Medicaid، الذي يدفع تكاليف عدد أقل من عمليات زرع الكبد وغيرها من التدخلات المكلفة. ويسمح هذا النهج للتمويل بالوصول إلى معظم المرضى، حيثما يوجد أساس منطقي سريري واقتصادي واضح.

ويؤدي توزيع الدفعات بمرور الوقت وتحقيق الفوائد للسكان إلى عوامل اقتصادية أفضل للجميع. ويُطلَق على هذا الترتيب اسم نموذج نتفليكس Netflix بجدارة، لأنه يشبه الاشتراك في خدمة البث Streaming service. فالمشتري يدفع سعراً ثابتاً للوصول إلى فهرس بالمحتوى، بدلا من دفع أكثر من ذلك بكثير لبث المحتوى الفردي بحسب الطلب. ويشبه هذا النموذج مفهوم اتفاقيات ترخيص المؤسسات Enterprise license agreements مع مزوِّدي البرمجيات، التي بموجبها يحصل معظم الموظفين على إمكانية الوصول إلى فهرس البرمجيات. ويؤمِّن المزوِّد تدفقاً مستمراً للإيرادات، ويخدم عدداً أكبر بكثير من المستخدمين مما يخدمه على أساس كل حالة على حدة. ويوفِّر المشتري القيمة المطلوبة مع مرور الوقت لمجموع السكان كله بطريقة تسمح للجميع بالاستفادة، بغض النظر عن مستوى استهلاكهم.

في العام 2019، دفعت ولاية لويزيانا لشركة تابعة لجلعاد مبلغاً مقطوعاً في مقابل أكبر قدر لازم من برنامجها لعلاج فيروس التهاب الكبد سي لعلاج المرضى المُسجلين في برنامج ميديكيد Medicaid، وسجناء الولاية حتى العام 2024.13“Louisiana Launches Hepatitis C Innovative Payment Model With Asegua Therapeutics, Aiming to Eliminate the Disease,” Gilead, June 26, 2019, www.gilead.com. ولا تُعرَف الشروط الدقيقة للصفقة، لكن يُقدَّر أن المبلغ أقل بكثير من المبلغ الإجمالي الذي كان ضرورياً لعلاج مرضى فيروس التهاب الكبد سي جميعاً بالسعر الفردي للعلاج الفردي. فإذا افترضنا ما يقرب من 35 مليون دولار سنوياً للحد الأدنى البالغ 31,000 مريض بفيروس التهاب الكبد سي المذكور في البيان الصحافي، يبلغ ذلك نحو 1,130 دولاراً لكل مريض سنوياً لتوفير غطاء ائتماني على مستوى مجموع السكان ككل، أو ما يقرب من 5,600 دولار لكل مريض على مدى السنوات الخمس من العقد.14“Methods,” Drug Pricing Lab, accessed July 14, 2021, https://drugpricinglab.org. وفي وقت لاحق من العام 2019، أبرمت ولاية واشنطن صفقة مماثلة مع الشركة الصانعة للأدوية أب ڤي AbbVie.15H. Liu and A. Mulcahy, “Why States’ ‘Netflix Model’ Prescription Drug Arrangements Are No Silver Bullet,” Health Affairs, July 1, 2020, www.healthaffairs.org.

هناك بعض الشك حول استعداد مختلف الأطراف الفاعلة في النظام الإيكولوجي للرعاية الصحية Health care ecosystem للجلوس إلى طاولة المفاوضات حول هذا النوع من الترتيبات مقارنة بـنهج ”الدفع لكل علاج“ الأكثر شيوعاً. لكن هناك عديداً من الاتجاهات الجديدة التي تساعد الأطراف كلها على تعود مواءمة الأسعار مع توقيت تسليم القيمة Value delivery بطريقة تعزز الكفاءة. وتشمل هذه الاتجاهات زيادةً في اعتماد سنوات الحياة المعدلة الجودة Quality adjusted life years كمقياس عام لعبء Disease burde، ووسيلة لتسعير العلاجات على أساس النتائج الصحية، كما يتضح من الجهود الأخيرة لشركة روش Roche بشأن نماذج التسديد المُشخصَنَة Personalized reimbursement models.16“Innovative Pricing Solutions,” Roche, accessed July 14, 2021, www.roche.com.

تعزيز الكفاءة في التعليم

يتزايد ارتفاع تكلفة التعليم العالي في الولايات المتحدة إلى درجة ينوء بها كل من الطلبة الذين يصبح مستقبلهم المالي رهينة للديون التي تنغص حياتهم، والحكومة الفدرالية التي تضمن أكثر من 90% من أكثر من 1.7 تريليون دولار من القروض الطلابية غير المسددة.17A. Helhoski and R. Lane, “Student Loan Debt Statistics: 2021,” NerdWallet, July 15, 2021, www.nerdwallet.com. والمسألة المطروحة هي كيفية منع تلك الكومة من الديون من الارتفاع بقدر أكبر، وعلى نطاق أوسع، كيف يمكن ضمان أن يؤدي الإنفاق على التعليم العالي في الواقع إلى النتائج المرجوة مثل التعلم والتوظيف.

اتفاقيات تقاسم الدخل هي أحد الحلول لأزمة تكاليف التعليم العالي وديون الطلبة، وهي حلول مبنية على معالجة أسئلة ”مَن“ و”متى“ و”كيف“، وفي بعض الحالات سؤال ”ماذا“ أيضاً.

ويتناول أحد الحلول الأسئلة المتعلقة بـ”مَن“ و”متى“ و”كيف“، وفي بعض الحالات السؤال الخاص بـ”ماذا“ أيضاً. ويدعو هذا الإجراء- المعروف باتفاقية تقاسم الدخل income-share agreement (اختصاراً: اتفاقية ISA)- إلى أن يدفع الطالب رسوم المؤسسة التعليمية فقط عندما يتقاضى راتباً سنوياً يتجاوز عتبة معينة. والدفعة هي نسبة مئوية من دخله، إلى أن يستكمل دفع الرسوم الدراسية بالكامل. والفارق بين اتفاقية تقاسم الدخل والقرض التقليدي هو انعدام سعر الفائدة، وعدم المطالبة بأي دفعات إذا كان الطالب لا يزال عاطلاً عن العمل، أو يكسب أجراً أقل من العتبة. وقد تروق هذه البرامج للطلبة المُسجَّلين في برامج شهادات المهارة Skill-certificate programs التي تكون مدتها عاماً أو عامين، غيرَ أن جامعات كبرى مثل بوردو Purdue أطلقت أيضاً برامج تقوم على اتفاقيات تقاسم الدخل.18E. Kerr, “Income Share Agreements: What to Know,” U.S. News & World Report, April 13, 2021, www.usnews.com.

وحولت ولاية تينيسي مبدأ اتفاقيات تقاسم الدخل إلى برنامج شامل تحت مظلة برنامج ”نحو خمس وخمسين“ Drive to 55. ويشير الرقم ”55“ إلى مستهدف حصول 55% من المقيمين على شهادة جامعية أو شهادة تقنية بحلول العام 2025. ويشمل البرنامج (وعد تينيسي) Tennessee Promise، الذي يقدم منحاً دراسية للطلبة المؤهلين للالتحاق بكليات أو مدارس تقنية مختارة مجاناً، وبرنامج (معاودة الاتصال تينيسي) Tennessee Reconnect، الذي يسمح للبالغين الذين لا يحملون شهادة جامعية أو شهادة تقنية باستكمال دراستهم من دون أي تكلفة ترهق جيوبهم الخاصة. والفارق بين برنامجي تينيسي و”اتفاقيات تقاسم الدخل“ هو عدم وجود أي خطة للتسديد على الإطلاق. 

ومنذ سنوات والبرنامج ناجح لأنه يوائم الحوافز للأطراف كلها. فيحصل الطلبة على التعليم، في حين تستمد الدولة عائداً على استثماراتها من خلال تطوير دافعي ضرائب ذوي أجور أعلى، وأيضاً بجعل الولاية أكثر جاذبية للشركات التي تحتاج إلى مجموعة كبيرة من العاملين ذوي المهارات الملائمة للقرن الحادي والعشرين. كذلك تكسب الولاية مزيداً من الخدمات، لأن برنامج وعد تينيسي يتطلب من الطلبة الوفاء بالتزام بخدمة المجتمعات المحلية.

إغلاق الحلقة في صناعة الأزياء

لو كانت صناعة الأزياء بلداً، لكانت رابع أسوأ مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، بعد الصين والولايات المتحدة والهند فقط.19A. Berg, K.-H. Magnus, S. Kappelmark, et al., “Fashion on Climate” (Copenhagen: McKinsey & Company and Global Fashion Agenda, 2020), www.globalfashion agenda.com. ويُظهر أحد التقديرات أن الأطراف الفاعلة في هذا القطاع تستهلك طاقة أكثر من الطيران والشحن مجتمعين.20“UN Helps Fashion Industry Shift to Low Carbon,” United Nations Climate Change, Sept. 6, 2018, https://unfccc.int. وفي الوقت نفسه كان للاعتماد على القطن– ومن ثم الاعتماد المقابل على الري والمواد الكيميائية الزراعية– تأثير بيئي كبير: ويمكن أن يستغرق صنع تي شيرت قطني واحد ما يصل إلى 2,700 لتر من الماء.21“The Impact of a Cotton T-Shirt,” World Wildlife Fund, Jan. 16, 2013, www.worldwildlife.org. وحتى مع ذلك يرمي كل أمريكي في المتوسط 80 باونداً (36 كيلوغراماً تقريباً) من المنسوجات كل عام، ما يضيف نحو 12.8 مليون طن من النفايات.22M. Gunther, “Fast Fashion Fills Our Landfills,” JSTOR Daily, Sept. 27, 2016, https://daily.jstor.org.

انظروا إلى بنطلون من الجينز من ”الأزياء السريعة“ يُبَاع، مثلاً، بـ40 يورو (ما يقرب من 50 دولاراً). ويقدر معهد الأثر Impact Institute ”السعر الحقيقي“ لهذا الجينز، أو سعر الملصق الذي يأخذ في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المجتمع والبيئة المترتبة على طرح المنتج في السوق، بمبلغ 73 يورو (نحو 90 دولاراً).23“The True Price of Jeans,” True Price, May 23, 2019, https://trueprice.org.

والمقايضة المحرمة هنا واضحة. فمن ناحيةٍ من المرجح أن يمتنع المستهلكون عن دفع ضعف المبلغ تقريباً في مقابل شيء يهدف إلى أن يستمر موسماً أو موسمين. ومن الناحية الأخرى ليس لدى معظم المنتجين وتجار التجزئة هامش كافٍ تقريباً لاستيعاب الارتفاع الحاد في التكاليف. وفي مواجهة هذا الاحتمال، يكاد يكون غض الطرف عن الأثر البيئي مفهوماً.

تتخذ الشركات خطوات مبتكرة للحد من الهدر الكامن في توريد الأزياء. وواحدة من الخطوات هي تعزيز إعادة استخدام الملابس أو إعادة تدويرها بدلاً من رميها، كوسيلة لإغلاق الحلقة.

يتمثل التحدي إذن في البحث عن سبل للتخفيف من العوامل الخارجية السلبية بدلاً من تسعيرها. وتحقيقاً لهذا الغرض تتخذ الشركات خطوات مبتكرة للحد من الهدر الكامن في توريد الأزياء. وواحدة من الخطوات الأكثر تأثيراً هي تعزيز إعادة استخدام الملابس أو إعادة تدويرها بدلاً من رميها، كوسيلة لإغلاق الحلقة. وكما أوضح كارل يوهان بيرسون Karl-Johan Persson، الرئيس التنفيذي لإتش أند إم H&M آنذاك: ”علينا أن نغير طريقة صنع الأزياء. علينا أن ننتقل من نموذج خطي Linear model إلى نموذج دائري Circular model، وعلينا أن نفعل ذلك على نطاق واسع“.24Gunther, “Fast Fashion.”

هنا بالضبط تكون إعادة التفكير في السؤال “ماذا” أمراً بالغ الأهمية. يضع نموذج “الصنع والبيع” Make and sell التقليدي في صناعة الأزياء- حيث تنتقل ملكية بند من الملابس من بائع التجزئة إلى العميل عند نقطة البيع- مسؤولية إغلاق الحلقة مباشرة على عاتق كل فرد. وهذا ليس فعَّالاً، لأن الأفراد يختلفون في رغباتهم في فعل الخير، وحتى لو قبلوا فكرة إعادة التدوير، فقد لا تكون لديهم الوسائل أو تتاح لهم الفرصة للاضطلاع بذلك.

إحدى الطرق لتحفيز الناس على أن يكونوا أكثر مسؤولية هي الدفع لهم في مقابل ذلك. مثلاً، كجزء من برنامج (ارتداء المرتدى) Wear Worn لدى الشركة الشهيرة للملابس باتاغونيا Patagonia، تقدم الشركة للعملاء نقاطاً تحتسب نحو مشترياتهم عندما يرجعون قطعة قديمة إلى المتاجر. ومع ذلك قد لا تتقدم الصناعة ككل نحو الاقتصاد الدائري بالسرعة التي نحتاج إليها ما لم تتبنَّ وسيلة لتوليد إيرادات لا Not تستند إلى نقل الملكية– أي وسيلة لا تعتمد على العملاء الأفراد لفعل الشيء الصحيح.

مثلاً يجب أن تفكر دور الأزياء بجدية في إدخال التأجير والاشتراكات، إذ يشتري العملاء إمكانية الوصول إلى الملابس والإكسسوارات بدلاً من البنود نفسها. ويتخلص هذا التحول في ”ماذا“ من الاضطرار إلى الاعتماد على وعي الأفراد، ويعيد إلقاء مسؤولية إعادة الاستخدام وإعادة التدوير مرة أخرى على أكتاف المصنعين، الذين يُفترَض أن يتمكنوا من التعامل مع هذه المهمة بنحو أكثر كفاءة وعلى نطاق واسع. وبالعودة إلى مثال الجينز، تؤجر ماد جينز MUD Jeans من هولندا الجينز للعملاء لمدة 12 شهراً، وبعد ذلك يمكنهم الاحتفاظ به أو إعادته لإعادة تدويره. وبالمثل تتيح رنت ذا رانواي Rent the Runway للناس استئجار الملابس الراقية غالية الثمن، في حين تعرض نولي Nuuly اشتراكاً بملابس يبدأ بستة بنود في مقابل 88 دولاراً في الشهر.

ومع تزايد تعوُّد الناس استئجارَ الملابس أو الاشتراك في خدمة ”خزائن الملابس“ Wardrobe service، يكتسب الموردون درجات من الحرية للتخفيف من المقايضة المحرمة المعبَّر عنها في تقاضي السعر الحقيقي للملابس.

جعل الأسعار أكثر ذكاء

أقنعتنا أبحاثنا وعملنا مع الرؤساء التنفيذيين وغيرهم من القادة بأن المؤسسات يجب أن تعيد النظر في الأسئلة الحرجة الثلاثة التي تناولناها أعلاه، هذا إذا كانت تريد تحقيق توازن أكثر صحة بين أهداف الاستدامة والتزاماتها الأكثر إلحاحاً تجاه العملاء والموظفين والمساهمين. وينبغي للتوصيات التالية– التي تتراوح من التفكير الأولي إلى التنفيذ– أن توجه القادة نحو إيجاد إجابات جديدة خلاقة عن الأسئلة الخاصة بماذا ومن ومتى وكيف.

اجعلوا ”التكلفة الخضراء“ شفافة وقابلة للتنفيذ Make the “green premium” transparent and actionable. السبب الجذري للمقايضة المحرمة هو ما أطلق عليه بيل غيتس Bill Gates ”التكلفة الخضراء“ Green premium. فعندما يكلف منتج صديق للبيئة ضعف تكلفة الإصدار التقليدي ”القذر“، يكون عدد قليل من العملاء أو الشركات على استعداد لدفع الفاتورة. لكن عندما تتاح للمديرين ”مرئية“ Visibility أكبر للعوامل التي تدفع بارتفاع التكاليف، يمكنهم اتخاذ قرارات أكثر استنارة، تساعدهم على النظر إلى أين يوجهون انتباههم وهم يعيدون النظر في كيفية تحديد الأسعار والقرارات في سلسلة التوريد، مما يمكن أن يقلل من بصمة العمل كالمعتاد.

ركزوا على النتائج، وليس على المنتجات Focus on outcomes, not products. يفرض هذا التحول الذهني نطاقاً أوسع يضع العوامل الخارجية في بؤرة تركيز أكثر وضوحاً. مثلاً تعيد بعض شركات الملابس توجهها من ”بيع الملابس“ Selling garments إلى ”إلباس الناس“ Clothing people، وتقدم خدمات خياطة وتصليح وإعادة تدوير كجزء من تحفيز العملاء. وبنحو مشابه، فإن التحول من “بيع السيارات” Selling cars إلى ”توفير التنقل“ Providing mobility قد يقلل استهلاك المواد والهدر، ويوفر فرصاً جديدة لتلبية متطلبات العملاء من الشركات المصنعة للمركبات والشركات المنافسة الجديدة. وتقديم حلول حقيقية لمشكلات العملاء يظل أملاً طموحاً ما دامت الشركات تركز أكثر من اللازم على الوسائل Means بدلاً من الغاية End.

وائموا بين الدفعات والفوائد Align payments and benefits. بالنسبة إلى عديد من الحلول، فإن العقبة الكبرى هي عدم المواءمة الواضحة بين توقيت الدفعات (عادة مقدماً) وبداية الاستحقاقات (الأقساط) (عادة مع مرور الوقت). مثلاً سعر سيارة كهربائية مثل شيفروليه بولت Chevrolet Bolt أعلى بنحو 40% مقارنة بسيارة مماثلة تعمل بالغاز، لكن تكاليف التشغيل مدى الحياة أقل بكثير بالنسبة إلى السيارة الأولى، فضلاً عن المنفعة البيئية من انخفاض الانبعاثات.25“The Green Premium,” Breakthrough Energy, accessed July 15, 2021, www.breakthroughenergy.org. وبدائل الدفع مقدماً، مثل الاشتراكات والتأجير ونماذج الدفع بحسب الاستخدام، وحتى الاتفاقيات المستندة إلى الأداء، تُغيِّر توقيت الدفعات لتتزامن مع توقيت الفوائد التي يجنيها العملاء. كذلك تجعل ”الوصول إلى المنتجات“ Access to products في متناول مزيد من الناس من خلال توزيع النفقات على مدى زمني.

اخدموا مجموع السكان، لا شرائح سكانية Serve populations, not segments. اتفاقيات التسعير المستندة إلى مجموعة سكانية تكون منطقية عندما تكون لحلٍّ ما قابلية واسعة للتطبيق، لكن استعداد العملاء الأفراد للدفع أو قدرتهم عليه يختلفان اختلافاً كبيراً. وفي هذه الحالة يتحول ”ماذا“ من جرعة واحدة أو منتج واحد إلى تغطية مجموع السكان بكاملهم. فالتسعير الأمثل على أساس الشرائح المستهدفة Target segments هو استبعادي بحكم تعريفه، في حين يهدف التسعير المستند إلى مجموع السكان إلى إيجاد طريقة ليكون شاملاً. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الاتفاقيات على مستوى مجموع السكان التي أبرمتها شركة فايزر-بيو إن تيك Pfizer-BioNTech في الولايات المتحدة وأوروبا للقاح كوفيد-19، التي سهلت التوصل إلى أسعار أقل بكثير من المعتاد لعلاج مثل هذا العلاج الذي هو إنجاز خارق.

نشِّطوا النظام الإيكولوجي Activate the ecosystem. إعادة التفكير في الحل المتاح أمام الشركة أو تحويل إيرادات هذا العام إلى المستقبل، في الأغلب تُنشئ فرصاً لا يمكن لشركة واحدة تعقبُّها بمفردها. وتميل النُهُج الإبداعية لآلية الأسعار إلى إشراك شركاء متعددين، مثل شركاء التمويل Financing partners في قطاع الطاقة المتجددة والمركبات، وشركاء الخدمات الصحية Health partners لترحيل النتائج الصحية. فالتمويل والدعم Support والتسليم في الميل الأخير Last-mile delivery جميعها قطع شائعة في لغز Puzzle النظام الإيكولوجي، وتتطلب من الشركة أن تنظر إلى ما وراء أعمالها الأساسية.

احصلوا على تأييد المساهمين Create a shareholder tailwind. بينما قد يظل التوتر Tension بين الاستدامة والربحية قائماً دائماً، فإن مزيداً ومزيداً من أصحاب المصلحة Stakeholders ينظرون إلى الاستدامة كجزء من توليد قيمة على المدى البعيد Long-term value creation وليس تهديداً لها. والقدرة على تحويل معارضة المساهمين إلى تأييد هي عامل مهم. فنفوذ المستثمرين الأقوياء يقدم الآن الدعم المطلوب لإجراءات الاستدامة القابلة للتطبيق. مثلاً التزمت بلاك روك BlackRock بالاستثمار المستدام كمسار لتوليد قيمة على المدى البعيد، وضُغط نظام تقاعد الموظفين العموميين في كاليفورنيا California Public Employees’ Retirement System أخيراً من أجل مزيد من المساءلة حول المخاطر المناخية الناجمة عن النفط والغاز. ومن خلال تجربتنا تتطلب التغييرات الكبيرة في آلية الأسعار التواصل مع معظم أصحاب المصلحة وتحفيز مشاركتهم في الحوار.

الطريقة التي تَفهم بها معظم الشركات حالياً آليةَ الأسعار لا تبشر بالخير لقدرتها على المساعدة في التصدي لأكثر التحديات الاجتماعية والبيئية إلحاحاً في العالم. ويفرض التركيز الضيق على نقاط الأسعار Price points– أو ما يمكن أن نشير إليه ببساطة بالسؤال ”كم؟“– قيوداً على قدرة المؤسسة على توسيع الأعمال وصولاً إلى الحجم الذي تتطلبه حلول الاستدامة.

في الواقع إن الفكرة الشائعة الآن حول التكلفة الخضراء هي في جوهرها مجرد إعادة تعريف لسؤال ”كم؟“ الضيق هذا. لكن قادة الأعمال في حاجة إلى التوقُّف عن اعتبار التسعير ببساطةٍ علامةً يمكنهم تحريكها صعوداً أو هبوطاً لحمل العملاء على شراء كميات أقل أو أكثر. فكل قرار بالتسعير يتضمن خيارات إضافية وأكثر استراتيجية يمكن أن تخفف من العوامل الخارجية السلبية Externalities قبل أن تُسعرها الشركات.

تواجه الشركات ضغوطاً متزايدة لترجمة الالتزامات إلى أفعال وتأثير، أو تخاطر على نحو متزايد بتعريض العلاقات- مع عملائها والمستثمرين الواعين والذين يصوتون بأموالهم- للخطر.

ويتزايد الإلحاح للعمل. فالشركات تواجه ضغوطاً متزايدة لترجمة الالتزامات إلى أفعال وتأثير، أو تخاطر على نحو متزايد بتعريض علاقاتها- مع عملائها والمستثمرين الواعين والذين يصوتون بأموالهم- للخطر.

من الواضح أننا لا نزعم أن إعادة التفكير في آلية الأسعار هي الحل النهائي– لكننا نؤكد أن آلية الأسعار الأكثر كفاءة هي من بين الوسائل الضرورية لتسريع التقدم. وسيساعد التفكير- الأوسع أفقاً- حول الأسعار في تحفيز البحث عن حلول مبتكرة ودائمة مربحة وقابلة للتطوير، ويستسيغها العملاء.

ماركو بيرتيني Marco Bertini

ماركو بيرتيني Marco Bertini

أستاذ التسويق في جامعة إسادي رامون لول Esade Ramon Llull University وأستاذ زائر في مدرسة الأعمال بجامعة هارفارد Harvard Business School. وهو أيضاً مستشار أول في مجموعة بوسطن الاستشارية Boston Consulting Group (BCG).

جون پينيدا John Pineda

جون پينيدا John Pineda

شريك ومدير في مكتب مجموعة بوسطن الاستشارية في سان فرانسيسكو.

أماديوس پيتزكي Amadeus Petzke

أماديوس پيتزكي Amadeus Petzke

شريك ومدير في مكتب مجموعة بوسطن الاستشارية في برلين.

جان مانويل إيزاريت Jean-Manuel Izaret

جان مانويل إيزاريت Jean-Manuel Izaret

رائد عالمي في مجال التسويق والمبيعات وممارسة التسعير في مجموعة بوسطن الاستشارية.للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/63127

المراجع

المراجع
1 L. Abboud, “Danone Board Ousts Emmanuel Faber as Chief and Chairman,” Financial Times, March 15, 2021, www.ft.com.
2 A. Bris, “Danone’s CEO Has Been Ousted for Being Progressive — Blame Society Not Activist Shareholders,” The Conversation, March 19, 2021, https://theconversation.com.
3 T.D. Hubbard, D.M. Christensen, and S.D. Graffin, “Higher Highs and Lower Lows: The Role of Corporate Social Responsibility in CEO Dismissal,” Strategic Management Journal 38, no. 11 (November 2017): 2255-2265.
4 “Carbon for Water,” Vestergaard, accessed July 14, 2021, www.vestergaard.com.
5 J. Radovanovic, “Misereor Social Swipe Abolishes Excuses for Not Donating,” Brandingmag, May 16, 2014, www.brandingmag.com.
6 “The Paris Agreement,” United Nations Climate Change, accessed July 14, 2021, https://unfccc.int.
7 “Cost of Solar in 2021,” Sunrun, accessed July 14, 2021, www.sunrun.com.
8 J. Brady, “The Great Solar Panel Debate: To Lease or to Buy?” NPR, Feb. 10, 2015, www.npr.org; and A. Hobbs, E. Benami, U. Varadarajan, et al., “Improving Solar Policy: Lessons From the Solar Leasing Boom in California,” PDF file (San Francisco: Climate Policy Initiative, July 25, 2013), www.climatepolicyinitiative.org.
9 Ibid.
10 This report lays out energy need tiers, with the focus for clean energy in refugee communities on tier 2 needs (around 50 watts): B. Giæver, N. Hjellegjerde, B. Gomez Rojo, et al., “EmPowering Africa’s Most Vulnerable: Access to Solar Energy in Complex Crises,” (Norcap and Boston Consulting Group, August 2020), www.nrc.no. Prices mentioned in the following policy brief are for a 20-watt solar home kit in 2018: R. Fetter and J. Phillips, “The True Cost of Solar Tariffs in East Africa,” policy brief (Durham, North Carolina: Nicholas Institute for Environmental Policy Solutions, Duke University, February 2019), https://energyaccess.duke.edu.
11 “Hepatitis C Kills More Americans Than Any Other Infectious Disease,” Centers for Disease Control and Prevention, May 4, 2016, www.cdc.com.
12 “Hepatitis C,” World Health Organization, July 27, 2020, www.who.int.
13 “Louisiana Launches Hepatitis C Innovative Payment Model With Asegua Therapeutics, Aiming to Eliminate the Disease,” Gilead, June 26, 2019, www.gilead.com.
14 “Methods,” Drug Pricing Lab, accessed July 14, 2021, https://drugpricinglab.org.
15 H. Liu and A. Mulcahy, “Why States’ ‘Netflix Model’ Prescription Drug Arrangements Are No Silver Bullet,” Health Affairs, July 1, 2020, www.healthaffairs.org.
16 “Innovative Pricing Solutions,” Roche, accessed July 14, 2021, www.roche.com.
17 A. Helhoski and R. Lane, “Student Loan Debt Statistics: 2021,” NerdWallet, July 15, 2021, www.nerdwallet.com.
18 E. Kerr, “Income Share Agreements: What to Know,” U.S. News & World Report, April 13, 2021, www.usnews.com.
19 A. Berg, K.-H. Magnus, S. Kappelmark, et al., “Fashion on Climate” (Copenhagen: McKinsey & Company and Global Fashion Agenda, 2020), www.globalfashion agenda.com.
20 “UN Helps Fashion Industry Shift to Low Carbon,” United Nations Climate Change, Sept. 6, 2018, https://unfccc.int.
21 “The Impact of a Cotton T-Shirt,” World Wildlife Fund, Jan. 16, 2013, www.worldwildlife.org.
22 M. Gunther, “Fast Fashion Fills Our Landfills,” JSTOR Daily, Sept. 27, 2016, https://daily.jstor.org.
23 “The True Price of Jeans,” True Price, May 23, 2019, https://trueprice.org.
24 Gunther, “Fast Fashion.”
25 “The Green Premium,” Breakthrough Energy, accessed July 15, 2021, www.breakthroughenergy.org.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى