أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
استدامةالنظامقضاياقيادة

ربط النوايا الحسنة بالعمل عن قصد

مر ما يزيد قليلاً على سنة منذ أن بدأت موجة من الدعوات إلى العدالة العرقية في التصاعد، يغذيها مقتل أحمد أربيري في فبراير وبريونا تايلور في مارس 2020. بعد مقتل جورج فلويد في مايو الماضي، مما دفع عدداً من الأمريكيين إلى الاحتجاج تحت راية ”حياة السود مهمة“ Black Lives Matter، بأعداد أكبر من أعداد المتظاهرين خلال حركة الحقوق المدنية في ستينات القرن العشرين. كما اتخذ عدد غير مسبوق من المؤسسات موقفاً علنياً، وتعهد بالانضمام إلى الكفاح من أجل العدالة العرقية.

نحن نشيد بالمؤسسات التي تحدثت علناً– وأفصحت عن نواياها– من أجل دعم العدالة العرقية، وتكلمت بوضوح مع الموظفين والعملاء وغيرهم من أصحاب المصلحة (الأطراف المعنية) Stakeholders. لكن، كما أشرنا العام الماضي، لا يكفي التحدث بصراحة. يجب على المؤسسات أن تقرن القول بالفعل، وذلك باتخاذ إجراءات محددة تعزز العدالة العرقية. فتصريحاتهم ترفع من مستوى الطموح، ليس فقط ما يأمله الموظفون– ولاسيما الموظفون السود –بل أيضاً ما يعتقدون أن شركاتهم ستحققه.

وبينما ننظر إلى الوراء إلى الوعي بالتحيز العرقي للعام 2020، يتوقع بعض الموظفين من شركاتهم تحقيق مثلها العليا المعلنة، ويبحث آخرون عن علامات على أن الإجراءات المتخذة تؤدي إلى تقدم مستدام. ويجب على الشركات أن تثبت ما يسميه الأستاذ في جامعة كورنيل Cornell University توني سيمونز Tony Simons النزاهة السلوكية Behavioral integrity، وذلك باتخاذ الإجراءات التي تحرك إبرة البوصلة نحو العدالة العرقية، أو المخاطرة بأن ينظر إليها على أنها منافقة، ولاسيما من قِبل الموظفين السود الذين قد يشككون بنحو خاص في الوعود الكاذبة.

ونحن متفائلون بحذر بشأن الطريق إلى الأمام، وذلك بفضل مستويات الدعم التاريخية غير المسبوقة، والتغيير في المحادثة التي تشمل الاعتراف بمدى عمق العنصرية المتأصلة في الأنظمة والهياكل المؤسسية. لكن الحماسة تتضاءل في الأغلب، وقد تفقد الجهود زخْمها عندما يتعين ترجمة النوايا الحسنة إلى عمل عن قصد، أو عندما يبدو أن التحولات في اهتمام الرأي العام تقلل من الحاجة الملحة. وأننا نشجع أصحاب العمل على متابعة المسير، والتركيز على المساءلة، والنتائج، والشفافية، لضمان المواءمة بين بياناتهم وممارساتهم المناهضة للعنصرية– باستخدام التوصيات التالية لتوجيه أعمالهم.

تمعَّنْ في دوافعك Consider your motives. ستؤثر أسبابك للعمل من أجل العدالة العرقية في مدى نجاحك. وفي حين أن الرأي العام مهم، لا ينبغي له أن يكون الدافع الرئيس وراء الجهود الرامية إلى مكافحة العنصرية. وما لم يكن العمل نابعاً من الاهتمام الحقيقي بالعنصرية ومسائل العدالة والالتزام بمعالجتها، فمن غير المرجح أن يكون مستداماً أو فاعلاً– وقد يكشف عن نقص في النزاهة السلوكية يضر بمعنويات الموظفين. وإضافة إلى ذلك، فإن العمل في مجال العدالة العرقية، مثل معظم أعمال التنوع والشمول (الإدماج) Inclusion، ليس حلاً سريعاً؛ قد يكون مرهقاً عاطفياً ومعرفياً. وعلى هذا النحو، من المهم التأكد من وجود التزام حقيقي بتحمل الجهد المطول الذي يمكن أن يستغرقه إحداث تغيير دائم.

 ضَعْ أهدافاً ذكية Develop SMART goals. أحد الطرق المؤكدة للتقاعس عن متابعة الانخراط في الجهود الرامية إلى مكافحة العنصرية هو: عدم وضع خطة واضحة لاتخاذ إجراءات محددة. ضعْ أهدافاً ذكية SMART: محددة Specific وقابلة للقياس Measurable وقابلة للتحقيق Attainable وواقعية Realistic ومحددة زمنياً time-bound. لا يكفي القول بأن الشركة ستزيد من العدالة العرقية في السنتين المقبلتين؛ يجب عليك أن تتعمق في تحديد أهداف محددة وتحديد أولوياتها في ضوء مدى تقدم المؤسسة على مسارها المناهض للعنصرية. الطموح جيد، لكن من الأفضل ألا يتجاوز بكثير ما هو ممكن– لن تنتهي العنصرية فورا في هذا العام.

وبمجرد تحقيق الأهداف، تأكدْ من أن التقدم المحرَز نحوها يمكن قياسه. ما النتائج الرئيسة المحددة التي ستشير إلى مؤسسة أكثر عدالة؟ فكّرْ في المقاييس التي تحتاج إلى متابعتها وكيف ستحصل على بيانات دقيقة تستند إليها هذه المقاييس، وابدأ في مراقبة تقدم مؤسستكم. التزمْ بمتابعة المقاييس في المدى البعيد لضمان أن ما تبدو أنها نتائج إيجابية، التي تحققت عندما تكون الطاقة الأولية عالية، هي في الواقع مؤشرات حقيقية على أن المؤسسة تتقدم بقدر جيد نحو الأهداف الفعلية لمكافحة العنصرية.

كنْ شاملاً Be comprehensive. أحد الأسباب التي قد تجعل القادة يفتقرون إلى النزاهة السلوكية حول مبادرات العدالة العرقية هو أنهم يركزون على مسألة واحدة فقط، من دون التوقف لدراسة كيفية أن العنصرية متضمنة في السياسات والممارسات. مثلاً، فإن زيادة تمثيل الموظفين السود من دون معالجة مخاوف إدماج للموظفين الحاليين تخاطر بخفض معدلات الاحتفاظ بالموظفين السود، لأنهم سيشعرون بخيبة أمل من كيفية وفاء المؤسسة بوعودها المتعلقة بالتنوع. بدلاً من ذلك، تحتاج المؤسسات إلى وضع خطة شاملة تتصدى للعنصرية طوال دورة حياة التوظيف Employment cycle.

اختَرْ ممارسات تستند إلى الأدلة Choose evidence-based practices. سبب آخر لفشل أهداف مكافحة العنصرية هو: أن الشركات تختار تكتيكات لمعالجة مسائل معينة لم تُصمَّم لهذا الغرض. مثلاً تستخدم عديد من الشركات التدريبَ على التحيز اللاواعي كعلاج مستقل للتحيز العرقي، على الرغم من أنه لم يكن يُقصَد به قط التصدي للعنصرية المنهجية المدمجة في السياسات والممارسات المؤسسية. وعند وضع خطة عمل شاملة، اخترْ الممارسات والتكتيكات المتوافقة التي أثبتت فاعليتها في تحقيق الأهداف المرجوة. وينبغي للمسؤولين عن العدالة، ومديري الموارد البشرية، مراجعة مجموعة الأدوات والتدريب والممارسات المتاحة، والاستعانة بآراء الخبراء في فاعلية أدواتهم المستخدمة والتحديات المحتملة للتنفيذ.

كنْ مسؤولا Be accountable. ستقطع الشفافية والمحاسبة شوطاً طويلاً في إقناع الموظفين بأن المؤسسة صادقة في نواياها، وستساهم في تحقيق تقدم ملحوظ نحو العدالة العرقية. وينبغي للشركات أن تبقي الموظفين على علم بالإجراءات المتخذة للنهوض بأهداف العدالة العرقية، وتستعرض معهم البيانات عن التقدم المحرَز. وفي الحالات التي يتخلف فيها التقدم، لا ينبغي للقادة أن يحاولوا تلفيق القصة. بدلاً من ذلك، اعترفْ بالفشل، وناقشوا كيف ستعودون إلى المسار الصحيح معاً. قد لا تكون القصة التي تريدون أن تحكوها أو التي يريد الموظفون سماعها، لكنها ستساعد في بناء الثقة الضرورية لنجاح هذه الجهود.

واصلْ الإصغاء إلى الموظفين السود Keep listening to Black employees. كثيراً ما نريد أن نحتفل بالتقدم المحرَز نحو تحقيق أهداف التنوع، وينبغي لنا ذلك. فالانتصارات الصغيرة مهمة وتتراكم مع مرور الوقت. ومع ذلك من المهم عدم الشعور بالرضا عن الذات بعد بضعة انتصارات، والاعتقاد أن المطلوب قد اكتمل تنفيذه. قد يشير وجود مبادرات التنوع إلى أن المؤسسة حققت الإنصاف والشمول حتى إن لم يتحقق هذان الهدفان فعلاً في الممارسة العملية. وقد تزيد هذه الإشارات من صعوبة الكشف عن التمييز العنصري الذي يحدث، لأن الناس يفترضون أن الموقف المناهض للعنصرية يضمن عدم وجود العنصرية بعد الآن. العنصرية وعواقبها عميقة الجذور، وهناك كثير من العمل الذي يتعين الاضطلاع به. ولهذا السبب من المهم مواصلة الاستماع إلى الموظفين السود لفهم الواقع الحالي لتجاربهم– الإيجابية والسلبية.

بُنِيت العنصرية المنهجية على مدى قرون؛ ويجب ألا يستغرق التراجع عنها وقتاً طويلاً، لكنه سيتطلب التزاماً بعيد المدى وعملاً مستمراً.

إن الوصول إلى درجة من العدالة العرقية الحقيقية ومناهضة العنصرية هو ماراثون، وليس سباقاً سريعاً. وتظهر الأبحاث أن عديداً من الأمريكيين يعتقدون أننا خطونا خطوات كبيرة نحو العدالة العرقية للسود منذ ستينات القرن العشرين، غير أن التقدم في الواقع كان بطيئاً وغير متكافئ، وكثيراً ما توقف. ونعتقد أن المؤسسات يمكنها إجراء تغييرات حقيقية وواضحة لإنشاء أماكن عمل أكثر عدالة. وتحقيقاً لهذه الغاية، نناشدها أن تضع استراتيجيات شاملة بعيدة الأجل، وأن تكون مقصودة، وأن تحافظ على طاقتها. بُنِيت العنصرية المنهجية على مدى قرون؛ ويجب ألا يستغرق التراجع عنها وقتاً طويلاً، لكنه سيتطلب التزاماً بعيد المدى وعملاً مستمراً.

إنريكا إن. راغز Enrica N. Ruggs (@enruggs)

إنريكا إن. راغز Enrica N. Ruggs (@enruggs)

أستاذة مساعدة في الإدارة ومديرة لدى مركز التنوع والإدماج في مكان العمل Center for Workplace Diversity and Inclusion في كلية فوغلمان للأعمال والاقتصاد Fogelman College of Business and Economics في جامعة ممـفـيـس University of Memphis.

ديريك آر. إيفري Derek R. Avery

ديريك آر. إيفري Derek R. Avery

هو رئيس كرسي سي تي باور C.T. Bauer للقيادة الشاملة في كلية باور للأعمال Bauer College of Business في جامعة هيوستن University of Houston. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62421.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى