أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
استدامةاستراتيجياتبحثشركات

لماذا تُحقِّق الحجج الجيدة استراتيجية أفضل

العمليات المنهجية، والمناقشة البنَّاءة، والدقة المنطقية هي المكونات الرئيسة لصياغة استراتيجيات عظيمة باستمرار.

من الصعب– بل من الصعب جداً– وضع استراتيجية جيدة. وسيعترف عديد من القادة بهذا في السر: في استطلاع مجهول أجرته شركة استراتيجي أند Strategy& في العام 2019، قال 37% فقط من 6,000 مستجيب من المسؤولين التنفيذيين إن شركاتهم تتبنى استراتيجية واضحة المعالم، ويعتقد 35% فقط أن استراتيجية شركاتهم ستؤدي إلى النجاح.1“The Strategy Crisis: Insights From the Strategy  Profiler,” PDF file (New York: Strategy&, 2019), www.strategyand.pwc.com.

ويبتكر القادة العظماء السبل لإشراك فرقهم التي يمكنها أن تمخر عباب هذا الضباب الاستراتيجي. وقد يتبنون أطراً لتوجيه تحليلهم، لكنهم يتوقعون من المشاركين في مناقشات الاستراتيجيات أن يساهموا في التفكير المتماسك Coherent reasoning والأفكار التي يمكن الدفاع عنها. وتُعرف أمازون Amazon بأنها تطلب أن تكون اقتراح مبادرات كبرى في هيئة مذكرة من ست صفحات. وتكمن فضيلة المذكرة– في مقابل مجموعة من الشرائح-  في أن الكتابة في جمل وفقرات كاملة ستجبر القادة على توضيح كيفية ارتباط أفكارهم بعضها ببعض. وعلى نحو مماثل حركت نتفليكس Netflix تحولات مذهلة في المشهد الإعلامي جزئياً من خلال نجاحها في تشجيع قادتها على مناقشة الأفكار بصراحة واستعدادها لتمكينهم من خوض المجازفات من دون انتظار عملية تخطيط استراتيجية سنوية. وليس من المستغرب أن ينظر الرئيس التنفيذي ريد هاستينغز Reed Hastings إلى العمل من المنزل باعتباره ”سلبياً خالصا“، ويرجع هذا جزئياً إلى ”صعوبة مناقشة الأفكار في الأوضاع الحالية“.2J. Flint, “Netflix’s Reed Hastings Deems Remote Work ‘a Pure Negative,’” The Wall Street Journal, Sept. 7, 2020, www.wsj.com.

يوضح تأكيد نتفليكس وأمازون على المناقشة المحتدمة حقيقةً مُفادها أن عديداً من النُهُج في التعامل مع الاستراتيجية تتشح بالغموض: في جوهرها تشكل الاستراتيجيات العظيمة كلها حججاً Arguments. ولا شك في أن الشركات قد تكون محظوظة وبالفعل قد يسعفها الحظ؛ كان أداء بائعي معقم اليدين مثلاً طيباً جداً في أثناء الجائحة. لكن النجاح المستدام لا يحدث إلا لمجموعة من الأسباب المترابطة منطقياً– بمعنى أن هناك منطقاً متماسكاً يضطلع على كيف لموارد الشركة وأنشطتها أن تمكِّنها- بنحو ثابت- من توليد القيمة Create value وتحصيلها Capture value. ويتلخص دور القادة في صياغة منطق النجاح واكتشافه وتنقيحه، وتقديم ما نسميه حججاً لمصلحة الاستراتيجية Strategy arguments.

وقد يتفق عديد من القادة مع هذا الزعم، لكنهم يجهدون في كيفية ترجمة هذه الرؤية إلى ممارسة عملية. ماذا يعني بناء حجة خاصة باستراتيجية؟ كيف يمكن للمرء أن يقيم حجة كهذه؟

في مساعدتنا للمسؤولين التنفيذيين على الإجابة عن هذه التساؤلات، طورنا نظاماً مرناً يتألف من ثلاثة أنشطة: المناقشة البنّاءة Constructive debate، والتصور التكراري Iterative visualization، وإضفاء الطابع المنهجي المنطقي Logical formalization. ويسهل تطبيق هذا النظام بمجموعة من الأنشطة الملموسة التي يمكن استخدامها لوضع استراتيجية كبيرة وتنفيذها يومياً. وتتخلص هذه الممارسات من الغموض الكامن في الاستراتيجية، وتمكن القادة في مختلف أنحاء المؤسسة من السيطرة على مصيرهم الاستراتيجي. وهي ليست تعويذات روحانية Mystical incantations ولا علم الصواريخ Rocket science؛ بل إن بعضها مارسه منطقيون أو فلاسفة عدة آلاف من السنين. لكن في العادة، تُحذَف من عملية وضع استراتيجية مؤسسية.

وتختلف عملية وضع استراتيجية عظيمة تمام الاختلاف عن الطريقة التي تُشرح بها هذه الاستراتيجية بعد اكتشافها. أو بعبارة أخرى: يتعين على المسؤولين التنفيذيين أن يتعلموا كيف يفكرون مثل جيف بيزوس Jeff Bezos وريد هاستينغز عندما يعالجون المشكلات الجديدة ولا يدرسون ببساطةٍ القرارات التي اتخذوها. ولا حاجة إلى الانتظار حتى يتمكن منقذ ذو رؤية من وضع استراتيجية عظيمة.

سُبل ووسائل المناقشة البناءة

يتجنب عديد من القادة المحاججة Arguing حول الاستراتيجية بأي ثمن. فالمحاججة تتساوى مع الخلاف، وفي أفضل تقدير تُعتبَر استخداماً غير منتج لوقت الموظفين.

وهذا خطأ. فالمحاججة هي أفضل طريقة لوضع الاستراتيجية، وخاصة في المجموعات، شريطة أن تتبع الحجج قواعد راسخة من المشاركة تضرب بجذورها في مبادئ المنطق الاستنباطي Deductive logic. وتتطلب الاستراتيجية الكبرى تبادل الأفكار وتدقيقها– سواء في وضعها أو تنفيذها.

استمعوا إلى باتي ماكورد Patty McCord، كبيرة مسؤولي المواهب السابقة في نتفليكس، التي أكدت قائلة: ”إن السبب الرئيس الذي يجعل الشركة قادرة على إعادة اختراع نفسها والازدهار بنحو مستمر، على الرغم من عديد من التحديات المروِّعة حقاً التي تواجهنا بسرعة وعنف شديدين، هو أننا علَّمنا الموظفين أن يسألوا: ’كيف تعرفون أن هذا حقيقي؟‘، أو البديل المفضل لدي: ’هل يمكنكم مساعدتي في فهم ما يقودكم إلى الاعتقاد أن هذا صحيح‘؟“، وأفرزت أسئلة كهذه مناقشات داخلية محتدمة في نتفليكس، ووَفقَ ماكورد: ”ساعدت في غرس الفضول والاحترام، وأدت إلى تعلُّمٍ لا يقدر بثمن داخل الفريق وبين الوظائف“.3P. McCord, “Powerful: Building a Culture of Freedom and Responsibility” (Jackson, Tennessee: Silicon Guild, 2017), 52-53.

لماذا تكون المناقشة بالغة القوة؟ ويكمن أحد الأسباب في عدم عصمة التفكير البشري. يتجادل الأفراد عادة بنحو غير متسق وهم عرضة لانحياز تأكيدي Confirmation bias– الميل إلى تفسير الأدلة بطرق تؤكد معتقداتهم الموجودة مسبقاً. لكن في حين يعاني الأفراد انحيازاً تأكيدياً عند تقديم حججهم الخاصة، فإنه يجعلهم أفضل قدرة على تقييم Evaluating حجج الآخرين: وهذا سيدفعهم إلى إلقاء نظرة متشككة على الحجج التي لا يتفقون معها.

وعلاوة على ذلك فإن المحاججة بنحو بنّاء تُولِّد التأييد من قِبل المعنيين. فالاستماع إلى أفكاركم بجدية وأخذها على محمل الجد يؤديان إلى مستويات أعلى من الالتزام، سواء بقرارات استراتيجية محددة أو المؤسسة ككل.

وأخيراً تُشكل المناقشة المنطقية السبيل الوحيد لتغيير كيف يفكر الأفراد. فالمناقشة البناءة تساعد المشاركين على فهم كيف يرى الآخرون في المجموعة الموقفَ وتسمح لهم بالتوصل إلى طريقة تفكير مشتركة. والنتيجة هي التنفيذ والتعلُّم الاستراتيجيان الفائقان.

ولكي نضمن أن المناقشات بناءة، وأن الحجج لا تتحول إلى تهديد فلا بد من تنسيقها. ويتطلب ذلك التفكير في المحادثات الاستراتيجية قبل أن تبدأ، والإجابة عن أسئلة مثل الأسئلة التالية:

ما الغرض من هذه المحادثة؟ خصِّصوا الوقت والاهتمام، ربما بالتشاور مع الآخرين، لتحديد نطاق الحوار الاستراتيجي ونتائجه المرجوة مسبقاً. مثلاً إذا كان القادة قلقين بشأن منافس جديد، فيجب على الفريق مناقشة ما إذا كان المنافس يشكل تهديداً بالفعل قبل التفكير في مبادرات مكلفة للتصدي له. وعلى هذا يتلخص الغرض من الاجتماع في توضيح الحجة الخاصة بالاستراتيجية التي يسوقها المنافس الجديد وتحديد ما إذا كانت تتعارض مع منطق النجاح الخاص بالشركة. وتزويدُ المشاركين بتوجيهات واضحة بشأن المحادثة (وتعيين التحضيرات المسبقة، إذا لزم الأمر) يساعدهم على الاستعداد للمناقشة البناءة وتقليل عدم اليقين Uncertainty بشأن مقاييس المناقشة.

مَن ينبغي أن يشارك؟ ادعوا الأفراد الذين لديهم معلومات وخبرات ذات صلة، والمسؤولين عن تنفيذ القرارات الناتجة، وأولئك الذين لديهم سلطة اتخاذ القرارات. ووازنوا بين الحاجة إلى تمثيل وجهات نظر ومصالح مختلفة، والجوانب العملية لإدارة نقاش مثمر. نوصي بدعوة ما لا يزيد على عشرة أفراد، ويُفضَّل أن يكون العدد أقل.

ما أدوار المشاركين؟ سيتوصل أغلب المشاركين إلى أفكار واقتراحات خاصة بهم، ولا بد من تنظيم الاجتماع لتشجيع الجميع على استعراض وجهات نظرهم. وننصح بتعيين دورين فقط في محادثة استراتيجية: الميسِّر Facilitator ومحامي الشيطان (الناقد الشرير) Devil’s advocate. وتتلخص مهمة الميسِّر في إشراك الجميع من خلال جعل المشاركين يشعرون بالراحة في التعبير عن آرائهم. وتتمثل وظيفة محامي الشيطان في تحدي المزاعم المطروحة وطرح أسئلة غير مريحة. واطلبوا من بقية المشاركين ترك مسمياتهم الوظيفية ورتبهم خارج القاعة قبل بدء الاجتماع. وهذا في كثير من الأحيان يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة إلى المشاركين الذين لديهم السلطة الأكثر رسمية. وحاولوا تذكيرهم بأن القرار النهائي ما زال بيدهم، لكن ينبغي عدم استخدام سلطتهم في قمع المناقشة. بل يتعين عليهم بدلاً من ذلك أن يؤدوا أدواراً خافتة، وليس قتل الأفكار، وأن يسمحوا لأولئك الذين يتمتعون بقدر أقل من السلطة بتحدي حججهم.

أين ينبغي عقد الجلسة؟ اختاروا موقعاً يوفر للمشاركين حرية الحركة لتشجيع طرق التفكير الجديدة. ويجب أن تكون هناك مساحة كافية لإعادة ترتيب الجلوس واللوحات البيضاء المتعددة لمشاركة الأفكار. وإذا كان من الضروري عقد الاجتماع عبر الإنترنت، فأبقُوا المجموعةَ صغيرة لكي يظل الجميع منخرطين في الاجتماع، واستخدموا اللوحات البيضاء Whiteboarding وأدوات التعاون Collaboration tools عبر الإنترنت.

كيف ينبغي فتح المحادثة؟ اطلبوا إلى كل من قرر عقد المناقشة وإلى المُيسِّر اختيار سؤال تمهيدي لطرحه. يتطلب اختيار سؤال بدءٍ جيد محاولةَ تخيُّل الطرق المختلفة التي يمكن أن تسير بها المحادثة، وكيف يمكن تفسير السؤال من قِبل المشاركين المختلفين. مثلاً في اجتماع يتعلق بركود المبيعات، قد يتضمن سؤالُ بدءٍ جيدٌ مطالبةَ كل مشارك بدخول الاجتماع معه السبب في رأيه ولماذا يعتقد ذلك. وتجنبوا الأسئلة التي تقتصر إجاباتها على نعم أو لا، لأنها تؤدي إلى استقطاب المناقشات Polarize discussions وتحول دون النظر في كامل المسائل والإجراءات المطروحة للنقاش. وتجنبوا المصطلحات المتخصصة أيضاً، ولاسيما إذا لم يكن من في الغرفة جميعاً يفهمونها.

خرائط الاستراتيجيات تمكِّن التصور التكراري

تتطلب المناقشة البنَّاءة لاستراتيجية مقترحة فهماً مشتركاً للاستراتيجية. وهذا لا يعني فهم الروابط والتدفق السببي Causal flow بين عناصرها فحسب، بل يعني أيضاً العمل بنحو إبداعي وتعاوني لتسخير وجهات النظر المختلفة.

في أثناء اجتماع هاتفي لمناقشة الأرباح في يوليو 2016 مع محللين في وول ستريت Wall Street، وجد الرئيس التنفيذي لساوث ويست إيرلاينز Southwest Airlines، غاري كيلي Gary Kelly، نفسَه عرضة لأسئلة عدائية. كان المحللون يريدون أن يعرفوا السبب الذي جعل ساوث ويست، التي كانت تشهد انخفاضاً في العوائد والأرباح، متمسكةً بسياستها القديمة القائمة على إجلاس الركاب وفق من يصل أولاً، بدلاً من أن تحذو حذو شركات الطيران الأخرى وفرض رسوم على الركاب في مقابل حجز المقاعد. وزعم المحللون أن ساوث ويست كانت تخسر المال عمداً. لكن كيلي رفض الفكرة، زاعماً أن فرض رسوم إضافية على الركاب لن يزيد من ربحية شركة الطيران في نهاية المطاف.

وقد يتصور المرء أن مناقشة مماثلة دارت بالفعل داخل المقر الرئيس لساوث ويست مع سعي الفريق التنفيذي إلى قلب اتجاه النتائج المتدهورة لشركة الطيران. وفي حالة كهذه تكون القدرة على المحاججة بنحو بنَّاء حاسمة للتوصل إلى القرار الصحيح. وقد يكون الحدس الذي يشير إلى أن رسوم المقاعد لن تساعد ساوث ويست حدساً صحيحاً، لكن ينبغي عدم تقبله، ببساطة، لأنه يبدو صحيحاً، أو لأن هذا هو ما يعتقده الرئيس.

ومن المؤسف أن مناقشات كهذه تتحول إلى مباريات في الصياح في عديد من الشركات. ويلقي المعارضون الحجج بعضهم على البعض من دون وسيلة واضحة للتوصل إلى حل. وتستمر الاجتماعات إلى ما لا نهاية مع دفاع كل من الجانبين المتعارضين عن موقفه. وأخيراً يُتوصَّل إلى قرار، لكن ربما فقط لأن الشخص الأكثر قوة يختار الخيار الذي يريده.

وبدلاً من ذلك يمكن للقادة استخدام خرائط الاستراتيجيات Strategy maps لاستجلاء المنطق الأساسي للبدائل وتفحصها.4Our use of the term “strategy map” should not be confused with that of Robert S. Kaplan and David P. Norton in “Strategy Maps: Converting Intangible Assets Into Tangible Outcomes” (Boston: Harvard Business School Press, 2004). They use the term to refer to a diagram based on a balanced scorecard approach to strategy. وخريطة الاستراتيجية هي تصوير مرئي لحجة خاصة باستراتيجية، باستخدام المربعات والأسهم Boxes and arrows لتمثيل بنية الروابط بين الأفكار. وهي تسمح للقادة بالاطلاع على كيف ترتبط الاستثمارات والإجراءات المقترحة بالنتائج المرغوب فيها، وكيف قد تتناسب أجزاء من نموذج الأعمال Business model بعضها مع بعض، وكيف من المفترض أن تؤدي الأسباب إلى تأثيرات.

كيف استخدم كيلي وفريقه في ساوث ويست خريطة استراتيجية لتوجيه مناقشة حول رسوم حجز المقاعد؟ بدايةً ضعوا أنفسكم محل الفريق. أنتم تعلمون أن قدرة ساوث ويست على إجراء تغييرات مفاجئة سريعة هي حاسمة لتحقيق ميزة على صعيد التكلفة. وعند وصول طائرة إلى بوابة المغادرة، يُصَف الركاب وهم على استعداد للذهاب، ويساعدهم كل موظف عند البوابة وعلى الطائرة– المضيفون والطيارون والمتعاملون مع الأمتعة ووكلاء البوابات– على الصعود إلى الطائرة والاستعداد للمغادرة. ويعزز هذا العمل كفريقٍ المرونةَ والاستخدام الأفضل للعمالة. وبالفعل يفوق عدد مقاعد الرحلات لكل موظف ساوث ويست نظيرَه لدى شركات الطيران الرئيسة الأخرى، على الرغم من المسافة الأقصر لرحلاتها.5“Airline Industry Overview,” Global Airline Industry Program, Massachusetts Institute of Technology, accessed April 12, 2021, http://web.mit.edu.

ومع وضع هذا في الاعتبار، يتطلب أي نظر في حجز المقاعد القائم على الرسوم التكهن بما سيحدث إذا تخلت ساوث ويست عن الجلوس المفتوح: لكن هل ترتفع الأرباح أم أن التأثير سيكون مختلفاً؟ يتضمن توقع كهذا تصور سيناريوهات– في هذه الحالة، الواقع الحالي المتمثل في الجلوس المفتوح، والواقع المضاد المتمثل في الجلوس بالحجز المسبق – لمعرفة كيف قد يتردد صدى التغيير في النظام.

تصور المربعات والأسهم المرتبطة بخطوط غير متقطعة في الشكل المسمى ”رسم حجج الاستراتيجيات“ Mapping Out Strategy Arguments كيف يحسِّن العمل كفريق على بوابات ساوث ويست استغلال السعة Capacity utilization، ويخفض متطلبات عدد الموظفين Staffing levels. وتعكس المربعات الأفكار أو المفاهيم أو المصادر أو الإجراءات، في حين تمثل الأسهم فرضيات سببية Causal claims. ويؤكد سهم من (أ) إلى (ب) أن (أ) يسبب (ب)– أي إنكم تعتقدون أن العمل كفريق في البوابة يؤدي إلى خفض التكاليف من خلال قناتين متميزتين، واحدة تؤدي إلى زيادة استخدام السَّعة والأخرى تؤدي إلى انخفاض عدد الموظفين.

ويتيح استخدام الخريطة للفريق تصوُّر تأثير الجلوس بالحجز المسبق. فالابتعاد عن الجلوس المفتوح سيزيد من عبء عمل موظفي البوابات. ففي شركات الطيران الأخرى، يقضي موظفو البوابات بعض الوقت في الرد على الأسئلة المتعلقة بحجز المقاعد ومعالجة طلبات تغيير المقاعد والترقيات والاستفسارات الأخرى الصادرة عن العملاء. وعلى النقيض من ذلك، لا يقضي موظفو البوابات في ساوث ويست وقتاً في القلق بشأن مَن يجلس أين. ووفقاً لذلك تستخدم الخريطة سهماً منقطاً لإظهار تأثير الجلوس المفتوح في مقابل الجلوس بالحجز المسبق في العمل كفريق.

وقد يؤثر أيضاً الانتقال من الجلوس المفتوح إلى الجلوس بالحجز المسبق في سلوك الراكب. وقد تبدو عمليات صعود الركاب التي تضطلع بها شركات طيران أخرى بلا نهاية؛ إذ يصعد الركاب وفق القسم، ويبحثون عن مقاعدهم، ثم يتحركون قبل أن يجلسوا. وليس الصعود في ساوث ويست من دون مشكلات، لكن إجلاس الركاب وفقَ من يصل أولاً يزيد من سرعة الأمر. ومن ثم يُستخدَم السهم المنقط لإظهار تأثير الجلوس المفتوح في مقابل الجلوس بالحجز المسبق في وقت التسليم.

قد يبدو من السهل التحدث عن بدائل عن رسم الخريطة، لكننا وجدنا أن هناك عديداً من الفوائد لرسم خرائط الاستراتيجيات.

أولاً، تحسِّن خرائط الاستراتيجيات التواصل من خلال توضيح العلاقات المعقدة بين العناصر الخاصة باستراتيجية المؤسسة. وليس من الواضح أن تخصيص الجلوس سيزيد من التكاليف في ساوث ويست. رأى المحللون– الذين ينادون بهذه الخطوة– أن من السهل الاضطلاع بها. فوضعُ خريطة استراتيجية لا يحل المناقشة، لكنه يوضح كيف يمكن أن تكون لتخصيص الجلوس عواقب تشغيلية سلبية.

وضع استراتيجية

وثانياً، تيسِّر خرائط الاستراتيجيات المناقشات البناءة. فرؤية حجة شخص ما ممثلة بصرياً ستنشئ الفرص للأفراد للتعرف على وجهات نظرهم والتعبير عنها. وقد يلاحظ أحد المدافعين عن الجلوس بالحجز المسبق أن خريطة الاستراتيجية تتجاهل الزيادة في العوائد التي قد يدرها لساوث ويست، الأمر الذي يؤدي إلى حوار أكثر إنتاجية.

وثالثاً، تساعد خرائط الاستراتيجيات على إبراز المعتقدات والافتراضات غير المعلنة. فإنشاء خريطة لا يضمن النجاح، لكن من خلال توضيح الافتراضات، يزيد من احتمال اتخاذ قرار أفضل بشأن الجلوس. وعلى القدر نفسه من الأهمية، إذا ساءت الأمور، يسهل كثيراً وضوحُ التفكير وراء القرار التعلمَ من الأخطاء واتخاذَ الإجراءات التصحيحية.

ومن بين الفوائد النهائية المترتبة على رسم خرائط الاستراتيجيات أن المسؤولين التنفيذيين يجدون فيها الوسيلة البديهية لتطوير حججهم وتمثيلها. والواقع أن عديداً منهم يرسمون أفكارهم بالفعل على هذا النحو. ومع ذلك يتطلب رسم خرائط الاستراتيجيات المنتج انضباطاً وممارسة. إليكم بعض النصائح حول استخدام خرائط الاستراتيجيات:

ابدؤوا باستنتاج، ثم ارسموا خريطة لاستنتاج واحد فقط كل مرة Start with the conclusion, and map only one conclusion at a time. ابدؤوا ببيان واضح لما تحاولون شرحه: الوجهة في نهاية الخريطة. وإضافةً إلى ذلك، ولأن المناقشة الجماعية كثيراً ما تتناول عديداً من المسائل، من المهم منذ البداية توضيح الاستنتاج الذي سيكون محور تركيز ممارسة رسم الخريطة. ويساعد الحد من نطاق الممارسة على تجنب النزاعات العاطفية والتي لا يمكن توقعها.

حدِّدوا ونظِّموا كل التفسيرات المعقولة Identify and organize all plausible explanations. تبنَّوا ذهنية طرح الأفكار لتوليد أكبر عدد ممكن من الأفكار، بما في ذلك بعض (أو عديد) من الأفكار ”خارج الصندوق“ Outside the box. مثلاً، في ساوث ويست، كان من الممكن أن يُطلب إلى المشاركين إدراج الأنشطة والعوامل كلها التي تمكِّن الشركة من عرض رحلات جوية بتكاليف أقل من منافساتها. وإذا بدأ عدد الأفكار يبدو غير قابل للإدارة، فلتتحوَّل إلى مواضيع ومفاهيم ذات صلة. ومن السهل الاضطلاع بذلك بنحو خاص إذا سُجّلت الأفكار الأولية على أوراق الملاحظات اللاصقة Sticky notes. وتعتمد جودة خريطة الاستراتيجية على كيفية تعبيرها بنحو شامل عن الأسباب (الظروف Conditions، أو الافتراضات Assumptions، أو الفرضيات Premises) التي قد تؤدي إلى توليد استنتاج الخريطة بنحو معقول.

أعِدوا الخريطة Construct the map. اجمعوا الأفكار على أوراق ملاحظات لاصقة، وأعيدوا جمعها لتوضيح كيف تؤدي المدخلات إلى نواتج أو الأسباب إلى تأثيرات. فهذه العملية التكرارية تمكِّن المشاركين من استكشاف العلاقات بين الأفكار المختلفة بطريقة مرنة وديناميكية. ويتلخص العامل الرئيس في إعداد خريطة في التركيز على الحقائق والظروف اللازمة لتوليد نتيجة مرغوب فيها حتى يعكس الهيكل الأساسي للخريطة، بمجرد اكتماله، البنيةَ الأساسية للحجة الاستراتيجية.

إضفاء الطابع المنهجي على المنطق الاستراتيجي Formalizing the strategic logic تميل المناقشات الاستراتيجية داخل الشركات إلى الاعتماد بقدر كبير على التبادلات غير المنهجية. ويعرب المسؤولون التنفيذيون عن أفكارهم حول التأثيرات التي قد تنجم عن منافس جديد، أو سياسة حكومية، أو تكنولوجيا ناشئة على نتيجة استراتيجية ويربطونها بمسار عمل بعينه. وهم يسوقون حججاً، لكن الحجج غير مكتملة عادة. فهي تفتقر إلى التماسك الداخلي– ما يطلق عليه المنطقيون الصحة Validity.

وتُظهر الاستراتيجيات العظيمة قدراً منطقياً من التماسك. وهي تتألف من مجموعة من الأسباب المترابطة منطقياً، والتي تنتج بالضرورة الاستنتاج. ومع وجود حجة صحيحة، إذا قبلتم الفرضيات، يجب عليكم قبول الاستنتاج. وفي ظل حجة غير صحيحة، تخاطرون بتجاهل الافتراضات والعيوب الحاسمة في تفكيركم، ما قد يؤدي بدوره إلى سقوط شركتكم. ويضمن الإضفاء المنطقي للطابع المنهجي الصحةَ المنطقية.

عندما أطلقت أبل Apple أول آيفون iPhone في العام 2007، تصور المسؤولون التنفيذيون في نوكيا Nokia، الشركة الرائدة آنذاك في سوق الهواتف المحمولة، أن المنتج الجديد لم تكن لديه فرصة كبيرة للنجاح. لماذا؟ اعتقدوا أن الآيفون كان هاتفاً رديئاً. كانت جودة مكالمته رديئة، وكان من المرجح أن تنقطع المكالمات. وكان استخدامه مقتصراً على شبكات الجيل الثاني 2G، في حين كانت الهواتف الرائدة تستخدم معيار الجيل الثالث 3G. وكانت الهواتف المحمولة الأخرى تتمتع ببطاريات أطول عمراً، وكانت أكثرَ متانة، وكانت تناسب الجيب بنحو مرتب. ولا عجب أن يستنتج كبير الاستراتيجيين لدى نوكيا أن الآيفون سيكون منتجاً محدود الانتشار.

كان المسؤولون التنفيذيون في نوكيا– وعديد من الخبراء الآخرين في ذلك الوقت– يطبقون منطقاً مَعيباً. فلنتخيلْ معاً المناقشات التي من المرجح أنها دارت في هذا الصدد. يؤكد المتشكك ”أن الآيفون لا يتمتع بتكنولوجيا هاتف خلوي جيدة، لذلك لن يفوز في سوق الهواتف الخلوية“. يقول المؤمن: ”أنت على خطأ! فأبل تتمتع بوعي تصميمي رائع، لذلك ستهيمن بطبيعة الحال على سوق الهواتف المحمولة“. ويرد المشكك: ”أنت مخطئ! هو هاتف رديء؛ لا توجد وسيلة يمكنهم بها الفوز“. وهكذا.

هذا النوع من التبادل، الذي قد يكون مألوفاً، نادراً ما يكون منتجاً. فمناقشات كهذه تؤدي إلى قرارات رديئة بسبب المنطق المعيب.

وتبدأ المشكلة بالزعم الأولي (”أن الآيفون لا يتمتع بتكنولوجيا هاتف خلوي جيدة، لذلك لن يفوز في سوق الهواتف الخلوية“). ومثله كمثل عديد من المزاعم غير المنهجية، هو حجة غير مكتملة– فالافتراضات الحاسمة غير مذكورة. ونتيجة لهذا تكون الحجة غير صحيحة منطقياً. والاستنتاج (”… لذلك لن يفوز في سوق الهواتف الخلوية“) لا يتبع بالضرورة الفرضية التي يضطلع عليها (“الآيفون لا يتمتع بتكنولوجيا هاتف خلوي جيدة”).

لكن من المؤسف أن الحجج غير المكتملة من هذا النوع ليست شائعة فحسب، بل إنها قادرة أيضاً على حمل قدر كبير من الثِقَل في المناقشات الاستراتيجية. ولا يلاحظ القادة وجماهيرهم الفجوات التي تعترضهم، لأنهم يستعينون بفرضيات ضمنية في أذهانهم. وعلى الفور، ومن دون وعي، تسد عقولهم الفجوة بالاستعانة بهذه الفرضيات الضمنية. وهذا سيتيح المحادثات السهلة والمناقشات الحيوية، لكنه يقوِّض التفكير الجيد.

يشجع رسم خرائط الاستراتيجيات القادةَ على أن يكونوا أكثر وضوحاً في التعامل مع مزاعمهم. لكن الخرائط من الممكن أيضاً أن تكون مضلِّلة بفعل استثناء عناصر حاسمة أو الفشل في تمثيل حقائق حاسمة عن المؤسسة أو بيئتها. وهنا يأتي دور الإضفاء المنطقي للطابع المنهجي.

ويكون تقويم الصحة أسهل عند ذكر حجج الاستراتيجيات في صيغة مقترحة Propositional form. وإذا فعلتم ذلك مع الزعم الأولي في مثال الآيفون، فستحصلون على عبارتين:

العبارة 1: الآيفون لا يتمتع بتكنولوجيا هاتف خلوي جيدة.

العبارة 2: لن يفوز الآيفون في سوق الهواتف الخلوية.

العبارة الأولى هي فرضية– وهي افتراض تجريبي عن الآيفون قد يكون صحيحاً أو لا يكون– والثانية هي الاستنتاج. إذا كانت العبارة 1 صحيحة، فالعبارة 2 صحيحة. والمشكلة المنطقية هنا هي ألا شيء يربط بين العبارتين. وإذا لم تروا هذا، فحاولوا أن تستبدلوا بالعبارة 1 زعماً تجريبياً مختلفاً، مثل ”لم يكن الآيفون مصمماً في فنلندا“. فجأة تصبح الفجوة واضحة.

يتضمن الإضفاء المنطقي للطابع المنهجي استكمال الحجّة من خلال توضيح كيفية ارتباط العبارتين 1 و2 كلٍّ منهما بالأخرى بنحو صريح، على النحو التالي:

الفرضية (أ): الآيفون لا يتمتع بتكنولوجيا هاتف خلوي جيدة.

الفرضية (ب): إذا كان المنتج يحتوي على تكنولوجيا هاتف خلوي جيدة، فسيفوز في سوق الهاتف الخلوي.

الاستنتاج (ج): لن يفوز الآيفون في سوق الهواتف الخلوية.

والآن اكتمل الزعم (لا توجد فرضيات مفقودة)، لكن الحجة ليست صحيحة منطقياً حتى الآن. ومن السهل أن نرى لماذا لا يتبع الاستنتاج بالضرورة: نحن نعلم عديداً من الأمثلة التي لم يفز فيها المنتج المتفوِّق تقنياً في السوق. وقد يخلو أيٌّ من المنتجات في السوق من تكنولوجيا جيدة، ومع ذلك سيكون هناك فائز.6Logicians call this “denying the antecedent,” and it takes this form: Premise 1: If X, then Y. Premise 2: Not X. Conclusion: Not Y.

وعلى الرغم من ذلك تعرض الحجة المعادة صياغتها تقدماً، لأننا الآن نعرف ما الذي يتعين علينا أن نصلحه. ويمكن بناء حجة صحيحة منطقياً من خلال مراجعة الفرضية ب:

الفرضية (ب*): إذا كان المنتج لا يحتوي على تكنولوجيا هاتف خلوي جيدة، فلا يستطيع أن يفوز في سوق الهاتف الخلوي.

توضح الحجة المنقحة بالضبط ما يجب أن يكون صحيحاً لقبول الزعم الأصلي: بأن الآيفون سيفشل لأنه يحتوي على تكنولوجيا هاتف خلوي ضعيفة.

إن الاتفاق الواسع النطاق على أن أول آيفون لن ينجح لأنه لم يكن هاتفاً جيداً كان مخطئاً.7S. Gilbertson, “IPhone First Impressions: Not Worth the Money,” Wired, June 29, 2007, www.wired.com. لكن في ذلك الوقت، كانت حقيقة الفرضية (ب*) غير معروفة– قد لا يوافق البعض على هذا. ومن المرجح أن تكون هذه هي النقطة التي اختلف عندها المسؤولون التنفيذيون في أبل ونوكيا. ولأن أبل أطلقت هاتفاً ذا خدمة هاتف رديئة، ربما لم يتصور مديروها التنفيذيون أن المكالمات المتقطعة كانت سبباً في عرقلة النجاح. ومن المرجح أن تستند نظريتهم في النجاح إلى حجة مختلفة– نظرية منافسة من حيث ما قد يتطلبه النجاح. ومن الناحية الأخرى ربما استطاع المسؤولون التنفيذيون في نوكيا أن يصدقوا إلى حد معقول أن تكنولوجيا الهاتف المحمول الجيدة تشكل شرطاً أساسياً للنجاح. لكن كان من الحكمة أن يتفحصوا هم ومديرون تنفيذيون في شركات أخرى تعمل على الهواتف الخلوية افتراضاتهم، ويفكروا في الأسباب التي أدت إلى اختلاف معتقدات المسؤولين التنفيذيين في أبل عن آرائهم.

لن يُنبِئنا التغلب على الافتراضات الضمنية وضمان الصحة بما قد يخبِّئه المستقبل. لكن باستخدام الإضفاء المنطقي للطابع المنهجي لتحديد ما الذي ينبغي أن يصح بالنسبة إلى رؤية معينة لما يخبئه المستقبل، يصبح في وسعكم أن تحولوا شروط النقاش تحويلاً مثمراً. فهو يساعد على التركيز على المسائل الحاسمة، وسيساعد أعضاء فريق الاستراتيجيات على الانتقال من الخلاف حول ما إذا كانوا مقتنعين باستنتاج ما، إلى إدراك ما يجب عليهم أن يتعرفوا عليه حتى يكون الاستنتاج صحيحاً.

ويكون إضفاء الطابع المنهجي على الحجة صعباً في الأغلب، وقد يبدو غير ملائم. فيما يلي نصيحتان يمكنهما مساعدتكم:

ابدؤوا بالأمور السهلة Start with the easy stuff. كما هي الحال في مثال الآيفون، ابدؤوا بمحاولة ملء الفرضيات المفقودة في زعم غير منهجي. إذا كان الزعم غير المنهجي يقول ”(أ) صحيحة، لذلك سينتج (ب)“، فحولوها إلى عبارة شرطية ”إذا كانت (أ) صحيحة، فسينتج (ب)“ لتوضيح العلاقة السببية. وقد يبدو هذا تافهاً، لكن العبارة الشرطية تمثل نظرية حول كيفية عمل العالم، ويجبر بيانها بوضوح ٍالأفراد على التفكير فيما إذا كانت صالحة للظروف كلها.

كونوا مستعدين للتكرار Be prepared to iterate. تذكروا أن الهدف من إضفاء الطابع المنهجي على حجة خاصة باستراتيجية ليس بحثاً عن الكمال Perfection الذي يسعى المنطقي إليه، بل الفهم العميق المشترك لما يقوله زملاؤك. ففي كثير من الأحيان، سيكون لدى الأفراد طرق مختلفة لصياغة مفاهيم جديدة تربط بين الفرضيات؛ استخدموا هذه الاختلافات لتسليط الضوء على الأفكار المتضاربة والتوصل إلى فهم أكثر شمولاً وجماعية للحجة.

تتطلب الاستراتيجية اتخاذ قرارات كبرى تشتمل على كثير من الأجزاء المتغيرة، فضلاً عن العواقب البعيدة المدى التي يصعب توقعها في كثير من الأحيان. وتستتبع القرارات مقايضات Trade-offs: فالتحلي بالشجاعة والانضباط من أجل قول ”لا“ لمسار عمل غير مؤكد على أمل أن يكون هناك مسار عمل آخر أكثر وعداً. وكثيراً ما تكون هذه الخيارات لا رجعة فيها– ومن المرجح أن تؤثر نتائجها في الحياة المهنية للقادة الذين يتخذونها. لكن كما رأينا يفتقر أغلب القادة إلى الثقة بسلامة استراتيجيات شركاتهم.

ولعل الصعوبة في وضع الاستراتيجيات تنبع من أن المسؤولين التنفيذيين يركزون على توقُّع ما قد يبدو عليه العالم في المستقبل عندما يناقشون القرارات الاستراتيجية. وهذا أمر غير منتج ومحبط؛ فحتى أكثر التوقعات دقة لا تستحق أقل القليل إن لم تكن متأصلة في حجة خاصة باستراتيجية متماسكة منطقياً. لقد راهنت أبل على الأهمية النسبية لجودة المكالمات مع الآيفون الأصلي، لكن الرهان لم يدُم إلا لأنه كان جزءاً من حجة صحيحة أدركت ما الذي كان ينبغي أن يكون صحيحاً للآيفون لينجح.

إن لبّ كل استراتيجية عظيمة هو حجة سليمة. ويتعين على القادة أن يطوروا حجة كهذه. ولا بد من أن تتضمن ما ينبغي أن يكون صحيحاً حتى يتسنى للاستراتيجية أن تنجح، ولا بد من أن تحدد الموارد المطلوبة لتنفيذها (الأفراد، والتكنولوجيا، والتمويل، بل حتى الهيئات التنظيمية). فالمناقشة البناءة، والتصور التكراري، والإضفاء المنطقي للطابع المنهجي هي أدوات أساسية للتوصل إلى حجج كهذه. وهذه طريقة عملية وميسرة للمسؤولين التنفيذيين العاملين وفرقهم العاملة لتطوير المهارات والعادات الذهنية اللازمة لتحقيق النجاح الاستراتيجي.

جيسبر بي. سورنسين Jesper B. Sørensen (sorensenjesperb@)

جيسبر بي. سورنسين Jesper B. Sørensen (sorensenjesperb@)

أستاذ كرسي روبرت إيه. وإليزابيث آر. جيفي Robert A. and Elizabeth R. Jeffe للسلوك المؤسسي،

غلين آر. كارول Glenn R. Carroll (dilidlantern@)

غلين آر. كارول Glenn R. Carroll (dilidlantern@)

أستاذة كرسي آدامز Adams للإدارة في مدرسة ستانفورد للدراسات العليا للأعمال Stanford Graduate School of Business. وهما المؤلفان المشاركان لوضع استراتيجية كبرى: المحاججة للمزايا المؤسسية Making Great Strategy: Arguing for Organizational Advantage (مطبعة جامعة كولومبيا Columbia University Press, 2021)، الذي اقتبس هذا الموضوع منه. للتعليق على هذا الموضوع: https://sloanreview.mit.edu/x/62423.

المراجع

المراجع
1 “The Strategy Crisis: Insights From the Strategy  Profiler,” PDF file (New York: Strategy&, 2019), www.strategyand.pwc.com.
2 J. Flint, “Netflix’s Reed Hastings Deems Remote Work ‘a Pure Negative,’” The Wall Street Journal, Sept. 7, 2020, www.wsj.com.
3 P. McCord, “Powerful: Building a Culture of Freedom and Responsibility” (Jackson, Tennessee: Silicon Guild, 2017), 52-53.
4 Our use of the term “strategy map” should not be confused with that of Robert S. Kaplan and David P. Norton in “Strategy Maps: Converting Intangible Assets Into Tangible Outcomes” (Boston: Harvard Business School Press, 2004). They use the term to refer to a diagram based on a balanced scorecard approach to strategy.
5 “Airline Industry Overview,” Global Airline Industry Program, Massachusetts Institute of Technology, accessed April 12, 2021, http://web.mit.edu.
6 Logicians call this “denying the antecedent,” and it takes this form: Premise 1: If X, then Y. Premise 2: Not X. Conclusion: Not Y.
7 S. Gilbertson, “IPhone First Impressions: Not Worth the Money,” Wired, June 29, 2007, www.wired.com.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى