أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيانات

لماذا يفشل عدد كبير من مشروعات علم البيانات في تحقيق نتائج

تستطيع المؤسسات اكتساب قيمة أعمال أكبر من التحليلات المتقدمة من خلال التعرف على خمس عقبات شائعة والتغلب عليها.

يتبنى مزيد ومزيد من الشركات علم البيانات Data science لاعتقادها أنه يؤدي وظيفة Function وذو قدرة Capability. ولكن العديد من الشركات لم تتمكن من استخلاص قيمة أعمال (تجارية) Business value- على نحو ثابت- من استثماراتها في البيانات الضخمة Big data، والذكاء الاصطناعي AI، وتعلم الآلة.1R. Bean and T.H. Davenport, “Companies Are Failing in Their Efforts to Become Data-Driven,” Harvard Business Review, Feb. 5, 2019, https://hbr.org وإضافة إلى ذلك، تشير الأدلة إلى أن الفجوة آخذة بالاتساع بين المؤسسات التي نجحت في اكتساب قيمة من علم البيانات وتلك التي تكافح من أجل تحقيق مثل ذلك.2T.H. Davenport, N. Mittal, and I. Saif, “What Separates Analytical Leaders From Laggards?” MIT Sloan Management Review, Feb. 3, 2020, https:/ sloanreview.mit.edu.

ولكي نفهم بشكل أفضل الأخطاء التي ترتكبها الشركات عندما تنفذ مشروعات مربحة في مجال علم البيانات، ولكي نكتشف كيف نتجنبها، أجرينا دراسات متعمقة لأنشطة علم البيانات في ثلاثة من أكبر عشرة بنوك في القطاع الخاص في الهند، إضافة إلى إدارات تحليل Analytics departments متمرسة. وحددنا خمسة أخطاء شائعة، كما يتضح من الحالات التالية التي واجهناها، ونقترح أدناه حلولاً لمعالجة كل منها.

الخطأ 1: المطرقة تبحث عن المسمار The Hammer in Search of a Nail

هايرين Hiren، عالِم البيانات الذي عُيِّن أخيراً في أحد البنوك التي درسناها، هو من ذلك النوع من معالجي التحليلات الذي تطمح إليه المؤسسات.3The names of people and organizations are pseudonyms, in keeping with our agreements with the companies. وهو مهتم تحديداً بخوارزمية ”كاي. الجار الأقرب“ K-nearest neighbors algorithm، المستخدمة في تحديد مجموعات البيانات وتصنيفها. وقال لنا: ”طبقت الخوارزمية ”كاي. الجار الأقرب“ على العديد من عمليات محاكاة البيانات أثناء دراستي، وأتوق إلى تطبيقها على البيانات الحقيقية قريباً “.

وبذلك ضبط هايرين بعد بضعة أشهر، عندما استخدم الخوارزمية ”كاي. الجار الأقرب“ لتحديد شرائح الصناعة المربحة بالذات ضمن محفظة البنك من الحسابات التجارية الجارية Business checking accounts. وكانت توصيته لفريق الحسابات التجارية الجارية: استهداف اثنين من القطاعات الصناعية الـ33 في المحفظة.

وخيب هذا الاستنتاج آمال أعضاء فريق الأعمال. فقد كانوا على علم بهذه الشرائح بالفعل، وتمكنوا من التحقق من ربحية الشرائح بالاستعانة بحسابات بسيطة. وكان استخدام الخوارزمية “كاي. الجار الأقرب” accounts لهذه المهمة أشبه باستخدام صاروخ موجه عندما كانت بندقية الرش Pellet gun كافية لهذا الغرض.

وفي هذه الحالة والحالات الأخرى التي درسناها في البنوك الثلاثة كلها، كان الفشل في تحقيق قيمة أعمال ناتجاً من افتتان شديد بحلول علم البيانات. وقد يتبلور هذا الفشل في العديد من النواحي. وفي حالة هايرين، لم تكن المشكلة تتطلب حلاً متوسعاً كهذا. وفي حالات أخرى، رأينا أن التطبيق الناجح لعلم البيانات على ساحة ما صار مبرراً لاستخدامه في ساحة أخرى لم يكن مناسباً لها أو فاعلاً. وباختصار، لا ينشأ هذا الخطأ عن التنفيذ التقني للتقنية التحليلية؛ بل ينشأ عن سوء تطبيقها.

وبعدما طوّر هايرين فهماً أعمق للأعمال، عاد إلى الفريق بتوصية جديدة: ومرة أخرى، اقترح استخدام خوارزمية “كاي. الجار الأقرب”، لكن هذه المرة على مستوى العملاء بدلاً من مستوى الصناعة. وأثبت هذا أنه أفضل بكثير، وأسفر عن رؤي (تبصرات Insights) جديدة مكّنت الفريق من استهداف شرائح العملاء غير المستثمرة حتى الآن. فقد أتاحت الخوارزمية نفسها – في سياق أكثر ملاءمة- إمكانية أكبر بكثير لتحقيق قيمة الأعمال.

وليس من الصعب إدراك أنه من المرجح أن تنجح الحلول التحليلية أفضل نجاح لها عند تطويرها وتطبيقها على نحو حساس لسياق الأعمال. ولكننا وجدنا أن علم البيانات يبدو كأنه علمُ صواريخ معقدٌ بالنسبة إلى العديد من المديرين. فقد تبهرهم الهالة البراقة لتكنولوجيا هذه التحليلات، ما قد يغفلهم عن السياق. واكتشفنا أن هذا كان أكثر ترجيحاً حين رأى المديرون أن الحل يعمل بشكل جيد في أماكن أخرى، أو حين كان الحل موصوفا بصفات مثيرة للاهتمام، مثل ”الذكاء الاصطناعي“ أو ”تعلم الآلة“. فعلماء البيانات الذين كانوا يركزون عادة على الأساليب التحليلية، لم يتمكنوا في كثير من الأحيان، أو لم يقدموا بأي حال من الأحوال، منظوراً أكثر شمولاً.

ولمكافحة هذه المشكلة، توجه كبار المديرين في البنوك -في دراستنا- إلى توفير الدورات التدريبية. ففي أحد البنوك يتعين على الموظفين الجدد المختصين بعلم البيانات أن يأخذوا دورات تدريبية على المنتجات Product training courses يدرّسها خبراء في المجال، وذلك جنباً إلى جنب مع متدربين من مديري علاقات المنتجات Product relationship manager. كذلك قدّم هذا البنك تدريباً في مجال علم البيانات صُمِّم خصيصاً لمديري الأعمال على المستويات كلها، ودرّسه رئيس وحدة علم البيانات. وتضمن المنهج الدراسي مفاهيم التحليلات الأساسية، مع تركيزه على الأسئلة التي يجب طرحها حول تقنيات حل محددة، وموضع استخدام التقنيات أو عدم استخدامها. وعموما، كانت التدخلات التدريبية المصممة لمعالجة هذه المشكلة تهدف إلى تيسير تبادل المعرفة بين علماء البيانات، ومديري الأعمال، وخبراء المجالات ومساعدتهم على تطوير فهم أفضل لوظائف بعضهم البعض.

وفي أبحاثنا الميدانية حول هذا الأمر، شهدنا أيضاً إصلاحات قائمة على العمليات Process-based fixes لتجنب أخطاء القفز بسرعة أكبر مما ينبغي إلى الحل المفضل. مثلا، تستخدم شركة طيران كبيرة في الولايات المتحدة نهجاً تسميه الطرق السبعة Seven Ways، وهو يتطلب من الفِرَق تحديد ما لا يقل عن سبعة أساليب محتملة للحل ومقارنتها، ثم تبرير اختيارها النهائي بوضوح.

الخطأ 2: مصادر تحيز غير مُدرَكة Unrecognized Sources of Bias

كان براناف Pranav، وهو عالِم بيانات ذو خبرة في مجال النمذجة الإحصائية Statistical modeling، يطوّر خوارزمية تهدف إلى إنتاج توصيات لشركات التأمين المسؤولة عن الموافقة على القروض المضمونة Secured loans للشركات الصغيرة والمتوسطة. وباستخدام مذكرات الموافقة الائتمانية Credit approval memos (اختصارا: المذكرات CAMs) لكل طلبات القروض على مدى السنوات الـ10 الماضية، قارن المتانة المالية للمقترضين وقت تقديم الطلب بوضعهم المالي الحالي. وفي غضون بضعة أشهر، كان براناف يتمتع بأداة برمجية بُنِيت حول نموذج دقيق جدا، وهو النموذج الذي نفذه فريق الضمان.

لكن مع الأسف، بعد ستة أشهر اتضح أن معدلات التأخر في سداد القروض Delinquency rates كانت أعلى بعد استخدام الأداة الإحصائية مقارنة بذي قبل. وأمام حيرة كبار المديرين، فإنهم عينوا ضامناً خبيراً للعمل مع براناف للتعرف على الخطأ الذي وقع.

وتجلى الأمر عندما اكتشف الضامن أن بيانات الإدخال جاءت من المذكرات CAMs. وما كان الضامن يدركه، لكنه خفي على براناف، هو أن المذكرات CAMs كانت معدة فقط للقروض التي سبق وأن درسها مديرو العلاقات من ذوي الخبرة فعليا، وكان من المرجح جدا الموافقة عليها. ولم تُستخدَم البيانات الواردة من طلبات القروض المرفوضة في مرحلة ما قبل الفحص المسبق Prescreening stage في تطوير النموذج، الأمر الذي أدى إلى تحيز كبير في الاختيار Selection bias. وقاد هذا التحيز براناف إلى إغفال إضافة المعامل الحاسم لاتخاذ القرار: الشيكات المرتدة Bounced checks. ومن غير المستغرب أن تكون هناك حالات قليلة جدا من الشيكات المرتدة للمقترضين الذين سبق لمديري العلاقات أن فحصوها مسبقاً بالفعل.

وكان الإصلاح التقني في هذه الحالة سهلاً: أضاف براناف البيانات حول طلبات القروض المرفوضة في الفحص المسبق، وصارت معامل ”الشيكات المرتدة“ عنصراً بالغ الأهمية في نموذجه. وبدأت الأداة تعمل كما يجب.

إن المشكلة الأكبر التي تواجه الشركات الساعية إلى تحقيق قيمة أعمال من خلال علم البيانات تتلخص في كيفية تمييز مصادر للتحيز كهذه في البداية وضمان عدم تضمين مصادر كهذه في النماذج من الأساس. وهذا يشكل تحدياً لأن الأشخاص العاديين، وخبراء التحليل أنفسهم في بعض الأحيان، لا يستطيعون أن يحدّدوا بسهولة كيفية تنتج بيانات التحليلات من ”الصندوق الأسود“. وكثيراً ما لا يدرك خبراء التحليلات الذين يفهمون الصندوق الأسود التحيزات المتضمَّنة في البيانات الأولية التي يستخدمونها.

عقبات تسبب فشل مشاريع علم البيانات Data science

فالبنوك في دراستنا تتجنب التحيز غير المرصود من خلال إلزام علماء البيانات بأن يكونوا أكثر دراية بمصادر البيانات التي يستخدمونها في نماذجهم. مثلاً، رأينا أحد علماء البيانات يقضي شهراً كاملا في أحد الفروع يراقب مديراً للعلاقات لتحديد البيانات اللازمة لضمان تحقيق النموذج لنتائج دقيقة.

كذلك رأينا فريق مشروع يتألف من علماء بيانات واختصاصي الأعمال Business professionals يستخدم إجراء مُوثّق لتجنب التحيز Bias-avoidance process، يُحدد من خلاله متغيرات التوقع Predictor variables المحتملة ومصادر البيانات الخاصة بها، ثم يفحص كلاً منها بحثاً عن تحيزات محتملة. وكان الهدف من هذا الإجراء التشكيك في الافتراضات Assumptions و“تنظيف” Deodorize البيانات – ومن ثم تجنب المشكلات التي قد تنشأ عن الظروف التي أُنشِأت فيها البيانات أو جُمِعت.4S. Ransbotham, “Deodorizing Your Data,” MIT Sloan Management Review, Aug. 24, 2015, https:/ sloanreview.mit.edu.

الخطأ 3: الحل الصحيح، الوقت غير المناسب Right Solution, Wrong Time 

أمضى كارتيك Kartik، وهو عالِم بيانات ذو بخبرة كبيرة في مجال تعلم الآلة، شهراً في تطوير نموذج متطور لتحليل استنزاف حسابات التوفير Savings account attrition، ثم أمضى ثلاثة أشهر أخرى في صقل هذا النموذج من أجل تحسين دقته. وعندما عرض المنتج النهائي على فريق منتجات حسابات التوفير، أثار المنتج إعجابهم، لكنهم لم يتمكنوا من تنفيذه لأن ميزانيتهم السنوية كانت أُنفِقت بالفعل.

في العام التالي، قدم كارتيك نموذجه إلى فريق المنتجات Product team قبل بدء دورة إعداد الميزانية، حرصاً منه على تجنب النتيجة نفسها. ولكن الآن غيّرت الإدارة العليا أعمالَ الفريق من حسابات الاحتفاظ Account retention إلى حسابات الاستحواذ Account acquisition. ومرة أخرى، لم يتمكن الفريق من تطبيق مشروعٍ قائم على نموذج كارتيك.

وفي عامه الثالث من المحاولة، حصل كارتيك أخيراً على الموافقة على تطبيق المشروع، لكنه لم يسعد كثيرا. وعبر لنا عن خيبة أمل واضحة: ”الآن يريدون تنفيذه، لكن النموذج اضمحل وسأحتاج إلى إعادة بنائه مرة أخرى!“

يتلخص الخطأ الذي يمنع البنوك من تحقيق قيمة في حالات كهذه في الافتقار إلى التزامن بين علم البيانات وأولويات الأعمال وعملياتها. ولتجنب هذا الأمر، يتطلب الأمر إيجاد ارتباط أفضل بين علم البيانات واستراتيجيات الأعمال وأنظمتها. ويستطيع كبار المسؤولين التنفيذيين ضمان مواءمة أنشطة علم البيانات مع الاستراتيجيات والأنظمة المؤسسية من خلال دمج ممارسات علم البيانات وعلماء البيانات في الأعمال -عن كثب- من حيث التفاعل الفعلي والهيكلية والإجراءات. مثلاً، ضمّن أحدُ البنوك علماءَ البيانات في فرق الأعمال وفقا لطبيعة المشروع. وبهذه الطريقة، تشارك علماء البيانات مع فريق الأعمال يوماً بعد يوم، فازداد وعيهم بأولوياته ومواعيده النهائية — وفي بعض الحالات توقعوا في الواقع احتياجات الأعمال غير المعبر عنها صراحة. كذلك رأينا فرقاً خاصة بعلم البيانات تعمل في الموقع نفسه مع فرق للأعمال، فضلاً عن التمسك بصلاحيات الإجراءات Process mandates، مثل المطالبة بإجراء أنشطة المشروعات في موقع فريق الأعمال أو إدراج علماء البيانات في اجتماعات فريق الأعمال وأنشطته.

عموما، ينبغي لعلماء البيانات أن يركزوا جهودهم على المشكلات التي يعتبرها قادة الأعمال أكثر أهمية.5T. O’Toole, “What’s the Best Approach to Data Analytics?” Harvard Business Review, March 2, 2020, https://hbr.org. ولكن هناك تحذيراً مهماً: في بعض الأحيان، ينتج علم البيانات رؤى (تبصرات) غير متوقعة ينبغي لفت انتباه كبار القادة إليها، بصرف النظر عما إذا كانت تتواءم مع الأولويات الحالية.6S. Ransbotham, “Avoiding Analytical Myopia,” MIT Sloan Management Review, Jan. 25, 2016, https://sloanreview.mit.edu. فإذا نشأ اقتراح لا يتناسب مع الأولويات والأنظمة الحالية، لكنه على الرغم من ذلك قد يقدم قيمة كبيرة إلى الشركة، فإنه يتحتم على علماء البيانات أن يعرضوا هذا على الإدارة.

ووجدنا أن المسؤولين التنفيذيين في البنوك، وبهدف تسهيل العمل الاستكشافي، عينوا أحياناً علماء بيانات إضافيين في فرق المشروعات. ولم يعمل علماء البيانات هؤلاء في الموقع نفسه ولم يُطلَب إليهم أن يهتموا بأولويات الفريق. بل على العكس من ذلك، كُلِّفوا ببناء حلول بديلة مرتبطة بالمشروع. وإذا تبين أن هذه الحلول قابلة للتطبيق، فقد روج رئيس وحدة علم البيانات لهذه الحلول عند الإدارة العليا. ويدرك هذا النهج المزدوج الترابط الإبيستمولوجي Epistemic interdependence بين اختصاصي علم البيانات والأعمال — وهذا سيناريو يسعى فيه علم البيانات إلى تلبية احتياجات الأعمال الحالية فضلاً عن اكتشاف فرص الابتكار وتحويل Transform ممارسات الأعمال الحالية.7P. Puranam, M. Raveendran, and T. Knudsen, “Organization Design: The Epistemic Interdependence Perspective,” Academy of Management Review 37, no. 3 (July 2012): 419-440. وكلا الدورين مهم، إذا كان لعلم البيانات أن يُحقق أكبر قدر ممكن من قيمة الأعمال.

الخطأ 4: أداة صحيحة، مُستخدم خطأ Right Tool, Wrong User

عملت صوفيا Sophia، وهي مُحلِّلة أعمال Business analyst، مع فريقها لتطوير محرك توصية Recommendation engine قادر على تقديم منتجات وخدمات جديدة موجهة بدقة إلى عملاء البنك. وبمساعدة فريق التسويق، أُضِيف محرك التوصية إلى تطبيق محفظة الهواتف المحمولة الخاصة بالبنك وموقع الخدمات البنكية الإلكتروني والرسائل الإلكترونية. ولكن الأعمال الجديدة المتوقعة لم تتحقق قط: كان إقبال العملاء على اقتراحات المنتجات أقل بكثير من المتوقع.

ولمعرفة السبب، أجرى المسوّقون عبر الهاتف في البنك استطلاعاً لعينة من العملاء الذين لم يستخدموا المنتجات الجديدة. وسرعان ما حُلَّ الغموض: لقد شكك العديد من العملاء في مصداقية التوصيات التي تُقدَّم من خلال التطبيقات والمواقع الإلكترونية والرسائل الإلكترونية.

وإذ كانت صوفيا لا تزال تبحث عن إجابات، زارت العديد من فروع البنك، حيث فوجئت باكتشاف الدرجة العالية من ثقة العملاء بنصيحة مديري العلاقات. وأقنعها عدد قليل من التجارب غير النظامية Informal experiments بأن العملاء من المرجح أن يقبلوا اقتراحات محرك التوصيات عندما يقدمها مدير العلاقات في الفرع. ومع إدراكها أن المشكلة لم تكن في نموذج التوصية، بل نمط توصيل التوصيات، اجتمعت صوفيا مع كبار القادة في الخدمات البنكية الفرعية واقترحت إعادة تشغيل محرك التوصيات كأداة لدعم مبيعات المنتجات من خلال مديري العلاقات. وكانت المبادرة جديدة التصميم ناجحة جدا.

لتوليد قيمة كاملة من علم البيانات، ينبغي تضمين “تحليل تجربة المستخدم” في عملية التصميم، وينبغي أن يكون اختبار المستخدمين جزءاً من دورة حياة المشروع.

إن الصعوبات التي واجهتها صوفيا تُبرز الحاجة إلى الاهتمام بكيفية توصيل نواتج الأدوات التحليلية واستخدامها. ولتوليد القيمة الكاملة للعملاء والأعمال، يجب تضمين ”تحليل تجربة المستخدم“ User experience analysis في عملية تصميم علم البيانات. وعلى أقل تقدير، ينبغي أن يكون اختبار المستخدم جزءاً واضحاً من دورة حياة Life cycle مشروع علم البيانات. والأفضل من ذلك هو إدراج علم البيانات داخل إطار تصميم متمركز حول الإنسان. وإضافة إلى اختبار المستخدمين، فإن إطاراً كهذا قد يتطلب إجراء أبحاث على تجربة المستخدم للواجهة الأمامية Front end لإجراءات علم البيانات.

وعلى الرغم من أننا لم نرصد أمثلة لعلم البيانات مضمنة في التفكير في التصميم أو ممارسات التصميم الأخرى المتمركزة حول الإنسان في هذه الدراسة، وجدنا أن إجراءات تتبع الموظف أثناء أداءه أعماله Shadowing procedures الموصوفة أعلاه تعمل أحياناً كنوع من تحليل لتجارب المستخدمين. ومع تتبع علماء البيانات موظفين آخرين أثناء أداء أعمالهم كي يفهموا مصادر البيانات، اكتسبوا أيضاً فهماً للمستخدمين والقنوات التي يمكن من خلالها تقديم الحلول. باختصار، يسهم تتبع الموظفين في مشروعات علم البيانات في فهم أفضل للعمليات التي تولد البيانات، ولمستخدمي الحلول وقنوات التسليم.

الخطأ 5: الميل الأخير الوعر The Rocky Last Mile

لم تحرز مبادرة ”الاستعادة“ Win-back التي أطلقها البنك، والتي كانت تهدف إلى استرداد العملاء الذين خسرهم البنك، أي تقدم لعدة أشهر. كما لم يُثمر اللقاء الذي جرى في ذلك اليوم بين علماء البيانات ومديري المنتجات، والذي كان من المفترض أن يعيد وضع المبادرة على المسار الصحيح من جديد.

وركز عالما البيانات دارا Dara وفيرال Viral على كيفية تحديد العملاء الذين خسرهم البنك والذين من المرجح أن يعودوا إلى البنك، لكن مديري المنتجات أنيش Anish وجلبا Jalpa أرادا مناقشة تفاصيل الحملة المقبلة ودفعا علماء البيانات إلى تحمل مسؤولية تنفيذها على الفور. وبعد تأجيل الاجتماع من دون تحقيق تقدم كبير، عبر فيرال عن إحباطه إلى دارا قائلا: ”إذا فعل علماء البيانات والمحللون كل شيء، فلماذا يحتاج البنك إلى مديري المنتجات؟ إن وظيفتنا تتلخص في تطوير حل تحليلي؛ وتتلخص وظيفتهم في التنفيذ“.

لكن بحلول الاجتماع التالي بدا الأمر وكأن فيرال غير رأيه. فقد بذل جهوداً حثيثة لفهم الأسباب التي جعلت مديري المنتجات يصرون على تحمل علماء البيانات المسؤولية عن التنفيذ. واكتشف أن إدارة أنظمة المعلومات Information systems department كانت في مناسبات عديدة في الماضي قد أعطت مديري المنتجات في البنك قوائم بالعملاء بهدف استعادتهم، وهو ما لم يسفر عن حملة ناجحة. وتبين أن استخدام القوائم كان صعباً جدا، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم إمكانية رصد معطيات الاتصال بالعملاء — لذلك شعر مديرو المنتجات بأن مجرد إعطائهم قائمة أخرى بأسماء العملاء المستهدفين كان ببساطة يعدهم إلى فشل آخر.

وبفضل هذا الفهم المكتشف حديثاً للمشكلة من وجهة نظر مديري المنتجات، أضاف فيرال ودارا إلى خطة مشروعهما تطوير تطبيق برمجي خاص بالواجهة الأمامية ومخصص للمسوّقين عبر الهاتف، وفرق إدارة البريد الإلكتروني، وموظفي الخدمات البنكية الفرعية، وفرق الأصول في البنك. ووفر ذلك لهم أداة يمكنهم من خلالها تغذية المعلومات من تفاعلاتهم مع العملاء واستخدام القوائم التي يقدمها فريق علم البيانات بشكل أفضل. وأخيراً، تقدم المشروع إلى الأمام.

وتطلبت أعمال فيرال ودارا درجة غير عادية من التعاطف والمبادرة. فقد خرجا من دوريهما كعالمي بيانات وتصرفا على نحو أقرب إلى قائدي المشروع Project leaders. لكن من المحتمل ألا تعتمد الشركات على علماء البيانات بهذه الطريقة، وربما لا ترغب في ذلك — فالخبرة التقنية لعلماء البيانات هي مورد نادر ومكلف.

وبدلاً من ذلك، تستطيع الشركات أن تشرك علماء البيانات في تنفيذ الحلول. وحقق أحد البنوك في دراستنا هذه الغاية من خلال إضافة تقديرات Estimates لقيمة الأعمال التي تقدمها حلول علماء البيانات إلى تقييم أدائهم Performance evaluations. وحفز هذا علماء البيانات على ضمان التنفيذ الناجح لحلولهم. واعترف المسؤولون التنفيذيون في البنك بأن هذا كان سبباً في دفع علماء البيانات في بعض الأحيان إلى العمل بما هو أكثر من مجرد مسؤولياتهم المحددة. غير أنهم كانوا يعتقدون أن ضمان توفير القيمة Value delivery يبرر تحويل موارد علم البيانات لإجراء أعمال أخرى، وأنه يمكن تصحيح النماذج استناداً إلى كل حالة على حدة، إذا صار ذلك يؤثرا تأثيرا سلبيا مفرطا في المسؤوليات الأساسية لعلماء البيانات.

الأخطاء التي حددناها وقعت دوماً عند واجهة التواصل Interfaces بين وظيفة علم البيانات وبين الأعمال ككل. وهذا يشير إلى أن القادة يجب أن يتبنوا مفهوماً أوسع لدور علم البيانات داخل شركاتهم ويروجوا له، وهو مفهوم يتضمن درجة أعلى من التنسيق بين علماء البيانات والموظفين المسؤولين عن تشخيص المشكلات وإدارة العمليات وتنفيذ الحلول. ومن الممكن أن يتحقق هذا الارتباط الأكثر إحكاماً من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك التدريب، وتتبع الموظفين أثناء أداء أعمالهم، وتشارك الموقع، وتقديم حوافز نظامية. وسيكون مردودها في نهاية المطاف إخفاقات أقل في الحلول، وأوقات أقصر لدورة المشروعات، وفي نهاية المطاف تحقيق قيمة أعمال أكبر.

مايور بي. جوشي Mayur P. Joshi (@mayur_p_joshi)

مايور بي. جوشي Mayur P. Joshi (@mayur_p_joshi)

أستاذ مساعد في التكنولوجيا المالية من مدرسة أليانس مانشستر للأعمال Alliance Manchester Business Schoolفي بجامعة مانشستر University of Manchester.

نينغ سو Ning Su (@ningsu)

نينغ سو Ning Su (@ningsu)

أستاذ مشارك في الإدارة العامة والاستراتيجية وأنظمة المعلومات من مدرسة أيفي للأعمال Ivey Business School بجامعة وسترن Western University.

روبرت دي. أوستن Robert D. Austin (@morl8tr)

روبرت دي. أوستن Robert D. Austin (@morl8tr)

أستاذ أنظمة المعلومات من مدرسة أيفي للأعمال.

أناند كاي. ساندارام Anand K. Sundaram (@iyeranandkiyer)

أناند كاي. ساندارام Anand K. Sundaram (@iyeranandkiyer)

رئيس قسم تحليلات البيع بالتجزئة في آي دي إف سي فيرست بنك IDFC First Bank. للتعليق على هذا الموضوع:https://sloanreview.mit.edu/x/62317.

المراجع

المراجع
1 R. Bean and T.H. Davenport, “Companies Are Failing in Their Efforts to Become Data-Driven,” Harvard Business Review, Feb. 5, 2019, https://hbr.org
2 T.H. Davenport, N. Mittal, and I. Saif, “What Separates Analytical Leaders From Laggards?” MIT Sloan Management Review, Feb. 3, 2020, https:/ sloanreview.mit.edu.
3 The names of people and organizations are pseudonyms, in keeping with our agreements with the companies.
4 S. Ransbotham, “Deodorizing Your Data,” MIT Sloan Management Review, Aug. 24, 2015, https:/ sloanreview.mit.edu.
5 T. O’Toole, “What’s the Best Approach to Data Analytics?” Harvard Business Review, March 2, 2020, https://hbr.org.
6 S. Ransbotham, “Avoiding Analytical Myopia,” MIT Sloan Management Review, Jan. 25, 2016, https://sloanreview.mit.edu.
7 P. Puranam, M. Raveendran, and T. Knudsen, “Organization Design: The Epistemic Interdependence Perspective,” Academy of Management Review 37, no. 3 (July 2012): 419-440.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى