أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
رقمنة

اختيار النهج المناسب للتعاون الرقمي

تَعِد العديد من حلول البرمجيات بتيسير العمل الجماعي – لكن ما يناسب الزملاء ذوي العلاقات الوطيدة قد لا يساعد أولئك الذين يحتاجون إلى إقامة روابط جديدة عبر قطاعات المؤسسة.

بول ليوناردي

تأملوا مفارقة التغيير الرقمي: على الرغم من أنه يزيد الحاجة إلى التعاون في داخل المؤسسات، إلا أنه يزيد من صعوبة التعاون. ففي عملي البحثي والاستشاري لاحظت أن هذا يحدث لثلاثة أسباب رئيسية.

أولاً، يغدو من الصعب تحديد الشركاء الداخليين المناسبين. ففي العديد من المؤسسات التي هي قيد التحول Transformation، ولاسيما بيئات العمل الرشيقة Agile، يُمنَح الموظفون صلاحيات أكبر لاتخاذ قرارات مهمة على أرض الواقع. ولكن عندما يحتاجون إلى المساعدة على إتمام المهام أو حل المشكلات لتنفيذ هذه القرارات، فإنهم في كثير من الأحيان يكونون غير متأكدين من أين يمكنهم الحصول على الدعم، لأنهم يفتقرون إلى معرفة موسعة بمن يمتلك الخبرة في المؤسسة. وبفضل التكنولوجيا، يمكن للموظفين الاتصال بالزملاء من التخصصات المتنوعة. ومع ذلك، توضح الأبحاث أنهم يميلون إلى التركيز على معلومات وأفكار ومهارات الزملاء المحيطين بهم — أولئك المشاركين في فرق عملهم، مثلاً، أو القريبين من مكاتبهم.1P.H. Christensen and T. Pedersen, “The Dual Influences of Proximity on Knowledge Sharing,” Journal of Knowledge Management 22, no. 8 (December 2018): 1782-1802; and M.R. Tagliaventi and E. Mattarelli, “The Role of Networks of Practice, Value Sharing, and Operational Proximity in Knowledge Flows Between Professional Groups,” Human Relations 59, no. 3 (March 2006): 291-319. وقد يكون ذلك دليلاً على محاولة تحجيم إمكانات زاخرة من المتعاونين المحتملين لأن الموظفين ليس لديهم فهم واضح للمعارف التي يمتلكها الزملاء.

نظراً إلى تكرار انتقال الموظفين من فريق مشروع إلى فريق مشروع آخر، فإنهم في الغالب لا يبنون علاقات تسمح لهم بتحديد الخبرات المتوفرة في شركاتهم.

وعندما يضيّق الموظفون مدى انتباههم بهذه الطريقة، فإن ذلك يقوض فوائد الاتصال الرقمي، لكنه أمر مفهوم. فنظراً إلى تكرار انتقال الموظفين من فريق مشروع إلى فريق مشروع آخر (ربما من أسبوع إلى أسبوع)، فإنهم لا يبنون – في الأغلب- علاقات تسمح لهم بالتعرف إلى الخبرات في شركاتهم. والفشل في العثور على الخبراء المناسبين قد يقود بسهولة إلى تكرار العمل وضياع الفرص الضرورية للكفاءة Efficiency والابتكار Innovation.2P.M. Leonardi, “Social Media, Knowledge Sharing, and Innovation: Toward a Theory of Communication Visibility,” Information Systems Research 25, no. 4 (December 2014): 796-816.

ثانياً، من الصعب حمل الزملاء على الموافقة على طلبات التعاون – حتى من الخبراء الذين قد يكونون متعاونين مثاليين إذا كان لديهم الوقت والطاقة والموارد للالتزام بفريق ناشئ آخر. وفي مكان العمل المتباعد Dispersed والرشيق، يكون الإقناع والتأثير ضروريين لتأمين الموارد المطلوبة. ولكن من الصعب أن تقنعوا الموظفين بالانضمام إلى مشروعكم إذا لم تعملوا قط معاً عن قرب ولم تُنمُّوا الثقة فيما بينكم.

ثالثاً، ومع الافتقار إلى الارتباط الوثيق والثقة الراسخة، يصعب أيضاً تطوير ذلك النوع من الأرضية المشتركة التي تيسِّر التفاعل المُنتج. فالمسائل التي يهتم بها الموظفون، والمصطلحات التقنية التي يتحدثون بها، وأساليب حل المشكلات التي يتبنونها، وغاياتهم Goals، كلها تميل إلى التباعد إلى حد كبير عندما يعملون من مواقع مختلفة، ويتخصصون بمجالات مختلفة، ويتحملون المسؤولية عن نتائج مختلفة. وهكذا يمثل النجاح في سد الفجوات في الفهم تحدياً خاصاً ما إذا لم يكونوا يعرفون العديد من الموظفين. وكلما قلت معرفة الموظفين بدوافع بعضهم البعض وأسس معارفهم -كما أظهرت الأبحاث- قل ميلهم إلى تشارك المعرفة فيما بينهم.3L. Argote and Y. Ren, “Transactive Memory Systems: A Microfoundation of Dynamic Capabilities,” Journal of Management Studies 49, no. 8 (December 2012): 1375-1382. وقد يؤدي هذا إلى مزيد من الأخطاء، وتباطؤ استكمال المشروعات، وفي العديد من الحالات، إلى نتائج أقل ابتكاراً.

وعندما يزيد التغيير الرقمي من صعوبة التعاون، تكون الشركات أكثر انعزالاً. ولكننا لا نتحدث عن صوامع الأمس المنعزلة ”من أعلى إلى أسفل“ “Top-down “silos“، حيث تُقسِّم الحدود المؤسسية الرسمية الموظفين إلى وظائف منفصلة أو وحدات أعمال Business Units منفصلة. فالصوامع المنعزلة في الشركات قيد التحوّل Transforming companies تنشأ في الأغلب مع أداء الموظفين عملهم، وبسبب الاختلافات في المعرفة والموقع الجغرافي والغايات. ويمكنكم القضاء على الصوامع المنعزلة الناشئة من الأعلى إلى الأسفل بإنشاء فرق متعددة الوظائف أو استخدام هيكل المصفوفة لإعداد التقارير Matrixed reporting structure، لكن هذه الحلول المؤسسية لا تنطبق على الصوامع المنعزلة التي تنشأ عن العمل الميداني.

وللقضاء عليها، الأفضل لكم استخدام أدوات التعاون الرقمي. وعلى عكس البريد الإلكتروني والدردشة Chat وعقد المؤتمرات عبر الفيديو ومستودعات البيانات Data repositories – القنوات Channels التي يتواصل من خلالها الموظفون – فإن أدوات التعاون الرقمي هي منصات Platforms يستخدم الموظفون قنوات متعددة منها للتفاعل، ويشاهدون الآخرين يتفاعلون، ويكتسبون فهماً أعمق لمواضع المعرفة. (تتضمن أمثلة المنصات الشائعة بايسكامب Basecamp وفرق مايكروسوفت Microsoft Teams، وسلاك Slack، وجايف Jive، وتشاتر Chatter، ووركبلايس Workplace). وصُمِّمت أدوات كهذه لمساعدة الموظفين على العمل معاً والتعلم من بعضهم البعض بإنشاء خطوط المحادثات Threads of conversation وإعداد أماكن لتبادل المعلومات. وتبين أبحاثي أن الفائدة الأساسية التي تتمتع بها هذه المنصات في مجال التعاون تذهب إلى ما هو أبعد من تشارك المعرفة: إنها توفر نافذة على من يعرف ماذا ومن يفعل ماذا في المؤسسة، وكيفية اتخاذ الموظفين للقرارات، وكيف يؤدون أعمالهم.4P.M. Leonardi, “Ambient Awareness and Knowledge Acquisition: Using Social Media to Learn ‘Who Knows What’ and ‘Who Knows Whom,’” MIS Quarterly 39, no. 4 (December 2015): 747-762; P.M. Leonardi, “Social Media and the Development of Shared Cognition: The Roles of Network Expansion, Content Integration, and Triggered Recalling,” Organization Science 29, no. 4 (June 2018): 547-568; P.M. Leonardi and S.R. Meyer, “Social Media as Social Lubricant: How Ambient Awareness Eases Knowledge Transfer,” American Behavioral Scientist 59, no. 1 (January 2015): 10-34; and T.B. Neeley and P.M. Leonardi, “Enacting Knowledge Strategy Through Social Media: Passable Trust and the Paradox of Nonwork Interactions,” Strategic Management Journal 39, no. 3 (March 2018): 922-946.

وعلى مدى العقد الماضي من الزمن، درست وقدمت المشورة لأكثر من 20 شركة من الشركات التي حصدت هذه الفائدة – وهو ما لم يكن متوقعا بالنسبة إلى الكثير من هذه الشركات – إذ تحولت إلى أدوات التعاون الرقمي لتبسيط العمليات، وتكامل المعرفة، وتمكين العمل عن بُعد. وأثناء إجراء أبحاثي، لاحظت وجود احتياجين أساسيين من احتياجات التعاون داخل هذه المؤسسات: التعاون بين الزملاء الذين يتفاعلون بشكل متكرر مع الفرق أو بطرق أخرى (المتعاونون المنتظمون في الحلقة الداخلية لكل فرد منهم)، وبين الزملاء الذين ينتشرون في الشركة (المتعاونون المتقطعون في الحلقة الخارجية للفرد). وكل من هذين الاحتياجين يتطلب أنواعاً مختلفة من الأدوات. وسنناقش السبب، لكن دعونا أولاً نتوقف ونفكر في الكيفية التي قد يساعد بها التعاون الرقمي على إبراز الخبرات المتوفرة في أي مؤسسة، وذلك لأن هذه هي حقاً ”السمة القاتلة“ الأكثر أهمية Killer feature التي توفرها هذه الشركات.

جعل الخبرة مرئية

من العقبات الشائعة التي تحول دون التعاون بين المتخصصين أو الزملاء المنتشرين جغرافياً أن عملهم يكون في الأغلب غير مرئي Invisible بالنسبة إلى بعضهم البعض. ونرى عادة مخرجات Outputs عمل الآخرين – النماذج Models والنماذج الأولية Prototypes والتقارير Reports– لكن ليس كل التفكير واتخاذ القرار المتضمنين في إنتاج هذه المخرجات. وفي أفضل الأحوال، ينتهي بنا الحال إلى التخمين ما جرى تحقيقه (إذا ما فكرنا في الموضوع). وفي أسوأ الأحوال، لا ندرك ثراء الرؤى (التبصّرات) Insights والخبرة Expertise التي يتمتع بها زملاؤنا، والتي قد تكون متاحة لنا إذا عرفنا فقط كيف نتواصل معهم.

يحتاج المتعاونون بانتظام إلى منصة للعمل الجماعي تسمح لهم بالاشتراك في محادثات مستمرة، والعمل على الوثائق في الوقت نفسه، والاستفادة من معارف الزملاء ومواردهم عندما تنشأ المشكلات.

ولا توفر أدوات التعاون الرقمي مساحة للموظفين للعمل معاً فحسب، بل تجعل هذا العمل وتاريخه مرئيين لموظفين آخرين داخل الشركة. كما يستطيع مراقبون طرف ثالث Third-party observers الحصول على التفاصيل اللازمة لإعادة إنشاء السياق الذي وقعت فيه التفاعلات الأصلية، ومعرفة الزملاء الذين سخَّروا خبراتهم لحل المشكلات، وتتبع منطق اتخاذ القرار، وفهم كيفية إنجاز الأمور وسبب تنفيذها فهما أفضل.

في الواقع، إن رؤية عميقة بمثل هذا العمق هي أمر يصعب التوصل إليه إذا رأيتم فقط مخرجات عمل الآخرين وحاولتم هندسته عكسيا Reverse-engineer من خلال افتراض افتراضات حول السبب الذي جعل ذلك المخرج ممكنا. ووجدت أن الموظفين، عندما يتمكنون من المشاركة التخيلية Vicariously، من خلال الأدوات الاجتماعية بعد الحدث نفسه، في بناء النموذج أو النموذج الأصلي أو إعداد التقرير، تزيد قدرتهم على التعلم من زملائهم، واستخدامهم لتلك المعرفة للتنفيذ تزداد تزايدا كبيرا.

ربط نوعين من المتعاونين 

تخدم أدوات التعاون الرقمي مجموعتين رئيسيتين من العاملين في الشركة. ويتفاعل المتعاونون بانتظام Regular collaborators بشكل متكرر، وفي الأغلب من خلال العمل على المشروعات، ويعتمدون على بعضهم البعض لإكمال عملهم اليومي. وعادةً ما يعرفون المتعاونون بانتظام معهم معرفة جيدة نسبياً. وقد يكون هؤلاء الزملاء أعضاء في الفريق نفسه أو رعاة المشروع Project sponsors أو مديرين أو مرشدين Mentors. ونادراً ما يتفاعل المتعاونون بتقطع Sporadic collaborators ولا يعرفون بعضهم البعض جيداً. فهم ليسوا أعضاء في فريق العمل نفسه، ولكن قد تكون لديهم معرفة أو معلومات ذات صلة مباشرة بمشروعات بعضهم البعض. ولأي موظف من الموظفين قد يشمل المتعاونون بتقطع زملاء عمل يشغلون مناصب مماثلة في وحدات أعمال مختلفة أو موظفين يعملون على مشكلات مماثلة في مناطق أو وظائف مختلفة.

وتعتمد أفضل الأدوات لحل مشكلات التعاون التي تنشأ عن التغيير الرقمي على نوع المتعاونين المعنيين.

منصات العمل الجماعي للمتعاونين بانتظام Teamwork platforms for regular collaborators. بما أن الموظفين في العادة يعملون في العديد من فرق المشروعات (وفي الأغلب في الوقت نفسه)، يتعاونون باستمرار مع مجموعة متنوعة من الزملاء في مهام لا تعد ولا تحصى. وقد يكون من الصعب متابعة الأمور بسلاسة. لذلك، فالعمل بشكل فاعل مع المتعاونين بانتظام يتطلب منصة عمل جماعي تسمح للموظفين بالمشاركة في محادثات مستمرة حول المهام والغايات، والنظر في الوثائق أو العمل عليها في وقت واحد، والاستفادة من معرفة الزملاء ومواردهم عندما تنشأ المشكلات. وتساعد هذه المنصات التي تتضمن أدوات إدارة المهام Task management tools وأدوات المشروعات الاجتماعية Social enterprise tools، الموظفين على متابعة تدفق العمل على فرقهم والاستفادة من الشبكات بين المشروعات.

متابعة تدفقات العمل Following streams of action. للتعاون بشكل منتج مع الموظفين في الحلقة الداخلية، لابد وأن يبقى الموظفون على اطلاع دائم على ما يفعله هؤلاء الزملاء يوماً بعد يوم ولماذا اتخذوا قرارات معينة. وإلاَّ سيكون من الصعب تكوين فهم دقيق للمميزات التي يقدمها هؤلاء الزملاء للفريق، وحمل الموظفين على الموافقة على تنفيذ الطلبات، وإنشاء أرضية مشتركة.

خذ هذا المثال بعين الاعتبار: في مختبر أبحاث كبير في وسط الولايات المتحدة، كانت مهندسة الشبكات التي سنسميها سيندي Cindy تعمل في الوقت نفسه في ثلاثة فرق مشروعات، وكان كل منها يضم زملاء عمل من مختلف أنحاء المختبر.5Names in this article have been changed to ensure individuals’ and companies’ anonymity. وكان معظم زملائها في الفريق يعملون بوظائف مختلفة عن وظائفها التي تعمل بها، ولم يكن لأي منهم مكتب في المبنى. وكانت سيندي تواجه مشكلة واحدة وهي فقدان التركيز على المشروع أ عندما تستحوذ مهمة من المشروع ب أو المشروع ج على انتباهها. وقالت لي: ”لم أتمكن قط من مواكبة التطورات في الفرق المختلفة. وكنت أتأرجح بين المشروعات وأحتاج إلى يومين لإدراك ما يجري بعد العودة من حالة الطوارئ في مشروع آخر، وكان ذلك يثير غضب فريقي علي. كنت أبطئ حركته، ولم أكن مساهمة جيدة“.

وبمجرد أن بدأت باستخدام منصة العمل الجماعي الجديدة في مؤسستها، وجدت سيندي أنها قادرة بسهولة أكبر على اللحاق بالتفاعل والمحادثات التي أجراها زملاؤها في غيابها. وقالت: ”أستطيع إعادة بناء سياق ما حدث. أستطيع أن أرى لماذا قرروا السير في اتجاه بدلاً من اتجاه آخر، وبوسعي أن أرى الحجج والاعتراضات التي أدت إلى ذلك القرار. وهذا يعني أنني أستطيع أن أطرح الأسئلة المناسبة. … فهي تسمح لي بالعودة إلى العمل مباشرة وأن أكون مساهمة قوية“.

لا أحد يستطيع أن يكون في كل مكان يحتاج إليه طيلة الوقت. ولكن من خلال تتبع تدفقات العمل المختلفة في مشروعاتهم — المهام والمحادثات والقرارات التي حدثت، بالتسلسل — يمكن للموظفين غير الحاضرين في الوقت الفعلي للأنشطة المهمة الرجوعُ إلى التدفق في وقت لاحق والمشاركة بشكل منتج. كما أن الأرشيف المباشر Live archive لتدفقات العمل عبارة عن نص Script من نوع مختلف؛ وفي خضم عمليات التعاون المستمرة بينهم فإنه يساعد الموظفين على معرفة متى وكيف يشاركون مشاركة تحقق نجاحاً أكبر. فبوسعهم أن يروا ما نجح وما لم ينجح وأن يكيفوا إجراءاتهم وفق ذلك.

ومن خلال متابعة تدفقات التفاعل التي انخرط فيها زملاءها في العمل، أدركت سيندي بشكل أفضل من لديه الخبرة في أي مجالات. ومكنتها هذه المعرفة مِنْ طلب طلبات محددة للحصول على أفكار ونصائح عند الحاجة. ولأنها كانت تطلب إلى الزملاء المساعدة على معالجة المشكلات هم قادرون على حلها بسهولة، فمن المرجح أن يقولوا نعم لطلباتها (ولطلبات الآخرين الذين تابعوا أيضاً عن كثب تدفقات العمل على منصة العمل الجماعي في الشركة).

وأبلغني مسؤولون تنفيذيون في مؤسسة سيندي أن استخدام منصة العمل الجماعي أدى إلى زيادة بنسبة 20% في المهام المنجزة في الوقت المحدد، والتي تُرجمت إلى أكثر من 50 مليون دولار كإيراد إضافي.

الاستفادة من الشبكات عبر المشروعات Leveraging networks across projects. أما الميزة الرئيسية الثانية لمنصات العمل الجماعي؛ فتتمثل بقدرة الموظفين على بناء شبكات من المتعاونين بانتظام بين فرق المشروعات المختلفة والاستفادة. وأظهرت عدة دراسات حديثة أن إقامة روابط كهذه أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الابتكار والكفاءة.6J. Cummings and C. Pletcher, “Why Project Networks Beat Project Teams,” MIT Sloan Management Review 52, no. 3 (spring 2011): 75-80; and N.B. Ellison, J.L. Gibbs, and M.S. Weber, “The Use of Enterprise Social Network Sites for Knowledge Sharing in Distributed Organizations: The Role of Organizational Affordances,” American Behavioral Scientist 59, no. 1 (January 2015): 103-123. ولا يتوقف الأمر فقط على كيفية عمل الأعضاء بشكل مثمر معاً، ولكن أيضاً على كم المعلومات والمعرفة من خارج الفريق التي يمكنهم إضافتها إلى المشروع قيد العمل وتطبيقها عليه.

واكتشف سوريش Suresh، وهو مهندس في شركة عالمية للسيارات، هذا عندما استخدم شبكة من الفرق المشتركة لمعالجة بعض المشكلات من خلال المحاكاة Simulations والاختبار Testing. وعمل سوريش مع أربعة فرق منتجات Product teams لزيادة كفاءة السيارة الدفع الرباعي الأفضل مبيعاً لدى الشركة. (ركز كل فريق على نوع مختلف). وعندما بدأت المؤسسة باستخدام منصة عمل جماعي لمساعدة الموظفين على التعاون في المشروعات، تمكن من متابعة تفاعلات الزملاء بين الفرق في الوقت الفعلي.

ولاحظ أن فريقين من الفرق كانا يواجهان الصعوبات نفسها في التوفيق بين نموذج المحاكاة ونتائج الاختبارات الفعلية. لذلك ربط سوريش هؤلاء الزملاء بتيم Tim، وهو مهندس عمل في فريق لم يعانِ مثل هذه المشكلات. وكان تيم على استعداد للتحدث إلى المهندسين الآخرين لأن سوريش كان قادراً على شرح المشكلة بالتفصيل، بعدما تابع عن كثب تدفقات العمل لهؤلاء المهندسين على منصة العمل الجماعي. وبناء على شرح سوريش، وبعد مراجعة منصة العمل الجماعي بنفسه، أدرك تيم أن هناك العديد من القواسم المشتركة بين عمله وعمل المهندسين الآخرين وأن أفكاره ستكون مفيدة لهم. وباختصار، وجد أرضية مشتركة معهم. وباستخدام منصة التعاون، ناقش أعضاء الفرق الثلاثة المشكلات وطوّروا معاً حلاً لحلّها. ولدهشة سوريش، دخل أحد الزملاء من الفريق الرابع إلى المحادثة، قائلاً إنه كان يواجه الصعوبات نفسها وإنه مسرور لرؤية الفرق الأخرى وقد نجحت في التوصل إلى حل. ومع حل المشكلة في الفرق الثلاثة التي كانت تعاني في مواجهة هذه المشكلة، قدرت الشركة أنها وفرت أكثر من عشرة ملايين دولار من تكاليف التصميم والاختبار.

وإذا كانت الشبكات ذات أهمية بالغة في انتقال المعرفة والمعلومات في العصر الرقمي، فقد تكون منصات العمل الجماعي هي أفضل وسيلة لتسيير العمل للمتعاونين بانتظام: فمن خلال السماح للأفراد بربط الآخرين -ممن ما كانوا ليتصلوا بهم لولا ذلك- بحلقتهم الداخلية، تسهل هذه المنصات تنسيق المعرفة والعمل، مما يسهل معه جني فوائد التعاون العديدة.

تساعد منصات البث على التعاون من خلال توفير المعرفة حول من يعرف ماذا ومن، ومن خلال “التسهيل الاجتماعي” حتى يكون بوسع الموظفين التعامل بسهولة مع الزملاء الذين لا يعرفونهم جيداً، أو لا يعرفونهم على الإطلاق.

منصات ”البث“ للمتعاونين بتقطع “Broadcast” platforms for sporadic collaborators. لا يُكوِّن الموظفون في معظم المؤسسات الكبيرة علاقاتٍ مفيدةً مع زملاء آخرين خارج نطاق المتعاونين بانتظام معهم، باستثناء بعض العلاقات مع الأصدقاء أو المرشدين في أجزاء أخرى من الشركة. وصارت العلاقات أكثر انعزالية بسبب الصوامع المنعزلة التي تشكلت كنواتج ثانوية للتغيير الرقمي. ومن الممكن أن تعالج الفئة الثانية من أدوات التعاون الرقمي – وهي المنصات التي ”تبث“ Broadcast في الأساس معلومات عن خبرات الموظفين ومواردهم الداخلية – هذه المشكلة من خلال السماح للموظفين بإنشاء قائمة بالاتصالات البعيدة التي يمكن تنشيطها حسب الحاجة. ويعلن الموظفون الذين يستخدمون أدوات كهذه أيضاً عن خبراتهم الخاصة، ويعرضون مشروعاتهم، وينشرون معايير الشركات ببساطة من خلال أداء عملهم ضمن منتدى يمكن للزملاء في مختلف أنحاء الشركة الوصول إليه. وتساعد منصات البث الموظفين على التغلب على مشكلات التعاون بطريقتين: من خلال تمكينهم من تطوير ما وراء المعرفة (المعرفة البعدية) Metaknowledge (المعرفة حول من يعرف ماذا ومن في الشركة)، ومن خلال ”التسهيل الاجتماعي“ Social lubricant حتى يكون بوسعهم التعامل بسهولة مع الزملاء الذين لا يعرفونهم جيداً – أو لا يعرفونهم على الإطلاق – للحصول على الدعم الذي يحتاجون إليه.

تطوير ما وراء المعرفة Developing metaknowledge. جربت الشركات العديد من التكتيكات على مدى نصف القرن الماضي لمساعدة الموظفين على تطوير ما وراء معرفتهم بالزملاء من الحلقات الخارجية. وكانت بعض هذه الأساليب تكنولوجية، مثل إنشاء دليل الموظفين Employee directory أو اعتماد أنظمة إدارة المعرفة knowledge management systems. في حين لجأ آخرون إلى أساليب مؤسسية أخرى، مثل بناء مجتمعات ممارسة صغيرة Communities of practice أو برامج تدوير الموظفين Rotation programs تنقل الموظفين من قسم إلى قسم لتعميق معرفتهم بالشركة. ولكن المشكلة الحرجة في هذين النهجين هي أنهما يلقيان بأعباء لا مبرر لها على الموظفين الذين لديهم معرفة يحتاج إليها الآخرون. ويجب عليهم أن يستأنفوا عملهم لتدوين خبراتهم بطريقة قد تكون مفيدة لموظف آخر ثم أن ينشروا ذلك بين أولئك الذين قد يكونون مهتمين. وبما أن كل هذا ينطوي على قدر كبير من التخمين، ليس من المستغرب إلى حد كبير أن تشير الأدلة إلى أن هذه الاستراتيجيات لمساعدة الموظفين على تعلم ”من يعرف ماذا“ و”من يعرف من“ لا تعمل بشكل جيد.7P.M. Leonardi, “The Social Media Revolution: Sharing and Learning in the Age of Leaky Knowledge,” Information and Organization 27, no. 1 (March 2017): 47-59.

وتغير منصات البث اللعبة من خلال جعل المهام والمشروعات مرئية من خارج نطاق المتعاونين بانتظام. وعندما يتواصل المتعاونون بانتظام أثناء أداء عملهم، يولّدون أدلة حول ما يعملون به وكيف يعملون به. وهذا سيفرض على المتعاونين بتقطع مسؤولية تفسير هذه الأدلة للعثور على الخبراء الذين يحتاجون إليهم.

لنتأمل هنا هذه التجربة في شركة ضخمة للخدمات المالية. فقد أجابت مجموعتان كبيرتان من الموظفين — قسما التسويق والعمليات — على استطلاع لتقييم ما وراء معرفتهم بالزملاء في الأقسام الخاصة بهم. وحققت كل من المجموعتين نتائج مروعة. ففي المتوسط، استطاع الموظفون في مجال التسويق أن يحددوا بدقة 4% فقط مما يعرفه زملاؤهم في التسويق، و2% فقط ممن يعرفونهم. وكانت الأرقام متطابقة تقريباً في مجموعة العمليات. ومُنِح التسويق أداة بث Broadcast tool لاستخدامها لمدة ستة أشهر. وخلال هذه الفترة، تواصل الموظفون مع المتعاونين بانتظام معهم على المنصة. ولم يدونوا معرفتهم؛ كانت اتصالاتهم مثل المناقشات المعتادة التي دارت أثناء عملهم على مشروعاتهم. ولأن هذه التفاعلات حدثت على منصة بث وليس عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية الخاصة، كانت متاحة للموظفين في القسم ككل للاطلاع عليها. وبدأ الزملاء الذين لم يشاركوا بشكل مباشر بالعمل في التجاوب مع هذه المنشورات Posts بالمشاركة بأسئلتهم وأفكارهم ورؤيتهم وقصصهم. وعلى مدى الفترة نفسها، لم يستخدم قسمُ العمليات المنصةَ.

وفي ختام هذه الأشهر الستة، أجاب الموظفون في المجموعتين عن استطلاع ما وراء المعرفة. وتحسنت مقدرة العاملين في مجال التسويق على تحديد ”من يعرف ماذا“ بنسبة 33% و”من يعرف من“ بنسبة هائلة بلغت 88%. ولم يطرأ أي تحسن على فريق العمليات. ماذا حدث في التسويق؟ كما أشار أحد الموظفين قائلاً: ”بدأت للتو أدرك ما كان الموظفون يعملون بها، وفهمت نوع المعرفة تستند إليها أعمالهم. ورأيت أيضاً من استجاب لهم، وما الذي قاله هؤلاء الموظفون، لذلك صار لدي الآن فهم أفضل بمن يتحدث معهم هؤلاء“.

في مجموعة واحدة، فإن الزيادة فيما وراء المعرفة تقلل من تكرار الأعمال. كذلك عززت الابتكار من خلال تسهيل تبادل الأفكار الجديدة حول المنتجات وتطوير عمليات مؤسسية أكثر كفاءة.

وأدت هذه الزيادة فيما وراء المعرفة لدى قسم التسويق إلى انخفاض في تكرار الأعمال Duplication (مثلاً، من خلال تمكين الموظفين من إعادة استخدام الكودات codes والاستفادة من التحليل الموفّر من قبل المستشارين بدلاً من إعادة التحليل بأنفسهم). كذلك عززت الابتكار (مثلاً، من خلال تسهيل تبادل الأفكار الجديدة حول المنتجات وتطوير عمليات مؤسسية أكثر كفاءة). وهذه هي على وجه التحديد أنواع النتائج Outcomes التي قد يتمنى المرء أن تتحقق من خلال الاستفادة من معرفة المتعاونين بتقطع.

التسهيل الاجتماعي Creating social lubricant. معرفة مَنْ وما يعرفه الآخرون لا يكفي لجعل الحلقة الخارجية مفيدة. لا بد من أن يكون الموظفون قادرين على اكتساب المعرفة مَنْ المتعاونين بتقطع والاستعانة بموادرهم بتكريسهم للوقت والطاقة لمساعدتهم. فكيف لهم أن يفعلوا هذا إذا لم يعرفوهم أو لم يتفاعلوا معهم بانتظام؟ هنا أيضاً تكون منصات البث مفيدة لأنها توفر مواد تسهل العلاقات الاجتماعية الجديدة. ويأتي تسهيل العلاقات الاجتماعية هذا بشكلين: المعلومات المتعلقة بالعمل والمعلومات غير المتعلقة بالعمل.

عندما يقرأ الموظفون المنشورات على منصات البث، يتعلمون عن أنواع الأعمال التي يؤديها الآخرون في الشركة. ماريو Mario موظف بقسم التخطيط والتحليل الماليين في شركة كبيرة تعمل في مجال البرمجيات كخدمات Software-as-a-service company، يروي كيف استخدم المعلومات من العمل الذي يؤديه متعاون متقطع وذلك للحصول على بعض الأرقام المالية التي يحتاج إليها. وقال ماريو موضحا إنه شاهد ولعدة أشهر منشورات لإحدى الزميلات في وحدة أعمال تقع في بلد آخر: “أشار كل منشورإلى مشروع استحواذ كانت وحدتها تعمل عليه. وعندما طُلِب إليَّ أن أشارك في بعض المدخلات Inputs حول عملية استحواذ محتملة، تصورت أن هذه الزميلة قد تكون مفيدة، لكنني لم أعرفها على الإطلاق. لذلك أرسلت لها رسالة تقول إنني كنت أتابع منشوراتها حول الاستحواذ في وحدتها، وأُعجبتُ بمدى معرفتها بهذا الأمر وتساءلت عما إذا كانت قد تتمكن من مساعدتي. وردت في غضون بضع ثوان وتواصلنا عبر الهاتف. وكان ذلك عظيم القيمة”.

وما استفاده ماريو من هذه المنشورات هو المعلومات التي صار بوسعه أن يستخدمها لبدء محادثة مع شخص لم يكن يعرفه على الإطلاق كان يعمل في جزء مختلف تماماً من الشركة. وأدت هذه المحادثة الأولية إلى حمل ماريو على متابعة منشورات زملائه في العمل عن كثب. وحالياً يقول: “لا شك في أنني أشعر بأنها شخص أستطيع أن ألجأ إليه إذا كنت في حاجة إلى مساعدة، حتى على الرغم من أننا لا نتفاعل بشكل منتظم”.

كما أن استخدام منصات البث لمشاركة المعلومات غير المتعلقة بالعمل Non-work-related information والسماع بها قد يحول الزملاء البعيدين إلى متعاونين بتقطع. فيصعب بدء علاقات جديدة. انظرا مثلا في الذهاب إلى حفلة: فمن الأصعب أن تجري محادثة هادفة مع شخص ما إذا لم تكن تعرف أي شيء عنه؛ ويكون الأمر أكثر سهولة أن يخبركم المضيف بأنكما من مشجعي كرة القدم وتحبان الفريق نفسه. وفي فضاء العمل الرقمي تؤدي منصات البث دور المضيف الحريص.

بدأت إحدى المنصات بربط الموظفين الذين لديهم اهتمامات مماثلة لا تتعلق بالعمل. فعندما كان الموظفون يناقشون الطعام والفرق الرياضية والأفلام واللياقة البدنية، صار من المرجح أن يطرحوا على بعضهم البعض أسئلة أخرى متعلقة بالعمل أيضاً.

وأدرك كبار القادة في شركة اتصالات متعددة الجنسيات هذا المبدأ. فشجعوا الموظفين من أقسام مختلفة على نشر الحقائق والتحديثات المثيرة للاهتمام من حياتهم الشخصية بشكل منتظم على منصة البث الخاصة بالشركة، كما يفعلون عادة على فيسبوك Facebook أو إنستغرام Instagram. وكانت الفكرة تتلخص في أنه إذا تعرف الموظفون إلى زملاء عمل ممن لديهم اهتمامات مشتركة أو خلفيات مماثلة خارج العمل، قد يشعرون بقدر أعظم من الارتياح في التواصل مع هؤلاء الموظفين حول الأمور المرتبطة بالعمل. وعلى الرغم من أن الموظفين شعروا في البداية بالاستغراب لنشر ما وصفوه بمحتوى ”شبيه بفيسبوك“ على أداة في مكان العمل، إلا أن الإدارة شجعت هذا السلوك بل وحتى نمذجته Modeled. وسرعان ما بدأت خوارزمية إحدى منصات البث بربط الموظفين الذين لديهم اهتمامات مماثلة لا تتعلق بالعمل. ووجدت الشركة أن الموظفين، عندما يناقشون الطعام والفرق الرياضية والأفلام واللياقة البدنية، صار من المرجح أن يطرحوا على بعضهم البعض أسئلة أخرى متعلقة بالعمل أيضاً. وكما أشار أحد الموظفين الذي كان على اتصال بزميلة في العمل حول حبهما المشترك للأفلام المستقلة [ليس من إنتاج كبريات الشركات] Independent movies: ”حديثي معها عن الأفلام جعلتي أشعر بالارتياح لطلب النصيحة حول بعض الصعوبات في العمل“.

في كثير من الأحيان يحتاج الموظفون إلى القليل من دعم التحاور للتعامل مع زميل بعيد وتحويل ذلك الموظف إلى متعاون بتقطع. ويمكن أن يوفر كل من المحتوى المرتبط بالعمل وغير المرتبط بالعمل في أدوات البث ذلك التسهيل الاجتماعي لإجراء محادثات كهذه. ومن الأهمية بمكان أن ندرك أن الموظفين قادرون على الحفاظ على علاقات طفيفة مع المتعاونين المتفرقين من خلال متابعة منشوراتهم والتعليق عليها في أوقات لا يحتاجون فيها إلى مساعدتهم. وهذا سيجعل التواصل حين يحتاجون إلى شيء أبعد عن من أن يكون مجرد معاملة رسمية وأقرب إلى تواصل طبيعي. وفي المؤسسات الكبيرة على وجه الخصوص، يساعد هذا أيضاً الموظفين على الشعور بأنهم على اتصال بمؤسستهم وعلى أن يروا أنفسهم أعضاء في ذلك المجتمع الصغير.

على الرغم من أن نوعيّ أدوات التعاون الرقمي، منصات العمل الجماعي ومنصات البث، يسهلان التغلب على العقبات التي تعترض التعاون مع المتعاونين بانتظام وبتقطع، لن يدرك الموظفون جميعاً قيمة هذا من اليوم الأول. إذ يستلزم تراكم سجلات تفاعلات الناس -على كلا النوعين على المنصات- وقتاً طويلاً، لذلك فالموظفون الذين يعملون في شركات تنشر مثل هذه السجلات لن يجنوا فوائدها على الفور. ويتعين على الموظفين الاستمرار باستخدام هذه المنصات، حتى ينمو المحتوى بسرعة ويكون مفيداً للمؤسسة.

ولكن، هناك ما يتعين على أصحاب العمل فعله أيضا. فمع تولد كميات هائلة من البيانات على كل من منصات العمل الجماعي ومنصات البث، يمكن للمؤسسات أن تبدأ باستخدام الخوارزميات التي تُرمِّز Code أنماط تواصل الموظفين وسلوكهم في فئات معينة من الإجراءات، وتفرز هذه الفئات، وتجري عمليات حسابية معقدة تربط بين الفئات معاً. ولم تتقدم القوة الحوسبية وتطوير الرياضيات التي تدعم الذكاء الاصطناعي AI وتعلم الآلة achine learning بالقدر الكافي لتقديم تحليلات ذات مغزى لهذه الكميات الهائلة من بيانات الموظفين إلا في السنوات العديدة الماضية. ويمكن للشركات الاستفادة بشكل أكبر من هذه التحليلات باستخدام الذكاء الاصطناعي لدمج هذه الأنماط في مجموعات بيانات جديدة (مثل معدل دوران الموظفين Employee turnover أو بيانات الأداء Performance data) لاختبار افتراضات حول علاقات معينة، والتعلم بشكل مستقل من هذه الاختبارات، وتوقع سلوك الموظفين المستقبلي.

لكن مع استخدام المؤسسات للخوارزميات على نحو متزايد لفرز تخمة البيانات الرقمية عن تفاعلات العاملين، فمن الأهمية بمكان أن نتذكر المخاطر المرتبطة بجمع هذه المعلومات كلها وتخزينها وتحليلها. فمن ناحية، قد يتمتع الموظفون بميزة أو يُحرموا منها بشكل غير منصف بفعل الطريقة التي يحوّل بها الذكاء الاصطناعي هذه البيانات إلى توقعات. ومن ناحية أخرى، ليست المؤسسات التي تتبنى منصات التعاون الرقمي الوحيدة القادرة على الاستفادة من تحليل البيانات المتولدة: ومعظم هذه الأدوات عبارة عن تطبيقات قائمة على السحابة Cloud-based applictions. وتمنح حقوقُ التعاقد مزودي هذه الخدمات إمكانية الوصول إلى بعض العادم الرقمي Digital exhaust المعلومات الناتج من استخدام المنصات أو كله. ومن ثم يستطيع مزودو الخدمات استخدام نمذجة الخوارزمية الخاصة بهم لإنشاء بصمات رقمية على مستوى الاقتصاد الكلي لعملائهم وموظفيهم – وبيع هذه التوقعات إلى شركات أخرى. كذلك يمكنهم استخدام البيانات لتحسين تكنولوجياتهم بطرق تسمح لهم بجمع المزيد من العادم الرقمي.8Management professor Shoshana Zuboff has written eloquently about how vendors monetize digital exhaust and use it to construct digital footprints that predict and shape our behavior. See S. Zuboff, “The Age of Surveillance Capitalism: The Fight for a Human Future at the New Frontier of Power” (New York: PublicAffairs, 2019).

وهذا يعني أنه على الشركات أن تحدد في عقودها مستوى الوصول الذي يتمتع به مزودو الخدمات. فقد شركة ما أن السماح لمزودي الخدمات بالوصول إلى البيانات يحسن من المنتج ويفي بمصلحة المستخدمين جميعاً. أو قد تقرر أن المؤسسات التي تدفع ثمن الأدوات والخدمات لا بد من أن يكون لها الحق في امتلاك بياناتها Data وبياناتها التعريفية Metadata حتى لا يستفيد مزودو الخدمات من الجهتين. وفي أي من الخيارين، يتعين على الشركات أن تتحلى بالشفافية مع موظفيها فيما يتصل بمن يمكنه الوصول إلى بياناتها وكيف ستُستخدَم.

وكما هي الحال مع تقديم أي مبادرة جديدة، يجب تنفيذ أدوات التعاون الرقمي بعناية من قبل القيادة العليا. غير أن النتائج تستحق الجهد المبذول. إذ تمكن هذه المنصات الموظفين من العثور على الشركاء المناسبين لعملهم، وإقناع هؤلاء الشركاء بالمساعدة، وإنشاء الأرضية المشتركة اللازمة لسلاسة التعاونات. وحمل الأشخاص على استخدام الأدوات حتى يتمكنوا من رؤية الفوائد في الممارسة العملية وتطبيق استخدام الخوارزميات المتقدمة والذكاء الاصطناعي لاكتشاف أنماط التعاون المثمرة هما مهام إدارية بالغة الأهمية مع إشراقة هذا العصر من الأعمال الرقمية.

ليوناردي Paul Leonardi (@pleonardi1)

ليوناردي Paul Leonardi (@pleonardi1)

أستاذ كرسي عائلة دوكا Duca Family لإدارة التكنولوجيا من جامعة كاليفورنيا، University of California.

سانتا باربرا Santa Barbara

سانتا باربرا Santa Barbara

وهو يقدم المشورة إلى الشركات حول كيفية استخدام البيانات الممكّنة بالتكنولوجيات الجديدة لقيادة التحول الرقمي. للتعليق على هذا الموضوع:https://sloanreview.mit.edu/x/62302.

المراجع

المراجع
1 P.H. Christensen and T. Pedersen, “The Dual Influences of Proximity on Knowledge Sharing,” Journal of Knowledge Management 22, no. 8 (December 2018): 1782-1802; and M.R. Tagliaventi and E. Mattarelli, “The Role of Networks of Practice, Value Sharing, and Operational Proximity in Knowledge Flows Between Professional Groups,” Human Relations 59, no. 3 (March 2006): 291-319.
2 P.M. Leonardi, “Social Media, Knowledge Sharing, and Innovation: Toward a Theory of Communication Visibility,” Information Systems Research 25, no. 4 (December 2014): 796-816.
3 L. Argote and Y. Ren, “Transactive Memory Systems: A Microfoundation of Dynamic Capabilities,” Journal of Management Studies 49, no. 8 (December 2012): 1375-1382.
4 P.M. Leonardi, “Ambient Awareness and Knowledge Acquisition: Using Social Media to Learn ‘Who Knows What’ and ‘Who Knows Whom,’” MIS Quarterly 39, no. 4 (December 2015): 747-762; P.M. Leonardi, “Social Media and the Development of Shared Cognition: The Roles of Network Expansion, Content Integration, and Triggered Recalling,” Organization Science 29, no. 4 (June 2018): 547-568; P.M. Leonardi and S.R. Meyer, “Social Media as Social Lubricant: How Ambient Awareness Eases Knowledge Transfer,” American Behavioral Scientist 59, no. 1 (January 2015): 10-34; and T.B. Neeley and P.M. Leonardi, “Enacting Knowledge Strategy Through Social Media: Passable Trust and the Paradox of Nonwork Interactions,” Strategic Management Journal 39, no. 3 (March 2018): 922-946.
5 Names in this article have been changed to ensure individuals’ and companies’ anonymity.
6 J. Cummings and C. Pletcher, “Why Project Networks Beat Project Teams,” MIT Sloan Management Review 52, no. 3 (spring 2011): 75-80; and N.B. Ellison, J.L. Gibbs, and M.S. Weber, “The Use of Enterprise Social Network Sites for Knowledge Sharing in Distributed Organizations: The Role of Organizational Affordances,” American Behavioral Scientist 59, no. 1 (January 2015): 103-123.
7 P.M. Leonardi, “The Social Media Revolution: Sharing and Learning in the Age of Leaky Knowledge,” Information and Organization 27, no. 1 (March 2017): 47-59.
8 Management professor Shoshana Zuboff has written eloquently about how vendors monetize digital exhaust and use it to construct digital footprints that predict and shape our behavior. See S. Zuboff, “The Age of Surveillance Capitalism: The Fight for a Human Future at the New Frontier of Power” (New York: PublicAffairs, 2019).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى