أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
إبداعبحثمنوع

إنشاء وظائف وأماكن عمل تنشط الموظفين

الانغماس في العالم الطبيعي يعزز الطاقة الإدراكية والعاطفية والاجتماعية الإيجابية والبدنية.

 أنطوني سي. كلوتز

في المتوسط نمضي نحو 92% من حياتنا في الداخل.1N.E. Klepeis, W.C. Nelson, W.R. Ott, et al., “The National Human Activity Pattern Survey (NHAPS): A Resource for Assessing Exposure to Environmental Pollutants,” Journal of Exposure Analysis and Environmental Epidemiology 11, no. 3 (May-June 2001): 231-252. وكان ذلك صحيحاً حتى قبل أن يدفع كوفيد-19 الأشخاص إلى الاحتماء واحترام بروتوكولات التباعد الاجتماعي Social-distancing protocols. ومن دون تدخل، فمن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه لفترة طويلة بعد انحسار الوباء.

والإفراط في قضاء الوقت في الداخل يمثل إشكالية في ضوء ما يُسمَّى فرضية البيوفيليا Biophilia hypothesis — وهي الفكرة المُعتمَدة على نطاق واسع، والقائلة إننا -نظراً لأن البشر تطوروا في اتصال وثيق بالطبيعة- لا تزال لدينا الرغبة الفطرية القوية لنكون على اتصال بالعناصر والعمليات الطبيعية.2E.O. Wilson, “Biophilia” (Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press, 1984). وعندما نلبي تلك الرغبة، وفق الأبحاث، نميل إلى أن نشعر بالمزيد من الحيوية وقوة الإرادة، وينتابنا شعور بالوضوح العقلي، ونسلك مزيداً من السلوك المساعد؛3R.M. Ryan, N. Weinstein, J. Bernstein, et al., “Vitalizing Effects of Being Outdoors and in Nature,” Journal of Environmental Psychology 30, no. 2 (June 2010): 159-168; F. Beute and Y.A.W. de Kort, “Natural Resistance: Exposure to Nature and Self-Regulation, Mood, and Physiology After Ego-Depletion,” Journal of Environmental Psychology 40 (December 2014): 167-178; M.G. Berman, J. Jonides, and S. Kaplan, “The Cognitive Benefits of Interacting With Nature,” Psychological Science 19, no. 12 (December 2008):1207-1212; and J.W. Zhang, P.K. Piff, R. Iyer, et al., “An Occasion for Unselfing: Beautiful Nature Leads to Prosociality,” Journal of Environmental Psychology 37 (March 2014): 61-72. وعندما لا نفعل ذلك، تشير الاستنتاجات إلى أننا نكون أكثر عرضة إلى التوتر والاكتئاب والعدوانية.4T. Hartig, R. Mitchell, S. de Vries, et al., “Nature and Health,” Annual Review of Public Health 35 (March 2014): 207-228; D.F. Shanahan, R. Bush, K.J. Gaston, et al., “Health Benefits From Nature Experiences Depend on Dose,” Scientific Reports 6 (June 2016); and F.E. Kuo and W.C. Sullivan, “Environment and Crime in the Inner City: Does Vegetation Reduce Crime?” Environment and Behavior 33, no. 3 (May 2001): 343-367. وتخيلوا الأثر المحتمل في أداء العمل.

بالطبع، يتطلب العديد من الوظائف أن يكون الأشخاص في الداخل، سواء كان العمل يجري عن بعد أم في الموقع. وإدراكاً منهم بأنهم يستطيعون المساعدة على تخفيف المشكلات المرتبطة بالعاملين في الموقع، بدأ أصحاب العمل بدمج جوانب طبيعية في الأنشطة اليومية للموظفين وأماكن عملهم من خلال التصميم البيوفيلي لموقع العمل Biophilic work design. وتتباين مثل هذه الجهود عبر مدى واسع من الخيارات. ففي أحد طرفي الطيف، لدينا انغماس مباشر في العناصر الطبيعية — مثلاً، بتزويد الموظفين بمساحة خارجية جذابة حيث يمكنهم إجراء الاجتماعات أو المكالمات الهاتفية فيها. ومن جهة أخرى، لدينا التعرض غير المباشر — عبر نوافذ كبيرة تطل على مناظر ساشعة، مثلاً. وعلى الرغم من أن التغييرات في المنشآت المادية لن تؤثر في العاملين عن بعد Remote workers، إلا أنه يمكن دعمهم بطرق أخرى. إذ يمكن للمديرين تشجيع الأشخاص على المشي لإعادة شحن الطاقة، وإخراج الحواسيب المحمولة بهم إلى الخارج عندما يسمح الطقس. ويمكن لـ”غرف“ اجتماع افتراضية مع خلفيات طبيعية أن تكون بمثابة بدائل رقمية للنوافذ.

وتحتضن بعض المؤسسات تصميماً بيوفيلياً للعمل لأسباب من أبرزها رفاه الموظفين Well-being واستدامتهم في العمل. ولكن المنافع قد تذهب إلى توفير ما هو أبعد من ذلك. ففي عملنا النظري الأخير، حددنا -أنا وزميلي مارك بولينو Mark Bolino من جامعة أوكلاهوما University of Oklahoma – أربع طرق رئيسية تعزز من خلالها ‹مساعدة الموظفين على التفاعل في شكل أكثر تواتراً وعن كثب مع العالم الطبيعي› طاقتَهم ومن ثم أداءَهم.5A.C. Klotz and M.C. Bolino, “Bringing the Great Outdoors Into the Workplace: The Energizing Effect of Biophilic Work Design,” Academy of Management Review, forthcoming. وسننظر في هذه الطرق هنا. لكن أولاً، دعونا ننظر إلى بعض التغييرات التي بدأ أصحاب العمل بإجرائها — ربما من دون أن يدركوا تماماً الأشياء التي هي على المحك.

الخطوات التي يتخذها أصحاب العمل

يمكن للوظائف ومساحات العمل التي تسمح للموظفين بالانخراط مع العالم الطبيعي بمعظم حواسهم أو معظمها (أي الحواس التي تتعرض مباشر لعوامل الطبيعة) أن تلبي الرغبات البيوفيلية للموظفين في شكل شامل. والمثال الذي يضرب باستمرار هو: تزويد العاملين بمساحات مثل المدرجات الخضراء على السطح لأخذ فسح في الخارج. فقد دفعت سامسونغ Samsung هذا المفهوم ألى حدود أبعد من معظم الشركات الأخرى: في مقرها الجديد للبحث والتطوير المؤلف من 10 طوابق في سان خوسيه، كاليفورنيا، يكون كل طابق ثالث ”أرضية حديقة“ في الهواء الطلق، ما يضمن أن الموظفين ليسوا أبعد من طابق واحد عن مساحة في الخارج. وتشجع مؤسسات أخرى العاملين على الخروج إلى الخارج من خلال هبات توفرها الموارد البشرية. مثلاً، يحق لكل عامل في آر إي آي REI الحصول على ”يومين من أيام التشجيع“ في السنة — وهي أيام الإجازات التي من المفترض صراحة تمضيتها في الخارج. وتعطي أوكلي Oakley، الشركة المصنعة للنظارات الشمسية، موظفيها تذاكر لمنتجعات التزلج على الجليد.

وعلى الرغم من أن إحضار العناصر الطبيعية إلى الداخل ليس ممتعاً بعمق على غرار الخروج إلى الخارج، لا يزال في مقدور ذلك أن يوفر ذلك اتصالاً مباشراً للموظفين بالطبيعة. فمبنى أمازون سفيرس Amazon Spheres في سياتل يلغي الخط الفاصل بين الغابات المطيرة الداخلية والمساحة المكتبية. وهناك نهج أقل تطرفاً يتلخص في استخدام الجدران الحية Living walls، جدران من التربة تنمو عليها النباتات، في تصميم العديد من مساحات العمل، مثل تلك الموجودة في الطوابق التسعة كلها من المقر الجديد لإتسي Etsy في بروكلين بنيويورك.

وعندما لا يكون التعرض المباشر للطبيعة ممكنا، يمكن لأصحاب العمل توفير التعرض غير المباشر ليس فقط من خلال النوافذ بل أيضاً من خلال أمثلة من صنع الإنسان تُماثل العناصر الطبيعية أو من مواد البناء التي تستخدم هذه العناصر. ففي المكاتب التي صممها فرانك لويد رايت Frank Lloyd Wright في المبنى الإداري لإس سي جونسون SC Johnson Administration Building في راسين بولاية ويسكونسن، نجد أعمدة على شكل أشجار في غرفة العمل الكبرى Great Workroom تحاكي (في الشكل والوظيفة) الأشجار الظليلة المتناثرة في سافانا ممتدة. وتشمل الأمثلة الأكثر تقليدية على الاتصال غير المباشر ورق الجدران، أو الجداريات التي تصور العناصر الطبيعية، أو الأرضيات المصنوعة من المواد الطبيعية.

وفي بعض الحالات تُستخدَم الأدوات الرقمية لمحاكاة التفاعل مع الطبيعة أو تعزيزه. فعند دخول المكاتب الرئيسية لسايلزفورس Salesforce في سان فرانسيسكو، يمر الموظفون عبر شاشة عرض فيديو طولها 108 أقدام (33 متراً) تبث لقطات عالية الوضوح High definition لأنهار وغابات وشلالات مياه متساقطة. وتوجه أجهزة رقمية لمراقبة الهواء في مكاتب الشركة المعمارية كوكفوكس Cookfox الهواء النقي إلى أماكن العمل حيث يُكشَف عن مستويات عالية من ثاني أوكسيد الكربون أو الملوثات. وتُشغَّل في شكل متزايد أصوات مسجلة من الطبيعة تبث بين المكاتب الموزعة كمكاتب مفتوحة.

ماذا قد تكسب المؤسسات 

على طول الطيف الممتد من التعرض المباشر إلى غير المباشر، تذكر الشركات في الأغلب أنها تتبنى تصميماً بيوفيلياً لزيادة رفاه الموظفين وتعزيز الاستدامة، وهو ما ينسجم مع الأبحاث الحالية المتعلقة بمنافع توفير الوصول إلى مساحات خضراء في العمل.6E. Seppälä and J. Berlin, “Why You Should Tell Your Team to Take a Break and Go Outside,” Harvard Business Review, June 26, 2017, www.hbr.org. وعندما افتتحت Clif Bar كليف بار مخبزها في أيداهو، المصمم باستخدام مبادئ بيوفيلية، قال الرئيس التنفيذي كيفن كليري Kevin Cleary: ”أردنا أن يكون المخبز مكاناً صحياً يرحب بالعاملين، مكاناً للعمل يحافظ على موظفينا والمجتمع الصغير والكوكب“7“Clif Bar Celebrates Opening of Its One-of-a-Kind Sustainable Bakery,” Clif Bar, Aug. 30, 2016. وعندما سُئِل المصمم الرئيسي نورمان فوستر Norman Foster عن أهم عنصر في المقر الجديد لأبل Apple، ركز على ”الصلة القوية مع الطبيعة والمشهد الطبيعي المحيطين بالمبنى“، مضيفاً أنه عندما يتمكن الموظفون من ”تنفس الهواء النقي ورؤية الهواء الطلق والسماء، يكونون أكثر إنتاجية وأكثر يقظة وأكثر قدرة على الاستجابة للأزمات“.8K.J. Ryan, “The Designer of Apple’s New Headquarters Explains How He Brought Steve Jobs’s Vision to Life,” Inc., June 8, 2017, www.inc.com.

وبدأت الدراسات الميدانية أخيراً تثبت تجريبياً أن التصميم البيوفيلي يحسن أداء الموظفين بالطرق المذكورة أعلاه. وليس من الصعب توقع استنتاجات كهذه، نظراً لنتائج الدراسات الأولية التي تربط عدم التعرض إلى الطبيعة في العمل بعواقب مثل عدم الرضا عن العمل والإنهاك،9A. Thompson and V. Bruk-Lee, “Naturally! Examining Nature’s Role in Workplace Strain Reduction,” Occupational Health Science 3, no. 1 (March 2019): 23-43. وهي مؤشرات قوية إلى ضعف الأداء والسلوك ذي النتائج العكسية. وفي عالم رقمي قد يؤدي الاتصال بالطبيعة دوراً مهماً بصورة خاصة في موازنة آثار الاتصال المفرط، والعمل في عدة فرق، والعمل عن بعد، والأساليب السريعة، وغيرها من الخصائص الوظيفية التي قد تشد أجسام الموظفين وعقولهم أكثر فأكثر نحو عالم اصطناعي.

والواقع أن المكاسب التي تحققت في زيادة تعرض الموظفين إلى الطبيعة قد تكون أغنى مما تدركه المؤسسات حالياً. فللتفاعلات مع الطبيعة القدرةُ على تعزيز احتياطات الطاقة للموظفين في أربع طرق: المعرفية، والعاطفية، والاجتماعية الإيجابية، والمادية. ومع ذلك، ولجني هذه المنافع، لا يكفي مجرد وضع الموظفين على اتصال بالطبيعة؛ بل يتعين على القادة فعل ذلك بعناية، وأن يتجنبوا وضع المكاسب المحتملة في مواجهة خياراتهم الأخرى فيما يتصل بتصميم الوظائف ومساحة العمل.

الطاقة المعرفية Cognitive energy. إن الاتصال بالطبيعة يعزز قدرة الموظفين على التركيز على مهام العمل. ويعود ذلك إلى أسباب منها أنه يعيد شحن الطاقة — فهو يعيد قوة الإرادة لدى الموظفين، مثله مثل كثير من فسح التريض أو التأمل خلال يوم العمل.10J.T. Chow and S. Lau, “Nature Gives Us Strength: Exposure to Nature Counteracts Ego-Depletion,” Journal of Social Psychology 155, no. 1 (October 2014): 70-85. ولكن هناك سببا آخر كذلك: الاتصال بالطبيعة الذي يستحوذ بلطف على انتباه المرء له القدرة على تعزيز الأداء المعرفي ببساطة.11R.K. Raanaas, K.H. Evensen, D. Rich, et al., “Benefits of Indoor Plants on Attention Capacity in an Office Setting,” Journal of Environmental Psychology 31, no. 1 (March 2011): 99-105. فعند أخذ فسحة على شرفة على السطح، يمكن للموظفين التمتع بآثار الهواء النقي والشمس المنشطة للعقل من دون الحاجة إلى تركيز انتباههم على تلك العناصر.

ومع ذلك، ليس من المرجح أن تكون لأشكال التعرض إلى الطبيعة آثار مماثلة في الطاقة الإدراكية. ويشير عملي النظري مع مارك بولينو إلى أن العناصر الطبيعية هي أكثر ميلاً إلى جذب انتباه الأشخاص (ولو بلطف) إذا كانت جديدة بدلاً من ثابتة بمرور الوقت، لأننا نميل إلى تجاهلها مع التعرض المتكرر أو المستمر. وحتى في الأطر التي تشمل ميزات بيوفيلية ديناميكية وثابتة — مثل مكاتب ساب SAP في غورغاون بالهند، التي تشمل بركةً كبيرة للأسماك، وجداراً نباتياً، وأرضيات من الخشب المستصلح — تساهم الميزات الديناميكية مثل البركة والجدار النباتي في شحذ الطاقة العقلية للموظفين أكثر على الأرجح من الخشب المستصلح الثابت.

الطاقة العاطفية Emotional energy. الاتصال بالطبيعة الذي يثير شعوراً بالابتعاد عن مكان العمل، وفي إطار طبيعي محبّذ، قد يكون عاملاً من عوامل التنشيط العاطفي.12T.R. Herzog, P. Maguire, and M.B. Nebel, “Assessing the Restorative Components of Environments,” Journal of Environmental Psychology 23, no. 2 (June 2003): 159-170. فهو مثل أخذ إجازة نفسية، وقد يمنح الأفراد على الأقل على بعض المنافع المرتبطة بالإجازات الحقيقية، مثل تحسين المزاج وخفض الإرهاق العاطفي Emotional exhaustion.13J. Kühnel and S. Sonnentag, “How Long Do You Benefit From Vacation? A Closer Look at the Fade-Out of Vacation Effects,” Journal of Organizational Behavior 32, no. 1 (January 2011): 125-143.

وقطعت بعض الشركات أشواطاً بعيدة لإعطاء العاملين فسحة نفسية مستندة إلى الطبيعة وهم في المكتب. وتشمل المكاتب الجديدة لإنديد Indeed في طوكيو واحات بيوفيلية biophilic oasis spaces، وهي مساحات صغيرة لكل من الاسترخاء والعمل، تحيط بها الأشجار والطحالب والصخور. ومع ذلك، إذا كانت ظروف العمل الأخرى ناقصة، يمكن لهذه الإجراءات أن تحبط قدرة الموظفين على ”الابتعاد“. مثلاً، إذا كان لدى الموظف مدير مُسيء Abusive أو فُرضت عليه مهام مهينة في العمل، فلن يسمح له أي مقدار من تصميم العمل البيوفيلي بالهروب عاطفياً من هذا الواقع.

قطعت بعض الشركات أشواطاً بعيدة لإعطاء العاملين فسحة نفسية مستندة إلى الطبيعة وهم في المكتب. وتشمل مكاتب إنديد في طوكيو واحات بيوفيلية تحيط بها الأشجار والطحالب والصخور.

طاقة الدعم الاجتماعية Prosocial energy. عناصرُ العمل البيوفيلية التي توفر للأشخاص إحساساً بالارتباط بالعالم الأكبر قد تعزز طاقة الدعم الاجتماعية للموظفين، أي الرغبة في مساعدة الآخرين وبناء علاقات إيجابية. ونظراً للترابط بين العناصر في العالم الطبيعي — الهواء الذي نتنفسه جميعاً، والشمس التي نراها جميعاً، وما إلى ذلك — قد يدفع التعرض للطبيعة إلى الشعور بالاتحاد بالعالم وبالآخرين. وهذه المشاعر بدورها قد تزيد من السخاء والتعاون.14N. Weinstein, A.K. Przybylski, and R.M. Ryan, “Can Nature Make Us More Caring? Effects of Immersion in Nature on Intrinsic Aspirations and Generosity,” Personality and Social Psychology Bulletin 35, no. 10 (October 2009): 1315-1329; and J.M. Zelenski, R.L. Dopko, and C.A. Capaldi, “Cooperation Is in Our Nature: Nature Exposure May Promote Cooperative and Environmentally Sustainable Behavior,” Journal of Environmental Psychology 42 (June 2015): 24-31. وفي الواقع، وبقدر ما يشعر الأشخاص بالاتحاد بالعالم الطبيعي، يكونون أكثر عرضة للانفتاح على وجهات نظر الآخرين.15F.S. Mayer and C.M. Frantz, “The Connectedness to Nature Scale: A Measure of Individuals’ Feeling in Community With Nature,” Journal of Environmental Psychology 24, no. 4 (December 2004): 503-515.

ويمكن تصميم عناصر العمل البيوفيلية مع أخذ هذه المنافع بالاعتبار. مثلاً، في المقر الجديد لمجموعة مورغان سيندال Morgan Sindall Group بلندن، الميزة المركزية هي شجرة هندسية ضخمة فروعها تصل إلى مختلف أرجاء المبنى. والأهم من ذلك، وعلى الرغم من أن التأثير الاجتماعي الإيجابي لعناصر تصميم العمل قد يقوضه وابل من التدخلات غير الطبيعية وغير السارة، مثل الطنين المستمر لرسائل البريد الإلكتروني وسلاك Slack. وفي نهاية الأمر، تميل هذه التدخلات إلى تركيز اهتمامنا على الجوانب “الجزئية” للعمل بدلاً من التركيز على العالم الأوسع.

الطاقة المادية Physical energy. يعزز الوجود في الخارج مستويات الهرمونات المرتبطة بالصحة الفسيولوجية والحيوية.16D. Haluza, R. Schönbauer, and R. Cervinka, “Green Perspectives for Public Health: A Narrative Review on the Physiological Effects of Experiencing Outdoor Nature,” International Journal of Environmental Research and Public Health 11, no. 5 (May 2014): 5445-5461.  ولكن الأبحاث تظهر أن الآثار المنشطة جسدياً للطبيعة تختلف استناداً إلى درجة توق الأفراد إلى التواصل مع العالم الطبيعي.17E.K. Nisbet, J.M. Zelenski, and S.A. Murphy, “Happiness Is in Our Nature: Exploring Nature Relatedness as a Contributor to Subjective Well-Being,” Journal of Happiness Studies 12, no. 2 (April 2011): 303-322. وعلى الرغم من أن فرضية البيوفيليا تتوقع امتلاك الأفراد جميعاً رغبة فطرية في التواصل مع الطبيعة، تختلف قوة هذه الرغبة من شخص إلى آخر. والأكثر من ذلك، أن الموظفين لن يشعروا جميعاً بالمقدار نفسه من الحيوية من خلال شكل معين من الاتصال بالطبيعة في العمل. لذلك يجب أن يسعى تصميم العمل المستند إلى الطبيعة إلى التوافق بين الرغبات البيوفيلية للموظفين والبيئة المادية للعمل.

انظر في هذا المثال: في حين أن الميزات الطبيعية في المكاتب تكون في الأغلب ثابتة، تستخدم مكاتب شركة استضافة المواقع الشبكية أو في إتش OVH في مدينة كيبيك آنية نباتات كبيرة لكن قابلة للنقل للسماح للموظفين بتشكيل قربهم من الطبيعة أثناء العمل وفق ما يلائمهم. ويمكن للمؤسسات التي تشرك الموظفين في تصميم أماكن عملهم أن تُصمّم الاتصال بالطبيعة وفق الرغبات المتباينة للأفراد. ففي المقر الجديد لآر إي آي REI في بيلفيو بواشنطن، صُمِّمت وبُنيت بنية تحتية من نوع ”كل شيء موجود في الخارج“، واستكملت بممرات مفتوحة إلى الخارج وأبواب قابلة للطي في قاعات المؤتمرات للسماح بعقد الاجتماعات في الهواء الطلق على مدار السنة. وتُركِ الـ20% النهائي من التصميم الذي ينطوي على تفاصيل تهيئة المساحات، غير منته. وبهذه الطريقة، لا يمكن لموظفي آر إي آي إعداد مساحات العمل الخاصة بهم وفق ما يشاؤون كأفراد فحسب، بل كمجموعة، فيهيئون المناطق المشتركة، مثل المساحة الخضراء على السطح، لتتواءم مع الرغبات البيوفيلية الجماعية.

لقرون عديدة من الزمن، أشاد الفلاسفة بفضائل التواصل مع العالم الطبيعي، لكن القادة المؤسسيين بدؤوا للتو بتبني هذه الحكمة في السنوات الأخيرة. وللعمل باستثمارات ذكية في تحديث مساحات العمل الخاصة بهم، والممارسات الخاصة بالموارد البشرية، والمعايير الثقافية، يجب على القادة أن يفهموا أن آثار التصميم البيوفيلي للعمل قد تعتمد على عدد من العوامل: ما إذا كان التعرض للطبيعة مباشراً أو غير مباشر، وأنواع العناصر الطبيعية المدمجة، والمناخ النفسي والثقافة المؤسسية السائدة، والقدرة على تصميم مساحات العمل لتناسب الاختلافات الفردية على صعيد الرغبات البيوفيلية. وعند النظر في هذه العوامل بعناية، يمكن تعزيز المنافع المستخلصة إلى أقصى حد ممكن.

أنطوني سي. كلوتز

أنطوني سي. كلوتز

أستاذ مشارك في الإدارة في كلية مايز للأعمال Mays Business School بجامعة تكساس إيه أند إم Texas A&M University. للتعليق على هذا الموضوع:  http://sloanreview.mit.edu/x/61409.

 

المراجع

المراجع
1 N.E. Klepeis, W.C. Nelson, W.R. Ott, et al., “The National Human Activity Pattern Survey (NHAPS): A Resource for Assessing Exposure to Environmental Pollutants,” Journal of Exposure Analysis and Environmental Epidemiology 11, no. 3 (May-June 2001): 231-252.
2 E.O. Wilson, “Biophilia” (Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press, 1984).
3 R.M. Ryan, N. Weinstein, J. Bernstein, et al., “Vitalizing Effects of Being Outdoors and in Nature,” Journal of Environmental Psychology 30, no. 2 (June 2010): 159-168; F. Beute and Y.A.W. de Kort, “Natural Resistance: Exposure to Nature and Self-Regulation, Mood, and Physiology After Ego-Depletion,” Journal of Environmental Psychology 40 (December 2014): 167-178; M.G. Berman, J. Jonides, and S. Kaplan, “The Cognitive Benefits of Interacting With Nature,” Psychological Science 19, no. 12 (December 2008):1207-1212; and J.W. Zhang, P.K. Piff, R. Iyer, et al., “An Occasion for Unselfing: Beautiful Nature Leads to Prosociality,” Journal of Environmental Psychology 37 (March 2014): 61-72.
4 T. Hartig, R. Mitchell, S. de Vries, et al., “Nature and Health,” Annual Review of Public Health 35 (March 2014): 207-228; D.F. Shanahan, R. Bush, K.J. Gaston, et al., “Health Benefits From Nature Experiences Depend on Dose,” Scientific Reports 6 (June 2016); and F.E. Kuo and W.C. Sullivan, “Environment and Crime in the Inner City: Does Vegetation Reduce Crime?” Environment and Behavior 33, no. 3 (May 2001): 343-367.
5 A.C. Klotz and M.C. Bolino, “Bringing the Great Outdoors Into the Workplace: The Energizing Effect of Biophilic Work Design,” Academy of Management Review, forthcoming.
6 E. Seppälä and J. Berlin, “Why You Should Tell Your Team to Take a Break and Go Outside,” Harvard Business Review, June 26, 2017, www.hbr.org.
7 “Clif Bar Celebrates Opening of Its One-of-a-Kind Sustainable Bakery,” Clif Bar, Aug. 30, 2016.
8 K.J. Ryan, “The Designer of Apple’s New Headquarters Explains How He Brought Steve Jobs’s Vision to Life,” Inc., June 8, 2017, www.inc.com.
9 A. Thompson and V. Bruk-Lee, “Naturally! Examining Nature’s Role in Workplace Strain Reduction,” Occupational Health Science 3, no. 1 (March 2019): 23-43.
10 J.T. Chow and S. Lau, “Nature Gives Us Strength: Exposure to Nature Counteracts Ego-Depletion,” Journal of Social Psychology 155, no. 1 (October 2014): 70-85.
11 R.K. Raanaas, K.H. Evensen, D. Rich, et al., “Benefits of Indoor Plants on Attention Capacity in an Office Setting,” Journal of Environmental Psychology 31, no. 1 (March 2011): 99-105.
12 T.R. Herzog, P. Maguire, and M.B. Nebel, “Assessing the Restorative Components of Environments,” Journal of Environmental Psychology 23, no. 2 (June 2003): 159-170.
13 J. Kühnel and S. Sonnentag, “How Long Do You Benefit From Vacation? A Closer Look at the Fade-Out of Vacation Effects,” Journal of Organizational Behavior 32, no. 1 (January 2011): 125-143.
14 N. Weinstein, A.K. Przybylski, and R.M. Ryan, “Can Nature Make Us More Caring? Effects of Immersion in Nature on Intrinsic Aspirations and Generosity,” Personality and Social Psychology Bulletin 35, no. 10 (October 2009): 1315-1329; and J.M. Zelenski, R.L. Dopko, and C.A. Capaldi, “Cooperation Is in Our Nature: Nature Exposure May Promote Cooperative and Environmentally Sustainable Behavior,” Journal of Environmental Psychology 42 (June 2015): 24-31.
15 F.S. Mayer and C.M. Frantz, “The Connectedness to Nature Scale: A Measure of Individuals’ Feeling in Community With Nature,” Journal of Environmental Psychology 24, no. 4 (December 2004): 503-515.
16 D. Haluza, R. Schönbauer, and R. Cervinka, “Green Perspectives for Public Health: A Narrative Review on the Physiological Effects of Experiencing Outdoor Nature,” International Journal of Environmental Research and Public Health 11, no. 5 (May 2014): 5445-5461.
17 E.K. Nisbet, J.M. Zelenski, and S.A. Murphy, “Happiness Is in Our Nature: Exploring Nature Relatedness as a Contributor to Subjective Well-Being,” Journal of Happiness Studies 12, no. 2 (April 2011): 303-322.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى