أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالمنوع

في مكان آخر

توتر عالي المستوى حول الذكاء الاصطناعي

حتى الآن، اعتُبِر الذكاء الاصطناعي، على نطاق واسع، كعامل تغيير جذري محتمل في مجال استكشاف المشكلات واتخاذ قرارات معقدة. مثلاً، من المعروف جيداً أن البرنامج ألفا زيرو AlphaZero من ديب مايند تكنولوجيز DeepMind Technologie درّب نفسه في عام 2017 ليتغلب على أفضل لاعبي الشطرنج في العالم. وأنجز البرنامج هذا العمل الفذ في أقل من 24 ساعة، ليس بنسخ وتعديل استراتيجيات أساتذة الشطرنج، بل عن طريق تصميم وتنفيذ حركات جديدة كان يُنظر إليها على أنها منافية للحدس.

ولكن بينما يجد الذكاء الاصطناعي طريقه إلى عدد متزايد من جوانب الحياة الحديثة، هناك الكثير من الأمور المجهولة: فكيف سيؤثر الذكاء الاصطناعي في الطرق المختلفة التي يفكر فيها الأفراد ويتفاعلون مع بعضهم بعضاً – والأكثر إثارة للقلق، كيف سيؤثر في الحضارة؟

وفي موضوع نشرته مجلة ذا أتلانتيك The Atlantic («التحول The Metamorphosis»، أغسطس 2019)، يقول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر Henry Kissinger، والرئيس التنفيذي السابق لغوغل Google إريك شميدت Eric Schmidt، ودانييل هاتنلوكر Daniel Huttenlocher، عميد كلية شوارتزمن للحوسبة Schwarzman College of Computing في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology (اختصارا: المعهد MIT)، إن «التغييرات [التي سيفرضها الذكاء الاصطناعي] على حياة الإنسان ستكون تحويلية»، ولكن ليس دائماً بطريقة جيدة.

فمثلا، يشيرون، إلى أن الردع النووي كان يستند تاريخيّاً إلى «عقلانية الأطراف» و«احتمال أن يردع الردُّ الهجومَ». لكنهم يعتقدون أن الأسلحة والاستراتيجيات الجديدة المصممة باستخدام الذكاء الاصطناعي قد تقلب الأمور رأساً على عقب (كما فعلت ألفا زيرو في الشطرنج)، فتتغلب على النماذج الحالية المبنية على الشفافية وتخلق مستويات جديدة من المخاطر. ويضيفون إن للمساعدين الرقميين والأجهزة الرقمية الأكثر ذكاءً والأكثر تطوراً سلبياتٍ كما أن لهم إيجابيات: مثلا تقليل تعرض المستخدمين للخيارات المعلوماتية، ووصول أقل إلى الأفكار التي تتحدى رؤية المستخدمين.

وعلى الرغم من اختلاف المؤلفين الثلاثة حول مدى تفاؤلهم حيال الذكاء الاصطناعي، فإنهم يتفقون جميعاً على أننا، كلما صار الذكاء الاصطناعي أكثر انتشاراً، نحتاج إلى أنظمة واضحة لضبطه. وتشمل هذه الأنظمة: «تطلُّب مشاركة الإنسان في التعرف على الأنماط ذات المخاطر المرتفعة»، مثل قراءة الأشعة السينية؛ وتطوير عمليات محاكاة لتعليم الذكاء الاصطناعي تحديد المسائل الأخلاقية؛ و«تدقيق» Auditing قرارات الذكاء الاصطناعي التي تمس القيم الإنسانية.

إعادة تشغيل السوبرماركت

بالنسبة إلى محال السوبرماركت يتواصل السباق من أجل تطوير نماذج أعمال قادرة على التنافس مع شركات مثل أمازون Amazon، وتحسين هوامشها الربحية الهزيلة. ويأتي أحد أكثر الجهود الحثيثة حتى الآن من كروغر Kroger التي تتخذ من ولاية سينسيناتي مقراً لها، وتدير نحو 2,700 سوبرماركت في 35 ولاية. فحرصاً منها على الاستفادة من أحدث تكنولوجيات أتمتة المستودعات وتكنولوجيا الروبوتات، دخلت كروغر في شراكة حصرية في العام الماضي مع مجموعة أوكادو Ocado Group، وهي شركة بريطانية لتجارة البقالة بالتجزئة لا تمتلك متاجر، بل توصل الطلبات إلى المنازل مباشرة من مستودعاتها المؤتمتة. وتخطط كروغر لبناء 20 مستودعاً مؤتمتاً خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ووفق موضوع نشرته بلومبرغ بقلم سارة هالزاك Sarah Halzack (كروغر تعتمد الروبوتات بشكل كامل لتنافس أمازون Kroger Goes Full Robot to Take On Amazon، في 22 يوليو، 2019)، فإن أعمال البقالة عبر الإنترنت أكثر تعقيداً بكثير من الأنواع الأخرى للتجارة بالتجزئة على الإنترنت، لأن بعض الأغراض على الأقل قابلة للتلف أو مجمدة. مثلاً، في أحد مراكز تلبية طلبات البقالة التابعة لأوكادو بالقرب من لندن، يتجول نحو ألف روبوت حول شبكة ميكانيكية تنقل صناديق البقالة. وكلما عمل النظام المؤتمت بشكل أفضل وازداد عدد الطلبات التي يديرها، ازداد احتمال تحقيق أرباح أعلى. ولكن السؤال حول إمكانية أن تحدث هذه التغييرات بسرعة كافية، كما تقول هالزاك، يبقى سؤالاً مفتوحاً.

لماذا سيكون الطقس غير مؤكد دائماً

شيئا فشيئا تتحسن قدرتنا على استخدام البيانات لتوقع ما قد يحدث، ولا يصح ذلك أكثر مما يصح بالنسبة إلى الطقس. فعلى مدار معظم التاريخ، لم نعرف حقّاً ما إذا كانت السماء ستمطر أو الشمس ستسطع حتى يوم حدوث الأمر. ولكن مع إدخال التلغراف في الولايات المتحدة بمنتصف القرن التاسع عشر، تمكّن سكان إحدى البلدات من معرفة ما إذا كانت السماء تمطر في بلدة أخرى على بعد 300 ميل. وفي موضوع نشرته مجلة ذا نيويوركر The New Yorker («لماذا يستمر توقّع الطقس في التحسن Why Weather Forecasting Keeps Getting Better، في 24 يونيو 2019) ويستند إلى التبصرات الواردة في الكتاب الجديد للصحافي أندرو بلوم Andrew Blum، آلة الطقس: رحلة داخل التوقعات The Weather Machine: A Journey Inside the Forecast، تصف هانا فراي Hannah Fry، عالمة الرياضيات من جامعة يونيفرسيتي كوليدج لندن University College London، الكيفية التي تطورت وفقها التوقعات الجوية – وسبب عدم تمكننا من تحقيق دقة تعادل %100. وتقول فراي إن «الطقس عبارة عن نسيج رياضياتي معقد ومتشابك جداً فلا يمكن فكه باليد».

قبل قرن من الزمن، تقول، حلم عالم رياضيات بريطاني بـ«مصنع للتوقعات» Forecast factory يُجرِي فيه آلاف من الأشخاص حسابات تتعلق بالظروف الجوية في أنحاء مختلفة من العالم. وتفيد فراي بأن المركز الأوروبي للتوقعات الجوية المتوسطة الأجل European Centre for Medium-Range Weather Forecasts يتوقع أن نتمكن خلال بضع سنوات ومع توفر حاواسيب فائقة Supercomputers «من اكتشاف الأحداث ذات الأثر الكبير التي ستقع بعد أسبوعين». ومع ذلك، فإنها تقول إن آثار الاحترار العالمي Global warming ستجعل الظواهر المتطرفة أكثر احتمالاً، والتوقعات البعيدة الأجل أكثر صعوبة.

بروس بوسنر Bruce Posner

بروس بوسنر Bruce Posner

محرر رئيسي في إم آي تي سلون مانجمنت ريفيو.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى