أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالبحثتوظيفموارد بشرية

مأزق العامل التقني الذي يتقدم في السن

إذا كنتم تعملون في مجال التكنولوجيا وتجاوزتم الأربعين عاما، فإن خبرتكم الأرجح غير مُقدَّرة حق قدرها. والمجموعة العالمية من المواهب تعقد الأمور.

ويليام آر. كير

يغير المهاجرون ذوو المهارات العالية القطاعَ التقنيَّ في الولايات المتحدة تغيرا دراماتيكي.1W.R. Kerr, The Gift of Global Talent: How Migration Shapes Business, Economy & Society (Stanford, CA: Stanford University Press, 2019). ففي عام 1975 شكّل المهاجرون واحداً من كل 12 مخترعاً في أمريكا. وحاليا تبلغ النسبة واحداً من كل 3.5. وترجع هذه القفزة إلى تركز المهاجرين من مجالات العلوم والهندسة، وعوامل تجعل الولايات المتحدة جذابة، مثل الوصول إلى أحدث التكنولوجيات والمستويات العالية للرواتب. ويبرز الأثر بصورة جلية في قطاعات التكنولوجيات المتقدمة بمناطق مثل بوسطن وسيليكون فالي، لكن شركات غير تكنولوجية، تشمل جاي بي مورغان تشايس JPMorgan Chase وكاي بي إم جي KPMG ووالمارت Walmart، تسعى أيضاً إلى مزيد من المواهب العالمية.2W.R. Kerr, “Navigating Talent Hot Spots,” Harvard Business Review 96, no. 5 (September-October 2018): 80-86. وتروج الدراسات للمنافع التي يجلبها المهاجرون إلى القوى العاملة، وتشمل: تسهيل عمل الفرق العالمية، ومساهماتهم كدافعي ضرائب.3G. Peri and C. Sparber, “Highly Educated Immigrants and Native Occupational Choice,” Industrial Relations 50, no. 3 (July 2011): 385-411; S.P. Kerr and W.R. Kerr, “Global Collaborative Patents,” The Economic Journal 128, no. 612 (July 2018): F235-F272; and N. Smith, “America’s Need for Skilled Immigrants Isn’t Going Away,” Bloomberg, Oct. 24, 2018.

لكن النظام الحالي لا يُشعِر الجميع بالسعادة، ولاسيما العاملين التقنيين الأكبر سنّاً. وفي مسعى إلى ضمان العمل في الاقتصاد المزدهر لسيليكون فالي، مثلاً، يناضل العاملون الأكبر سنّاً لتعلم المهارات الجديدة للبرمجة، ويجرون تغييرات أخرى (تشمل تحديث ملابسهم وحتى إجراء عمليات تجميل) من أجل أن يظهروا بمظهر شبابي أكثر.4C. Hymowitz and R. Burnson, “It’s Tough Being Over 40 in Silicon Valley,” Bloomberg, Sept. 8, 2016.

وهم لا يبالغون في ردة الفعل. فتحليلي لبيانات الموظفين الصادرة عن مكتب الإحصاء الأمريكي ومن مقابلات نوعية Qualitative interviews يفيد بأن العاملين التقنيين الأمريكيين الذين تجاوزوا الأربعين يمتلكون أسباباً وجيهة للقلق من كيفية تأثير العولمة في مسيرتهم المهنية. فإضافة إلى التنافس مع أعداد أكبر من العاملين الأجانب المهرة، يفقد العاملون التقنيون الأكبر سنّاً وظائفهم عندما ينتقل العمل التقني إلى بلدان أخرى.5M. Rogoway, “Intel Layoffs Skew Older, Spotlighting Plight of Aging Workers,” Oregon Live, June 6, 2016.

وعلى الرغم من هذا كله سيكون من الخطأ لجم سياسة الهجرة الأمريكية.6N. Matloff, “On the Need for Reform of the H-1B Nonimmigrant Work Visa in Computer-Related Occupations,” University of Michigan Journal of Law Reform 36, no. 4 (fall 2003): 815-914. وإليكم السبب.

الفئة الأكبر والأبرز لتأشيرات الهجرة المستندة إلى التوظيف إلى الولايات المتحدة هي الفئة المعروفة بالتأشيرة H-1B. وتقل أعمار نحو %90 من الأفراد المتلقين للتأشيرة H-1B عن 40 سنة.7U.S. Citizenship and Immigration Services, “Characteristics of H-1B Specialty Occupation Workers,” April 9, 2018, www.uscis.gov. وعادة ما يحلل الاقتصاديون آثار الهجرة من خلال مقارنة أقران يجرونها بين المهاجرين وغير المهاجرين المنضوين في الفئة العامة نفسها من حيث العمر والتعليم والباحثين عن توظيف. ولكن حلول أقران محل بعضهم بعضاً قلّما يظهر في مجموعة البيانات هذه؛ لأن الفوارق في الرواتب بين العاملين الحاصلين على التأشيرة H-1B والموظفين المحليين من ذوي الأعمار والمهارات المشابهة هي عند الحدود الدنيا لأسباب عدة، منها أن هناك قانوناً يتطلب من الشركات أن تدفع إلى أي عامل يحمل التأشيرة H-1B «الراتب السائد» للمنصب. وعمليّاً، يوظف أصحاب العمل مواهب تقنية شابة أجنبية ومحلية في الوقت نفسه وبأجور متماثلة.8S.P. Kerr, W.R. Kerr, and W.F. Lincoln, “Skilled Immigration and the Employment Structures of U.S. Firms,” Journal of Labor Economics 33, no. S1, pt. 2 (July 2015): S147-S186. ومن ثمَّ، فإن فرض كثير من القيود على التوظيف من خارج الحدود سيقلِّل من حشد المواهب، ويحد من الوصول إلى المهارات الرقمية التي تشتد الحاجة إليها من دون أن تولِّد الوفورات التي قد تتوقعونها في التكاليف.

كيف نضع كبار السن في مواجهة صغار السن

لكن الشركات تستطيع توفير المال من خلال توظيف عاملين شبان يحملون التأشيرة H-1B بدلاً من العاملين التقنيين الأكبر سنّاً. وتراوحت الرواتب الأساسية للعاملين الحاملين للتأشيرة H-1B في عام 2016 بين أقل من 80 ألف دولار للعمل الحاسوبي الروتيني وأكثر من 120 ألف دولار للموظفين ذوي المهارات النادرة في مجال تكنولوجيا المعلومات؛9Y. Zhou, “New Data on H-1B Visas Prove That IT Outsourcers Hire a Lot but Pay Very Little,” Quartz India, Aug. 1, 2017. ويكون معظم هؤلاء الأفراد مستعدين للعمل لساعات طويلة وخلال عطلات نهاية الأسبوع. وفي المقابل، فقد يكسب العاملون الأكبر سنّاً الذين نالوا زيادات منتظمة في الرواتب خلال العقدين الماضيين أو العقود الثلاثة الماضية 150 ألف دولار أو أكثر، كل عام، وهم عرضة لأن يكونوا أقل مرونة فيما يتعلق بجدول مواعيد العمل. والتمييز وفق السن غير قانوني في الولايات المتحدة، لكن الشركات تمتلك فعلاً القدرة على فصل العاملين إذا اعتبرت أجورهم أعلى من قدرتها على تقديمها أو رأت أن مهاراتهم عفا عليها الزمن.

ويدعي الرؤساء التنفيذيون التقنيون أن وظائف قليلة تضيع حين توظف الشركات الأمريكية عاملين غير أمريكيين يحملون التأشيرة H-1B. وفي عام 2007، مثلاً، شهد بيل غيتس Bill Gates أمام الكونغرس قائلاً إن مايكروسوفت Microsoft وظفت أربعة عاملين محليين في مقابل كل عامل ماهر أجنبي جاءت به إلى الولايات المتحدة.10“Bill Gates: U.S. Senate Committee Hearing on Strengthening American Competitiveness,” Microsoft, March 7, 2007. ولكن بيانات الحكومة الأمريكية تروي قصة أكثر تعقيداً – مفادها بأن التوظيف التقني يميل إلى كفة العاملين الأصغر سنّاً على حساب العاملين التقنيين الأكبر سنّاً بغض النظر عن الأمكنة التي يأتون منها.11Kerr, et al., “Skilled Immigration.” وبينما تزداد الشهية إلى العاملين التقنيين في صفوف الشركات الأمريكية، يظل مستوى توظيف الأمريكيين الأكبر سنّاً مستقراً وإن كانت حصته تتراجع نسبة إلى القاعدة الإجمالية للموظفين. وتبين أبحاثي أن العاملون التقنيون الأكبر سنّاً، ولاسيما مبرمجو الحواسيب، هم في سباق؛ فعلى خلاف سائر الوظائف، مثل الإدارة أو القانون، فإن المهم في المجال التقني هو المهارات الأحدث، وليس الخبرة المتراكمة أو الشبكات الشخصية.

العاملون الأكبر سنّاً يستحقون الحماية

يجب أن يكون أصحاب العمل أكثر حذراً في السعي إلى الاستراتيجيات التي تقلل من مساهمات العاملين الأكبر سنّاً. ففي السنوات القليلة الماضية أدركت بعض الشركات بعد فوات الأوان – بعد مغادرة عاملين أكبر سنّاً – أن العاملين القدامى يمتلكون معرفة وخبرة حاسمتين. إضافة إلى ذلك، فقد يكون أي تخفيض في التكاليف تحققه الشركات سريع الزوال إذا انتقل العاملون الصغار السن إلى فرص أخرى.

لذلك من منظور السياسات، ما الذي يمكن إجراؤه لمواجهة تحديات العاملين التقنيين الأكبر سنّاً؟ في الولايات المتحدة الشركات – وليس الحكومات – هي حراس بوابات الهجرة المستندة إلى التوظيف. وتتمثل مزايا هذا النهج بأنه يحفز الشركات على توظيف العاملين الذين تعتقد الشركات أنهم سيقدمون القيمة الكبرى، ويضمن التوظيف الكامل للعاملين المهاجرين عندالوصول إلى الولايات المتحدة.

لكن البرنامج الحالي للتأشيرة H-1B ليس مثاليّاً. ومن الأشياء التي لا يفعلها هو التأكد من أن التأشيرات النادرة تساهم في إعطاء الأولوية للنمو والابتكار (بدلاً من مجرد مساعدة المؤسسات على توفير المال في كشوف الرواتب). وللتأشيرة اشتراطات قليلة من متطلبات الحد الأدنى من مؤهلات العاملين، وتمنح الشركات الراعية تحكماً في العاملين المتقدمين للحصول على البطاقات الخضراء. وهناك تغييران من شأنهما أن يقطعا شوطاً طويلاً نحو تلبية احتياجات المؤسسات تلبية أفضل مع تقديم حماية أفضل للعاملين الأكبر سنّاً.

أولاً، يمكن للحكومة الأمريكية تصنيف طلبات التأشيرة H-1B وفق مستوى الراتب كوسيلة لتحديد أولويات طلبات التأشيرات بين الشركات ودعم الاحتياجات ذات القيمة الأعلى. فحاليّاً، تُمنَح التأشيرات H-1B عن طريق القرعة؛ مما يعطي أفضلية للشركات التي تسعى إلى الحصول على كثير من التأشيرات لعاملين ذوي مهارات متوسطة (يسهل العثور عليهم نسبيّاً).

وتصنيف يعتمد على الرواتب سيساعد الشركات التي تحتاج إلى أشخاص ذوي مهارات متخصصة (وذوي أجور عالية). ثانياً، من شأن تحديد الحد الأدنى لمستوى الرواتب للعامل الحامل التأشيرة H-1B (مثلاً، 100 ألف دولار سنويا) أن يحد من قدرة الشركات على استخدام التأشيرات H-1B لمجرد تخفيض تكاليف العمالة من خلال إحلال عاملين محل العاملين الأكبر سنّاً. وكبداية، يمكن للحكومة وضع التصنيفات والحدود الدنيا على أساس إقليمي كوسيلة لتوزيع أفضل لبعض المكاسب من الهجرة بعيداً عن المراكز التقنية ونحو وسط أمريكا.

ولكن حتى هذه التغي يرات في السياسة لن توفر أماناً وظيفيّاً كافياً للعاملين التقنيين الأكبر سنّاً؛ لأن الخبرة أقل قيمة في مجال التكنولوجيا مما هي عليه في المجالات الأخرى، لوجود قدرات قوية في مجال التكنولوجيا في كل أنحاء العالم. وتتمثل الحقيقة في أن الشركات ستواصل تخفيض تكاليف العمالة كلما كانت قادرة على ذلك، سواء من خلال الاستعانة بمصادر خارجية في بلدان أخرى لتشغيل مراكز البيانات أم توظيف مواهب عالمية شابة.

وبالنظر إلى حجم استفادة الشركات التقنية من الهجرة الماهرة، ينبغي الطلب إلى أصحاب العمل ببذل مزيد من الجهد من أجل العاملين الذين حل آخرون محلهم. وتتمثل إحدى الأفكار في الطلب إلى الشركات التي ترغب في توظيف عاملين يحملون التأشيرات H-1B بالمساهمة في صندوق مخصص لإعادة تدريب العاملين الذين حل آخرون محلهم، ودعم الكليات المجتمعية الصغيرة Community colleges لتلبية حاجة مجتمعية مهمة (بالاستفادة من نسبة من عوائدهم أو أرباح الأسهم فوق مستوى معين).12Kerr, The Gift of Global Talent. وبناءً على كيفية تنظيم البرنامج، يمكنه أن يجمع مئات الملايين من الدولارات لدعم الكليات المجتمعية الصغيرة فيما تؤدي دورها في إعادة تعيد تدريب العاملين.13In 2018, California Gov. Jerry Brown announced budget cuts to the state’s community college system of $102 million. See G. Chen, “California Community College System Slammed With Budget Cuts,” Community College Review, Sept. 24, 2018. ولأن الشركات التقنية تؤدي دوراً قويّاً ومفيداً في اختيار المواهب الأجنبية، فيبدو الطلب إليها أن تكون أكثر دعماً لتطوير المواهب المحلية أمراً معقولاً.

إن القوى العاملة التقنية هي من قوى الدفع الرئيسية للقدرة التنافسية للولايات المتحدة. لكن يجب ألا ندع السعي وراء نوع من المواهب يحرمنا من نوع آخر.

ويليام آر. كير William R. Kerr

ويليام آر. كير William R. Kerr

william_r_kerr@ هو أستاذ كرسي داربيلوف D’Arbeloff Professor لإدارة الأعمال في مدرسة هارفارد للأعمال Harvard Business School ومنسق مشروع إدارة المستقبل Managing the Future التابع لجامعة هارفارد Harvard University. وهو مؤلف كتاب هبة المواهب العالمية: كيف تشكل الهجرة الأعمال والاقتصاد والمجتمع The Gift of Global Talent: How Migration Shapes Business, Economy and Society. للتعليق على هذا الموضوع http://sloanreview.mit.edu/x/60405.

المراجع

المراجع
1 W.R. Kerr, The Gift of Global Talent: How Migration Shapes Business, Economy & Society (Stanford, CA: Stanford University Press, 2019).
2 W.R. Kerr, “Navigating Talent Hot Spots,” Harvard Business Review 96, no. 5 (September-October 2018): 80-86.
3 G. Peri and C. Sparber, “Highly Educated Immigrants and Native Occupational Choice,” Industrial Relations 50, no. 3 (July 2011): 385-411; S.P. Kerr and W.R. Kerr, “Global Collaborative Patents,” The Economic Journal 128, no. 612 (July 2018): F235-F272; and N. Smith, “America’s Need for Skilled Immigrants Isn’t Going Away,” Bloomberg, Oct. 24, 2018.
4 C. Hymowitz and R. Burnson, “It’s Tough Being Over 40 in Silicon Valley,” Bloomberg, Sept. 8, 2016.
5 M. Rogoway, “Intel Layoffs Skew Older, Spotlighting Plight of Aging Workers,” Oregon Live, June 6, 2016.
6 N. Matloff, “On the Need for Reform of the H-1B Nonimmigrant Work Visa in Computer-Related Occupations,” University of Michigan Journal of Law Reform 36, no. 4 (fall 2003): 815-914.
7 U.S. Citizenship and Immigration Services, “Characteristics of H-1B Specialty Occupation Workers,” April 9, 2018, www.uscis.gov.
8 S.P. Kerr, W.R. Kerr, and W.F. Lincoln, “Skilled Immigration and the Employment Structures of U.S. Firms,” Journal of Labor Economics 33, no. S1, pt. 2 (July 2015): S147-S186.
9 Y. Zhou, “New Data on H-1B Visas Prove That IT Outsourcers Hire a Lot but Pay Very Little,” Quartz India, Aug. 1, 2017.
10 “Bill Gates: U.S. Senate Committee Hearing on Strengthening American Competitiveness,” Microsoft, March 7, 2007.
11 Kerr, et al., “Skilled Immigration.”
12 Kerr, The Gift of Global Talent.
13 In 2018, California Gov. Jerry Brown announced budget cuts to the state’s community college system of $102 million. See G. Chen, “California Community College System Slammed With Budget Cuts,” Community College Review, Sept. 24, 2018.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى