أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أعمالاخترنا لكفلسفة

فكروا نقدياً في حكمة الخبراء

بعض الدروس المستفادة من تقييم ادعاءات الأشخاص الذين تبدو آراؤهم غير قابلة للنقد.

أندرو أيه. كينغ

تحليل الخبراء يساعد على تشكيل القرارات التي نتخذها كقادة ومديرين – وفي حياتنا اليومية. فلا يمكننا أن نرى خلايا الدم الحمراء، لكننا نثق بالعلماء الذين يقولون إننا نمتلكها والأطباء الذين يطلبون اختبارات دم لاحتسابها. ونعتقد أن التحيزات المعرفية Cognitive biases تؤثر في اختياراتنا، ليس لأننا أجرينا التحليل بأنفسنا، بل لأننا نصدق علماء الاجتماع الذين يجرون أبحاثا تجريبية. ونحصل على كثير من معرفتنا في المُحصّلة من شهادات المدرّسين والمرشدين والزملاء والمؤلفين الذين يكتبون لإصدارات كمطبوعتنا هذه.

لكننا نعيش أيضاً في عالم يُضعِف فيه بشكل شبه يومي التحليلَ الجديدَ بعض اليقين السابق بالخبراء. فالحميات التي كان يُعتقَد في السابق أنها مضمونة تتعرض للشجب؛ والممارسات الإدارية المستنكرة ذات يوم تحوز الإطراء فجأة. كيف يجب، إذاً، أن نعامل النصيحة التالية التي نتلقاها من باحث أو استشاري؟

يوصي فلاسفة العلم، الذين يدرسون هذه المسألة، عموماً بأن نثق ببساطة بما نسمعه من أشخاص معتمدين جيداً ويبدون أكفاء وموثوق بهم. لكن أعتقد أننا نستطيع أن نفعل ما هو أفضل. يجب علينا دائماً التفكير بشكل نقدي في جميع ما نسمعه أو نقرؤه.

وفي تجربتي، غالباً ما تجد «العيون الجديدة» أخطاءً أفلتت من العقول الخبيرة. فنحن مدينون لأنفسنا بأن نتعامل مع كل بند من الخبرة بالطريقة التي نتعامل بها مع ثمرة فاكهة نحن على وشك شرائها – أي قياس مدى كمالها ونضجها. وفيما يلي أفكاري حول كيفية القيام بذلك.

الجرأة على الشك

في ثاني أكثر المحادثات شعبية في كل الأوقات في مؤتمرات التكنولوجيا والترفيه والتصميم،1A. Cuddy, “Your Body Language May Shape Who You Are,” presentation at TEDGlobal 2012: Radical Openness, Edinburgh, United Kingdom, June 25-29, 2012. تخبرنا اختصاصية علم النفس الاجتماعي إيمي كودي Amy Cuddy أن الاحتفاظ ببعض الوضعيات الجسدية يعزز هرمونات القوة لدينا ويجعلنا أكثر شجاعة؛ ومع ذلك، فشلت محاولات تكرار هذه النتيجة.2M.W. Berger, “Power Poses Don’t Help and Could Potentially Backfire, Penn Study Shows,” Penn Today, Nov. 23, 2016. فقد اختارت الحكومات الأوروبية تبني سياسات التقشف لأسباب منها أن الاقتصاديين المرموقين في جامعة هارفارد كارمن راينهارت Carmen Reinhart وكينيث روغوف Kenneth Rogoff أخبراها أن المستويات المرتفعة من الديون تسبب انخفاضاً مفاجئاً في النمو الاقتصادي.3C.M. Reinhart and K.S. Rogoff, “Growth in a Time of Debt,” American Economic Review 100, no. 2 (May 2010): 573-578. بعد ذلك اكتشف أحد طلاب الدراسات العليا، توماس هيرندون Thomas Herndon، أن ادعاءهما تأثر بخطأ في جدول بيانات «إكسل».4K. Roose, “Meet the 28-Year-Old Grad Student Who Just Shook the Global Austerity Movement,” Daily Intelligencer, April 18, 2013.

ويخدع الخبراء أنفسهم طوال الوقت، ولاسيما عندما تكون المشكلة مشوشة والتحليل صعبا. علم النفس وعلم الاقتصاد والبحث الطبي5S. Vasishth, “The Replication Crisis in Science,” The Wire, Dec. 29, 2017. جميعها موبوءة بأزمة تكرار النتائج البحثية – حيث يجري الكشف على نحو متزايد أن استنتاجات علمية تصعب إعادة إنتاجها.

ولا أحد يعرف حقيقة المدى الذي يمكن الوثوق فيه بالاستنتاجات التجريبية، لكن بعض الأشخاص يحاولون أن يخمنوا. ويجادل الأستاذ في جامعة ستانفورد Stanford University جون يوانيديس John Ioannidis في أن معظم نتائج الأبحاث الطبية خاطئة.6J.P.A. Ioannidis, “Why Most Published Research Findings Are False,” PLoS Medicine 2, no. 8 (Aug. 30, 2005). ويقدم الاقتصاديان جاي. برادفورد ديلونغ J. Bradford DeLong وكيفن لانغ Kevin Lang ادعاءً مماثلاً في مجال علم الاقتصاد.7 J.B. De Long and K. Lang, “Are All Economic Hypotheses False?” Journal of Political Economy 100, no. 6 (December 1992): 1,257-1,272. وفي ورقة بحثية نشرت في مجلة الإدارة الاستراتيجية Strategic Management Journal، نقدر أنا وزميلي المؤلف المشارك برنت غولدفارب Brent Goldfarb، بشكل تقريبي، أن نحو %20 من استنتاجات الأبحاث في إدارة الأعمال لا تستند إلا إلى قليل مما يفوق الضوضاء العشوائية.8B. Goldfarb and A.A. King, “Scientific Apophenia in Strategic Management Research: Significance Tests and Mistaken Inference,” Strategic Management Journal 37, no. 1 (January 2016): 167-176. فهل تثقون برأي شخص أعطاكم نصيحة سيئة مرة واحدة من أصل خمس؟

الدرس: لا تتردد في تحدي تحليل الخبراء.

تمييز القصص عن التوقعات

يكون معظم ما نقرأه من الباحثين والعلماء والخبراء الآخرين عبارة عن قصص تنبثق من تحليل للأنماط في البيانات. ويسأل الخبراء، «أي الشركات تنجح؟» أو «أي أشخاص يصبحون قادة جيدين؟» ومن ثم ينسجون روايات تصف الأنماط: «الشركات التي ’تركز على مجالها‘ تنجح» أو «الأشخاص ذوو الأفكار الأصيلة هم قادة أفضل». هذه القصص عبارة عن تخمينات، بأسلوب شيرلوك هولمز.

فجميعنا، بمن في ذلك الخبراء، نقع في حب تخميناتنا والقصص التي نرويها عنها. سألتُ ذات مرة عالماً في الأعمال مشهوراً عالمياً إذا كان اختبر نظريته من خلال محاولة توقع أحداث مستقبلية. وقال إنه لا يحتاج إلى ذلك؛ لأن نظريته توقعت الماضي بشكل جيد. فقد نسي أن القصة تشرح بينما النظرية تتوقع.

للتأكد من أن نظرياتنا توقعية، يجب علينا اختبارها في مقابل معلومات جديدة. لقد تعلم محللو البيانات الكبيرة Big data هذه الطريقة الصعبة – بتطبيق رؤية اكتشافات حماسية تتعرض للسخرية لاحقاً باعتبارها من منتجات المصادفة. لذلك، في الوقت الحاضر، يقسم أفضل المحللين بياناتهم إلى نصفين فيطورون أولاً القصة أو النموذج («مجموعة التدريب» من البيانات) ثم يقيّمونها («مجموعة التحقق»). وإذا لم يحصلوا على النتيجة نفسها لكلا النصفين، يستنتجون أنهم لا يمتلكون نتيجة توقعية.9 J. Han, M. Kamber, and J. Pei, “Mining Frequent Patterns, Associations, and Correlations,” chap. 5 in “Data Mining: Concepts and Techniques,” 2nd ed. (San Francisco: Morgan Kaufmann, 2006): 227-283.

الدرس: عندما يربط خبير سبباً ما بأثر مفترض، اسألوا عما إذا كانت المسألة عبارة قصة لفهم الماضي أو نظرية لتوقع المستقبل.

التشكيك في الافتراضات

يتطلب تحليل الأدلة التجريبية دائماً افتراضات، تكون أحياناً كثيرة إلى درجة أن العملية تُوصَف بأنها درب بمسارات متشعبة Trail with forking paths.10 A. Gelman and E. Loken, “The Garden of Forking Paths: Why Multiple Comparisons Can Be a Problem, Even When There Is No ‘Fishing Expedition’ or ‘P-Hacking’ and the Research Hypothesis Was Posited Ahead of Time,” unpublished ms, Nov. 14, 2013. وفي كل تشعب، يجب على المحلل أن يضع افتراضاً قد يؤثر في النتيجة النهائية. وأحد الأنواع الإشكالية -والشائعة- يشتمل على افتراض كيفية تخصيص قيم للمتغيرات Variables التي لا يمكن قياسها بشكل مباشر.

وعندما لا يستطيع المحللون إجراء تجارب عشوائية ويجب عليهم بدلاً من ذلك استخدام بيانات الملاحظة، يكون التخمين شائعاً بشكل خاص. وهذه هي الحال بالنسبة إلى الباحثين الذين يدرسون مرض الألزهايمر، لأن التقدم البطيء والمتأخر للمرض يجعل من الصعب تنفيذ التدخلات ودراسة آثارها.

وبدلاً من ذلك، يجب على المحللين أن يفتشوا في تاريخ المرضى بحثاً عن الأسباب المحتملة، ويتطلب هذا التنقيب العديد من الافتراضات حول المعلومات المفقودة. مثلاً، يكون الأشخاص الذين يلعبون البريدج أقل عرضة للإصابة بمرض الألزهايمر، لكن تفسير هذه العلاقة يعتمد على تخمينكم حول السمات الخفية لأولئك الذين يلعبون البريدج.11D.F. Hultsch, C. Hertzog, B.J. Small, and R.A. Dixon, “Use It or Lose It: Engaged Lifestyle as a Buffer of Cognitive Decline in Aging?” Psychology and Aging 14, no. 2 (June 1999): 245-263. فإذا كان اللاعبون وغير اللاعبين متشابهين، عندئذ يمكن للعب البريدج أن يمنع مرض الألزهايمر؛ وإذا اختلفت المجموعتان، قد تكون هذه العوامل المخفية هي التفسير الحقيقي.12J. Weuve, C. Proust-Lima, M.C. Power, A.L. Gross, S.M. Hofer, R. Thiébaut, G. Chêne, M.M. Glymour, C. Dufoil, and MELODEM Initiative, “Guidelines for Reporting Methodological Challenges and Evaluating Potential Bias in Dementia Research,” Alzheimer’s & Dementia 11, no. 9 (September 2015): 1,098-1,109.

وبطبيعة الحال، فإن الحاجة إلى وضع افتراضات تشوش عمل الباحثين في الإدارة أيضاً. فمن الصعب قياس العديد من المتغيرات اللازمة للتحليل المتين، لذلك غالباً ما يضع المحللون تخمينات لسد الفجوات.

أما غير الخبراء، كخارجيين غير متحيزين؛ فيكونون في بعض الأحيان أفضل في فحص المنطق وراء تخمينات كهذه من الخبراء الذين وضعوها. ويريد الباحثون أن يصدقوا أنهم يسيرون على الطريق الصحيح – وهو الوهم الذي عانيته شخصيا – وربما يقنعون أنفسهم بأن بعض التخمين معقول عندما لا يكون كذلك. وصاغ ريتشارد فاينمان Richard Feynman الحاصل على جائزة نوبل هذا القول المأثور مخاطبا العلماء التجريبيين: «المبدأ الأول: إن عليكم عدم خداع أنفسكم، فإنكم أسهل شخص يمكن خداعه».13R.P. Feynman, “Cargo Cult Science,” Engineering and Science (June 1974): 10-13.

الدرس: اكتشفوا الافتراضات التي استخدمها الخبراء للانتقال من البيانات الأولية إلى مجموعة من الاستنتاجات.

البحث عن تفسيرات بديلة

لربط الآثار بأسبابها الحقيقية، يجب أن يحاول الباحثون بصرامة استبعاد فرضيات منافسة. ولكن معظم العلماء ليسوا أكثر إبداعاً منكم أو مني، وهم يميلون إلى الوقوع في حب تفسير معين ولا يبحثون بقوة كافية عن بديل. مثلاً، ذكرت مجموعة من الباحثين الذين يدرسون الصور النمطية المتعلقة بالجنوسة (النوع الاجتماعي) Gender أن الأعاصير تقتل مزيداً من الأشخاص عندما تكون لديها أسماء مؤنثة، وليس مذكرة؛ لأن الأسماء المؤنثة تجعلها تبدو أقل خطورة.14K. Jung, S. Shavitt, M. Viswanathan, and J.M. Hilbe, “Female Hurricanes Are Deadlier Than Male Hurricanes,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 24 (June 17, 2014): 8,782-8,787. وأثارت هذه الفكرة قوالب نمطية عميقة خاصة بالجنوسة فقبل عدد كبير من الأشخاص التفسير.

بعد ذلك أظهر عدد من الباحثين أن سجل البيانات لا يدعم الادعاء.15D. Malter, “Female Hurricanes Are Not Deadlier Than Male Hurricanes,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 34 (Aug. 24, 2014): E3,496; and L.A. Bakkensen and W. Larson, “Population Matters When Modeling Hurricane Fatalities,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 50 (Dec. 16, 2014): E5,331-5,332.

وأنا أعلم من تجربتي الخاصة أن النظر في التفسيرات البديلة هو عمل شاق ومن السهل أن نتغاضى عنه. فخلال مشروع كنت أقدّر فيه محددات الطلب على أنواع معينة من وسائل الترفيه، تمسكت بمؤشري المفضل وتوقفت عن التفكير في الأسباب الأخرى. والنتيجة: فشل النموذج في أن يتوقع بدقة الطلب المستقبلي.

ولتجنب هذا الفشل، لا تفترضوا أن المحلل نظر بشكل شامل في تفسيرات منافسة. ضعوا قائمة بتخميناتكم، واسألوا ما إذا كانت قد استُبعِدت. ويكون هذا الاستعلام سهلاً إذا كان المحلل مستشاراً أو موظفاً، لكن يمكنكم تطبيقه أيضاً على عمل منشور. فعادة ما يكتب مؤلفو الأبحاث فقرات قليلة عن التفسيرات البديلة؛ وإذا لم يكونوا قد فعلوا، أو إذا بدت قائمته غير كاملة، راسلوه بالبريد الإلكتروني. وإذا كانت لديه إجابة، فسيرد.

الدرس: حددوا التفسيرات البديلة لاستنتاج معين، واسألوا لماذا لا يكون كل تفسير من إجابة أفضل.

معرفة حدود الاستدلال

إن محاولة إثبات أن السبب المشتبه فيه هو الصحيح عمليةٌ محفوفة بالصعوبة، كما أوضح الفيلسوف ديفيد هيوم David Hume. ونتيجة لذلك، غالباً ما يستخدم الباحثون القلب المنطقي [تشبيها بحركة الجودو] Logical judo في إجراء تحليلاتهم. فبدلاً من البحث مباشرة عن أدلة لدعم القضية، يقلبون التحليل ويقيسون احتمال أن تكون الأدلة الداعمة مجرد خطأ.

فكروا في مفهوم «الدلالة الإحصائية» Statistical significance، التي يظن العديد من الأشخاص أنها تقيس الثقة في سبب مقترح لبعض الأثر الملحوظ. وفي الواقع، هي مقياس للعكس – احتمال أن تكون المصادفة مسؤولة عما هو ملاحظ. ومن ثم، ليس التقدير ذو الدلالة الإحصائية صحيحاً بالضرورة، وليس التقدير «غير ذي الدلالة» خاطئاً بالضرورة. والدلالة، سواء عُثِر عليها أو لا، هي مجرد وسيلة للإشارة: «مهلاً، يوجد ربما نمط حقيقي هنا».

كذلك يجري الخلط بين الدلالة والأهمية. ومع وجود عينة كبيرة بما فيه الكفاية، يصبح أي اختلاف تقريباً ذا دلالة من الناحية الإحصائية، لكن هذا لا يعني أن الاختلاف مهم. مثلاً، لكل ميل يقطعه المرء، يكون سجل السلامة الخاص بالسفر الجوي في الولايات المتحدة أفضل بشكل ذي دلالة من الناحية الإحصائية من السفر بالقطار في الولايات المتحدة. فهل يجب علينا القلق في شأن الانتقال في القطارات؟ لا: إن الفرق غير مهم؛ لأن لكل من شكلي السفر معدل وفيات منخفضا جدا (0.07 وفاة لكل بليون ميل من السفر الجوي، و0.43 وفاة لكل بليون ميل من السفر بالقطارات). وعلى النقيض من ذلك، فإن السفر بالدراجات البخارية في الولايات المتحدة أكثر فتكاً دلالياً وموضوعياً معاً (213 وفاة لكل بليون ميل).16 I. Savage, “Comparing the Fatality Risks in United States Transportation Across Modes and Over Time,” Research in Transportation Economics 43, no. 1 (July 1, 2013): 9-22.

الدرس: اسألوا دائماً، «هل يُحدِث هذا الاستنتاج اختلافاً جوهرياً في العالم الحقيقي؟»

طلب تحليل للمتانة

إن الدراسة المعدة بشكل جيد تقدم تقديراً واحداً لكثير من الأمور الممكنة. وعندما لا تكون التقديرات متسقة في مجموعة من الافتراضات، تُعتبَر استنتاجات الدراسة أقل من متينة Robust، وهو مصطلح فني في إحصائيات الأبحاث.

وينطوي مثال تقليدي على تحليل الفكرة القائلة إن امتلاك السلاح يوقف الجريمة.لقد اقترحت دراسة مبكرة أن معدلات الجريمة انخفضت في المناطق التي تسمح القوانين فيها للأشخاص بحمل سلاح ناري مخفي.17 J.R. Lott and D.B. Mustard, “Crime, Deterrence, and Right-to-Carry Concealed Handguns,” Journal of Legal Studies 26, no. 1 (January 1997): 1-68.

لكن دراسات لاحقة، باستخدام البيانات نفسها وافتراضات مختلفة قليلاً، أسفرت عن استنتاجات مختلفة.18D.A. Black and D.S. Nagin, “Do Right-to-Carry Laws Deter Violent Crime?” Journal of Legal Studies 27, no. 1 (January 1998): 209-219; and I. Ayres and J.J. Donohue III, “Shooting Down the More Guns, Less Crime Hypothesis,” working paper 9,336, National Bureau of Economic Research, November 2002. فقد اتهم كل طرف الطرف الآخر بأنه دمية سياسية. وحاول المجلس القومي للأبحاث الفصل في النقاش، لكن أعضاءه لم يتوصلوا إلى اتفاق.19National Research Council, “Firearms and Violence: A Critical Review” (Washington, D.C.: National Academies Press, 2005).

كلنا نريد أن نفهم عالَمنا، لذلك نميل إلى رؤية أنماط حيث لا توجد أنماط – قنوات على المريخ، وجوه على سطح القمر، رجال مسنون على سفوح الجبال.

وأخيراً، أظهرت مجموعة من الباحثين أن افتراضات مختلفة قليلاً أنتجت استنتاجات مختلفة على نطاق واسع: تسببت حيازة السلاح بكمية أقل أو أكثر أو مساوية من الجرائم – اعتماداً على مجموعة من العوامل. وقد استخدم الباحثون طريقة إحصائية بارعة، هي التحليل البايزي Bayesian analysis، لتقييم ما إذا كانت أفضل إجابة موجودة بالنظر إلى الافتراضات في كل من الدراسات التي أُجرِيت. وبالنظر إلى البيانات المتاحة، خلصوا إلى أننا ببساطة لا نستطيع أن نعرف أثر الأسلحة المخفية في أعداد الجريمة.20S.N. Durlauf, S. Navarro, and D.A. Rivers, “Model Uncertainty and the Effect of Shall-Issue Right-to-Carry Laws on Crime,” European Economic Review 81 (January 2016): 32-67. وباختصار، لم يكن الاستنتاج متيناً.

وعلى النقيض من ذلك، صمد عمل الخبير الاقتصادي الراحل ستيفن كليبر Steven Klepper على المجموعات القطاعية الجغرافية أمام الاختبارات المتكررة للمتانة. فقد أظهر كليبر وزملاؤه، مثلاً، أن الشركات عندما تنفصل بالقرب من شركاتها الأم، تقع مثل الثمرة من شجرة مؤسسية وغالباً ما تنمو لتصبح مؤسسات قوية في حد ذاتها.21R. Goldman and S. Klepper, “Spinoffs and Clustering,” RAND Journal of Economics 47, no. 2 (summer 2016): 341-365.

الدرس: أكِّدوا استمرار التوصل إلى الاستنتاجات نفسها في مجموعة متنوعة من الافتراضات.

تجنُّب التطبيق المفرط

حتى إذا كانت استنتاجات الدراسات قوية في عينة معينة (مثل مجموعة سكانية معينة)، ربما لا تنطبق على أطر أو مجموعات أخرى. مثلاً، قد تختلف القوانين المتعلقة بحمل السلاح المخفي على صعيد آثارها في الولايات المتحدة أو كندا أو برمودا. والأدوات التعليمية الناجحة في ثقافة ما ربما لا تنجح في ثقافة أخرى. وفي الواقع، يقدم معظم الدراسات معلومات فقط عن عينة معينة لمجموعة سكانية معينة.

فإذا أجريتم اختباراً تسويقياً، مثلاً، على طلاب السنة الجامعية الأولى في الولايات المتحدة، قد تكون لديكم بيانات جيدة حول جاذبية منتج ما لتلك المجموعة، لكن ليس بالضرورة لمجموعة ديموغرافية أوسع. واستخلصوا استنتاجاتكم حول المجموعات الأخرى فقط بعد دراسة تلك المجموعات أيضاً.

الدرس: المجموعة والعينات أمران مهمان.

التشكيك في الشائعات

كلنا نريد أن نفهم عالمنا، لذلك نميل إلى رؤية أنماط حيث لا توجد أنماط – قنوات على المريخ، وجوه على سطح القمر، رجال مسنون على سفوح الجبال. وسخر مارك توين Mark Twain سخريته الشهيرة من هذا الاتجاه في كتاب الحياة على المسيسيبي Life on the Mississippi: «هناك شيء رائع في العلم. يحصل المرء على عوائد بالجملة من التخمين من استثمار سخيف في الوقائع». ويتفق معه اليوم الخبراء في التحليل التجريبي: نحن البشر نريد أن نصدق أننا نعرف الأشياء وأن يُنظَر إلينا على أننا على دراية، الأمر الذي يقودنا في كثير من الأحيان إلى ادعاء ادعاءات أقوى مما ينبغي لنا.

مثلاً، غالباً ما أسمع خبراء يقولون إنهم «يعرفون» شيئاً على أساس الأدلة – عندما لا يعرفون في الواقع، ولا يمكن أن يعرفوا، في ضوء محدودية التحليل الإحصائي. وقد يكون لديهم سبب وجيه للشك في شيء ما، لكنهم يأخذون الاستدلال بعيداً جداً.

والأسوأ من ذلك، يكرر أشخاص آخرون الادعاءات المضخمة؛ لأنها جاءت من خبير. ثم مع كل إعادة سرد، تنتشر المبالغة. فقد رأيت هذا يحدث مع عملي – إلى درجة أنني لم أتمكن من التعرف على أفكاري الأصلية. نحن جميعا بحاجة إلى أن نكون أكثر حذراً. ويكمن الحل البسيط في إبعاد الكلمة أعرف – واستخدام كلمة أعتقد أو أقترح بدلاً عنها.

الدرس: تجنُّب لغة اليقين.

عندما قال ريتشارد فاينمان: «العلم هو الإيمان بجهل الخبراء»22R. Feynman, “The Pleasure of Finding Things Out: The Best Short Works of Richard P. Feynman” (New York: Basic Books, 2005). لم يكن يستهين بالعلماء بل يذكرنا بأننا نستطيع جميعاً المساعدة على تطوير المعرفة. فبينما نستخدم البيانات للتعرّف على العالم واتخاذ أفضل القرارات الممكنة في الأعمال والإدارة، فإننا نشارك جميعاً في البحث العلمي. وبينما نستهلك تعلم الآخرين، يمكن أن نكون نقاداً نافعين. ففي أي دور نتولاه، يجب علينا دائماً أن نشكك في استنتاجاتنا، وأن نفكر بشكل نقدي في شأن الأدلة والحجج التي نسمعها، وأن نعترف بقابليتنا للخطأ عند استنتاج استنتاجاتنا الخاصة.

على الأقل هذه نصيحتي إليكم، وهي رهن بتقييمكم وتحليلكم النقدي الدقيق. فإذا شاركتم بجدية في هذا الجهد، ستدركون أنني أخبرتكم قصة، وافترضت أشياء كثيرة، وتركت بدائل غير مدروسة، وفشلت في إظهار متانة تحليلي، وقدمت ادعاءات غير مدعومة.

وآمل بأن تكون الأفكار القليلة التي شاركتها، استناداً إلى خبرتي، مفيدة لكم. لكن يجب أن تقرروا ذلك بأنفسكم.

كلنا نريد أن نفهم عالَمنا، لذلك نميل إلى رؤية أنماط حيث لا توجد أنماط – قنوات على المريخ، وجوه على سطح القمر، رجال مسنون على سفوح الجبال.

أندرو إيه. كينغ Andrew A. King

أندرو إيه. كينغ Andrew A. King

أستاذ من كلية تاك للأعمال بكلية دارتموث Dartmouth College. وهو يجري أبحاثاً حول الاستدامة واستراتيجية الأعمال. ويؤلف أيضاً كتاباً عن جهل الخبراء.

المراجع

المراجع
1 A. Cuddy, “Your Body Language May Shape Who You Are,” presentation at TEDGlobal 2012: Radical Openness, Edinburgh, United Kingdom, June 25-29, 2012.
2 M.W. Berger, “Power Poses Don’t Help and Could Potentially Backfire, Penn Study Shows,” Penn Today, Nov. 23, 2016.
3 C.M. Reinhart and K.S. Rogoff, “Growth in a Time of Debt,” American Economic Review 100, no. 2 (May 2010): 573-578.
4 K. Roose, “Meet the 28-Year-Old Grad Student Who Just Shook the Global Austerity Movement,” Daily Intelligencer, April 18, 2013.
5 S. Vasishth, “The Replication Crisis in Science,” The Wire, Dec. 29, 2017.
6 J.P.A. Ioannidis, “Why Most Published Research Findings Are False,” PLoS Medicine 2, no. 8 (Aug. 30, 2005).
7 J.B. De Long and K. Lang, “Are All Economic Hypotheses False?” Journal of Political Economy 100, no. 6 (December 1992): 1,257-1,272.
8 B. Goldfarb and A.A. King, “Scientific Apophenia in Strategic Management Research: Significance Tests and Mistaken Inference,” Strategic Management Journal 37, no. 1 (January 2016): 167-176.
9 J. Han, M. Kamber, and J. Pei, “Mining Frequent Patterns, Associations, and Correlations,” chap. 5 in “Data Mining: Concepts and Techniques,” 2nd ed. (San Francisco: Morgan Kaufmann, 2006): 227-283.
10 A. Gelman and E. Loken, “The Garden of Forking Paths: Why Multiple Comparisons Can Be a Problem, Even When There Is No ‘Fishing Expedition’ or ‘P-Hacking’ and the Research Hypothesis Was Posited Ahead of Time,” unpublished ms, Nov. 14, 2013.
11 D.F. Hultsch, C. Hertzog, B.J. Small, and R.A. Dixon, “Use It or Lose It: Engaged Lifestyle as a Buffer of Cognitive Decline in Aging?” Psychology and Aging 14, no. 2 (June 1999): 245-263.
12 J. Weuve, C. Proust-Lima, M.C. Power, A.L. Gross, S.M. Hofer, R. Thiébaut, G. Chêne, M.M. Glymour, C. Dufoil, and MELODEM Initiative, “Guidelines for Reporting Methodological Challenges and Evaluating Potential Bias in Dementia Research,” Alzheimer’s & Dementia 11, no. 9 (September 2015): 1,098-1,109.
13 R.P. Feynman, “Cargo Cult Science,” Engineering and Science (June 1974): 10-13.
14 K. Jung, S. Shavitt, M. Viswanathan, and J.M. Hilbe, “Female Hurricanes Are Deadlier Than Male Hurricanes,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 24 (June 17, 2014): 8,782-8,787.
15 D. Malter, “Female Hurricanes Are Not Deadlier Than Male Hurricanes,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 34 (Aug. 24, 2014): E3,496; and L.A. Bakkensen and W. Larson, “Population Matters When Modeling Hurricane Fatalities,” Proceedings of the National Academy of Sciences 111, no. 50 (Dec. 16, 2014): E5,331-5,332.
16 I. Savage, “Comparing the Fatality Risks in United States Transportation Across Modes and Over Time,” Research in Transportation Economics 43, no. 1 (July 1, 2013): 9-22.
17 J.R. Lott and D.B. Mustard, “Crime, Deterrence, and Right-to-Carry Concealed Handguns,” Journal of Legal Studies 26, no. 1 (January 1997): 1-68.
18 D.A. Black and D.S. Nagin, “Do Right-to-Carry Laws Deter Violent Crime?” Journal of Legal Studies 27, no. 1 (January 1998): 209-219; and I. Ayres and J.J. Donohue III, “Shooting Down the More Guns, Less Crime Hypothesis,” working paper 9,336, National Bureau of Economic Research, November 2002.
19 National Research Council, “Firearms and Violence: A Critical Review” (Washington, D.C.: National Academies Press, 2005).
20 S.N. Durlauf, S. Navarro, and D.A. Rivers, “Model Uncertainty and the Effect of Shall-Issue Right-to-Carry Laws on Crime,” European Economic Review 81 (January 2016): 32-67.
21 R. Goldman and S. Klepper, “Spinoffs and Clustering,” RAND Journal of Economics 47, no. 2 (summer 2016): 341-365.
22 R. Feynman, “The Pleasure of Finding Things Out: The Best Short Works of Richard P. Feynman” (New York: Basic Books, 2005).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى